صفحة جزء
[ بنن ]

بنن : البنة : الريح الطيبة كرائحة التفاح ونحوها ، وجمعها بنان ، تقول : أجد لهذا الثوب بنة طيبة من عرف تفاح أو سفرجل . قال سيبويه : جعلوه اسما للرائحة الطيبة كالخمطة . وفي الحديث : إن للمدينة بنة ، البنة : الريح الطيبة ، قال : وقد يطلق على المكروهة . والبنة : ريح مرابض الغنم والظباء والبقر ، وربما سميت مرابض الغنم بنة ، قال :

[ ص: 157 ]

أتاني عن أبي أنس وعيد ومعصوب تخب به الركاب     وعيد تخدج الأرآم منه
وتكره بنة الغنم الذئاب .



ورواه ابن دريد : تخدج أي تطرح أولادها نقصا . وقوله : معصوب كتاب أي هو وعيد لا يكون أبدا لأن الأرآم لا تخدج أبدا ، والذئاب لا تكره بنة الغنم أبدا . الأصمعي فيما روى عنه أبو حاتم : البنة تقال في الرائحة الطيبة وغير الطيبة ، والجمع بنان ، قال ذو الرمة يصف الثور الوحشي :


أبن بها عود المباءة ، طيب     نسيم البنان في الكناس المظلل .



قوله : عود المباءة أي ثور قديم الكناس ، وإنما نصب النسيم لما نون الطيب ، وكان من حقه الإضافة فضارع قولهم هو ضارب زيدا ، ومنه قوله - تعالى - : ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء ‎وأمواتا ، أي كفات أحياء وأموات ، يقول : أرجت ريح مباءتنا مما أصاب أبعاره من المطر . والبنة أيضا : الرائحة المنتنة ، قال : والجمع من كل ذلك بنان ، قال ابن بري : وزعم أبو عبيد أن البنة الرائحة الطيبة فقط ، قال : وليس بصحيح بدليل قول علي - عليه السلام - للأشعث بن قيس حين خطب إليه ابنته : قم لعنك الله حائكا فلكأني أجد منك بنة الغزل ، وفي رواية قال له الأشعث بن قيس : ما أحسبك عرفتني يا أمير المؤمنين ; قال : بلى وإني لأجد بنة الغزل منك ، أي ريح الغزل ، رماه بالحياكة ، قيل : كان أبو الأشعث يولع بالنساجة . والبن : الموضع المنتن الرائحة . الجوهري : البنة الرائحة ، كريهة كانت أو طيبة . وكناس مبن ، أي ذو بنة ، وهي رائحة بعر الظباء . التهذيب : وروى شمر في كتابه أن عمر - رضي الله عنه - سأل رجلا قدم من الثغر فقال : هل شرب الجيش في البنيات الصغار ؟ قال : لا ، إن القوم ليؤتون بالإناء فيتداولونه حتى يشربوه كلهم ، قال بعضهم : البنيات ههنا الأقداح الصغار . والإبنان : اللزوم . وأبننت بالمكان إبنانا إذا أقمت به . ابن سيده : وبن بالمكان يبن بنا وأبن أقام به ، قال ذو الرمة :


أبن بها عود المباءة طيب .



وأبى الأصمعي إلا أبن . وأبنت السحابة : دامت ولزمت ويقال : رأيت حيا مبنا بمكان كذا أي مقيما . والتبنين : التثبيت في الأمر . والبنين : المتثبت العاقل . وفي حديث شريح : قال له أعرابي وأراد أن يعجل عليه بالحكومة . تبنن أي تثبت ، من قولهم : أبن بالمكان إذا أقام فيه ، وقوله :


بل الذنابا عبسا مبنا .



يجوز أن يكون اللازم اللازق ، ويجوز أن يكون من البنة التي هي الرائحة المنتنة ، فإما أن يكون على الفعل ، وإما أن يكون على النسب . والبنان : الأصابع ، وقيل : أطرافها واحدتها بنانة ; وأنشد ابن بري لعباس بن مرداس :


ألا ليتني قطعت منه بنانه     ولاقيته يقظان في البيت حادرا .



وفي حديث جابر وقتل أبيه يوم أحد : ما عرفته إلا ببنانه . والبنان في قوله - تعالى - : بلى قادرين على أن نسوي بنانه ، يعني شواه ، قال الفارسي : نجعلها كخف البعير فلا ينتفع بها في صناعة ، فأما ما أنشده سيبويه من قوله :


قد جعلت مي ، على الطرار     خمس بنان قانئ الأظفار .



فإنه أضاف إلى المفرد بحسب إضافة الجنس ، يعني بالمفرد أنه لم يكسر عليه واحد الجمع ، إنما هو كسدرة وسدر ، وجمع القلة بنانات . قال : وربما استعاروا بناء أكثر العدد لأقله ، وقال :


خمس بنان قانئ الأظفار .



يريد خمسا من البنان . ويقال : بنان مخضب لأن كل جمع بينه وبين واحده الهاء فإنه يوحد ويذكر . وقوله - عز وجل - : فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان ، قال أبو إسحاق : البنان ههنا جميع أعضاء البدن ، وحكى الأزهري عن الزجاج قال : واحد البنان بنانة ، قال : ومعناه ههنا الأصابع وغيرها من جميع الأعضاء ، قال : وإنما اشتقاق البنان من قولهم أبن بالمكان ، والبنان به يعتمل كل ما يكون للإقامة والحياة . الليث : البنان أطراف الأصابع من اليدين والرجلين ، قال : والبنان في كتاب الله هو الشوى ، وهي الأيدي والأرجل ، قال : والبنانة الإصبع الواحدة ; وأنشد :


لا هم أكرمت بني كنانه     ليس لحي فوقهم بنانه

.

أي ليس لأحد عليهم فضل قيس إصبع . أبو الهيثم قال : البنانة الإصبع كلها ، قال : وتقال للعقدة العليا من الإصبع ; وأنشد :


يبلغنا منها البنان المطرف .



والمطرف : الذي طرف بالحناء ، قال : وكل مفصل بنانة . وبنانة ، بالضم : اسم امرأة كانت تحت سعد بن لؤي بن غالب بن فهر ، وينسب ولده إليها وهم رهط ثابت البناني . ابن سيده : وبنانة حي من العرب ، وفي الحديث ذكر بنانة ، وهي بضم الباء وتخفيف النون الأولى محلة من المحال القديمة بالبصرة . والبنانة والبنانة . الروضة المعشبة . أبو عمرو : البنبنة صوت الفحش والقذع . قال ابن الأعرابي : بنبن الرجل إذا تكلم بكلام الفحش وهي البنبنة ; وأنشد أبو عمرو لكثير المحاربي :


قد منعتني البر وهي تلحان     وهو كثير عندها هلمان
وهي تخنذي بالمقال البنبان .



قال : البنبان الرديء من المنطق . والبن : الطرق من الشحم . يقال للدابة إذا سمنت : ركبها طرق على طرق . الفراء في قولهم بل بمعنى الاستدراك : تقول بل والله لا آتيك وبن والله ، يجعلون اللام فيها نونا ; قال : وهي لغة بني سعد ولغة كلب ، قال : وسمعت الباهليين يقولون لا بن بمعنى لا بل ، قال : ومن خفيف هذا الباب بن [ ص: 158 ] ولا بن لغة في بل ولا بل ، وقيل : هو على البدل ، قال ابن سيده : بل كلمة استدراك وإعلام بالإضراب عن الأول ، وقولهم : قام زيد بل عمرو وبن عمرو ، فإن النون بدل من اللام ، ألا ترى إلى كثرة استعمال بل وقلة استعمال بن والحكم على الأكثر لا الأقل ؟ قال : هذا هو الظاهر من أمره . قال ابن جني : ولست أدفع مع هذا أن يكون بن لغة قائمة بنفسها ; قال : ومما ضوعف من فائه ولامه بنبان ، غير مصروف ، موضع ، عن ثعلب ; وأنشد شمر :


فصار ثناها في تميم وغيرهم     عشية يأتيها ببنبان عيرها .



يعني ماء لبني تميم يقال له : بنبان ، وفي ديار تميم ماء يقال له : بنبان ذكره الحطيئة فقال :


مقيم على بنبان يمنع ماءه     وماء وسيع ماء عطشان مرمل .



يعني الزبرقان أنه حلأه عن الماء .

التالي السابق


الخدمات العلمية