صفحة جزء
[ قرب ]

قرب : القرب نقيض البعد . قرب الشيء ، بالضم ، يقرب قربا وقربانا وقربانا ، أي : دنا فهو قريب الواحد والاثنان والجميع في ذلك سواء ؛ وقوله تعالى : ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب جاء في التفسير : أخذوا من تحت أقدامهم ؛ وقوله تعالى : وما يدريك لعل الساعة قريب ذكر قريبا ; لأن تأنيث الساعة غير حقيقي ، وقد يجوز أن يذكر ; لأن الساعة في معنى البعث ؛ وقوله تعالى : واستمع يوم ينادي المناد من مكان قريب ، أي : ينادي بالحشر من مكان قريب ، وهي الصخرة التي في بيت المقدس ويقال : إنها في وسط الأرض قال سيبويه : إن قربك زيدا ، ولا تقول : إن بعدك زيدا ; لأن القرب أشد تمكنا في الظرف من البعد ، وكذلك : إن قريبا منك زيدا وأحسنه أن تقول : إن زيدا قريب منك ؛ لأنه اجتمع معرفة ونكرة ، وكذلك البعد في الوجهين ، وقالوا : هو قرابتك ، أي : قريب منك في [ ص: 53 ] المكان ، وكذلك : هو قرابتك في العلم ؛ وقولهم : ما هو بشبيهك ولا بقرابة من ذلك مضمومة القاف ، أي : ولا بقريب من ذلك . أبو سعيد : يقول الرجل لصاحبه إذا استحثه : تقرب ، أي : اعجل ، سمعته من أفواههم وأنشد :


يا صاحبي ترحلا وتقربا فلقد أنى لمسافر أن يطربا



التهذيب : وما قربت هذا الأمر ولا قربته قال الله تعالى : ولا تقربا هذه الشجرة وقال ولا تقربوا الزنا كل ذلك من قربت أقرب . ويقال : فلان يقرب أمرا ، أي : يغزوه ، وذلك إذا فعل شيئا أو قال قولا يقرب به أمرا يغزوه ، ويقال : لقد قربت أمرا ما أدري ما هو . وقربه منه وتقرب إليه تقربا وتقرابا واقترب وقاربه . وفي حديث أبي عارم : فلم يزل الناس مقاربين له ، أي : يقربون حتى جاوز بلاد بني عامر ، ثم جعل الناس يبعدون منه . وافعل ذلك بقراب مفتوح ، أي : بقرب عن ابن الأعرابي ؛ وقوله تعالى : إن رحمة الله قريب من المحسنين ، ولم يقل قريبة ؛ لأنه أراد بالرحمة الإحسان ؛ ولأن ما لا يكون تأنيثه حقيقيا جاز تذكيره ، وقال الزجاج : إنما قيل قريب ; لأن الرحمة ، والغفران ، والعفو في معنى واحد ، وكذلك كل تأنيث ليس بحقيقي ، قال : وقالالأخفش : جائز أن تكون الرحمة هاهنا بمعنى المطر ، قال : وقال بعضهم هذا ذكر ليفصل بين القريب من القرب ، والقريب من القرابة ، قال : وهذا غلط ، كل ما قرب من مكان أو نسب فهو جار على ما يصيبه من التذكير والتأنيث ، قالالفراء : إذا كان القريب في معنى المسافة يذكر ويؤنث ، وإذا كان في معنى النسب يؤنث بلا اختلاف بينهم . تقول : هذه المرأة قريبتي ، أي : ذات قرابتي ، قال ابن بري : ذكر الفراء أن العرب تفرق بين القريب من النسب ، والقريب من المكان ، فيقولون : هذه قريبتي من النسب ، وهذه قريبي من المكان ، ويشهد بصحة قوله قول امرئ القيس :


له الويل إن أمسى ولا أم هاشم     قريب ولا البسباسة ابنة يشكرا



فذكر قريبا ، وهو خبر عن أم هاشم ، فعلى هذا يجوز : قريب مني ، يريد قرب المكان ، وقريبة مني يريد قرب النسب . ويقال : إن فعيلا قد يحمل على فعول ؛ لأنه بمعناه ، مثل رحيم ورحوم ، وفعول لا تدخله الهاء ، نحو امرأة صبور ، فلذلك قالوا : ريح خريق ، وكنيبة خصيف ، وفلانة مني قريب . وقد قيل : إن قريبا أصله في هذا أن يكون صفة لمكان ، كقولك : هي مني قريبا ، أي : مكانا قريبا ، ثم اتسع في الظرف فرفع وجعل خبرا . التهذيب : والقريب نقيض البعيد يكون تحويلا فيستوي في الذكر والأنثى ، والفرد والجميع ، كقولك : هو قريب ، وهي قريب ، وهم قريب ، وهن قريب . ابن السكيت : تقول العرب : هو قريب مني ، وهما قريب مني ، وهم قريب مني ، وكذلك المؤنث : هي قريب مني ، وهي بعيد مني ، وهما بعيد ، وهن بعيد مني ، وقريب ، فتوحد قريبا وتذكره ؛ لأنه إن كان مرفوعا فإنه في تأويل : هو في مكان قريب مني . وقال الله تعالى : إن رحمة الله قريب من المحسنين . وقد يجوز قريبة وبعيدة بالهاء تنبيها على قربت وبعدت ، فمن أنثها في المؤنث ثنى وجمع ، وأنشد :


ليالي لا عفراء منك بعيدة     فتسلى ولا عفراء منك قريب



واقترب الوعد ، أي : تقارب . وقاربته في البيع مقاربة . والتقارب : ضد التباعد . وفي الحديث : إذا تقارب الزمان ، وفي رواية : إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب ، قال ابن الأثير : أراد اقتراب الساعة ، وقيل : اعتدال الليل والنهار ، وتكون الرؤيا فيه صحيحة لاعتدال الزمان . واقترب : افتعل من القرب . وتقارب : تفاعل منه ، ويقال للشيء إذا ولى وأدبر : تقارب . وفي حديث المهدي : يتقارب الزمان حتى تكون السنة كالشهر أراد : يطيب الزمان حتى لا يستطال وأيام السرور والعافية قصيرة ، وقيل : هو كناية عن قصر الأعمار وقلة البركة . ويقال : قد حيا وقرب ، إذا قال : حياك الله وقرب دارك . وفي الحديث : من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ، المراد بقرب العبد من الله عز وجل ، القرب بالذكر ، والعمل الصالح لا قرب الذات والمكان ; لأن ذلك من صفات الأجسام والله يتعالى عن ذلك ويتقدس . والمراد بقرب الله تعالى من العبد قرب نعمه وألطافه منه ، وبره وإحسانه إليه وترادف مننه عنده وفيض مواهبه عليه . وقراب الشيء وقرابه وقرابته : ما قارب قدره . وفي الحديث : إن لقيتني بقراب الأرض خطيئة ، أي : بما يقارب ملأها ، وهو مصدر قارب يقارب . والقراب : مقاربة الأمر قال عويف القوافي يصف نوقا :


هو ابن منضجات كن قدما     يزدن على العديد قراب شهر



وهذا البيت أورده الجوهري :

يردن على الغدير قراب شهر

. قال ابن بري : صواب إنشاده : يزدن على العديد ، من معنى الزيادة على العدة ، لا من معنى الورد على الغدير . والمنضجة : التي تأخرت ولادتها عن حين الولادة شهرا ، وهو أقوى للولد . قال : والقراب أيضا إذا قارب أن يمتلئ الدلو ، وقال العنبر بن تميم وكان مجاورا في بهراء :


قد رابني من دلوي اضطرابها     والنأي من بهراء واغترابها
إلا تجي ملأى يجي قرابها



ذكر أنه لما تزوج عمرو بن تميم أم خارجة نقلها إلى بلده ، وزعم الرواة أنها جاءت بالعنبر معها صغيرا ، فأولدها عمرو بن تميم أسيدا والهجيم ، والقليب ، فخرجوا ذات يوم يستقون ، فقل عليهم الماء ، فأنزلوا مائحا من تميم فجعل المائح يملأ دلو الهجيم وأسيد ، والقليب ، فإذا وردت دلو العنبر تركها تضطرب ، فقال العنبر هذه الأبيات . وقال الليث : القراب ، والقراب مقاربة الشيء . تقول : معه ألف درهم أو قرابه ومعه ملء قدح ماء أو قرابه . وتقول : أتيته قراب العشي ، وقراب الليل . وإناء قربان : قارب الامتلاء وجمجمة قربى : كذلك . وقد أقربه وفيه قربه وقرابه . قال سيبويه : الفعل من قربان قارب . قال : ولم يقولوا : قرب استغناء بذلك . وأقربت القدح من قولهم : قدح قربان إذا قارب أن يمتلئ ، وقدحان قربانان ، والجمع قراب ، مثل عجلان وعجال ، تقول : هذا قدح قربان ماء ، وهو الذي [ ص: 54 ] قد قارب الامتلاء . ويقال : لو أن لي قراب هذا ذهبا ، أي : ما يقارب ملأه . والقربان بالضم : ما قرب إلى الله عز وجل . وتقربت به تقول منه : قربت لله قربانا . وتقرب إلى الله بشيء ، أي : طلب به القربة عنده تعالى . والقربان : جليس الملك وخاصته لقربه منه ، وهو واحد القرابين تقول : فلان من قربان الأمير ومن بعدانه . وقرابين الملك : وزراؤه وجلساؤه وخاصته . وفي التنزيل العزيز : واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا . وقال في موضع آخر : إن الله عهد إلينا أن لا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار . وكان الرجل إذا قرب قربانا سجد لله ، فتنزل النار فتأكل قربانه فذلك علامة قبول القربان ، وهي ذبائح كانوا يذبحونها . الليث : القربان ما قربت إلى الله تبتغي بذلك قربة ووسيلة . وفي الحديث صفة هذه الأمة في التوراة : قربانهم دماؤهم . القربان مصدر قرب يقرب ، أي : يتقربون إلى الله بإراقة دمائهم في الجهاد . وكان قربان الأمم السالفة ذبح البقر والغنم والإبل . وفي الحديث : الصلاة قربان كل تقي ، أي : إن الأتقياء من الناس يتقربون بها إلى الله تعالى ، أي : يطلبون القرب منه بها . وفي حديث الجمعة : من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ، أي : كأنما أهدى ذلك إلى الله تعالى كما يهدى القربان إلى بيت الله الحرام . الأحمر : الخيل المقربة التي تكون قريبة معدة . وقال شمر : الإبل المقربة التي حزمت للركوب ، قالها أعرابي من غني . وقال : المقربات من الخيل : التي ضمرت للركوب . أبو سعيد : الإبل المقربة التي عليها رحال مقربة بالأدم ، وهي مراكب الملوك ، قال : وأنكر الأعرابي هذا التفسير . وفي حديث عمر رضي الله عنه : ما هذه الإبل المقربة ، قال : هكذا روي بكسر الراء ، وقيل : هي بالفتح ، وهي التي حزمت للركوب ، وأصله من القراب . ابن سيده : المقربة ، والمقرب من الخيل : التي تدنى وتقرب وتكرم ، ولا تترك أن ترود ، قال ابن دريد : إنما يفعل ذلك بالإناث لئلا يقرعها فحل لئيم . وأقربت الحامل ، وهي مقرب : دنا ولادها وجمعها مقاريب ، كأنهم توهموا واحدها على هذا مقرابا ، وكذلك الفرس والشاة ، ولا يقال للناقة إلا أدنت فهي مدن ، قالتأم تأبط شرا تؤبنه بعد موته :


وابناه وابن الليل     ليس بزميل شروب للقيل
يضرب بالذيل     كمقرب الخيل



؛ لأنها تضرج من دنا منها ويروى كمقرب الخيل بفتح الراء ، وهو المكرم . الليث : أقربت الشاة ، والأتان فهي مقرب ، ولا يقال للناقة إلا أدنت فهي مدن . العدبس الكناني : جمع المقرب من الشاء : مقاريب ، وكذلك هي محدث ، وجمعه محاديث . التهذيب : والقريب ، والقريبة ذو القرابة ، والجمع من النساء قرائب ومن الرجال أقارب ، ولو قيل : قربى لجاز . والقرابة والقربى : الدنو في النسب ، والقربى في الرحم ، وهي في الأصل مصدر . وفي التنزيل العزيز : والجار ذي القربى . وما بينهما مقربة ومقربة ومقربة ، أي : قرابة . وأقارب الرجل وأقربوه : عشيرته الأدنون . وفي التنزيل العزيز : وأنذر عشيرتك الأقربين . وجاء في التفسير أنه لما نزلت هذه الآية صعد الصفا ونادى الأقرب فالأقرب فخذا فخذا يا بني عبد المطلب يا بني هاشم يا بني عبد مناف يا عباس يا صفية : إني لا أملك لكم من الله شيئا سلوني من مالي ما شئتم ، هذا عن الزجاج : وتقول : بيني وبينه قرابة وقرب وقربى ومقربة ومقربة وقربة وقربة بضم الراء ، وهو قريبي وذو قرابتي وهم أقربائي وأقاربي . والعامة تقول : هو قرابتي وهم قراباتي ؛ وقوله تعالى : قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ، أي : إلا أن تودوني في قرابتي ، أي : في قرابتي منكم . ويقال : فلان ذو قرابتي وذو قرابة مني وذو مقربة وذو قربى مني . قال الله تعالى : يتيما ذا مقربة . قال : ومنهم من يجيز فلان قرابتي ، والأول أكثر . وفي حديث عمر رضي الله عنه : إلا حامى على قرابته ، أي : أقاربه سموا بالمصدر كالصحابة . والتقرب : التدني إلى شيء والتوصل إلى إنسان بقربة أو بحق ، والإقراب : الدنو . وتقارب الزرع إذا دنا إدراكه . ابن سيده : وقارب الشيء داناه ، وتقارب الشيئان : تدانيا . وأقرب المهر ، والفصيل وغيره ، إذا دنا للإثناء أو غير ذلك من الأسنان . والمتقارب في العروض : فعولن ثماني مرات ، وفعولن فعولن فعل مرتين ، سمي متقاربا ؛ لأنه ليس في أبنية الشعر شيء تقرب أوتاده من أسبابه كقرب المتقارب ، وذلك لأن كل أجزائه مبني على وتد وسبب . ورجل مقارب ومتاع مقارب : ليس بنفيس . وقال بعضهم : دين مقارب بالكسر ومتاع مقارب بالفتح . الجوهري : شيء مقارب بكسر الراء ، أي : وسط بين الجيد والرديء ، قال : ولا تقل مقارب ، وكذلك إذا كان رخيصا . والعرب تقول : تقاربت إبل فلان ، أي : قلت وأدبرت ، قال جندل :


غرك أن تقاربت أباعري     وأن رأيت الدهر ذا الدوائر



ويقال للشيء إذا ولى وأدبر : قد تقارب . ويقال للرجل القصير : متقارب ومتآزف . الأصمعي : إذا رفع الفرس يديه معا ووضعهما معا ، فذلك التقريب وقال أبو زيد : إذا رجم الأرض رجما فهو التقريب . يقال : جاءنا يقرب به فرسه . وقارب الخطو : داناه . والتقريب في عدو الفرس : أن يرجم الأرض بيديه وهما ضربان : التقريب الأدنى ، وهو الإرخاء والتقريب الأعلى ، وهو الثعلبية . الجوهري : التقريب ضرب من العدو يقال : قرب الفرس إذا رفع يديه معا ووضعهما معا في العدو ، وهو دون الحضر . وفي حديث الهجرة : أتيت فرسي فركبتها فرفعتها تقرب بي . قرب الفرس يقرب تقريبا إذا عدا عدوا دون الإسراع . وقرب الشيء بالكسر يقربه قربا وقربانا : أتاه فقرب ودنا منه . وقربته تقريبا : أدنيته . والقرب : طلب الماء ليلا ، وقيل : هو أن لا يكون بينك وبين الماء إلا ليلة . وقال ثعلب : إذا كان بين الإبل وبين الماء يومان ، فأول يوم تطلب فيه الماء هو القرب ، والثاني الطلق . قربت الإبل تقرب قربا وأقربها ، وتقول : قربت أقرب قرابة ، مثل كتبت أكتب كتابة ، إذا سرت إلى الماء وبينك وبينه ليلة . قال الأصمعي : قلت لأعرابي : ما [ ص: 55 ] القرب ؟ فقال : سير الليل لورد الغد قلت : ما الطلق ؟ فقال : سير الليل لورد الغب . يقال : قرب بصباص ، وذلك أن القوم يسيمون الإبل وهم في ذلك يسيرون نحو الماء ، فإذا بقيت بينهم وبين الماء عشية عجلوا نحوه ، فتلك الليلة ليلة القرب . قال الخليل : والقارب طالب الماء ليلا ، ولا يقال ذلك لطالب الماء نهارا . وفي التهذيب : القارب الذي يطلب الماء ولم يعين وقتا . الليث : القرب أن يرعى القوم بينهم وبين المورد وفي ذلك يسيرون بعض السير حتى إذا كان بينهم وبين الماء ليلة أو عشية عجلوا فقربوا يقربون قربا ، وقد أقربوا إبلهم وقربت الإبل . قال : والحمار القارب ، والعانة القوارب : وهي التي تقرب القرب ، أي : تعجل ليلة الورد . الأصمعي : إذا خلى الراعي وجوه إبله إلى الماء وتركها في ذلك ترعى ليلتئذ ، فهي ليلة الطلق ، فإن كان الليلة الثانية فهي ليلة القرب ، وهو السوق الشديد . وقال الأصمعي : إذا كانت إبلهم طوالق قيل أطلق القوم فهم مطلقون ، وإذا كانت إبلهم قوارب ، قالوا : أقرب القوم فهم قاربون ، ولا يقال مقربون ، قال : وهذا الحرف شاذ . أبو زيد : أقربتها حتى قربت تقرب . وقال أبو عمرو في الإقراب ، والقرب مثله ، قال لبيد :


إحدى بني جعفر كلفت بها     لم تمس مني نوبا ولا قربا



قال ابن الأعرابي : القرب ، والقرب واحد في بيت لبيد . قال أبو عمرو : القرب في ثلاثة أيام أو أكثر ، وأقرب القوم فهم قاربون على غير قياس ، إذا كانت إبلهم متقاربة ، وقد يستعمل القرب في الطير ، وأنشد ابن الأعرابي لخليج الأعيوي :


قد قلت يوما والركاب كأنها     قوارب طير حان منها ورودها



، وهو يقرب حاجة أي : يطلبها وأصلها من ذلك . وفي حديث ابن عمر : إن كنا لنلتقي في اليوم مرارا ، يسأل بعضنا بعضا وأن نقرب بذلك إلى أن نحمد الله تعالى ، قال الأزهري : أي : ما نطلب بذلك إلا حمد الله تعالى . قال الخطابي : نقرب ، أي : نطلب ، والأصل فيه طلب الماء ، ومنه ليلة القرب : وهي الليلة التي يصبحون منها على الماء ، ثم اتسع فيه ، فقيل : فلان يقرب حاجته ، أي : يطلبها فأن الأولى هي المخففة من الثقيلة والثانية نافية . وفي الحديث قال له رجل : ما لي هارب ولا قارب ، أي : ما له وارد يرد الماء ولا صادر يصدر عنه . وفي حديث علي كرم الله وجهه : وما كنت إلا كقارب ورد وطالب وجد . ويقال : قرب فلان أهله قربانا إذا غشيها . والمقاربة ، والقراب : المشاغرة للنكاح ، وهو رفع الرجل . والقراب : غمد السيف والسكين ونحوهما ، وجمعه قرب . وفي الصحاح : قراب السيف غمده وحمالته . وفي المثل : الفرار بقراب أكيس قال ابن بري : هذا المثل ذكره الجوهري بعد قراب السيف على ما تراه وكان صواب الكلام أن يقول قبل المثل : والقراب القرب ، ويستشهد بالمثل عليه . والمثل لجابر بن عمرو المزني ، وذلك أنه كان يسير في طريق فرأى أثر رجلين وكان قائفا ، فقال : أثر رجلين شديد كلبهما عزيز سلبهما ، والفرار بقراب أكيس ، أي : بحيث يطمع في السلامة من قرب . ومنهم من يرويه بقراب بضم القاف . وفي التهذيب : الفرار قبل أن يحاط بك أكيس لك . وقرب قرابا وأقربه : عمله . وأقرب السيف والسكين : عمل لها قرابا . وقربه : أدخله في القراب ، وقيل : قرب السيف جعل له قرابا ، وأقربه : أدخله في قرابه . الأزهري : قراب السيف شبه جراب من آدم ، يضع الراكب فيه سيفه بجفنه وسوطه وعصاه وأداته . وفي كتابه لوائل بن حجر : لكل عشر من السرايا ما يحمل القراب من التمر . قال ابن الأثير : هو شبه الجراب يطرح فيه الراكب سيفه بغمده وسوطه ، وقد يطرح فيه زاده من تمر وغيره ، قال ابن الأثير : قال الخطابي الرواية بالباء هكذا قال : ولا موضع له هاهنا . قال : وأراه القراف جمع قرف ، وهي أوعية من جلود يحمل فيها الزاد للسفر ، ويجمع على قروف أيضا . والقربة من الأساقي . ابن سيده : القربة الوطب من اللبن ، وقد تكون للماء ، وقيل : هي المخروزة من جانب واحد ، والجمع في أدنى العدد : قربات وقربات وقربات ، والكثير قرب ، وكذلك جمع كل ما كان على فعلة ، مثل سدرة وفقرة لك أن تفتح العين وتكسر وتسكن . وأبو قربة : فرس عبيد بن أزهر . والقرب : الخاصرة ، والجمع أقراب ، وقال الشمردل يصف فرسا :


لاحق القرب ، والأياطل نهد     مشرف الخلق في مطاه تمام



التهذيب : فرس لاحق الأقراب يجمعونه وإنما له قربان لسعته ، كما يقال شاة ضخمة الخواصر ، وإنما لها خاصرتان واستعاره بعضهم للناقة ، فقال :


حتى يدل عليها خلق أربعة     في لازق لاحق الأقراب فانشملا



أراد : حتى دل فوضع الآتي موضع الماضي ، قال أبو ذؤيب يصف الحمار ، والأتن :


فبدا له أقراب هذا رائغا     عنه فعيث في الكنانة يرجع



وقيل : القرب ، والقرب من لدن الشاكلة إلى مراق البطن مثل عسر وعسر ، وكذلك من لدن الرفغ إلى الإبط قرب من كل جانب . وفي حديث المولد : فخرج عبد الله بن عبد المطلب أبو النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم متقربا متخصرا بالبطحاء فبصرت به ليلى العدوية ، قوله متقربا ، أي : واضعا يده على قربه ، أي : خاصرته ، وهو يمشي ، وقيل : هو الموضع الرقيق أسفل من السرة ، وقيل متقربا ، أي : مسرعا عجلا ويجمع على أقراب ، ومنه قصيد كعب بن زهير :


يمشي القراد عليها ، ثم يزلقه     عنها لبان وأقراب زهاليل



التهذيب : في الحديث ثلاث لعينات : رجل عور الماء المعين المنتاب ورجل عور طريق المقربة ، ورجل تغوط تحت شجرة ، قال أبو عمرو : المقربة المنزل ، وأصله من القرب ، وهو السير قال الراعي :


في كل مقربة يدعن رعيلا



وجمعها مقارب . والمقرب : سير الليل ، قال طفيل يصف الخيل :


معرقة الألحي تلوح متونها     تثير القطا في منهل بعد مقرب



وفي الحديث : من غير المقربة ، والمطربة فعليه لعنة الله . المقربة : [ ص: 56 ] طريق صغير ينفذ إلى طريق كبير ، وجمعها المقارب ، وقيل : هو من القرب ، وهو السير بالليل ، وقيل : السير إلى الماء . التهذيب ، الفراء جاء في الخبر : اتقوا قراب المؤمن أو قرابته فإنه ينظر بنور الله يعني فراسته وظنه الذي هو قريب من العلم والتحقق ; لصدق حدسه وإصابته . والقراب ، والقرابة : القريب يقال : ما هو بعالم ولا قراب عالم ولا قرابة عالم ولا قريب من عالم . والقرب : البئر القريبة الماء فإذا كانت بعيدة الماء فهي النجاء وأنشد :


ينهضن بالقوم عليهن الصلب     موكلات بالنجاء والقرب



يعني : الدلاء ؛ وقوله في الحديث : سددوا وقاربوا ، أي : اقتصدوا في الأمور كلها واتركوا الغلو فيها والتقصير ، يقال : قارب فلان في أموره إذا اقتصد ؛ وقوله في حديث ابن مسعود : أنه سلم على النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو في الصلاة فلم يرد عليه ، قال : فأخذني ما قرب وما بعد ، يقال للرجل إذا أقلقه الشيء وأزعجه : أخذه ما قرب وما بعد ، وما قدم وما حدث ، كأنه يفكر ، ويهتم في بعيد أموره وقريبها ، يعني أيها كان سببا في الامتناع من رد السلام عليه . وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه : لأقربن بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أي : لآتينكم بما يشبهها ، ويقرب منها . وفي حديثه الآخر : إني لأقربكم شبها بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم . والقارب : السفينة الصغيرة مع أصحاب السفن الكبار البحرية ، كالجنائب لها تستخف لحوائجهم ، والجمع القوارب . وفي حديث الدجال : فجلسوا في أقرب السفينة ، واحدها قارب وجمعه قوارب ، قال : فأما أقرب فإنه غير معروف في جمع قارب ، إلا أن يكون على غير قياس ، وقيل : أقرب السفينة أدانيها ، أي : ما قارب إلى الأرض منها . والقريب : السمك المملح ، ما دام في طراءته ، وقربت الشمس للمغيب : ككربت وزعم يعقوب أن القاف بدل من الكاف . والمقارب : الطرق . وقريب : اسم رجل . وقريبة : اسم امرأة . وأبو قريبة : رجل من رجازهم . والقرنبى : نذكره في ترجمة قرنب .

التالي السابق


الخدمات العلمية