صفحة جزء
[ قعد ]

قعد : القعود : نقيض القيام . قعد يقعد قعودا ومقعدا أي جلس ، وأقعدته وقعدت به . وقال أبو زيد : قعد الإنسان أي قام وقعد جلس ، وهو من الأضداد . والمقعدة : السافلة . والمقعد والمقعدة : مكان القعود . وحكى اللحياني : ارزن في مقعدك ومقعدتك . قال سيبويه : وقالوا : هو مني مقعد القابلة أي في القرب ، وذلك إذا دنا فلزق من بين يديك ، يريد بتلك المنزلة ولكنه حذف وأوصل كما قالوا : دخلت البيت أي في البيت ، ومن العرب من يرفعه يجعله هو الأول على قولهم أنت مني مرأى ومسمع . والقعدة ، بالكسر : الضرب من القعود كالجلسة ، وبالفتح : المرة الواحدة ، قال اللحياني : ولها نظائر وسيأتي ذكرها ، اليزيدي : قعد قعدة واحدة وهو حسن القعدة . وفي الحديث : أنه نهى أن يقعد على القبر ، قال ابن الأثير : قيل أراد القعود لقضاء الحاجة من الحدث ، وقيل : أراد الإحداد والحزن وهو أن يلازمه ولا يرجع عنه ، وقيل : أراد به احترام الميت وتهويل الأمر في القعود عليه تهاونا بالميت والموت ، وروي أنه رأى رجلا متكئا على قبر فقال : لا تؤذ صاحب القبر . والمقاعد : موضع قعود الناس في الأسواق وغيرها . ابن بزرج : أقعد بذلك المكان كما يقال أقام ، وأنشد :


أقعد حتى لم يجد مقعنددا ولا غدا ولا الذي يلي غدا



ابن السكيت : يقال ما تقعدني عن ذلك الأمر إلا شغل أي ما حبسني . وقعدة الرجل : مقدار ما أخذ من الأرض قعوده . وعمق بئرنا قعدة وقعدة أي قدر ذلك . ومررت بماء قعدة رجل ، حكاه سيبويه ، قال : والجر الوجه . وحكى اللحياني : ما حفرت في الأرض إلا قعدة وقعدة . وأقعد البئر : حفرها قدر قعدة ، وأقعدها إذا تركها على وجه الأرض ولم ينته بها الماء . والمقعدة من الآبار : التي احتفرت فلم ينبط ماؤها فتركت وهي المسهبة عندهم . وقال الأصمعي : بئر قعدة أي طولها طول إنسان قاعد . وذو القعدة : اسم الشهر الذي يلي شوالا وهو اسم شهر كانت العرب تقعد فيه وتحج في ذي الحجة ، وقيل : سمي بذلك لقعودهم في رحالهم عن الغزو والميرة وطلب الكلإ ، والجمع ذوات القعدة ، وقال الأزهري في ترجمة شعب : قال يونس : ذوات القعدات ، ثم قال : والقياس أن تقول ذوات القعدة . والعرب تدعو على الرجل فتقول : حلبت قاعدا وشربت قائما ، تقول : لا ملكت غير الشاء التي تحلب من قعود ولا ملكت إبلا تحلبها قائما ، معناه : ذهبت إبلك فصرت تحلب الغنم لأن حالب الغنم لا يكون إلا قاعدا ، والشاء مال الضعفى والأذلاء ، والإبل مال الأشراف والأقوياء . ويقال : رجل قاعد عن الغزو ، وقوم قعاد وقاعدون .

والقعد : الذين لا ديوان لهم ، وقيل : القعد الذين لا يمضون إلى القتال ، وهو اسم للجمع ، وبه سمي قعد الحرورية . ورجل قعدي منسوب إلى القعد كعربي وعرب وعجمي وعجم . ابن الأعرابي : القعد الشراة الذين يحكمون ولا يحاربون ، وهو جمع قاعد كما قالوا حارس وحرس . والقعدي من الخوارج : الذي يرى رأي القعد الذين يرون التحكيم حقا غير أنهم قعدوا عن الخروج على الناس ، وقال بعض مجان المحدثين فيمن يأبى أن يشرب الخمر وهو يستحسن شربها لغيره فشبهه بالذي يرى التحكيم وقد قعد عنه فقال :


فكأني وما أحسن منها     قعدي يزين التحكيما



وتقعد فلان عن الأمر إذا لم يطلبه . وتقاعد به فلان إذا لم يخرج إليه من حقه . وتقعدته أي ربثته عن حاجته وعقته . ورجل قعدة ضجعة أي كثير القعود والاضطجاع . وقالوا : ضربه ضربة ابنة اقعدي وقومي أي ضرب أمة ، وذلك لقعودها وقيامها في خدمة مواليها لأنها تؤمر بذلك ، وهو نص كلام ابن الأعرابي . وأقعد الرجل : لم يقدر على النهوض ، وبه قعاد أي داء يقعده . ورجل مقعد إذا أزمنه داء في جسده حتى لا حراك به . وفي حديث الحدود : أتي بامرأة قد زنت فقال : ممن ؟ قالت : من المقعد الذي في حائط سعد ، المقعد الذي لا يقدر على القيام لزمانة به كأنه قد ألزم القعود ، وقيل : هو من القعاد الذي هو الداء الذي يأخذ الإبل في أوراكها فيميلها إلى الأرض . والمقعدات : الضفادع ، قال الشماخ :


توجسن واستيقن أن ليس حاضرا     على الماء إلا المقعدات القوافز



والمقعدات : فراخ القطا قبل أن تنهض للطيران ، قال ذو الرمة :


إلى مقعدات تطرح الريح بالضحى     عليهن رفضا من حصاد القلاقل



والمقعد : فرخ النسر ، وقيل : فرخ كل طائر لم يستقل مقعد . والمقعدد : فرخ النسر ، عن كراع ، وأما قول عاصم بن ثابت الأنصاري :


أبو سليمان وريش المقعد     ومجنأ من مسك ثور أجرد
وضالة مثل الجحيم الموقد



فإن أبا العباس قال : قال ابن الأعرابي : المقعد فرخ النسر وريشه أجود الريش ، وقيل : المقعد النسر الذي قشب له حتى صيد فأخذ ريشه ، وقيل : المقعد اسم رجل كان يريش السهام ، أي أنا أبو سليمان ومعي سهام راشها المقعد فما عذري أن لا أقاتل ؟ والضالة : من شجر السدر ، يعمل منها السهام ، شبه السهام بالجمر لتوقدها . وقعدت الرخمة : جثمت ، وما قعدك واقتعدك أي حبسك . والقعد : النخل ، وقيل النخل الصغار ، وهو جمع قاعد كما قالوا خادم وخدم . وقعدت الفسيلة وهي قاعد : صار لها جذع تقعد عليه . وفي أرض فلان من القاعد كذا وكذا أصلا ذهبوا إلى الجنس . والقاعد من النخل : الذي تناله اليد . ورجل قعدي وقعدي : عاجز كأنه يؤثر القعود . والقعدة : السرج والرحل تقعد عليهما . والقعدة ، مفتوحة : مركب الإنسان والطنفسة التي يجلس عليها قعدة ، مفتوحة ، وما أشبهها . وقال ابن دريد : القعدات الرحال والسروج . والقعيدات : السروج والرحال . والقعدة : الحمار ، وجمعه قعدات ، قال عروة بن معد يكرب :

[ ص: 149 ]

سيبا على القعدات تخفق فوقهم     رايات أبيض كالفنيق هجان



الليث : القعدة من الدواب الذي يقتعده الرجل للركوب خاصة . والقعدة والقعودة والقعود من الإبل : ما اتخذه الراعي للركوب وحمل الزاد والمتاع ، وجمعه أقعدة وقعد وقعدان وقعائد . واقتعدها : اتخذها قعودا . قال أبو عبيد ة : وقيل القعود من الإبل هو الذي يقتعده الراعي في كل حاجة ، قال : وهو بالفارسية رخت وبتصغيره جاء المثل : اتخذوه قعيد الحاجات إذا امتهنوا الرجل في حوائجهم ، قال الكميت يصف ناقته :


معكوسة كقعود الشول أنطفها     عكس الرعاء بإيضاع وتكرار



ويقال : نعم القعدة هذا أي نعم المقتعد . وذكر الكسائي أنه سمع من يقول : قعودة للقلوص ، وللذكر قعود ، قال الأزهري : وهذا عند الكسائي من نوادر الكلام الذي سمعته من بعضهم وكلام أكثر العرب على غيره . وقال ابن الأعرابي : هي قلوص للبكرة الأنثى وللبكر قعود مثل القلوص إلى أن يثنيا ثم هو جمل ، قال الأزهري : وعلى هذا التفسير قول من شاهدت من العرب لا يكون القعود إلا البكر الذكر ، وجمعه قعدان ثم القعادين جمع الجمع ، ولم أسمع قعودة بالهاء لغير الليث . والقعود من الإبل : هو البكر حين يركب أي يمكن ظهره من الركوب ، وأدنى ذلك أن يأتي عليه سنتان ، ولا تكون البكرة قعودا وإنما تكون قلوصا . وقال النضر : القعدة أن يقتعد الراعي قعودا من إبله فيركبه فجعل القعدة والقعود شيئا واحدا . والاقتعاد : الركوب . يقول الرجل للراعي : نستأجرك بكذا وعلينا قعدتك أي علينا مركبك ، تركب من الإبل ما شئت ومتى شئت ، وأنشد للكميت :


لم يقتعدها المعجلون



وفي حديث عبد الله : من الناس من يذله الشيطان كما يذل الرجل قعوده من الدواب ، قال ابن الأثير : القعود من الدواب ما يقتعده الرجل للركوب والحمل ولا يكون إلا ذكرا ، وقيل القعود ذكر ، والأنثى قعودة ، والقعود من الإبل : ما أمكن أن يركب ، وأدناه أن تكون له سنتان ثم هو قعود إلى أن يثني فيدخل في السنة السادسة ثم هو جمل . وفي حديث أبي رجاء : لا يكون الرجل متقيا حتى يكون أذل من قعود ، كل من أتى عليه أرغاه أي قهره وأذله ; لأن البعير إنما يرغو عن ذل واستكانة . والقعود أيضا : الفصيل . وقال ابن شميل : القعود من الذكور والقلوص من الإناث . قال البشتي : قال يعقوب بن السكيت : يقال لابن المخاض حين يبلغ أن يكون ثنيا قعود وبكر ، وهو من الذكور كالقلوص من الإناث ، قال البشتي : ليس هذا من القعود التي يقتعدها الراعي فيركبها ويحمل عليها زاده وأداته ، إنما هو صفة للبكر إذا بلغ الإثناء ، قال أبو منصور : أخطأ البشتي في حكايته عن يعقوب ثم أخطأ فيما فسره من كيسه أنه غير القعود التي يقتعدها الراعي من وجهين آخرين ، فأما يعقوب فإنه قال : يقال لابن المخاض حتى يبلغ أن يكون ثنيا قعود وبكر وهو من الذكور كالقلوص ، فجعل البشتي حتى حين وحتى بمعنى إلى ، وأحد الخطأين من البشتي أنه أنث القعود ولا يكون القعود عند العرب إلا ذكرا ، والثاني أنه لا قعود في الإبل تعرفه العرب غير ما فسره ابن السكيت ، قال : ورأيت العرب تجعل القعود البكر من الإبل حين يركب أي يمكن ظهره من الركوب ، قال : وأدنى ذلك أن يأتي عليه سنتان إلى أن يثني فإذا أثنى سمي جملا ، والبكر والبكرة بمنزلة الغلام والجارية اللذين لم يدركا ، ولا تكون البكرة قعودا . ابن الأعرابي : البكر قعود مثل القلوص في النوق إلى أن يثني . وقاعد الرجل : قعد معه . وقعيد الرجل : مقاعده . وفي حديث الأمر بالمعروف : لا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده ، القعيد الذي يصاحبك في قعودك ، فعيل بمعنى مفاعل ، وقعيدا كل أمر : حافظاه عن اليمين وعن الشمال . وفي التنزيل : عن اليمين وعن الشمال قعيد ، قال سيبويه : أفرد كما تقول للجماعة هم فريق ، وقيل : القعيد للواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث بلفظ واحد وهما قعيدان ، وفعيل وفعول مما يستوي فيه الواحد والاثنان والجمع ، كقوله : أنا رسول ربك ، وكقوله : والملائكة بعد ذلك ظهير ، وقال النحويون : معناه عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد فاكتفى بذكر الواحد عن صاحبه ، ومنه قول الشاعر :


نحن بما عندنا وأنت بما عندك     راض والرأي مختلف



ولم يقل راضيان ولا راضون ، أراد : نحن بما عندنا راضون وأنت بما عندك راض ، ومثله قول الفرزدق :


إني ضمنت لمن أتاني ما جنى     وأتى وكان وكنت غير غدور



ولم يقل غدورين . وقعيدة الرجل وقعيدة بيته : امرأته ، قال الأشعر الجعفي :


لكن قعيدة بيتنا مجفوة     باد جناجن صدرها ولها غنى



والجمع قعائد . وقعيدة الرجل : امرأته . وكذلك قعاده ، قال عبد الله بن أوفى الخزاعي في امرأته :


منجدة مثل كلب الهراش     إذا هجع الناس لم تهجع
فليست بتاركة محرما     ولو حف بالأسل المشرع
فبئست قعاد الفتى وحدها     وبئست موفية الأربع !



قال ابن بري : منجدة محكمة مجربة وهو مما يذم به النساء وتمدح به الرجال . وتقعدته : قامت بأمره ، حكاه ثعلب و ابن الأعرابي . والأسل : الرماح . ويقال : قعدت الرجل وأقعدته أي خدمته وأنا مقعد له ومقعد ، وأنشد :


تخذها سرية تقعده



وقال الآخر :


وليس لي مقعد في البيت يقعدني     ولا سوام ولا من فضة كيس



والقعيد : ما أتاك من ورائك من ظبي أو طائر يتطير منه بخلاف النطيح ، ومنه قول عبيد بن الأبرص :


ولقد جرى لهم فلم يتعيفوا     تيس قعيد كالوشيجة أعضب



[ ص: 150 ] الوشيجة : عرق الشجرة ، شبه التيس من ضمره به ، ذكره أبو عبيد ة في باب السانح والبارح وهو خلاف النطيح . والقعيد : الجراد الذي لم يستو جناحاه بعد . وثدي مقعد : ناتئ على النحر إذا كان ناهدا لم ينثن بعد ، قال النابغة :


والبطن ذو عكن لطيف طيه     والإتب تنفجه بثدي مقعد



وقعد بنو فلان لبني فلان يقعدون : أطاقوهم وجاءوهم بأعدادهم . وقعد بقرنه : أطاقه . وقعد للحرب : هيأ لها أقرانها ، قال :


لأصبحن ظالما حربا رباعية     فاقعد لها ودعن عنك الأظانينا



وقوله :


ستقعد عبد الله عنا بنهشل



أي ستطيقها وتجيئها بأقرانها فتكفينا نحن الحرب . وقعدت المرأة عن الحيض والولد تقعد قعودا ، وهي قاعد : انقطع عنها ، والجمع قواعد . وفي التنزيل : والقواعد من النساء ، وقال الزجاج في تفسير الآية : هن اللواتي قعدن عن الأزواج . ابن السكيت : امرأة قاعد إذا قعدت عن المحيض ، فإذا أردت القعود قلت : قاعدة . قال : ويقولون امرأة واضع إذا لم يكن عليها خمار ، وأتان جامع إذا حملت . قال أبو الهيثم : القواعد من صفات الإناث لا يقال رجال قواعد ، وفي حديث أسماء الأشهلية : إنا معاشر النساء محصورات مقصورات قواعد بيوتكم وحوامل أولادكم ، القواعد : جمع قاعد وهي المرأة الكبيرة المسنة ، هكذا يقال بغير هاء أي أنها ذات قعود ، فأما قاعدة فهي فاعلة من قعدت قعودا ، ويجمع على قواعد أيضا . وقعدت النخلة : حملت سنة ولم تحمل أخرى . والقاعدة : أصل الأس ، والقواعد : الإساس ، وقواعد البيت إساسه . وفي التنزيل : وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ، وفيه : فأتى الله بنيانهم من القواعد ، قال الزجاج : القواعد أساطين البناء التي تعمده . وقواعد الهودج : خشبات أربع معترضة في أسفله تركب عيدان الهودج فيها ، قال أبو عبيد : قواعد السحاب أصولها المعترضة في آفاق السماء شبهت بقواعد البناء ، قال ذلك في تفسير حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - حين سأل عن سحابة مرت ، فقال : كيف ترون قواعدها وبواسقها ؟ وقال ابن الأثير : أراد بالقواعد ما اعترض منها وسفل تشبيها بقواعد البناء . ومن أمثال العرب : إذا قام بك الشر فاقعد ، يفسر على وجهين : أحدهما أن الشر إذا غلبك فذل له ولا تضطرب فيه ، والثاني أن معناه إذا انتصب لك الشر ولم تجد منه بدا فانتصب له وجاهده ، وهذا مما ذكره الفراء . والقعدد والقعدد : الجبان اللئيم القاعد عن الحرب والمكارم . والقعدد : الخامل . قال الأزهري : رجل قعدد وقعدد إذا كان لئيما من الحسب . المقعد والقعدد : الذي يقعد به أنسابه ، وأنشد :


قرنبى تسوف قفا مقرف     لئيم مآثره قعدد



ويقال : اقتعد فلانا عن السخاء لؤم جنثه ، ومنه قول الشاعر :


فاز قدح الكلبي واقتعدت مغراء     عن سعيه عروق لئيم



ورجل قعدد : قريب من الجد الأكبر وكذلك قعدد . والقعدد والقعدد : أملك القرابة في النسب . والقعدد : القربى . والميراث القعدد : هو أقرب القرابة إلى الميت . قال سيبويه : قعدد ملحق بجعشم ، ولذلك ظهر فيه المثلان . وفلان أقعد من فلان أي أقرب منه إلى جده الأكبر ، وعبر عنه ابن الأعرابي بمثل هذا المعنى ، فقال : فلان أقعد من فلان أي أقل آباء . والإقعاد : قلة الآباء والأجداد وهو مذموم ، والإطراف كثرتهم وهو محمود ، وقيل : كلاهما مدح . وقال اللحياني : رجل ذو قعدد إذا كان قريبا من القبيلة والعدد فيه قلة . يقال : هو أقعدهم أي أقربهم إلى الجد الأكبر ، وأطرفهم وأفسلهم أي أبعدهم من الجد الأكبر . ويقال : فلان طريف بين الطرافة إذا كان كثير الآباء إلى الجد الأكبر ليس بذي قعدد ، ويقال : فلان قعيد النسب ذو قعدد إذا كان قليل الآباء إلى الجد الأكبر ، وكان عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي أقعد بني العباس نسبا في زمانه ، وليس هذا ذما عندهم ، وكان يقال له قعدد بني هاشم ، قال الجوهري : ويمدح به من وجه لأن الولاء للكبر ، ويذم به من وجه لأنه من أولاد الهرمى وينسب إلى الضعف ، قال دريد بن الصمة يرثي أخاه :


دعاني أخي والخيل بيني وبينه     فلما دعاني لم يجدني بقعدد



وقيل : القعدد في هذا البيت الجبان القاعد عن الحرب والمكارم أيضا يتقعد فلا ينهض ، قال الأعشى :


طرفون ولادون كل مبارك     أمرون لا يرثون سهم القعدد



وأنشده ابن بري :


أمرون ولادون كل مبارك     طرفون . . . . . . . .



وقال : أمرون أي كثيرون . والطرف : نقيض القعدد . ورأيت حاشية بخط بعض الفضلاء أن هذا البيت أنشده المرزباني في معجم الشعراء لأبي وجزة السعدي في آل الزبير . وأما القعدد المذموم فهو اللئيم في حسبه ، والقعدد من الأضداد . يقال للقريب النسب من الجد الأكبر : قعدد ، وللبعيد النسب من الجد الأكبر : قعدد ، وقال ابن السكيت في قول البعيث :


لقى مقعد الأسباب منقطع به



قال : معناه أنه قصير النسب من القعدد . وقوله منقطع به ملقى أي لا سعي له إن أراد أن يسعى لم يكن به على ذلك قوة بلغة أي شيء يتبلغ به . ويقال : فلان مقعد الحسب إذا لم يكن له شرف ، وقد أقعده آباؤه وتقعدوه ، وقال الطرماح يهجو رجلا :


ولكنه عبد تقعد رأيه     لئام الفحول وارتخاض المناكح



أي : أقعد حسبه عن المكارم لؤم آبائه وأمهاته . ابن الأعرابي : يقال ورث فلان بالإقعاد ، ولا يقال ورثه بالقعود . والقعاد والإقعاد : داء يأخذ الإبل والنجائب في أوراكها وهو شبه ميل العجز إلى الأرض ، وقد أقعد البعير فهو مقعد . والقعد : أن يكون بوظيف البعير تطامن واسترخاء . والإقعاد في رجل الفرس : أن تفرش جدا فلا تنتصب . والمقعد : الأعرج ، يقال منه : أقعد الرجل ، تقول : متى أصابك هذا القعاد ؟ وجمل أقعد : في وظيفي رجليه كالاسترخاء .

[ ص: 151 ] والقعيدة : شيء تنسجه النساء يشبه العيبة يجلس عليه ، وقد اقتعدها ، قال امرؤ القيس :


رفعن حوايا واقتعدن قعائدا     وحففن من حوك العراق المنمق



والقعيدة أيضا : مثل الغرارة يكون فيها القديد والكعك ، وجمعها قعائد ، قال أبو ذؤيب يصف صائدا :


له من كسبهن معذلجات     قعائد قد ملئن من الوشيق



والضمير في كسبهن يعود على سهام ذكرها قبل البيت . ومعذلجات : مملوءات . والوشيق : ما جف من اللحم وهو القديد ، وقال ابن الأعرابي في قول الراجز :


تعجل إضجاع الجشير القاعد



قال : القاعد الجوالق الممتلئ حبا كأنه من امتلائه قاعد . والجشير : الجوالق . والقعيدة من الرمل : التي ليست بمستطيلة ، وقيل : هي الحبل اللاطئ بالأرض ، وقيل : هو ما ارتكم منه ، قال الخليل : إذا كان بيت من الشعر فيه زحاف قيل له مقعد ، والمقعد من الشعر : ما نقصت من عروضه قوة ، كقوله :


أفبعد مقتل مالك بن زهير     ترجو النساء عواقب الأطهار ؟



قال أبو عبيد : الإقواء نقصان الحروف من الفاصلة فينقص من عروض البيت قوة ، وكان الخليل يسمي هذا المقعد . قال أبو منصور : هذا صحيح عن الخليل وهذا غير الزحاف وهو عيب في الشعر ، والزحاف ليس بعيب . الفراء : العرب تقول قعد فلان يشتمني بمعنى طفق وجعل ، وأنشد لبعض بني عامر :


لا يقنع الجارية الخضاب     ولا الوشاحان ولا الجلباب
من دون أن تلتقي الأركاب     ويقعد الأير له لعاب



وحكى ابن الأعرابي : حدد شفرته حتى قعدت كأنها حربة أي صارت . وقال : ثوبك لا تقعد تطير به الريح أي لا تصير الريح طائرة به ، ونصب ثوبك بفعل مضمر أي احفظ ثوبك . وقال : قعد لا يسأله أحد حاجة إلا قضاها ولم يفسره ، فإن عنى به صار فقد تقدم لها هذه النظائر واستغنى بتفسير تلك النظائر عن تفسير هذه ، وإن كان عنى القعود فلا معنى له لأن القعود ليست حال أولى به من حال ، ألا ترى أنك تقول قعد لا يمر به أحد إلا يسبه ، وقد لا يسأله سائل إلا حرمه ؟ وغير ذلك مما يخبر به من أحوال القاعد ، وإنما هو كقولك : قام لا يسأل حاجة إلا قضاها . وقعيدك الله لا أفعل ذلك وقعدك ، قال متمم بن نويرة :


قعيدك أن لا تسمعيني ملامة     ولا تنكئي قرح الفؤاد فييجعا



وقيل : قعدك الله وقعيدك الله أي كأنه قاعد معك يحفظ عليك قولك ، وليس بقوي ، قال أبو عبيد : قال الكسائي : يقال قعدك الله أي الله معك ، قال وأنشد غيره عن قريبة الأعرابية :


قعيدك عمر الله يا بنت مالك     ألم تعلمينا نعم مأوى المعصب



قال : ولم أسمع بيتا اجتمع فيه العمر والقعيد إلا هذا . وقال ثعلب : قعدك الله وقعيدك الله أي نشدتك الله . وقال : إذا قلت قعيدكما الله جاء معه الاستفهام واليمين ، فالاستفهام كقوله : قعيدكما الله ألم يكن كذا وكذا ؟ قال الفرزدق :


قعيدكما الله الذي أنتما له     ألم تسمعا بالبيضتين المناديا ؟



والقسم : قعيدك الله لأكرمنك . وقال أبو عبيد : عليا مضر تقول قعيدك لتفعلن كذا ، قال : القعيد الأب ، وقال أبو الهيثم : القعيد المقاعد ، وأنشد بيت الفرزدق :


قعيدكما الله الذي أنتما له



يقول : أينما قعدت فأنت مقاعد أي هو معك . قال : ويقال قعيدك الله لا تفعل كذا ، وقعدك الله ، بفتح القاف ، وأما قعدك فلا أعرفه . ويقال : قعد قعدا وقعودا ، وأنشد :


فقعدك أن لا تسمعيني ملامة



قال الجوهري : هي يمين للعرب وهي مصادر استعملت منصوبة بفعل مضمر ، والمعنى بصاحبك الذي هو صاحب كل نجوى ، كما يقال : نشدتك الله ، قال ابن بري في ترجمة وجع في بيت متمم بن نويرة :


قعيدك أن لا تسمعيني ملامة



قال : قعيدك الله وقعدك الله استعطاف وليس بقسم ، كذا قال أبو علي ، قال : والدليل على أنه ليس بقسم كونه لم يجب بجواب القسم . وقعيدك الله بمنزلة عمرك الله في كونه ينتصب انتصاب المصادر الواقعة موقع الفعل ، فعمرك الله واقع موقع عمرك الله أي سألت الله تعميرك ، وكذلك قعدك الله تقديره قعدتك الله أي سألت الله حفظك من قوله : عن اليمين وعن الشمال قعيد أي حفيظ . والمقعد : رجل كان يريش السهام بالمدينة ، قال الشاعر :


أبو سليمان وريش المقعد



وقال أبو حنيفة : المقعدان شجر ينبت نبات المقر ولا مرارة له يخرج من وسطه قضيب بطول قامة وفي رأسه مثل ثمرة العرعرة صلبة حمراء يترامى به الصبيان ولا يرعاه شيء . ورجل مقعد الأنف : وهو الذي في منخره سعة وقصر . والمقعدة : الدوخلة من الخوص . ورحى قاعدة : يطحن الطاحن بها بالرائد بيده . وقال النضر : القعد العذرة والطوف .

التالي السابق


الخدمات العلمية