صفحة جزء
[ بهر ]

بهر : البهر : ما اتسع من الأرض . والبهرة : الأرض السهلة ، وقيل هي الأرض الواسعة بين الأجبل . وبهرة الوادي : سرارته وخيره . وبهرة كل شيء : وسطه . وبهرة الرحل كزفرته أي وسطه . وبهرة الليل والوادي والفرس : وسطه . وابهار النهار : وذلك حين ترتفع الشمس . وابهار الليل ابهيرارا إذا انتصف ، وقيل : ابهار تراكبت ظلمته ، وقيل : ابهار ذهبت عامته وأكثره وبقي نحو من ثلثه . وابهار علينا الليل أي طال . وفي حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه سار ليلة حتى ابهار الليل . قال الأصمعي : ابهار الليل يعني انتصف ، وهو مأخوذ من بهرة الشيء وهو وسطه . قال أبو سعيد الضرير : ابهيرار الليل طلوع نجومه إذا تتامت واستنارت ; لأن الليل إذا أقبل أقبلت فحمته وإذا استنارت النجوم ذهبت تلك الفحمة . وفي الحديث : فلما أبهر القوم احترقوا ، أي صاروا في بهرة النهار ، وهو وسطه . وتبهرت السحابة : أضاءت . قال رجل من الأعراب وقد كبر وكان في داخل بيته فمرت سحابة : كيف تراها يا بني ؟ فقال : أراها قد نكبت وتبهرت ، نكبت : عدلت . والبهر : الغلبة . وبهره يبهره بهرا : قهره وعلاه وغلبه . وبهرت فلانة النساء : غلبتهن حسنا . وبهر القمر النجوم بهورا : غمرها بضوئه ، قال :


غم النجوم ضوءه حين بهر فغمر النجم الذي كان ازدهر .



وهي ليلة البهر . والثلاث البهر : التي يغلب فيها ضوء القمر النجوم ، وهي الليلة السابعة والثامنة والتاسعة . يقال : قمر باهر إذا علا الكواكب ضوؤه وغلب ضوؤه ضوأها ; قال ذو الرمة يمدح عمر بن هبيرة :


ما زلت في درجات الأمر مرتقيا     تنمي وتسمو بك الفرعان من مضرا
حتى بهرت فما تخفى على أحد     إلا على أكمه ، لا يعرف القمرا .



أي علوت كل من يفاخرك فظهرت عليه . قال ابن بري : الذي أورده الجوهري وقد بهرت ، وصوابه حتى بهرت كما أوردناه ، وقوله : على أحد أحد ههنا بمعنى واحد ؛ لأن أحدا المستعمل بعد النفي في قولك : ما أحد في الدار لا يصح استعماله في الواجب . وفي الحديث : صلاة الضحى إذا بهرت الشمس الأرض أي غلبها نورها وضوؤها . وفي حديث علي : قال له عبد خير : أصلي الضحى إذا بزغت الشمس ؟ قال : لا ، حتى تبهر البتيراء ، أي يستبين ضوؤها . وفي حديث الفتنة : إن خشيت أن يبهرك شعاع السيف . ويقال لليالي البيض : بهر ، جمع باهر . ويقال : بهر بوزن ظلم جمع بهرة ، كل ذلك من كلام العرب . وبهر الرجل : برع ; وأنشد البيت أيضا :


حتى بهرت فما تخفى على أحد .



وبهرا له أي تعسا وغلبة ; قال ابن ميادة :


تفاقد قومي إذ يبيعون مهجتي     بجارية بهرا لهم بعدها بهرا !



وقال عمر بن أبي ربيعة :


ثم قالوا : تحبها قلت : بهرا !     عدد الرمل والحصى والتراب .



وقيل : معنى بهرا في هذا البيت جما ، وقيل : عجبا . قال سيبويه : لا [ ص: 165 ] فعل لقولهم بهرا له في حد الدعاء وإنما نصب على توهم الفعل وهو مما ينتصب على إضمار الفعل غير المستعمل إظهاره . وبهرهم الله بهرا : كربهم ، عن ابن الأعرابي . وبهرا له أي عجبا . وأبهر إذا جاء بالعجب . ابن الأعرابي : البهر : الغلبة ، والبهر : الملء ، والبهر : البعد ، والبهر : المباعدة من الخير ، والبهر : الخيبة ، والبهر : الفخر ، وأنشد بيت عمر بن أبي ربيعة قال أبو العباس : يجوز أن يكون كل ما قاله ابن الأعرابي في وجوه البهر أن يكون معنى لما قال عمر وأحسنها العجب . والبهار : المفاخرة . شمر : البهر التعس ، قال : وهو الهلاك . وأبهر إذا استغنى بعد فقر . وأبهر : تزوج سيدة ، وهي البهيرة . ويقال : فلانة بهيرة مهيرة . وأبهر إذا تلون في أخلاقه دماثة مرة وخبثا أخرى . والعرب تقول : الأزواج ثلاثة . زوج مهر ، وزوج بهر ، وزوج دهر ، فأما زوج مهر فرجل لا شرف له فهو يسني المهر ليرغب فيه ، وأما زوج بهر فالشريف وإن قل ماله تتزوجه المرأة لتفخر به ، وزوج دهر كفؤها ، وقيل في تفسيرهم : يبهر العيون بحسنه أو يعد لنوائب الدهر أو يؤخذ منه المهر . والبهر : انقطاع النفس من الإعياء ، وقد انبهر وبهر فهو مبهور وبهير ، قال الأعشى :


إذا ما تأتى يريد القيام     تهادى ، كما قد رأيت البهيرا .



والبهر ، بالضم : تتابع النفس من الإعياء ، وبالفتح المصدر ، بهره الحمل يبهره بهرا ، أي أوقع عليه البهر فانبهر أي تتابع نفسه . ويقال : بهر الرجل إذا عدا حتى غلبه البهر وهو الربو ، فهو مبهور وبهير . شمر : بهرت فلانا إذا غلبته ببطش أو لسان . وبهرت البعير إذا ما ركضته حتى ينقطع ; وأنشد بيت ابن ميادة :


ألا يا لقومي إذ يبيعون مهجتي     بجارية بهرا لهم بعدها بهرا !



ابن شميل : البهر تكلف الجهد إذا كلف فوق ذرعه ، يقال بهره إذا قطع بهره إذا قطع نفسه بضرب أو خنق أو ما كان ; وأنشد :


إن البخيل إذا سألت بهرته .



وفي الحديث : وقع عليه البهر ، وهو بالضم ما يعتري الإنسان عند السعي الشديد والعدو من النهيج وتتابع النفس ، ومنه حديث ابن عمر : أنه أصابه قطع أو بهر . وبهره : عالجه حتى انبهر . ويقال : انبهر فلان إذا بالغ في الشيء ولم يدع جهدا . ويقال : انبهر في الدعاء إذا تحوب وجهد ، وابتهر فلان في فلان ولفلان إذا لم يدع جهدا مما لفلان أو عليه ، وكذلك يقال : ابتهل في الدعاء ، قال : وهذا مما جعلت اللام فيه راء . وقال خالد بن جنبة ابتهل في الدعاء إذا كان لا يفرط عن ذلك ولا يثجو ، قال : لا يثجو لا يسكت عنه ، قال : وأنشد عجوز من بني دارم لشيخ من الحي في قعيدته :


ولا ينام الضيف من حذارها     وقولها الباطل وابتهارها .



وقال : الابتهار قول الكذب والحلف عليه . والابتهار : ادعاء الشيء كذبا ، قال الشاعر :


وما بي إن مدحتهم ابتهار .



وابتهر فلان بفلانة : شهر بها . والأبهر : عرق في الظهر يقال هو الوريد في العنق ، وبعضهم يجعله عرقا مستبطن الصلب ، وقيل : الأبهران الأكحلان ، وفلان شديد الأبهر أي الظهر . والأبهر : عرق إذا انقطع مات صاحبه ، وهما أبهران يخرجان من القلب ثم يتشعب منهما سائر الشرايين . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ; قال : ما زالت أكلة خيبر تعاودني فهذا أوان قطعت أبهري ، قال أبو عبيد : الأبهر عرق مستبطن في الصلب والقلب متصل به فإذا انقطع لم تكن معه حياة ; وأنشد الأصمعي لابن مقبل :


وللفؤاد وجيب تحت أبهره     لدم الغلام وراء الغيب بالحجر .



الوجيب : تحرك القلب تحت أبهره . واللدم : الضرب . والغيب : ما كان بينك وبينه حجاب ، يريد أن للفؤاد صوتا يسمعه ولا يراه كما يسمع صوت الحجر الذي يرمي به الصبي ولا يراه . وخص الوليد لأن الصبيان كثيرا ما يلعبون برمي الحجارة ، وفي شعره ( لدم الوليد ) بدل ( لدم الغلام ) . ابن الأثير : الأبهر عرق في الظهر وهما أبهران ، وقيل : هما الأكحلان اللذان في الذراعين ، وقيل : الأبهر عرق منشؤه من الرأس ويمتد إلى القدم وله شرايين تتصل بأكثر الأطراف والبدن ، فالذي في الرأس منه يسمى النأمة ومنه قولهم : أسكت الله نأمته أي أماته ، ويمتد إلى الحلق فيسمى فيه الوريد ، ويمتد إلى الصدر فيسمى الأبهر ، ويمتد إلى الظهر فيسمى الوتين ، والفؤاد معلق به ، ويمتد إلى الفخذ فيسمى النسا ، ويمتد إلى الساق فيسمى الصافن ، والهمزة في الأبهر زائدة ، قال : ويجوز في أوان الضم والفتح ، فالضم لأنه خبر المبتدأ والفتح على البناء لإضافته إلى مبني كقوله :


على حين عاتبت المشيب على الصبا     وقلت : ألما تصح والشيب وازع ؟



وفي حديث علي - كرم الله وجهه - : فيلقى بالفضاء منقطعا أبهراه . والأبهر من القوس : ما بين الطائف والكلية . الأصمعي : الأبهر من القوس كبدها ، وهو ما بين طرفي العلاقة ثم الكلية تلي ذلك ثم الأبهر يلي ذلك ثم الطائف ثم السية وهو ما عطف من طرفيها . ابن سيده : والأبهر من القوس ما دون الطائف وهما أبهران ، وقيل : الأبهر ظهر سية القوس ، والأبهر الجانب الأقصر من الريش ، والأباهر من ريش الطائر ما يلي الكلى ، أولها القوادم ثم المناكب ثم الخوافي ثم الأباهر ثم الكلى ، قال اللحياني : يقال لأربع ريشات من مقدم الجناح القوادم ، ولأربع تليهن المناكب ، ولأربع بعد المناكب الخوافي ، ولأربع بعد الخوافي الأباهر . ويقال : رأيت فلانا بهرة أي جهرة علانية ; وأنشد :


وكم من شجاع بادر الموت بهرة     يموت على ظهر الفراش ويهرم .



وتبهر الإناء : امتلأ ، قال أبو كبير الهذلي :


متبهرات بالسجال ملاؤها     يخرجن من لجف لها متلقم .



[ ص: 166 ] والبهار : الحمل ، وقيل : هو ثلثمائة رطل بالقبطية ، وقيل : أربعمائة رطل ، وقيل : ستمائة رطل ، عن أبي عمرو ، وقيل : ألف رطل ، وقال غيره : البهار ، بالضم ، شيء يوزن به وهو ثلثمائة رطل . وروي عن عمرو بن العاص أنه قال : إن ابن الصعبة ، يعني طلحة بن عبيد الله ، كان يقال لأمه الصعبة ; قال : إن ابن الصعبة ترك مائة بهار في كل بهار ثلاثة قناطير ذهب وفضة فجعله وعاء ، قال أبو عبيد : بهار أحسبها كلمة غير عربية وأراها قبطية . الفراء : البهار ثلثمائة رطل ، وكذلك قال ابن الأعرابي ; قال : والمجلد ستمائة رطل ، قال الأزهري : وهذا يدل على أن البهار عربي صحيح وهو ما يحمل على البعير بلغة أهل الشام ، قال بريق الهذلي يصف سحابا ثقيلا :


بمرتجز كأن على ذراه     ركاب الشأم ، يحملن البهارا .



قال القتيبي : كيف يخلف في كل ثلثمائة رطل ثلاثة قناطير ؟ ولكن البهار الحمل ; وأنشد بيت الهذلي . وقال الأصمعي في قوله

يحملن البهارا : يحملن الأحمال من متاع البيت ; قال : وأراد أنه ترك مائة حمل . قال : مقدار الحمل منها ثلاثة قناطير ; قال : والقنطار مائة رطل فكان كل حمل منها ثلثمائة رطل . والبهار : إناء كالإبريق ; وأنشد :


على العلياء كوب أو بهار .



قال الأزهري : لا أعرف البهار بهذا المعنى . ابن سيده : والبهار كل شيء حسن منير . والبهار : نبت طيب الريح . الجوهري : البهار العرار الذي يقال له عين البقر وهو بهار البر ، وهو نبت جعد له فقاحة صفراء ينبت أيام الربيع يقال له العرارة . الأصمعي : العرار بهار البر . قال الأزهري : العرارة الحنوة ; قال : وأرى البهار فارسية . والبهار : البياض في لبب الفرس . والبهار : الخطاف الذي يطير تدعوه العامة عصفور الجنة . وامرأة بهيرة : صغيرة الخلق ضعيفة . قال الليث : وامرأة بهيرة وهي القصيرة الذليلة الخلقة ، ويقال : هي الضعيفة المشي . قال الأزهري : وهذا خطأ والذي أراد الليث البهترة بمعنى القصيرة ، وأما البهيرة من النساء فهي السيدة الشريفة ، ويقال للمرأة إذا ثقلت أردافها فإذا مشت وقع عليها البهر والربو : بهيرة ، ومنه قول الأعشى :


تهادى كما قد رأيت البهيرا .



وبهرها ببهتان : قذفها به . والابتهار : أن ترمي المرأة بنفسك وأنت كاذب ، وقيل : الابتهار أن ترمي الرجل بما فيه والابتيار أن ترميه بما ليس فيه . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : أنه رفع إليه غلام ابتهر جارية في شعره فلم يوجد الثبت فدرأ عنه الحد ، قال أبو عبيد : الابتهار أن يقذفها بنفسه فيقول : فعلت بها كاذبا ، فإن كان صادقا قد فعل فهو الابتيار على قلب الهاء ياء ، قال الكميت :


قبيح بمثلي نعت الفتا     ة ، إما ابتهارا وإما ابتيارا .



ومنه حديث العوام : الابتهار بالذنب أعظم من ركوبه وهو أن يقول فعلت ولم يفعل ; لأنه لم يدعه لنفسه إلا وهو لو قدر فعل ، فهو كفاعله بالنية وزاد عليه بقبحه وهتك ستره وتبجحه بذنب لم يفعله . وبهراء : حي من اليمن . قال كراع : بهراء ممدودة قبيلة وقد تقصر ، قال ابن سيده : لا أعلم أحدا حكى فيه القصر إلا هو وإنما المعروف فيه المد ، أنشد ثعلب :


وقد علمت بهراء أن سيوفنا     سيوف النصارى لا يليق بها الدم .



وقال معناه : لا يليق بنا أن نقتل مسلما لأنهم نصارى معاهدون ، والنسب إلى بهراء بهراوي ، بالواو على القياس ، وبهراني مثل بحراني على غير قياس ، النون فيه بدل من الهمزة ، قال ابن سيده : حكاه سيبويه . قال ابن جني : من حذاق أصحابنا من يذهب إلى أن النون في بهراني إنما هي بدل من الواو التي تبدل من همزة التأنيث في النسب ، وأن الأصل بهراوي ، وأن النون هناك بدل من هذه الواو كما أبدلت الواو من النون في قولك : من وافد ، وإن وقفت وقفت ونحو ذلك ، وكيف تصرفت الحال فالنون بدل من الهمزة ; قال : وإنما ذهب من ذهب إلى هذا ; لأنه لم ير النون أبدلت من الهمزة في غير هذا ، وكان يحتج في قولهم : إن نون فعلان بدل من همزة فعلاء ، فيقول : ليس غرضهم هنا البدل الذي هو نحو قولهم في ذئب ذيب وفي جؤنة جونة ، إنما يريدون أن النون تعاقب في هذا الموضع الهمزة كما تعاقب لام المعرفة التنوين أي تجتمع معه ، فلما لم تجامعه قيل : إنها بدل منه وكذلك النون والهمزة ; قال : وهذا مذهب ليس بقصد .

التالي السابق


الخدمات العلمية