صفحة جزء
كفأ

كفأ : كافأه على الشيء مكافأة وكفاء : جازاه . تقول : ما لي به قبل ولا كفاء أي ما لي به طاقة على أن أكافئه . وقول حسان بن ثابت :


وروح القدس ليس له كفاء



أي جبريل - عليه السلام - ليس له نظير ولا مثيل . وفي الحديث : فنظر إليهم فقال : من يكافئ هؤلاء . وفي حديث الأحنف : لا أقاوم من لا كفاء له يعني الشيطان . ويروى : لا أقاول . والكفيء : النظير ، وكذلك الكفء ، والكفوء ، على فعل وفعول . والمصدر الكفاءة ، بالفتح والمد . وتقول : لا كفاء له ، بالكسر ، وهو في الأصل مصدر ، أي لا نظير له ، والكفء : النظير والمساوي . ومنه الكفاءة في النكاح ، وهو أن يكون الزوج مساويا للمرأة في حسبها ودينها ونسبها وبيتها وغير ذلك . وتكافأ الشيئان : تماثلا . وكافأه مكافأة وكفاء : ماثله . ومن كلامهم : الحمد لله كفاء الواجب أي قدر ما يكون مكافئا له . والاسم : الكفاءة والكفاء . قال :


فأنكحها ، لا في كفاء ولا غنى     زياد ، أضل الله سعي زياد



وهذا كفاء هذا وكفأته وكفيئه وكفؤه وكفؤه وكفؤه ، بالفتح عن كراع ، أي مثله ، يكون هذا في كل شيء . قال أبو زيد : سمعت امرأة من عقيل وزوجها يقرآن : ( لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفى أحد ) فألقى الهمزة وحول حركتها على الفاء . وقال الزجاج : في قوله تعالى : ( ولم يكن له كفؤا أحد ) أربعة أوجه القراءة ، منها ثلاثة : كفؤا ، بضم الكاف والفاء ، وكفأ بضم الكاف وإسكان الفاء ، وكفأ ، بكسر الكاف وسكون الفاء ، وقد قرئ بها ، وكفاء ، بكسر الكاف والمد ولم يقرأ بها . ومعناه : لم يكن أحد مثلا لله ، تعالى ذكره . ويقال : فلان كفيء فلان وكفؤ فلان . وقد قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر والكسائي وعاصم كفؤا ، مثقلا مهموزا . وقرأ حمزة كفأ ، بسكون الفاء مهموزا ، وإذا وقف قرأ كفا ، بغير همز . واختلف عن نافع فروي عنه : كفؤا ، مثل أبي عمرو ، وروي : كفأ ، مثل حمزة . والتكافؤ : الاستواء . وفي حديث النبي - صلى الله عليه وسلم : المسلمون تتكافأ دماؤهم . قال أبو عبيد : يريد تتساوى في الديات والقصاص ، فليس لشريف على وضيع فضل في ذلك . وفلان كفء فلانة إذا كان يصلح لها بعلا ، والجمع من كل ذلك : أكفاء . قال ابن سيده : ولا أعرف للكفء جمعا على أفعل ولا فعول . وحري أن يسعه ذلك ، أعني أن يكون أكفاء جمع كفء ، المفتوح الأول أيضا . وشاتان مكافأتان : مشتبهتان ، عن ابن الأعرابي . وفي حديث العقيقة عن الغلام : شاتان مكافئتان أي : متساويتان في السن أي لا يعق عنه إلا بمسنة ، وأقله أن يكون جذعا ، كما يجزئ في الضحايا . وقيل : مكافئتان أي مستويتان أو متقاربتان . واختار الخطابي الأول ، قال : واللفظة مكافئتان ، بكسر الفاء ، يقال : كافأه يكافئه فهو مكافئه أي مساويه . قال : والمحدثون يقولون مكافأتان ، بالفتح . قال : وأرى الفتح أولى لأنه يريد شاتين قد سوي بينهما أي مساوى بينهما . قال : وأما بالكسر فمعناه أنهما مساويتان ، فيحتاج أن يذكر أي شيء ساويا ، وإنما لو قال متكافئتان كان الكسر أولى . وقال الزمخشري : لا فرق بين المكافئتين والمكافأتين ؛ لأن كل واحدة إذا كافأت أختها فقد كوفئت ، فهي مكافئة ومكافأة ، أو يكون معناه : معادلتان ، لما يجب في الزكاة والأضحية من الأسنان . قال : ويحتمل مع الفتح أن يراد مذبوحتان ، من كافأ الرجل بين البعيرين إذا نحر هذا ثم هذا معا من غير تفريق ؛ كأنه يريد شاتين يذبحهما في وقت واحد . وقيل : تذبح إحداهما مقابلة الأخرى ، وكل شيء ساوى شيئا ، حتى يكون مثله ، فهو مكافئ له . والمكافأة بين الناس من هذا . يقال : كافأت الرجل أي فعلت به مثل ما فعل بي . ومنه الكفء من الرجال للمرأة ، تقول : إنه مثلها في حسبها . وأما قوله - صلى الله عليه وسلم : لا تسأل المرأة طلاق أختها لتكتفئ ما في صحفتها فإنما لها ما كتب لها . فإن معنى قوله : لتكتفئ : تفتعل ، من كفأت القدر وغيرها إذا كببتها لتفرغ ما فيها ؛ والصحفة : القصعة . وهذا مثل لإمالة الضرة حق صاحبتها من زوجها إلى نفسها إذا سألت طلاقها ليصير حق الأخرى كله من زوجها لها . ويقال : كافأ الرجل بين فارسين برمحه إذا والى بينهما فطعن هذا ثم هذا . قال الكميت :


نحر المكافئ والمكثور يهتبل



والمكثور : الذي غلبه الأقران بكثرتهم . يهتبل : يحتال للخلاص . ويقال : بنى فلان ظلة يكافئ بها عين الشمس ليتقي حرها . قال أبو ذر - رضي الله عنه - في حديثه : ولنا عباءتان نكافئ بهما عنا عين الشمس أي نقابل بهما الشمس وندافع ، من المكافأة : المقاومة ، وإني لأخشى فضل الحساب . وكفأ الشيء والإناء يكفؤه كفأ وكفأه فتكفأ ، وهو مكفوء ، واكتفأه مثل كفأه : قلبه . قال بشر بن أبي خازم :


وكأن ظعنهم غداة تحملوا     سفن تكفأ في خليج مغرب



وهذا البيت بعينه استشهد به الجوهري على تكفأت المرأة في مشيتها : ترهيأت ومادت ، كما تتكفأ النخلة العيدانة . الكسائي : كفأت الإناء إذا كببته ، وأكفأ الشيء : أماله ، لغية ، وأباها الأصمعي . ومكفئ الظعن : آخر أيام العجوز . والكفأ : أيسر الميل في السنام ونحوه ؛ جمل أكفأ وناقة كفآء . ابن شميل : سنام أكفأ وهو الذي مال على أحد جنبي البعير ، وناقة كفآء وجمل أكفأ ، وهو من أهون [ ص: 81 ] عيوب البعير لأنه إذا سمن استقام سنامه . وكفأت الإناء : كببته . وأكفأ الشيء : أماله ، ولهذا قيل : أكفأت القوس إذا أملت رأسها ولم تنصبها نصبا حتى ترمي عنها . غيره : وأكفأ القوس : أمال رأسها ولم ينصبها نصبا حين يرمي عليها . قال ذو الرمة :


قطعت بها أرضا ترى وجه ركبها     إذا ما علوها مكفأ غير ساجع



أي ممالا غير مستقيم . والساجع : القاصد المستوي المستقيم . والمكفأ : الجائر ، يعني جائرا غير قاصد ؛ ومنه السجع في القول . وفي حديث الهرة : أنه كان يكفئ لها الإناء أي : يميله لتشرب منه بسهولة . وفي حديث الفرعة : خير من أن تذبحه يلصق لحمه بوبره ، وتكفئ إناءك ، وتوله ناقتك أي : تكب إناءك لأنه لا يبقى لك لبن تحلبه فيه . وتوله ناقتك أي تجعلها والهة بذبحك ولدها . وفي حديث الصراط : آخر من يمر رجل يتكفأ به الصراط أي : يتميل ويتقلب . وفي حديث دعاء الطعام : غير مكفإ ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا أي غير مردود ولا مقلوب ، والضمير راجع إلى الطعام . وفي رواية : غير مكفي ، من الكفاية ، فيكون من المعتل . يعني : أن الله تعالى هو المطعم والكافي ، وهو غير مطعم ولا مكفي ، فيكون الضمير راجعا إلى الله عز وجل . وقوله : ولا مودع أي غير متروك الطلب إليه والرغبة فيما عنده . وأما قوله : ربنا ، فيكون على الأول منصوبا على النداء المضاف بحذف حرف النداء ، وعلى الثاني مرفوعا على الابتداء المؤخر ، أي ربنا غير مكفي ولا مودع ، ويجوز أن يكون الكلام راجعا إلى الحمد كأنه قال : حمدا كثيرا مباركا فيه غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه أي عن الحمد . وفي حديث الضحية : ثم انكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما أي مال ورجع . وفي الحديث : فأضع السيف في بطنه ثم أنكفئ عليه . وفي حديث القيامة : وتكون الأرض خبزة واحدة يكفؤها الجبار بيده كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر . وفي رواية : يتكفؤها ، يريد الخبزة التي يصنعها المسافر ويضعها في الملة ، فإنها لا تبسط كالرقاقة ، وإنما تقلب على الأيدي حتى تستوي . وفي حديث صفة النبي - صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا مشى تكفى تكفيا . التكفي : التمايل إلى قدام كما تتكفأ السفينة في جريها . قال ابن الأثير : روي مهموزا وغير مهموز . قال : والأصل ، الهمز لأن مصدر تفعل من الصحيح تفعل كتقدم تقدما ، وتكفأ تكفؤا ، والهمزة حرف صحيح ، فأما إذا اعتل انكسرت عين المستقبل منه نحو تحفى تحفيا ، وتسمى تسميا ، فإذا خففت الهمزة التحقت بالمعتل وصار تكفيا بالكسر . وكل شيء أملته فقد كفأته ، وهذا كما جاء أيضا : أنه كان إذا مشى كأنه ينحط في صبب . وكذلك قوله : إذا مشى تقلع ، وبعضه موافق بعضا ومفسره . وقال ثعلب في تفسير قوله : كأنما ينحط في صبب : أراد أنه قوي البدن ، فإذا مشى فكأنما يمشي على صدور قدميه من القوة ، وأنشد :


الواطئين على صدور نعالهم     يمشون في الدفئي والأبراد



والتكفي في الأصل مهموز فترك همزه ، ولذلك جعل المصدر تكفيا . وأكفأ في سيره : جار عن القصد . وأكفأ في الشعر : خالف بين ضروب إعراب قوافيه ، وقيل : المخالفة بين هجاء قوافيه ، إذا تقاربت مخارج الحروف أو تباعدت . وقال بعضهم : الإكفاء في الشعر هو المعاقبة بين الراء واللام ، والنون والميم . قال الأخفش : زعم الخليل أن الإكفاء هو الإقواء ، وسمعته من غيره من أهل العلم . قال : وسألت العرب الفصحاء عن الإكفاء ، فإذا هم يجعلونه الفساد في آخر البيت والاختلاف من غير أن يحدوا في ذلك شيئا ، إلا أني رأيت بعضهم يجعله اختلاف الحروف ، فأنشدته :


كأن فا قارورة لم تعفص     منها ، حجاجا مقلة لم تلخص


كأن صيران المها المنقز



فقال : هذا هو الإكفاء . قال : وأنشد آخر قوافي على حروف مختلفة ، فعابه ، ولا أعلمه إلا قال له : قد أكفأت . وحكى الجوهري عن الفراء : أكفأ الشاعر إذا خالف بين حركات الروي ، وهو مثل الإقواء . قال ابن جني : إذا كان الإكفاء في الشعر محمولا على الإكفاء في غيره ، وكان وضع الإكفاء إنما هو للخلاف ووقوع الشيء على غير وجهه ، لم ينكر أن يسموا به الإقواء في اختلاف حروف الروي جميعا ؛ لأن كل واحد منهما واقع على غير استواء . قال الأخفش : إلا أني رأيتهم ، إذا قربت مخارج الحروف ، أو كانت من مخرج واحد ، ثم اشتد تشابهها ، لم تفطن لها عامتهم ، يعني عامة العرب . وقد عاب الشيخ أبو محمد بن بري على الجوهري قوله : الإكفاء في الشعر أن يخالف بين قوافيه ، فيجعل بعضها ميما وبعضها طاء ، فقال : صواب هذا أن يقول وبعضها نونا لأن الإكفاء إنما يكون في الحروف المتقاربة في المخرج ، وأما الطاء فليست من مخرج الميم . والمكفأ في كلام العرب هو المقلوب ، وإلى هذا يذهبون . قال الشاعر :


ولما أصابتني من الدهر نزلة     شغلت وألهى الناس عني شؤونها
إذا الفارغ المكفي منهم دعوته     أبر وكانت دعوة يستديمها



فجمع الميم مع النون لشبهها بها لأنهما يخرجان من الخياشيم . قال : وأخبرني من أثق به من أهل العلم أن ابنة أبي مسافع قالت ترثي أباها ، وقتل ، وهو يحمي جيفة أبي جهل بن هشام :


وما ليث غريف ذو     أظافير وإقدام
كحبي إذ تلاقوا و     وجوه القوم أقران
وأنت الطاعن النجلا     ء منها مزبد آن
وبالكف حسام صا     رم ، أبيض خدام
وقد ترحل بالركب     فما تخني بصحبان



قال : جمعوا بين الميم والنون لقربهما وهو كثير . قال : وقد سمعت من العرب مثل هذا ما لا أحصي . قال الأخفش : وبالجملة فإن الإكفاء المخالفة . وقال في قوله : مكفأ غير ساجع : المكفأ ها هنا : [ ص: 82 ] الذي ليس بموافق . وفي حديث النابغة أنه كان يكفئ في شعره : هو أن يخالف بين حركات الروي رفعا ونصبا وجرا . قال : وهو كالإقواء ، وقيل : هو أن يخالف بين قوافيه ، فلا يلزم حرفا واحدا . وكفأ القوم : انصرفوا عن الشيء . وكفأهم عنه كفأ : صرفهم . وقيل : كفأتهم كفأ إذا أرادوا وجها فصرفتهم عنه إلى غيره ، فانكفؤوا أي رجعوا . ويقال : كان الناس مجتمعين فانكفؤوا وانكفتوا إذا انهزموا . وانكفأ القوم : انهزموا . وكفأ الإبل : طردها . واكتفأها : أغار عليها ، فذهب بها . وفي حديث السليك بن السلكة : أصاب أهليهم وأموالهم ، فاكتفأها . والكفأة والكفأة في النخل : حمل سنتها ، وهو في الأرض زراعة سنة . قال :


غلب مجاليح عند المحل كفأتها     أشطانها ، في عذاب البحر ، تستبق



أراد به النخيل ، وأراد بأشطانها عروقها ؛ والبحر ها هنا : الماء الكثير ؛ لأن النخيل لا تشرب في البحر . أبو زيد يقال : استكفأت فلانا نخلة إذا سألته ثمرها سنة ، فجعل للنخل كفأة ، وهو ثمر سنتها شبهت بكفأة الإبل . واستكفأت فلانا إبله أي سألته نتاج إبله سنة فأكفأنيها أي أعطاني لبنها ووبرها وأولادها منه . والاسم : الكفأة والكفأة ، تضم وتفتح . تقول : أعطني كفأة ناقتك وكفأة ناقتك . غيره : كفأة الإبل وكفأتها : نتاج عام . ونتج الإبل كفأتين . وأكفأها إذا جعلها كفأتين ، وهو أن يجعلها نصفين ينتج كل عام نصفا ، ويدع نصفا ، كما يصنع بالأرض بالزراعة ، فإذا كان العام المقبل أرسل الفحل في النصف الذي لم يرسله فيه من العام الفارط ؛ لأن أجود الأوقات عند العرب ، في نتاج الإبل أن تترك الناقة بعد نتاجها سنة لا يحمل عليها الفحل ، ثم تضرب إذا أرادت الفحل . وفي الصحاح : لأن أفضل النتاج أن تحمل على الإبل الفحولة عاما ، وتترك عاما ، كما يصنع بالأرض في الزراعة ؛ وأنشد قول ذي الرمة :


ترى كفأتيها تنفضان ولم يجد     لها ثيل سقب في النتاجين لامس



وفي الصحاح : كلا كفأتيها يعني : أنها نتجت كلها إناثا ، وهو محمود عندهم . وقال كعب بن زهير :


إذا ما نتجنا أربعا عام كفأة     بغاها خناسيرا ، فأهلك أربعا



الخناسير : الهلاك . وقيل : الكفأة والكفأة : نتاج الإبل بعد حيال سنة . وقيل : بعد حيال سنة وأكثر . يقال من ذلك : نتج فلان إبله كفأة وكفأة ، وأكفأت في الشاء : مثله في الإبل . وأكفأت الإبل : كثر نتاجها . وأكفأ إبله وغنمه فلانا : جعل له أوبارها وأصوافها وأشعارها وألبانها وأولادها . وقال بعضهم : منحه كفأة غنمه وكفأتها : وهب له ألبانها وأولادها وأصوافها سنة ورد عليه الأمهات . ووهبت له كفأة ناقتي وكفأتها ، تضم وتفتح ، إذا وهبت له ولدها ولبنها ووبرها سنة . واستكفأه ، فأكفأه : سأله أن يجعل له ذلك . أبو زيد : استكفأ زيد عمرا ناقته إذا سأله أن يهبها له وولدها ووبرها سنة . وروي عن الحارث بن أبي الحارث الأزدي من أهل نصيبين : أن أباه اشترى معدنا بمائة شاة متبع ، فأتى أمه ، فاستأمرها ، فقالت : إنك اشتريته بثلثمائة شاة : أمها مائة ، وأولادها مائة شاة ، وكفأتها مائة شاة ، فندم فاستقال صاحبه فأبى أن يقيله ، فقبض المعدن فأذابه ، وأخرج منه ثمن ألف شاة ، فأثى به صاحبه إلى علي - كرم الله وجهه - فقال : إن أبا الحارث أصاب ركازا ، فسأله علي - كرم الله وجهه - فأخبره أنه اشتراه بمائة شاة متبع . فقال علي : ما أرى الخمس إلا على البائع فأخذ الخمس من الغنم أراد بالمتبع : التي يتبعها أولادها . وقوله أثى به أي وشى به وسعى به ، يأثوا أثوا . والكفأة أصلها في الإبل : وهو أن تجعل الإبل قطعتين يراوح بينهما في النتاج ، وأنشد شمر :


قطعت إبلي كفأتين ثنتين     قسمتها بقطعتين نصفين
أنتج كفأتيهما في عامين     أنتج عاما ذي وهذي يعفين
وأنتج المعفى من القطعتين     من عامنا الجائي وتيك يبقين



قال أبو منصور : لم يزد شمر على هذا التفسير . والمعنى : أن أم الرجل جعلت كفأة مائة شاة في كل نتاج مائة . ولو كانت إبلا كان كفأة مائة من الإبل خمسين ؛ لأن الغنم يرسل الفحل فيها وقت ضرابها أجمع ، وتحمل أجمع ، وليست مثل الإبل يحمل عليها سنة ، وسنة لا يحمل عليها . وأرادت أم الرجل تكثير ما اشترى به ابنها ، وإعلامه أنه غبن فيما ابتاع ، ففطنته أنه كأنه اشترى المعدن بثلثمائة شاة ، فندم الابن واستقال بائعه ، فأبى ، وبارك الله له في المعدن ، فحسده البائع على كثرة الربح ، وسعى به إلى علي - رضي الله عنه - ليأخذ منه الخمس ، فألزم الخمس البائع ، وأضر الساعي بنفسه في سعايته بصاحبه إليه . والكفاء بالكسر والمد : سترة في البيت من أعلاه إلى أسفله من مؤخره . وقيل : الكفاء الشقة التي تكون في مؤخر الخباء . وقيل : هو شقة أو شقتان ينصح إحداهما بالأخرى ثم يحمل به مؤخر الخباء . وقيل : هو كساء يلقى على الخباء كالإزار حتى يبلغ الأرض . وقد أكفأ البيت إكفاء ، وهو مكفأ ، إذا عملت له كفاء . وكفاء البيت : مؤخره . وفي حديث أم معبد : رأى شاة في كفاء البيت هو من ذلك ، والجمع أكفئة ، كحمار وأحمرة . ورجل مكفأ الوجه : متغيره ساهمه . ورأيت فلانا مكفأ الوجه إذا رأيته كاسف اللون ساهما . ويقال : رأيته متكفئ اللون ومنكفت اللون أي متغير اللون . وفي حديث عمر - رضي الله عنه : أنه انكفأ لونه عام الرمادة أي تغير لونه عن حاله . ويقال : أصبح فلان كفيء اللون متغيره ، كأنه كفئ ، فهو مكفوء وكفيء . قال دريد بن الصمة :


وأسمر من قداح النبع فرع     كفيء اللون من مس وضرس



أي متغير اللون من كثرة ما مسح وعض . وفي حديث الأنصاري : ما لي أرى لونك منكفئا ؟ قال : من الجوع . وقوله في الحديث : كان لا يقبل الثناء إلا من مكافئ . قال القتيبي : معناه إذا أنعم على رجل نعمة فكافأه بالثناء عليه قبل ثناءه ، وإذا أثنى قبل أن ينعم عليه لم يقبلها . قال ابن الأثير ، وقال ابن الأنباري : هذا غلط ، إذا كان أحد لا [ ص: 83 ] ينفك من إنعام النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن الله عز وجل ، بعثه رحمة للناس كافة ، فلا يخرج منها مكافئ ولا غير مكافئ ، والثناء عليه فرض لا يتم الإسلام إلا به . وإنما المعنى : أنه لا يقبل الثناء عليه إلا من رجل يعرف حقيقة إسلامه ، ولا يدخل عنده في جملة المنافقين الذين يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم . قال : وقال الأزهري : وفيه قول ثالث : إلا من مكافئ أي مقارب غير مجاوز حد مثله ، ولا مقصر عما رفعه الله إليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية