صفحة جزء
[ بلغ ]

بلغ : بلغ الشيء يبلغ بلوغا وبلاغا : وصل وانتهى ، وأبلغه هو إبلاغا وبلغه تبليغا ، وقول أبي قيس بن الأسلت السلمي :


قالت ، ولم تقصد لقيل الخنى : مهلا ! فقد أبلغت أسماعي .



إنما هو من ذلك أي قد انتهيت فيه وأنعمت . وتبلغ بالشيء : وصل إلى مراده ، وبلغ مبلغ فلان ومبلغته . وفي حديث الاستسقاء : واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغا إلى حين ، البلاغ : ما يتبلغ به ويتوصل إلى الشيء المطلوب . والبلاغ : ما بلغك . والبلاغ : الكفاية ، ومنه قول الراجز :


تزج من دنياك بالبلاغ     وباكر المعدة بالدباغ .



وتقول : له في هذا بلاغ وبلغة وتبلغ أي كفاية ، وبلغت الرسالة . والبلاغ : الإبلاغ . وفي التنزيل العزيز : إلا بلاغا من الله ورسالاته ; أي لا أجد منجى إلا أن أبلغ عن الله ما أرسلت به . والإبلاغ : الإيصال ، وكذلك التبليغ ، والاسم منه البلاغ ، وبلغت الرسال . التهذيب : يقال : بلغت القوم بلاغا ، اسم يقوم مقام التبليغ . وفي الحديث : كل رافعة رفعت عنا من البلاغ فليبلغ عنا ، يروى بفتح الباء وكسرها ، وقيل : أراد من المبلغين ، وأبلغته وبلغته بمعنى واحد ، وإن كانت الرواية من البلاغ بفتح الباء فله وجهان : أحدهما أن البلاغ ما بلغ من القرآن والسنن ، والوجه الآخر من ذوي البلاغ أي الذين بلغونا يعني ذوي التبليغ ، فأقام الاسم مقام المصدر الحقيقي كما تقول أعطيته عطاء ، وأما الكسر فقال الهروي : أراه من المبالغين في التبليغ ، بالغ يبالغ مبالغة وبلاغا إذا اجتهد في الأمر ، والمعنى في الحديث : كل جماعة أو نفس تبلغ عنا وتذيع ما نقوله فلتبلغ ولتحك . وأما قوله - عز وجل - : هذا بلاغ للناس ولينذروا به ; أي أنزلناه لينذر الناس به وبلغ الفارس إذا مد يده بعنان فرسه ليزيد في جريه . وبلغ الغلام : احتلم كأنه بلغ وقت الكتاب عليه والتكليف ، وكذلك بلغت الجارية . التهذيب : بلغ الصبي والجارية إذا أدركا ، وهما بالغان . وقال الشافعي في كتاب النكاح : جارية بالغ ، بغير هاء ، هكذا روى الأزهري عن عبد الملك عن الربيع عنه قال الأزهري : والشافعي فصيح حجة في اللغة ; قال : وسمعت فصحاء العرب يقولون جارية بالغ ، وهكذا قولهم : امرأة عاشق ولحية ناصل ; قال : ولو قال قائل جارية بالغة لم يكن خطأ لأنه الأصل . وبلغت المكان بلوغا : وصلت إليه وكذلك إذا شارفت عليه ، ومنه قوله تعالى : فإذا بلغن أجلهن ; أي قاربنه . وبلغ النبت : انتهى . وتبالغ الدباغ في الجلد : انتهى فيه ، عن أبي حنيفة . وبلغت النخلة وغيرها من الشجر : حان إدراك ثمرها ، عنه أيضا . وشيء بالغ أي جيد ، وقد بلغ في الجودة مبلغا . ويقال : أمر الله بلغ ، بالفتح ، أي بالغ من قوله تعالى : إن الله بالغ أمره . وأمر بالغ وبلغ : نافذ يبلغ أين أريد به ، قال الحارث بن حلزة :


فهداهم بالأسودين وأمر ال     له بلغ يشقى به الأشقياء .



وجيش بلغ كذلك . ويقال : اللهم سمع لا بلغ وسمع لا بلغ ، وقد ينصب كل ذلك فيقال : سمعا لا بلغا وسمعا لا بلغا ، وذلك إذا سمعت أمرا منكرا أي يسمع به ولا يبلغ . والعرب تقول للخبر يبلغ واحدهم ولا يحققونه : سمع لا بلغ ، أي نسمعه ولا يبلغنا . وأحمق بلغ وبلغ أي هو من حماقته يبلغ ما يريده ، وقيل : بالغ في الحمق ، وأتبعوا فقالوا : بلغ ملغ . وقوله تعالى : أم لكم أيمان علينا بالغة ; قال ثعلب : معناه موجبة أبدا قد حلفنا لكم أن نفي بها ، وقال مرة : أي قد انتهت إلى غايتها ، وقيل : يمين بالغة أي مؤكدة . والمبالغة : أن تبلغ في الأمر جهدك . ويقال : بلغ فلان أي جهد ، قال الراجز :


إن الضباب خضعت رقابها     للسيف ، لما بلغت أحسابها .



أي مجهودها وأحسابها شجاعتها وقوتها ومناقبها . وأمر بالغ : جيد . والبلاغة : الفصاحة . والبلغ والبلغ : البليغ من الرجال . ورجل بليغ وبلغ : حسن الكلام فصيحه يبلغ بعبارة لسانه كنه ما في قلبه ، والجمع بلغاء ، وقد بلغ ، بالضم ، بلاغة أي صار بليغا . وقول بليغ : بالغ وقد بلغ . والبلاغات : كالوشايات . والبلغن : البلاغة ، عن السيرافي ومثل به سيبويه والبلغن أيضا : النمام ، عن كراع . والبلغن : الذي يبلغ للناس بعضهم حديث بعض . وتبلغ به مرضه : اشتد . وبلغ به البلغين ، بكسر الباء وفتح اللام وتخفيفها ، عن ابن [ ص: 144 ] الأعرابي ، إذا استقصى في شتمه وأذاه . والبلغين والبلغين الداهية : وفي الحديث : أن عائشة قالت لأمير المؤمنين علي - عليه السلام - حين أخذت يوم الجمل : قد بلغت منا البلغين ، معناه أن الحرب قد جهدتنا وبلغت منا كل مبلغ ، يروى بكسر الباء وضمها مع فتح اللام ، وهو مثل ، معناه بلغت منا كل مبلغ . وقال أبو عبيد في قولها قد بلغت منا البلغين : أنه مثل قولهم : لقيت منا البرحين والأقورين ، وكل هذا من الدواهي ، قال ابن الأثير : والأصل فيه كأنه قيل : خطب بلغ وبلغ ، أي بليغ ، وأمر برح وبرح أي مبرح ، ثم جمعا على السلامة إيذانا بأن الخطوب في شدة نكايتها بمنزلة العقلاء الذين لهم قصد وتعمد . وبالغ فلان في أمري إذا يقصر فيه . والبلغة : ما يتبلغ به من العيش ، زاد الأزهري : ولا فضل فيه . وتبلغ بكذا أي اكتفى به . وبلغ الشيب في رأسه : ظهر أول ما يظهر ، وقد ذكرت في العين المهملة أيضا ، قال : وزعم البصريون أن ابن الأعرابي صحف في نوادره فقال مكان بلع بلغ الشيب ، فلما قيل له : إنه تصحيف ; قال : بلع وبلغ . قال أبو بكر الصولي : وقرئ يوما على أبي العباس ثعلب وأنا حاضر هذا فقال : الذي أكتب بلغ ، كذا قال بالغين معجمة . والبالغاء : الأكارع في لغة أهل المدينة ، وهي بالفارسية بايها . والتبلغة : سير يدرج على السية حيث انتهى طرف الوتر ثلاث مرار أو أربعا لكي يثبت الوتر ، حكاه أبو حنيفة جعل التبلغة اسما كالتودية والتنهية ليس بمصدر ، فتفهمه .

التالي السابق


الخدمات العلمية