صفحة جزء
[ قصا ]

قصا : قصا عنه قصوا وقصوا وقصا وقصاء وقصي : بعد . وقصا المكان يقصو قصوا : بعد . والقصي والقاصي : البعيد ، والجمع أقصاء فيهما كشاهد وأشهاد ونصير وأنصار ، قال غيلان الربعي :


كأنما صوت حفيف المعزاء معزول شذان حصاها الأقصاء     صوت نشيش اللحم عند الغلاء



وكل شيء تنحى عن شيء فقد قصا يقصو قصوا ، فهو قاص ، والأرض قاصية وقصية . وقصوت عن القوم : تباعدت . ويقال : فلان بالمكان الأقصى والناحية القصوى والقصيا ، بالضم فيهما . وفي الحديث : المسلمون تتكافأ دماؤهم يسعى بذمتهم أدناهم ويرد عليهم أقصاهم ، أي : أبعدهم وذلك في الغزو إذا دخل العسكر أرض الحرب فوجه الإمام منه السرايا ، فما غنمت من شيء أخذت منه ما سمى لها ، ورد ما بقي على العسكر ; لأنهم وإن لم يشهدوا الغنيمة ردء للسرايا وظهر يرجعون إليهم . والقصوى والقصيا : الغاية البعيدة ، قلبت فيه الواو ياء ; لأن فعلى إذا كانت اسما من ذوات الواو أبدلت واوه ياء كما أبدلت الواو مكان الياء في فعلى فأدخلوها عليها في فعلى ليتكافآ في التغيير . قال ابن سيده : هذا قول سيبويه قال : وزدته أنا بيانا ، قال : وقد قالوا القصوى فأجروها على الأصل لأنها قد تكون صفة بالألف واللام . وفي التنزيل : إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى قال الفراء : الدنيا مما يلي المدينة والقصوى مما يلي مكة . قال ابن السكيت : ما كان من النعوت مثل العليا والدنيا فإنه يأتي بضم أوله وبالياء ; لأنهم يستثقلون الواو مع ضمة أوله ، فليس فيه اختلاف إلا أن أهل الحجاز قالوا : القصوى ، فأظهروا الواو وهو نادر وأخرجوه على القياس إذ سكن ما قبل الواو ، وتميم وغيرهم يقولون : القصيا ، وقال ثعلب : القصوى والقصيا طرف الوادي ، فالقصوى على قول ثعلب . ومن قوله تعالى : بالعدوة القصوى بدل . والقاصي والقاصية والقصي والقصية من الناس والمواضع : المتنحي البعيد . والقصوى والأقصى كالأكبر والكبرى . وفي الحديث : أن [ ص: 126 ] الشيطان ذئب الإنسان يأخذ القاصية والشاذة ، القاصية : المنفردة عن القطيع البعيدة منه ، يريد أن الشيطان يتسلط على الخارج من الجماعة وأهل السنة . وأقصى الرجل يقصيه : باعده . وهلم أقاصك يعني أينا أبعد من الشر . وقاصيته فقصوته وقاصاني فقصوته . والقصا : فناء الدار ، يمد ويقصر . وحطني القصا ، أي : تباعد عني ، قال بشر بن أبي خازم :


فحاطونا القصا ولقد رأونا     قريبا حيث يستمع السرار



والقصا يمد ويقصر ، ويروى :


فحاطونا القصاء وقد رأونا

ومعنى حاطونا القصاء ، أي : تباعدوا عنا وهم حولنا وما كنا بالبعد منهم لو أرادوا أن يدنوا منا ، وتوجيه ما ذكره ابن السكيت من كتاب النحو أن يكون القصاء بالمد مصدر قصا يقصو قصاء مثل بدا يبدو بداء ، وأما القصا بالقصر فهو مصدر قصي عن جوارنا قصا إذا بعد . ويقال أيضا : قصي الشيء قصا وقصاء . والقصا : النسب البعيد مقصور . والقصا : الناحية . والقصاة : البعد والناحية ، وكذلك القصا . يقال : قصي فلان عن جوارنا ، بالكسر ، يقصى قصا وأقصيته أنا فهو مقصى ، ولا تقل مقصي . وقال الكسائي : لأحوطنك القصا ولأغزونك القصا كلاهما بالقصر ، أي : أدعك فلا أقربك . التهذيب : يقال حاطهم القصا مقصور يعني كان في طرتهم لا يأتيهم . وحاطهم القصا ، أي : حاطهم من بعيد ، وهو يتبصرهم ويتحرز منهم . ويقال : ذهبت قصا فلان ، أي : ناحيته ، وكنت منه في قاصيته ، أي : ناحيته . ويقال : هلم أقاصك أينا أبعد من الشر . ويقال : نزلنا منزلا لا تقصيه الإبل ، أي : لا تبلغ أقصاه . وتقصيت الأمر واستقصيته واستقصى فلان في المسألة وتقصى بمعنى . قال اللحياني : وحكى القناني قصيت أظفاري بالتشديد بمعنى قصصت ، فقال الكسائي أظنه أراد أخذ من قاصيتها ، ولم يحمله الكسائي على محول التضعيف كما حمله أبو عبيد عن ابن قنان وقد ذكر في حرف الصاد أنه من محول التضعيف ، وقيل : يقال إن ولد لك ابن فقصي أذنيه ، أي : احذفي منهما . قال ابن بري : الأمر من قصى قص ، وللمؤنث قصي ، كما تقول خل عنها وخلي . والقصا : حذف في طرف أذن الناقة والشاة ، مقصور يكتب بالألف ، وهو أن يقطع منه شيء قليل ، وقد قصاها قصوا وقصاها . يقال : قصوت البعير فهو مقصو إذا قطعت من طرف أذنه ، وكذلك الشاة عن أبي زيد . وناقة قصواء : مقصوة ، وكذلك الشاة ، ورجل مقصو وأقصى ، وأنكر بعضهم أقصى . وقال اللحياني : بعير أقصى ومقصى ومقصو . وناقة قصواء ومقصاة ومقصوة : مقطوعة طرف الأذن . وقال الأحمر : المقصاة من الإبل التي شق من أذنها شيء ثم ترك معلقا . التهذيب : الليث وغيره القصو قطع أذن البعير . يقال : ناقة قصواء وبعير مقصو هكذا يتكلمون به ، قال : وكان القياس أن يقولوا بعير أقصى فلم يقولوا . قال الجوهري : ولا يقال جمل أقصى ، وإنما يقال مقصو ومقصى ، تركوا فيه القياس ولأن أفعل الذي أنثاه على فعلاء إنما يكون من باب فعل يفعل ، وهذا إنما يقال فيه قصوت البعير ، وقصواء بائنة عن بابه ، ومثله امرأة حسناء ، ولا يقال : رجل أحسن . قال ابن بري : قوله تركوا فيها القياس يعني قوله ناقة قصواء ، وكان القياس مقصوة ، وقياس الناقة أن يقال قصوتها فهي مقصوة . ويقال : قصوت الجمل فهو مقصو ، وقياس الناقة أن يقال : قصوتها فهي مقصوة ، وكان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناقة تسمى قصواء ولم تكن مقطوعة الأذن . وفي الحديث : أنه خطب على ناقته القصواء وهو لقب ناقة سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قال : والقصواء التي قطع طرف أذنها . وكل ما قطع من الأذن فهو جدع ، فإذا بلغ الربع فهو قصو ، فإذا جاوزه فهو عضب ، فإذا استؤصلت فهو صلم ، ولم تكن ناقة سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قصواء وإنما كان هذا لقبا لها ، وقيل : كانت مقطوعة الأذن . وقد جاء في الحديث : أنه كان له ناقة تسمى العضباء ، وناقة تسمى الجدعاء ، وفي حديث آخر : صلماء ، وفي رواية أخرى : مخضرمة . هذا كله في الأذن ، ويحتمل أن تكون كل واحدة صفة ناقة مفردة ، ويحتمل أن يكون الجميع صفة ناقة واحدة فسماها كل منهم بما تخيل فيها ، ويؤيد ذلك ما روي في حديث علي - كرم الله وجهه - حين بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبلغ أهل مكة سورة براءة فرواه ابن عباس - رضي الله عنه - أنه ركب ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القصواء ، وفي رواية جابر العضباء ، وفي رواية غيرهما الجدعاء ; فهذا يصرح أن الثلاثة صفة ناقة واحدة ; لأن القضية واحدة ، وقد روي عن أنس أنه قال : خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ناقة جدعاء وليست بالعضباء ، وفي إسناده مقال . وفي حديث الهجرة : أن أبا بكر - رضي الله عنه - قال : إن عندي ناقتين فأعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إحداهما وهي الجدعاء . والقصية من الإبل : الكريمة المودعة التي لا تجهد في حلب ولا حمل . والقصايا . خيار الإبل واحدتها قصية ، ولا تركب وهي متدعة ، وأنشد ابن الأعرابي :


تذود القصايا عن سراة كأنها     جماهير تحت المدجنات الهواضب



وإذا حمدت إبل الرجل قيل فيها قصايا يثق بها ، أي : فيها بقية إذا اشتد الدهر ، وقيل : القصية من الإبل رذالتها . وأقصى الرجل إذا اقتنى القواصي من الإبل ، وهي النهاية في الغزارة والنجابة ، ومعناه أن صاحب الإبل إذا جاء المصدق أقصاها ضنا بها . وأقصى إذا حفظ قصا العسكر وقصاءه وهو ما حول العسكر . وفي حديث وحشي قاتل حمزة - عليه السلام - : كنت إذا رأيته في الطريق تقصيتها ، أي : صرت في أقصاها وهو غايتها . والقصو : البعد . والأقصى : الأبعد وقوله :


واختلس الفحل منها وهي قاصية     شيئا فقد ضمنته وهو محقور



فسره ابن الأعرابي ، فقال : معنى قوله قاصية هو أن يتبعها الفحل فيضربها فتلقح في أول كومة فجعل الكوم للإبل ، وإنما هو للفرس . وقصوان : موضع ، قال جرير :


نبئت غسان بن واهصة الخصى      [ ص: 127 ] بقصوان ، في مستكلئين بطان



ابن الأعرابي : يقال للفحل هو يحبو قصا الإبل إذا حفظها من الانتشار . ويقال : تقصاهم ، أي : طلبهم واحدا واحدا . وقصي مصغر : اسم رجل والنسبة إليه : قصوي بحذف إحدى الياءين ، وتقلب الأخرى ألفا ثم تقلب واوا كما قلبت في عدوي وأموي .

التالي السابق


الخدمات العلمية