صفحة جزء
[ قدح ]

قدح : القدح من الآنية . [ ص: 33 ] للشرب معروف ، قال أبو عبيد : يروي الرجلين وليس لذلك وقت ، وقيل : هو اسم يجمع صغارها وكبارها ، والجمع أقداح ومتخذها : قداح وصناعته : القداحة . وقدح بالزند يقدح قدحا واقتدح : رام الإيراء به . والمقدح ، والمقداح ، والمقدحة ، والقداح كله : الحديدة التي يقدح بها ، وقيل : القداح ، والقداحة : الحجر الذي يقدح به النار ، وقدحت النار . الأزهري : القداح الحجر الذي يورى منه النار ، قال رؤبة :


والمرو ذا القداح مضبوح الفلق



والقدح : قدحك بالزند وبالقداح لتوري ، الأصمعي : يقال للذي يضرب فتخرج منه النار قداحة . وقدحت في نسبه : إذا طعنت ، ومنه قول الجليح يهجو الشماخ :


أشماخ ! لا تمدح بعرضك واقتصد     فأنت امرؤ زنداك للمتقادح



أي : لا حسب لك ولا نسب يصح ، معناه : فأنت مثل زند من شجر متقادح ، أي : رخو العيدان ضعيفها ، إذا حركته الريح حك بعضه بعضا فالتهب نارا ، فإذا قدح به لمنفعة لم يور شيئا ، قال أبو زيد : ومن أمثالهم : اقدح بدفلى في مرخ . مثل يضرب للرجل الأريب الأديب ، قال الأزهري : وزناد الدفلى ، والمرخ كثيرة النار لا تصلد . وقدح الشيء في صدري : أثر من ذلك وفي حديث علي كرم الله وجهه : يقدح الشك في قلبه بأول عارضة من شبهة وهو من ذلك . واقتدح الأمر : دبره ونظر فيه والاسم القدحة ، قال عمرو بن العاص :


يا قاتل الله وردانا وقدحته     أبدى لعمرك ما في النفس وردان



وردان : غلام كان لعمرو بن العاص وكان حصيفا فاستشاره عمرو في أمر علي رضي الله عنه وأمر معاوية إلى أيهما يذهب ؟ فأجابه وردان بما كان في نفسه ، وقال له : الآخرة مع علي والدنيا مع معاوية وما أراك تختار على الدنيا ، فقال عمرو هذا البيت ، ومن رواه : وقدحته أراد به مرة واحدة ، وكذلك جاء في حديث عمرو بن العاص ، وقال ابن الأثير في شرحه ما قلناه ، وقال : القدحة اسم الضرب بالمقدحة ، والقدحة المرة ضربها مثلا لاستخراجه بالنظر حقيقة الأمر . وفي حديث حذيفة : يكون عليكم أمير لو قدحتموه بشعرة أوريتموه ، أي : لو استخرجتم ما عنده لظهر ضعفه كما يستخرج القادح النار من الزند فيوري ؛ فأما قوله في الحديث : لو شاء الله لجعل للناس قدحة ظلمة كما جعل لهم قدحة نور ، فمشتق من اقتداح النار ، وقال الليث في تفسيره : القدحة اسم مشتق من اقتداح النار بالزند ، قال الأزهري : وأما قول الشاعر :


ولأنت أطيش حين تغدو سادرا     رعش الجنان من القدوح الأقدح



فإنه أراد قول العرب : هو أطيش من ذباب ، وكل ذباب أقدح ولا تراه إلا وكأنه يقدح بيديه ، كما قال عنترة :


هزجا يحك ذراعه بذراعه     قدح المكب على الزناد الأجذم



والقدح ، والقادح : أكال يقع في الشجر والأسنان . والقادح : العفن وكلاهما صفة غالبة . والقادحة : الدودة التي تأكل السن والشجر تقول : قد أسرعت في أسنانه القوادح ، الأصمعي : يقال وقع القادح في خشبة بيته يعني الآكل ، وقد قدح في السن والشجرة ، وقدحتا قدحا وقدح الدود في الأسنان والشجر قدحا وهو تأكل يقع فيه . والقادح : الصدع في العود . والسواد الذي يظهر في الأسنان ، قال جميل :


رمى الله في عيني بثينة بالقذى     وفي الغر من أنيابها بالقوادح



ويقال : عود قد قدح فيه إذا وقع فيه القادح ، ويقال في مثل : صدقني وسم قدحه ، أي : قال الحق قاله أبو زيد . ويقولون : أبصر وسم قدحك ، أي : اعرف نفسك ، وأنشد :


ولكن رهط أمك من شييم     فأبصر وسم قدحك في القداح



وقدح في عرض أخيه يقدح قدحا : عابه . وقدح في ساق أخيه : غشه وعمل في شيء يكرهه . الأزهري عن ابن الأعرابي : تقول فلان يفت في عضد فلان ، ويقدح في ساقه ، قال : والعضد أهل بيته ، وساقه : نفسه . والقديح : ما يبقى في أسفل القدر فيغرف بجهد ، وفي حديث أم زرع : تقدح قدرا وتنصب أخرى ، أي : تغرف ، يقال : قدح القدر إذا غرف ما فيها ، وفي حديث جابر : ثم قال ادعي خابزة فلتخبز معك واقدحي من برمتك أي : اغرفي . وقدح ما في أسفل القدر يقدحه قدحا فهو مقدوح وقديح إذا غرفه بجهد ، قال النابغة الذبياني :


يظل الإماء يبتدرن قديحها     كما ابتدرت كلب مياه قراقر



وهذا البيت أورده الجوهري : فظل الإماء ، قال ابن بري : وصوابه يظل بالياء كما أوردناه ، وقبله :


بقية قدر من قدور توورثت     لآل الجلاح كابرا بعد كابر



أي : يبتدر الإماء إلى قديح هذه القدر ، كأنها ملكهم كما يبتدر كلب إلى مياه قراقر ؛ لأنه ماؤهم ورواه أبو عبيدة : كما ابتدرت سعد ، قال : وقراقر هو لسعد هذيم وليس لكلب . واقتداح المرق : غرفه . وفي الإناء قدحة وقدحة ، أي : غرفة ، وقيل : القدحة المرة الواحدة من الفعل . والقدحة : ما اقتدح . يقال : أعطني قدحة من مرقتك ، أي : غرفة ، ويقال : يبذل قديح قدره يعني ما غرف منها ، والقديح : المرق . والمقدح ، والمقدحة : المغرفة ، وقال جرير :


إذا قدرنا يوما عن النار أنزلت     لنا مقدح منها وللجار مقدح



وركي قدوح : تغترف باليد . والقدح بالكسر : السهم قبل أن ينصل ويراش ، وقال أبو حنيفة : القدح العود إذا بلغ فشذب عنه الغصن وقطع على مقدار النبل الذي يراد من الطول والقصر ، قال الأزهري : القدح قدح السهم ، وجمعه قداح ، وصانعه قداح أيضا ، ويقال : قدح في القدح يقدح وذلك إذا خرق في السهم بسنخ النصل . وفي الحديث : أن عمر كان يقومهم في الصف كما يقوم القداح القدح ، [ ص: 34 ] قال : وأول ما يقطع ويقضب يسمى قطعا ، والجمع القطوع ثم يبرى فيسمى بريا ، وذلك قبل أن يقوم ، فإذا قوم وأنى له أن يراش وينصل فهو القدح ، فإذا ريش وركب نصله فيه صار نصلا ، وقدح الميسر ، والجمع أقدح وأقداح وقداح وأقاديح ، الأخيرة جمع الجمع ، قال أبو ذؤيب يصف إبلا :


أما أولات الذرى منها فعاصبة     تجول بين مناقيها الأقاديح



والكثير قداح ؛ وقوله : فعاصبة ، أي : مجتمعة . والذرى : الأسنمة . وقدوح الرحل : عيدانه لا واحد لها ، قال بشر بن أبي خازم :


لها قرد كجثو النمل جعد     تعض بها العراقي والقدوح

وحديث أبي رافع : كنت أعمل الأقداح ، هو جمع قدح ، وهو الذي يؤكل فيه ، وقيل : جمع قدح ، وهو السهم الذي كانوا يستقسمون به ، أو الذي يرمى به عن القوس . وفي الحديث : إنه كان يسوي الصفوف حتى يدعها مثل القدح أو الرقيم ، أي : مثل السهم أو سطر الكتابة . وحديث أبي هريرة : فشربت حتى استوى بطني فصار كالقدح ، أي : انتصب بما حصل فيه من اللبن وصار كالسهم بعد أن كان لصق بظهره من الخلو . وحديث عمر : أنه كان يطعم الناس عام الرمادة فاتخذ قدحا فيه فرض ، أي : أخذ سهما وحز فيه حزا علمه به فكان يغمز القدح في الثريد ، فإن لم يبلغ موضع الحز لام صاحب الطعام وعنفه . وفي الحديث : لا تجعلوني كقدح الراكب ، أي : لا تؤخروني في الذكر ; لأن الراكب يعلق قدحه في آخر رحله عند فراغه من ترحاله ، ويجعله خلفه ، قال حسان :


كما نيط خلف الراكب القدح الفرد



وقدحت العين إذا أخرجت منها الماء الفاسد . وقدحت عينه وقدحت : غارت فهي مقدحة . وخيل مقدحة : غائرة العيون ومقدحة على صيغة المفعول : ضامرة كأنها ضمرت فعل ذلك بها . وقدح فرسه تقديحا : ضمره فهو مقدح . وقدح ختام الخابية قدحا : فضه : قال لبيد :


أغلي السباء بكل أدكن عاتق     أو جونة قدحت وفض ختامها



والقداح : نور النبات قبل أن يتفتح ، اسم كالقذاف . والقداح : الفصفصة الرطبة عراقية الواحدة قداحة ، وقيل : هي أطراف النبات من الورق الغض . الأزهري : القداح أرآد رخصة من الفصفصة . ودارة القداح : موضع عن كراع .

التالي السابق


الخدمات العلمية