صفحة جزء
كسب

كسب : الكسب : طلب الرزق ، وأصله الجمع . كسب يكسب كسبا ، وتكسب واكتسب . قال سيبويه : كسب أصاب ، واكتسب : تصرف واجتهد . قال ابن جني : قوله تعالى : لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ; عبر عن الحسنة بكسبت ، وعن السيئة باكتسبت ، لأن معنى كسب دون معنى اكتسب لما فيه من الزيادة ، وذلك أن كسب الحسنة ، بالإضافة إلى اكتساب السيئة ، أمر يسير ومستصغر ، وذلك لقوله عز اسمه : من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها ; أفلا ترى أن الحسنة تصغر بإضافتها إلى جزائها ، ضعف الواحد إلى العشرة ؟ ولما كان جزاء السيئة إنما هو بمثلها لم تحتقر إلى الجزاء عنها ، فعلم بذلك قوة فعل السيئة على فعل الحسنة ، فإذا كان فعل السيئة ذاهبا بصاحبه إلى هذه الغاية البعيدة المترامية ، عظم قدرها وفخم لفظ العبارة عنها ، فقيل : لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ، فزيد في لفظ فعل السيئة ، وانتقص من لفظ فعل الحسنة ، لما ذكرنا . وقوله تعالى : ما أغنى عنه ماله وما كسب ; قيل : ما كسب ، هنا ، ولده ، وإنه لطيب الكسب والكسبة والمكسبة والمكسبة والكسيبة ، وكسبت الرجل خيرا فكسبه وأكسبه إياه ، والأولى أعلى ; قال :


يعاتبني في الدين قومي ، وإنما ديوني في أشياء تكسبهم حمدا



ويروى : تكسبهم ، وهذا مما جاء على فعلته ففعل ، وتقول : فلان يكسب أهله خيرا . قال أحمد بن يحيى كل الناس يقول : كسبك فلان خيرا ، إلا ابن الأعرابي ، فإنه قال : أكسبك فلان خيرا . وفي الحديث : أطيب ما يأكل الرجل من كسبه ، وولده من كسبه . قال ابن الأثير : إنما جعل الولد كسبا ؛ لأن الوالد طلبه ، وسعى في تحصيله ; والكسب : الطلب والسعي في طلب الرزق والمعيشة ; وأراد بالطيب هاهنا الحلال ; ونفقة الوالدين واجبة على الولد إذا كان محتاجين عاجزين عن السعي ، عند الشافعي ; وغيره لا يشترط ذلك . وفي حديث خديجة : إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم . ابن الأثير : يقال : كسبت زيدا مالا ، وأكسبت زيدا مالا ، أي أعنته على كسبه أو جعلته يكسبه ، فإن كان من الأول فتريد أنك تصل إلى كل معدوم ، وتناله فلا يتعذر لبعده عليك ، وإن جعلته متعديا إلى اثنين فتريد أنك تعطي الناس الشيء المعدوم عندهم ، وتوصله إليهم . قال : وهذا أولى القولين لأنه أشبه بما قبله في باب التفضل والإنعام ؛ إذ لا إنعام في أن يكسب هو لنفسه مالا كان معدوما عنده ، وإنما الإنعام أن يوليه غيره . وباب الحظ والسعادة في الاكتساب ، غير باب التفضل والإنعام . وفي الحديث : أنه نهى عن كسب الإماء ; قال ابن الأثير : هكذا جاء مطلقا في رواية أبي هريرة ، وفي رواية رافع بن خديج مقيدا حتى يعلم من أين هو ، وفي رواية أخرى : إلا ما عملت بيدها ، ووجه الإطلاق أنه كان لأهل مكة و المدينة إماء ، عليهن ضرائب ، يخدمن الناس ، ويأخذن أجرهن ، ويؤدين ضرائبهن ، ومن تكون متبذلة داخلة خارجة وعليها ضريبة فلا يؤمن أن تبدر منها زلة ، إما للاستزادة في المعاش ، وإما لشهوة تغلب ، أو لغير ذلك ، والمعصوم قليل ، فنهى عن كسبهن مطلقا تنزها عنه ، هذا إذا كان للأمة وجه معلوم تكسب منه ، فكيف [ ص: 63 ] إذا لم يكن لها وجه معلوم ، ورجل كسوب وكساب ، وتكسب أي تكلف الكسب . والكواسب : الجوارح . وكساب : اسم للذئب ، وربما جاء في الشعر كسيبا . الأزهري : وكساب اسم كلبة . وفي الصحاح : كساب مثل قطام ، اسم كلبة . ابن سيده : وكساب من أسماء إناث الكلاب ، وكذلك كسبة ; قال الأعشى :

ولز كسبة أخرى ، فرعها فهق

وكسيب : من أسماء الكلاب أيضا ، وكل ذلك تفؤل بالكسب والاكتساب . وكسيب : اسم رجل ، وقيل : هو جد العجاج لأمه ; قال له بعض مهاجيه ، أراه جريرا :


يا ابن كسيب ! ما علينا مبذح     قد غلبتك كاعب تضمخ



يعني بالكاعب ليلى الأخيلية ؛ لأنها هاجت العجاج فغلبته . والكسب : الكنجارق ، فارسية ; وبعض أهل السواد يسميه الكسبج . والكسب ، بالضم : عصارة الدهن . قال أبو منصور : الكسب معرب وأصله بالفارسية كشب ، فقلبت الشين سينا ، كما قالوا سابور ، وأصله شاه بور أي ملك بور . وبور : الابن ، بلسان الفرس ، والدشت أعرب ، فقيل : الدست الصحراء . وكيسب : اسم . وابن الأكسب : رجل من شعرائهم ; وقيل : هو منيع بن الأكسب بن المجشر ، من بني قطن بن نهشل .

التالي السابق


الخدمات العلمية