صفحة جزء
كلل

كلل : الكل : اسم يجمع الأجزاء ، يقال : كلهم منطلق وكلهن منطلقة ومنطلق ، الذكر والأنثى في ذلك سواء ، وحكى سيبويه : كلتهن منطلقة ، وقال : العالم كل العالم ، يريد بذلك التناهي وأنه قد بلغ الغاية فيما يصفه به من الخصال . وقولهم : أخذت كل المال وضربت كل القوم ، فليس الكل هو ما أضيف إليه . قال أبو بكر بن السيرافي : إنما الكل عبارة عن أجزاء الشيء ، فكما جاز أن يضاف الجزء إلى الجملة جاز أن تضاف الأجزاء كلها إليها ، فأما قوله تعالى : وكل أتوه داخرين كل له قانتون فمحمول على المعنى دون اللفظ ، وكأنه إنما حمل عليه هنا لأن كلا فيه غير مضافة ، فلما لم تضف إلى جماعة عوض من ذلك ذكر الجماعة في الخبر ، ألا ترى أنه لو قال : له قانت ، لم يكن فيه لفظ الجمع البتة ، ولما قال سبحانه : وكلهم آتيه يوم القيامة فردا فجاء بلفظ الجماعة مضافا إليها ، استغنى عن ذكر الجماعة في الخبر ؟ الجوهري : كل لفظه واحد ومعناه جمع ، قال : فعلى هذا تقول كل حضر وكل حضروا ، على اللفظ مرة وعلى المعنى أخرى ، وكل وبعض معرفتان ، ولم يجئ عن العرب بالألف واللام ، وهو جائز لأن فيهما معنى الإضافة ، أضفت أو لم تضف . التهذيب : الليث ، ويقال في قولهم كلا الرجلين إن اشتقاقه من كل القوم ، ولكنهم فرقوا بين التثنية والجمع بالتخفيف والتثقيل ، قال أبو منصور وغيره من أهل اللغة : لا تجعل كلا من باب كلا وكلتا واجعل كل واحد منهما على حدة ، قال : وأنا مفسر كلا وكلتا في الثلاثي المعتل ، إن شاء الله تعالى ، قال : وقال أبو الهيثم فيما أفادني عنه المنذري : تقع كل على اسم منكور موحد فتؤدي معنى الجماعة كقولهم : ما كل بيضاء شحمة ولا كل سوداء تمرة ، وتمرة جائز أيضا ، إذا كررت ما في الإضمار . وسئل أحمد بن يحيى عن قوله عز وجل : فسجد الملائكة كلهم أجمعون وعن توكيده بكلهم ثم بأجمعون ، فقال : لما كانت كلهم تحتمل شيئين تكون مرة اسما ومرة توكيدا جاء التوكيد الذي لا يكون إلا توكيدا حسب ؛ وسئل المبرد عنها فقال : لو جاءت فسجد الملائكة احتمل أن يكون سجد بعضهم ، فجاء بقوله كلهم لإحاطة الأجزاء فقيل له : فأجمعون ؟ فقال : لو جاءت كلهم لاحتمل أن يكون سجدوا كلهم في أوقات مختلفات ، فجاءت أجمعون لتدل أن السجود كان منهم كلهم في وقت واحد ، فدخلت كلهم للإحاطة ودخلت أجمعون لسرعة الطاعة . وكل يكل كلا وكلالا وكلالة ؛ الأخيرة عن اللحياني : أعيا . وكللت من المشي أكل كلالا وكلالة أي أعييت ، وكذلك البعير إذا أعيا . وأكل الرجل بعيره أي أعياه . وأكل الرجل أيضا أي كل بعيره . ابن سيده : أكله السير وأكل القوم كلت إبلهم . والكل : قفا السيف والسكين الذي ليس بحاد . وكل السيف والبصر وغيره من الشيء الحديد يكل كلا وكلة وكلالة وكلولة وكلولا وكلل ، فهو كليل وكل : لم يقطع ؛ وأنشد ابن بري في الكلول قول ساعدة :


لشانيك الضراعة والكلول



قال : وشاهد الكلة قول الطرماح :


وذو البث فيه كلة وخشوع



وفي حديث حنين : فما زلت أرى حدهم كليلا كل السيف : لم يقطع . وطرف كليل إذا لم يحقق المنظور . اللحياني : انكل السيف ذهب حده . وقال بعضهم : كل بصره كلولا نبا ، وأكله البكاء وكذلك اللسان ، وقال اللحياني : كلها سواء في الفعل والمصدر ؛ وقول الأسود بن يعفر :


بأظفار له حجن طوال     وأنياب به كانت كلالا


قال ابن سيده : يجوز أن يكون جمع كال كجائع وجياع ونائم ونيام ، وأن يكون جمع كليل كشديد وشداد وحديد وحداد . الليث : الكليل السيف الذي لا حد له . ولسان كليل : ذو كلالة وكلة ، وسيف كليل الحد ، ورجل كليل اللسان ، وكليل الطرف . قال : وناس يجعلون كلاء للبصرة اسما من كل ، على فعلاء ، ولا يصرفونه ، والمعنى أنه موضع تكل فيه الريح عن عملها في غير هذا الموضع . قال رؤبة :


مشتبه الأعلام لماع الخفق     يكل وفد الريح من حيث انخرق



والكل : المصيبة تحدث ، الأصل من كل عنه أي نبا وضعف . والكلالة : الرجل الذي لا ولد له ولا والد . وقال الليث : الكل الرجل الذي لا ولد له ولا والد ، كل الرجل يكل كلالة ، وقيل : ما لم يكن من النسب لحا فهو كلالة . وقالوا : هو ابن عم الكلالة ، وابن عم كلالة وكلالة ، وابن عمي كلالة ، وقيل : الكلالة من تكلل نسبه بنسبك كابن العم ومن أشبهه ، وقيل : هم الإخوة للأم وهو المستعمل . وقال اللحياني : الكلالة من العصبة من ورث معه [ ص: 102 ] الإخوة من الأم ، والعرب تقول : لم يرثه كلالة أي لم يرثه عن عرض بل عن قرب واستحقاق ؛ قال الفرزدق :


ورثتم قناة الملك غير كلالة     عن ابني مناف عبد شمس وهاشم


ابن الأعرابي : الكلالة بنو العم الأباعد . وحكي عن أعرابي أنه قال : مالي كثير ويرثني كلالة متراخ نسبهم ؛ ويقال : هو مصدر من تكلله النسب أي تطرفه كأنه أخذ طرفيه من جهة الولد والوالد وليس له منهما أحد ، فسمي بالمصدر . وفي التنزيل العزيز : وإن كان رجل يورث كلالة ( الآية ) واختلف أهل العربية في تفسير الكلالة فروى المنذري بسنده عن أبي عبيدة أنه قال : الكلالة كل من لم يرثه ولد أو أب أو أخ ونحو ذلك ؛ قال الأخفش : وقال الفراء الكلالة من القرابة ما خلا الوالد والولد ، سمو كلالة لاستدارتهم بنسب الميت الأقرب فالأقرب ، من تكلله النسب إذا استدار به ، قال : وسمعته مرة يقول : الكلالة من سقط عنه طرفاه ، وهما أبوه وولده ، فصار كلا وكلالة أي عيالا على الأصل ، يقول : سقط من الطرفين فصار عيالا عليهم ؛ قال : كتبته حفظا عنه ؛ قال الأزهري : وحديث جابر يفسر لك الكلالة وأنه الوارث لأنه يقول مرضت مرضا أشفيت منه على الموت فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت : إني رجل ليس يرثني إلا كلالة ، أراد أنه لا والد له ولا ولد ، فذكر الله عز وجل الكلالة في سورة النساء في موضعين ، أحدهما قوله : وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فقوله : يورث من ورث يورث لا من أورث يورث ، ونصب كلالة على الحال ، المعنى أن من مات رجلا أو امرأة في حال تكلله نسب ورثته أي لا والد له ولا ولد وله أخ أو أخت من أم فلكل واحد منهما السدس ، فجعل الميت ها هنا كلالة وهو المورث ، وهو في حديث جابر الوارث : فكل من مات ولا والد له ولا ولد فهو كلالة ورثته ، وكل وارث ليس بوالد للميت ولا ولد له فهو كلالة موروثه ، وهذا مشتق من جهة العربية موافق للتنزيل والسنة ، ويجب على أهل العلم معرفته لئلا يلتبس عليهم ما يحتاجون إليه منه ، والموضع الثاني من كتاب الله تعالى في الكلالة قوله : يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك ( الآية ) فجعل الكلالة هاهنا الأخت للأب والأم ، والإخوة للأب والأم ، فجعل للأخت الواحدة نصف ما ترك الميت ، وللأختين الثلثين ، وللإخوة والأخوات جميع المال بينهم ، للذكر مثل حظ الأنثيين ، وجعل للأخ والأخت من الأم ، في الآية الأولى الثلث ، لكل واحد منهما السدس ، فبين بسياق الآيتين أن الكلالة تشتمل على الإخوة للأم مرة ، ومرة على الإخوة والأخوات للأب والأم ؛ ودل قول الشاعر أن الأب ليس بكلالة ، وأن سائر الأولياء من العصبة بعد الولد كلالة ؛ وهو قوله :


فإن أبا المرء أحمى له     ومولى الكلالة لا يغضب



أراد أن أبا المرء أغضب له إذا ظلم ، وموالي الكلالة ، وهم الإخوة والأعمام وبنو الأعمام وسائر القرابات ، لا يغضبون للمرء غضب الأب . أبو الجراح : إذا لم يكن ابن العم لحا وكان رجلا من العشيرة قالوا : هو ابن عمي الكلالة وابن عم كلالة ؛ قال الأزهري : وهذا يدل على أن العصبة وإن بعدوا كلالة ، فافهمه ؛ قال : وقد فسرت لك من آيتي الكلالة وإعرابهما ما تشتفي به ويزيل اللبس عنك ، فتدبره تجده كذلك ؛ قال : قد ثبج الليث ما فسره من الكلالة في كتابه ولم يبين المراد منه ، وقال ابن بري : أعلم أن الكلالة في الأصل هي مصدر كل الميت يكل كلا وكلالة ، فهو كل إذا لم يخلف ولدا ولا والدا يرثانه ، هذا أصلها ، قال : ثم قد تقع الكلالة على العين دون الحدث ، فتكون اسما للميت الموروث ، وإن كانت في الأصل اسما للحدث على حد قولهم : هذا خلق الله أي مخلوق الله ؛ قال : وجاز أن تكون اسما للوارث على حد قولهم : رجل عدل أي عادل ، وماء غور أي غائر ؛ قال : والأول هو اختيار البصريين من أن الكلالة اسم للموروث ، قال : وعليه جاء في التفسير في الآية : إن الكلالة الذي لم يخلف ولدا ولا والدا ، فإذا جعلتها للميت كان انتصابها في الآية على وجهين : أحدهما أن تكون خبر كان تقديره : وإن كان الموروث كلالة أي كلا ليس له ولد ولا والد ، والوجه الثاني أن يكون انتصابها على الحال من الضمير في يورث أي يورث وهو كلالة ، وتكون كان هي التامة التي ليست مفتقرة إلى خبر ، قال : ولا يصح أن تكون الناقصة كما ذكره الحوفي لأن خبرها لا يكون إلا الكلالة ، ولا فائدة في قوله يورث ، والتقدير إن وقع أو حضر رجل يموت كلالة أي يورث وهو كلالة أي كل ، وإن جعلتها للحدث دون العين جاز انتصابها على ثلاثة أوجه : أحدها أن يكون انتصابها على المصدر على تقدير حذف مضاف تقديره يورث وراثة كلالة كما قال الفرزدق :


ورثتم قناة الملك لا عن كلالة



أي : ورثتموها وراثة قرب لا وراثة بعد ؛ وقال عامر بن الطفيل :


وما سودتني عامر عن كلالة     أبى الله أن أسمو بأم ولا أب !



ومنه قولهم : هو ابن عم كلالة أي بعيد النسب ، فإذا أرادوا القرب قالوا : هو ابن عم دنية ، والوجه الثاني أن تكون الكلالة مصدرا واقعا موقع الحال على حد قولهم : جاء زيد ركضا أي راكضا ، وهو ابن عمي دنية أي دانيا ، وابن عمي كلالة أي بعيدا في النسب ، والوجه الثالث أن تكون خبر كان على تقدير حذف مضاف ، تقديره وإن كان الموروث ذا كلالة ؛ قال : فهذه خمسة أوجه في نصب الكلالة : أحدها أن تكون خبر كان ، الثاني أن تكون حالا ، الثالث أن تكون مصدرا على تقدير حذف مضاف ، الرابع أن تكون مصدرا في موضع الحال ، الخامس أن تكون خبر كان على تقدير حذف مضاف ، فهذا هو الوجه الذي عليه أهل البصرة والعلماء باللغة ، أعني أن الكلالة اسم للموروث دون الوارث ، قال : وقد أجاز قوم من أهل اللغة وهم أهل الكوفة ، أن تكون الكلالة اسما للوارث ، واحتجوا في ذلك بأشياء منها قراءة الحسن : وإن كان رجل يورث كلالة ، بكسر الراء ، فالكلالة على ظاهر هذه القراءة هي ورثة الميت ، وهم الإخوة للأم ، [ ص: 103 ] واحتجوا أيضا بقول جابر أنه قال : يا رسول الله إنما يرثني كلالة ، وإذا ثبت حجة هذا الوجه كان انتصاب كلالة أيضا على مثل ما انتصبت في الوجه الخامس من الوجه الأول ، وهو أن تكون خبر كان ويقدر حذف مضاف ليكون الثاني هو الأول ، تقديره : وإن كان رجل يورث ذا كلالة ، كما تقول ذا قرابة ليس فيهم ولد ولا والد ، قال : وكذلك إذا جعلته حالا من الضمير في يورث تقديره ذا كلالة ، قال : وذهب ابن جني في قراءة من قرأ يورث كلالة ويورث كلالة أن مفعولي يورث ويورث محذوفان أي يورث وارثه ماله ، قال : فعلى هذا يبقى كلالة على حاله الأولى التي ذكرتها ، فيكون نصبه على خبر كان أو على المصدر ، ويكون الكلالة للموروث لا للوارث ، قال : والظاهر أن الكلالة مصدر يقع على الوارث وعلى الموروث ، والمصدر قد يقع للفاعل تارة وللمفعول أخرى ، والله أعلم ؛ قال ابن الأثير : الأب والابن طرفان للرجل ، فإذا مات ولم يخلفهما فقد مات عن ذهاب طرفيه ، فسمي ذهاب الطرفين كلالة ، وقيل : كل ما احتف بالشيء من جوانبه فهو إكليل ، وبه سميت ؛ لأن الوراث يحيطون به من جوانبه . والكل : اليتيم ؛ قال :


أكول لمال الكل قبل شبابه     إذا كان عظم الكل غير شديد



والكل : الذي هو عيال وثقل على صاحبه ؛ قال الله تعالى : وهو كل على مولاه أي : عيال . وأصبح فلان مكلا إذا صار ذوو قرابته كلا عليه أي عيالا . وأصبحت مكلا أي ذا قرابات وهم علي عيال . والكال : المعيي ، وقد كل يكل كلالا وكلالة . والكل : العيل والثقل ، الذكر والأنثى في ذلك سواء ، وربما جمع على الكلول في الرجال والنساء ، كل يكل كلولا . ورجل كل : ثقيل لا خير فيه . ابن الأعرابي : الكل الصنم ، والكل الثقيل الروح من الناس ، والكل اليتيم ، والكل الوكيل . وكل الرجل إذا تعب . وكل إذا توكل ؛ قال الأزهري : الذي أراد ابن الأعرابي بقوله الكل الصنم قوله تعالى : ضرب الله مثلا عبدا مملوكا ضربه مثلا للصنم الذي عبدوه وهو لا يقدر على شيء فهو كل على مولاه لأنه يحمله إذا ظعن ويحوله من مكان إلى مكان ، فقال الله تعالى : هل يستوي هذا الصنم الكل ومن يأمر بالعدل ؟ استفهام معناه التوبيخ كأنه قال : لا تسووا بين الصنم الكل وبين الخالق جل جلاله . قال ابن بري : وقال نفطويه في قوله وهو كل على مولاه : هو أسيد بن أبي العيص وهو الأبكم ، قال : وقال ابن خالويه ورأس الكل رئيس اليهود . الجوهري : الكل العيال والثقل . وفي حديث خديجة : كلا إنك لتحمل الكل ، هو ، بالفتح : الثقل من كل ما يتكلف . والكل : العيال ؛ ومنه الحديث : من ترك كلا فإلي وعلي . وفي حديث طهفة : ولا يوكل كلكم أي : لا يوكل إليكم عيالكم وما لم تطيقوه ، ويروى : أكلكم أي لا يفتات عليكم مالكم . وكلل الرجل : ذهب وترك أهله وعياله بمضيعة . وكلل عن الأمر : أحجم . وكلل عليه بالسيف وكلل السبع : حمل . ابن الأعرابي : والكلة أيضا حال الإنسان ، وهي البكلة ، يقال : بات فلان بكلة سوء أي بحال سوء ، قال : والكلة مصدر قولك سيف كليل بين الكلة . ويقال : ثقل سمعه وكل بصره وذرأ سنه . والمكلل : الجاد ، يقال : حمل وكلل أي مضى قدما ولم يخم ؛ وأنشد الأصمعي :


حسم عرق الداء عنه فقضب     تكليلة الليث إذا الليث وثب


قال : وقد يكون كلل بمعنى جبن ، يقال : حمل فما كلل أي فما كذب وما جبن كأنه من الأضداد ؛ وأنشد أبو زيد لجهم بن سبل :


ولا أكلل عن حرب مجلحة     ولا أخدر للملقين بالسلم



وروى المنذري عن أبي الهيثم أنه يقال : إن الأسد يهلل ويكلل ، وإن النمر يكلل ولا يهلل ، وقال : والمكلل الذي يحمل فلا يرجع حتى يقع بقرنه ، والمهلل يحمل على قرنه ثم يحجم فيرجع ؛ وقال النابغة الجعدي :


بكرت تلوم وأمس ما كللتها     ولقد ضللت بذاك أي ضلال



ما : صلة ، كللتها : أي عصيتها . يقال : كلل فلان فلانا أي لم يطعه . وكللته بالحجارة أي علوته بها ؛ وقال :


وفرجه بحصى المعزاء مكلول



والكلة : الصوقعة ، وهي صوفة حمراء في رأس الهودج . وجاء في الحديث : نهى عن تقصيص القبور وتكليلها قيل : التكليل رفعها تبنى مثل الكلل ، وهي الصوامع والقباب التي تبنى على القبور ، وقيل : هو ضرب الكلة عليها وهي ستر مربع يضرب على القبور ، وقال أبو عبيد : الكلة من الستور ما خيط فصار كالبيت ، وأنشد :


من كل محفوف يظل عصيه     زوج عليه كلة وقرامها



والكلة : الستر الرقيق يخاط كالبيت يتوقى فيه من البق ، وفي المحكم : الكلة الستر الرقيق ، قال : والكلة غشاء من ثوب رقيق يتوقى به من البعوض . والإكليل : شبه عصابة مزينة بالجواهر ، والجمع أكاليل على القياس ، ويسمى التاج إكليلا . وكلله أي ألبسه الإكليل ؛ فأما قوله ، أنشده ابن جني :


قد دنا الفصح فالولائد ينظم     ن سراعا أكلة المرجان



فهذا جمع إكليل ، فلما حذفت الهمزة وبقيت الكاف ساكنة فتحت ، فصارت إلى كليل كدليل فجمع على أكلة كأدلة . وفي حديث عائشة - رضي الله عنها : دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تبرق أكاليل وجهه ؛ هي جمع إكليل ، قال : وهو شبه عصابة مزينة بالجوهر ، فجعلت لوجهه الكريم - صلى الله عليه وسلم - أكاليل على جهة الاستعارة ؛ قال : وقيل أرادت نواحي وجهه وما أحاط به إلى الجبين من التكلل ، وهو الإحاطة ولأن الإكليل يجعل كالحلقة ويوضع هنالك على أعلى الرأس . وفي حديث الاستسقاء : فنظرت إلى المدينة وإنها لفي مثل الإكليل ؛ يريد أن الغيم تقشع عنها واستدار بآفاقها . والإكليل : منزل من منازل القمر وهو أربعة أنجم مصطفة .

[ ص: 104 ] قال الأزهري : الإكليل رأس برج العقرب ، ورقيب الثريا من الأنواء هو الإكليل ؛ لأنه يطلع بغيوبها . والإكليل : ما أحاط بالظفر من اللحم . وتكلله الشيء : أحاط به . وروضة مكللة : محفوفة بالنور . وغمام مكلل : محفوف بقطع من السحاب كأنه مكلل بهن . وانكل الرجل : ضحك . وانكلت المرأة فهي تنكل انكلالا إذا ما تبسمت ، وأنشد ابن بري لعمر بن أبي ربيعة :


وتنكل عن عذب شتيت نباته     له أشر كالأقحوان المنور


وانكل الرجل انكلالا : تبسم ؛ قال الأعشى :


وينكل عن غر عذاب كأنها     جنى أقحوان ، نبته متناعم



يقال : كشر وافتر وانكل ، كل ذلك تبدو منه الأسنان . وانكلال الغيم بالبرق : هو قدر ما يريك سواد الغيم من بياضه . وانكل السحاب بالبرق إذا ما تبسم بالبرق . والإكليل : السحاب الذي تراه كأن غشاء ألبسه . وسحاب مكلل أي ملمع بالبرق ، ويقال : هو الذي حوله قطع من السحاب . واكتل الغمام بالبرق أي لمع . وانكل السحاب عن البرق واكتل : تبسم ، الأخيرة عن ابن الأعرابي ؛ وأنشد :


عرضنا فقلنا إيه سلم فسلمت     كما اكتل بالبرق الغمام اللوائح



وقول أبي ذؤيب :


تكلل في الغماد فأرض ليلى     ثلاثا ما أبين له انفراجا


قيل : تكلل تبسم بالبرق ، وقيل : تنطق واستدار . وانكل البرق نفسه : لمع لمعا خفيفا . أبو عبيد عن أبي عمرو : الغمام المكلل هو السحابة يكون حولها قطع من السحاب فهي مكللة بهن ؛ وأنشد غيره لامرئ القيس :


أصاح ترى برقا أريك وميضه     كلمع اليدين في حبي مكلل



وإكليل الملك : نبت يتداوى به . والكلكل والكلكال : الصدر من كل شيء ، وقيل : هو ما بين الترقوتين ، وقيل : هو باطن الزور ، قال :


أقول إذ خرت على الكلكال



قال الجوهري : وربما جاء في ضرورة الشعر مشددا ؛ وقال منظور بن مرثد الأسدي :


كأن مهواها على الكلكل     موضع كفي راهب يصلي


قال ابن بري : وصوابه موقع كفي راهب ؛ لأن بعد قوله على الكلكل :


وموقفا من ثفنات زل



قال : والمعروف الكلكل ، وإنما جاء الكلكال في الشعر ضرورة في قول الراجز :


قلت وقد خرت على الكلكال     يا ناقتي ما جلت من مجال


والكلكل من الفرس : ما بين محزمه إلى ما مس الأرض منه إذا ربض ؛ وقد يستعار الكلكل لما ليس بجسم كقول امرئ القيس في صفة ليل :


فقلت له لما تمطى بجوزه     وأردف أعجازا وناء بكلكل


وقالت أعرابية ترثي ابنها :


ألقى عليه الدهر كلكله     من ذا يقوم بكلكل الدهر ؟



فجعلت للدهر كلكلا ؛ وقوله :


مشق الهواجر لحمهن مع السرى     حتى ذهبن كلاكلا وصدورا


وضع الأسماء موضع الظروف كقوله ذهبن قدما وأخرا . ورجل كلكل : ضرب ، وقيل : الكلكل والكلاكل ، بالضم ، القصير الغليظ الشديد ، والأنثى كلكلة وكلاكلة ، والكلاكل الجماعات كالكراكر ؛ وأنشد قول العجاج :


حتى يحلون الربى الكلاكلا

الفراء : الكلة التأخير ، والكلة الشفرة الكالة ، والكلة الحال حال الرجل . ويقال : ذئب مكل قد وضع كله على الناس . وذئب كليل : لا يعدو على أحد . وفي حديث عثمان : أنه دخل عليه فقيل له أبأمرك هذا ؟ فقال : كل ذلك أي : بعضه عن أمري وبعضه بغير أمري ؛ قال ابن الأثير : موضع كل الإحاطة بالجميع ، وقد تستعمل في معنى البعض ، قال : وعليه حمل قول عثمان ؛ ومنه قول الراجز :


قالت له ، وقولها مرعي     إن الشواء خيره الطري


وكل ذاك يفعل الوصي



أي : قد يفعل وقد لا يفعل . وقال ابن بري : وكلا حرف ردع وزجر ؛ وقد تأتي بمعنى لا كقول الجعدي :


فقلنا لهم خلوا النساء لأهلها     فقالوا لنا كلا فقلنا لهم بلى



فكلا : هنا بمعنى لا بدليل قوله فقلنا لهم بلى ، وبلى لا تأتي إلا بعد نفي ؛ ومثله قوله أيضا :


قريش جهاز الناس حيا وميتا     فمن قال كلا فالمكذب أكذب


وعلى هذا يحمل قوله تعالى : فيقول ربي أهانني كلا . وفي الحديث : تقع فتن كأنها الظلل ، فقال أعرابي : كلا يا رسول الله ؛ قال ابن الأثير : كلا ردع في الكلام وتنبيه ومعناها انته لا تفعل ، إلا أنها آكد في النفي والردع من لا ؛ لزيادة الكاف ؛ قال : وقد ترد بمعنى حقا كقوله تعالى : كلا لئن لم تنته لنسفعن بالناصية ، والظلل : السحاب .

التالي السابق


الخدمات العلمية