صفحة جزء
كفي

كفي : الليث : كفى يكفي كفاية إذا قام بالأمر . ويقال : استكفيته أمرا فكفانيه . ويقال : كفاك هذا الأمر أي حسبك ، وكفاك هذا الشيء . وفي الحديث : من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه أي أغنتاه عن قيام الليل ، وقيل : إنهما أقل ما يجزئ من القراءة في قيام الليل ، وقيل : تكفيان الشر وتقيان من المكروه . وفي الحديث : سيفتح الله عليكم ويكفيكم الله أي يكفيكم القتال بما فتح عليكم . والكفاة : الخدم الذين يقومون بالخدمة ، جمع كاف . وكفى الرجل كفاية ، فهو كاف وكفى مثل حطم ؛ عن ثعلب ، واكتفى ، كلاهما : اضطلع ، وكفاه ما أهمه كفاية وكفاه مؤونته كفاية ، وكفاك الشيء يكفيك واكتفيت به . أبو زيد : هذا رجل كافيك من رجل وناهيك من رجل وجازيك من رجل وشرعك من رجل كله بمعنى واحد . وكفيته ما أهمه . وكافيته : من المكافاة ، ورجوت مكافاتك . ورجل كاف وكفي : مثل سالم وسليم . ابن سيده : ورجل كافيك من رجل ، وكفيك من رجل ، وكفى به رجلا . قال : وحكى ابن الأعرابي : كفاك بفلان وكفيك به وكفاك مكسور ، مقصور ، وكفاك مضموم مقصور أيضا ؛ قال : ولا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث . التهذيب : تقول رأيت رجلا كافيك من رجل ، ورأيت رجلين كافيك من رجلين ، ورأيت رجالا كافيك من رجال ، معناه كفاك به رجلا . الصحاح : وهذا رجل كافيك من رجل ، ورجلان كافياك من رجلين ، ورجال كافوك من رجال ، وكفيك بتسكين الفاء أي حسبك ؛ وأنشد ابن بري في هذا الموضع لجثامة الليثي :


سلي عني بني ليث بن بكر كفى قومي بصاحبهم خبيرا     هل اعفو عن أصول الحق فيهم
إذا عرضت وأقتطع الصدورا



وقال أبو إسحاق الزجاج في قوله عز وجل : وكفى بالله وليا ، وما أشبهه في القرآن : معنى الباء للتوكيد ، المعنى كفى الله وليا إلا أن الباء دخلت في اسم الفاعل ؛ لأن معنى الكلام الأمر ، المعنى اكتفوا بالله وليا ، قال : ووليا منصوب على الحال ، وقيل : على التمييز . وقال في قوله سبحانه : أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد معناه أولم يكف ربك أولم تكفهم شهادة ربك ، ومعنى الكفاية ها هنا أنه قد بين لهم ما فيه كفاية في الدلالة على توحيده ، وفي حديث ابن مريم : فأذن لي إلى أهلي بغير كفي ؛ أي بغير من يقوم مقامي . يقال : كفاه الأمر إذا قام فيه مقامه . وفي حديث الجارود : وأكفي من لم يشهد أي أقوم بأمر من لم يشهد الحرب وأحارب عنه ؛ فأما قول الأنصاري :


فكفى بنا فضلا على من غيرنا     حب النبي محمد إيانا



فإنما أراد فكفانا ، فأدخل الباء على المفعول ، وهذا شاذ إذ الباء في مثل هذا إنما تدخل على الفاعل كقولك كفى بالله ؛ وقوله :


إذا لاقيت قومي فاسأليهم     كفى قوما بصاحبهم خبيرا



هو من المقلوب ، ومعناه كفى بقوم خبيرا صاحبهم ، فجعل الباء في الصاحب ، وموضعها أن تكون في قوم وهم الفاعلون في المعنى ؛ وأما زيادتها في الفاعل فنحو قولهم : كفى بالله ، وقوله تعالى : وكفى بنا حاسبين ، إنما هو كفى الله وكفانا كقول سحيم :


كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا



فالباء وما عملت في موضع مرفوع بفعله ، كقولك ما قام من أحد ، فالجار والمجرور هنا في موضع اسم مرفوع بفعله ، ونحوه قولهم في التعجب : أحسن بزيد ، فالباء وما بعدها في موضع مرفوع بفعله ، ولا ضمير في الفعل ، وقد زيدت أيضا في خبر لكن لشبهه بالفاعل ؛ قال :


ولكن أجرا لو فعلت بهين     وهل يعرف المعروف في الناس والأجر



أراد : ولكن أجرا لو فعلته هين ، وقد يجوز أن يكون معناه ولكن أجرا لو فعلته بشيء هين أي أنت تصلين إلى الأجر بالشيء الهين ، كقولك : وجوب الشكر بالشيء الهين ، فتكون الباء على هذا غير زائدة ، وأجاز محمد بن السري أن يكون قوله : كفى بالله ، تقديره كفى اكتفاؤك بالله أي اكتفاؤك بالله يكفيك ؛ قال ابن جني : وهذا يضعف عندي لأن الباء على هذا متعلقة بمصدر محذوف ، وهو الاكتفاء ، ومحال حذف الموصول وتبقية صلته ، قال : وإنما حسنه عندي قليلا أنك قد ذكرت كفى فدل على الاكتفاء لأنه من لفظه ، كما تقول : من كذب كان شرا له ، فأضمرته لدلالة الفعل عليه ، فها هنا أضمر اسما كاملا وهو الكذب ، وهناك أضمر اسما وبقي صلته التي هي بعضه ، فكان بعض الاسم مضمرا وبعضه مظهرا ، قال : فلذلك ضعف عندي ، قال : والقول في هذا قول سيبويه من أنه يريد كفى الله ، كقولك : وكفى الله المؤمنين القتال ؛ ويشهد بصحة هذا المذهب ما حكي عنهم من قولهم مررت بأبيات جاد بهن أبيات وجدن أبياتا ، فقوله بهن في موضع رفع ، والباء زائدة كما ترى . قال أخبرني بذلك محمد بن الحسن قراءة عليه عن أحمد بن يحيى أن الكسائي حكى ذلك عنهم ؛ قال : ووجدت مثله للأخطل وهو قوله :


[ ص: 94 ] فقلت اقتلوها عنكم بمزاجها     وحب بها مقتولة حين تقتل !



فقوله بها في موضع رفع بحب ؛ قال ابن جني : وإنما جاز عندي زيادة الباء في خبر المبتدإ لمضارعته للفاعل باحتياج المبتدإ إليه كاحتياج الفعل إلى فاعله . والكفية ، بالضم : ما يكفيك من العيش ، وقيل : الكفية القوت ، وقيل : هو أقل من القوت ، والجمع الكفى . ابن الأعرابي : الكفى الأقوات ، واحدتها كفية . ويقال : فلان لا يملك كفى يومه على ميزان هذا أي قوت يومه ؛ وأنشد ثعلب :


ومختبط لم يلق من دوننا كفى     وذات رضيع لم ينمها رضيعها



قال : يكون كفى جمع كفية ، وهو أقل من القوت ، كما تقدم ، ويجوز أن يكون أراد كفاة ثم أسقط الهاء ، ويجوز أن يكون من قولهم رجل كفي أي كاف . والكفي : بطن الوادي ؛ عن كراع ، والجمع الأكفاء . ابن سيده : الكفو النظير لغة في الكفء ، وقد يجوز أن يريدوا به الكفؤ فيخففوا ثم يسكنوا .

التالي السابق


الخدمات العلمية