صفحة جزء
كسف

كسف : كسف القمر يكسف كسوفا ، وكذلك الشمس كسفت تكسف كسوفا : ذهب ضوءها واسودت ، وبعض يقول انكسف وهو خطأ ، وكسفها الله وأكسفها ، والأول أعلى ، والقمر في كل ذلك كالشمس . وكسف القمر : ذهب نوره وتغير إلى السواد . وفي الحديث عن جابر - رضي الله عنه - قال : انكسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث طويل ، وكذلك رواه أبو عبيد : انكسفت . وكسف الرجل إذا نكس طرفه . وكسفت حاله : ساءت ، وكسفت إذا تغيرت . وكسفت الشمس وخسفت بمعنى واحد ، وقد تكرر في الحديث ذكر الكسوف والخسوف للشمس والقمر فرواه جماعة فيهما بالكاف ، ورواه جماعة فيهما بالخاء ، ورواه جماعة في الشمس بالكاف وفي القمر بالخاء ، وكلهم رووا أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ، والكثير في اللغة وهو اختيار الفراء أن يكون الكسوف للشمس والخسوف للقمر ؛ يقال : كسفت الشمس وكسفها الله وانكسفت ، وخسف القمر وخسفه الله وانخسف ، وورد في طريق آخر : إن الشمس والقمر لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته ، قال ابن الأثير : خسف القمر بوزن فعل إذا كان الفعل له ، وخسف على ما لم يسم فاعله ، قال : وقد ورد الخسوف في الحديث كثيرا للشمس والمعروف لها في اللغة الكسوف لا الخسوف ، قال : فأما إطلاقه في مثل هذا فتغليبا للقمر لتذكيره على تأنيث الشمس يجمع بينهما فيما يخص القمر ، وللمعارضة أيضا لما جاء في الرواية الأولى لا ينكسفان ، قال : وأما إطلاق الخسوف على الشمس منفردة فلاشتراك الخسوف والكسوف في معنى ذهاب نورهما وإظلامهما . والانخساف : مطاوع خسفته [ ص: 68 ] فانخسف ، وقد تقدم عامة ذلك في خسف . أبو زيد : كسفت الشمس إذا اسودت بالنهار ، وكسفت الشمس النجوم إذا غلب ضوءها على النجوم فلم يبد منها شيء ، فالشمس حينئذ كاسفة النجوم ، يتعدى ولا يتعدى ؛ قال جرير :


فالشمس طالعة ليست بكاسفة تبكي عليك ، نجوم الليل والقمرا



قال : ومعناه أنها طالعة تبكي عليك ولم تكسف ضوء النجوم ولا القمر ؛ لأنها في طلوعها خاشعة باكية لا نور لها ، قال : وكذلك كسف القمر إلا أن الأجود فيه أن يقال خسف القمر ، والعامة تقول انكسفت الشمس ؛ قال : وتقول خشعت الشمس وكسفت وخسفت بمعنى واحد ؛ وروى الليث البيت :


الشمس كاسفة ليست بطالعة     تبكي عليك نجوم الليل والقمرا



فقال : أراد ما طلع نجم وما طلع قمر ، ثم صرفه فنصبه ، وهذا كما تقول : لا آتيك مطر السماء أي ما مطرت السماء ، وطلوع الشمس أي ما طلعت الشمس ، ثم صرفته فنصبته . وقال شمر : سمعت ابن الأعرابي يقول

تبكي عليك نجوم الليل والقمرا

أي ما دامت النجوم والقمر ، وحكي عن الكسائي مثله ، قال : وقلت للفراء : إنهم يقولون فيه إنه على معنى المغالبة باكيته فبكيته فالشمس تغلب النجوم بكاء ، فقال : إن هذا الوجه حسن ، فقلت : ما هذا بحسن ولا قريب منه . وكسف باله يكسف إذا حدثته نفسه بالشر ، وأكسفه الحزن ، قال أبو ذؤيب :


يرمي الغيوب بعينيه ومطرفه     مغض ، كما كسف المستأخذ الرمد



وقيل : كسوف باله أن يضيق عليه أمله . ورجل كاسف البال أي سيء الحال . ورجل كاسف الوجه : عابسه من سوء الحال ؛ يقال : عبس في وجهي وكسف كسوفا . والكسوف في الوجه : الصفرة والتغير . ورجل كاسف : مهموم قد تغير لونه وهزل من الحزن . وفي المثل : أكسفا وإمساكا ؟ أي أعبوسا مع بخل . والتكسيف : التقطيع . وكسف الشيء يكسفه كسفا وكسفه ، كلاهما : قطعه ، وخص بعضهم به الثوب والأديم . والكسف والكسفة والكسيفة : القطعة مما قطعت . وفي الحديث : أنه جاء بثريدة كسف أي خبز مكسر ، وهي جمع كسفة للقطعة من الشيء . وفي حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه : قال بعضهم رأيته وعليه كساف أي قطعة ثوب ؛ قال ابن الأثير : وكأنها جمع كسفة أو كسف . وكسف السحاب وكسفه : قطعه ، وقيل : إذا كانت عريضة فهي كسف . وفي التنزيل : وإن يروا كسفا من السماء الفراء في قوله تعالى : أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا ، قال : الكسف والكسف وجهان ، والكسف : الجماع ، قال : وسمعت أعرابيا يقول : أعطني كسفة من ثوبك يريد قطعة ، كقولك خرقة ، وكسف فعل ، وقد يكون الكسف جماعا للكسفة مثل عشبة وعشب ؛ وقال الزجاج : قرئ كسفا وكسفا ، فمن قرأ كسفا جعلها جمع كسفة وهي القطعة ، ومن قرأ كسفا جعله واحدا ، قال : أو تسقطها طبقا علينا ، واشتقاقه من كسفت الشيء إذا غطيته . وسئل أبو الهيثم عن قولهم كسفت الثوب أي قطعته ، فقال : كل شيء قطعته فقد كسفته . أبو عمرو : يقال لخرق القميص قبل أن تؤلف الكسف والكيف والحذف ، واحدتها كسفة وكيفة وحذفة . ابن السكيت : يقال : كسف أمله فهو كاسف إذا انقطع رجاؤه مما كان يأمل ولم ينبسط ، وكسف باله يكسف حدثته نفسه بالشر . والكسف : قطع العرقوب ، وهو مصدر كسفت البعير إذا قطعت عرقوبه . وكسف عرقوبه يكسفه كسفا : قطع عصبته دون سائر الرجل . ويقال : استدبر فرسه فكسف عرقوبيه . وفي الحديث : أن صفوان كسف عرقوب راحلته أي قطعه بالسيف .

التالي السابق


الخدمات العلمية