صفحة جزء
كهل

كهل : الكهل : الرجل إذا وخطه الشيب ورأيت له بجالة ، وفي الصحاح : الكهل من الرجال الذي جاوز الثلاثين ووخطه الشيب . وفي فضل أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما : هذان سيدا كهول الجنة ، وفي رواية : كهول الأولين والآخرين ؛ قال ابن الأثير : الكهل من الرجال من زاد على ثلاثين سنة إلى الأربعين ، وقيل : هو من ثلاث وثلاثين إلى تمام الخمسين ؛ وقد اكتهل الرجل وكاهل إذا بلغ الكهولة فصار كهلا ؛ وقيل : أراد بالكهل ها هنا الحليم العاقل أي أن الله يدخل أهل الجنة الجنة حلماء عقلاء ، وفي المحكم : وقيل هو من أربع وثلاثين إلى إحدى وخمسين . قال الله تعالى في قصة عيسى - على نبينا وعليه الصلاة والسلام : ويكلم الناس في المهد وكهلا ، قال الفراء : أراد ومكلما الناس في المهد وكهلا ؛ والعرب تضع يفعل في موضع الفاعل إذا كانا في معطوفين مجتمعين في الكلام كقول الشاعر :

بت أعشيها بعضب باتر يقصد في أسوقها ، وجائر

أراد قاصد في أسوقها وجائر ، وقد قيل : إنه عطف الكهل على الصفة ، أراد بقوله في المهد صبيا وكهلا ، فرد الكهل على الصفة كما قال دعانا لجنبه أو قاعدا ؛ روى المنذري عن أحمد بن يحيى أنه قال : ذكر الله - عز وجل - لعيسى آيتين ؛ تكليمه الناس في المهد فهذه معجزة ، والأخرى نزوله إلى الأرض عند اقتراب الساعة كهلا ابن ثلاثين سنة يكلم أمة محمد فهذه الآية الثانية . قال أبو منصور : وإذا بلغ الخمسين فإنه يقال له كهل ؛ ومنه قوله :

هل كهل خمسين إن شاقته منزلة مسفه رأيه فيها ومسبوب ؟

فجعله كهلا وقد بلغ الخمسين . ابن الأعرابي : يقال للغلام مراهق ثم محتلم ، ثم يقال تخرج وجهه ، ثم اتصلت لحيته ، ثم مجتمع ثم كهل ، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة ؛ قال الأزهري : وقيل له كهل حينئذ لانتهاء شبابه وكمال قوته ، والجمع كهلون وكهول وكهال وكهلان ؛ قال ابن ميادة :

وكيف ترجيها وقد حال دونها بنو أسد ، كهلانها وشبابها ؟

وكهل ؛ قال : وأراها على توهم كاهل ، والأنثى كهلة من نسوة كهلات ، وهو القياس لأنه صفة ، وقد حكي فيه عن أبي حاتم تحريك الهاء ولم يذكره النحويون فيما شذ من هذا الضرب . قال بعضهم : قلما يقال للمرأة كهلة مفردة حتى يزوجوها بشهلة ، يقولون شهلة كهلة . غيره : رجل كهل وامرأة كهلة إذا انتهى شبابهما ، وذلك عند استكمالهما ثلاثا وثلاثين سنة ، قال : وقد يقال امرأة كهلة ولم يذكر معها شهلة ؛ قال ذلك الأصمعي وأبو عبيدة وابن الأعرابي ؛ قال الشاعر :


ولا أعود بعدها كريا أمارس الكهلة والصبيا     والعزب المنفه الأميا



واكتهل أي صار كهلا ، ولم يقولوا كهل إلا أنه قد جاء في الحديث : هل في أهلك من كاهل ؟ ويروى : من كاهل أي من دخل حد الكهولة وقد تزوج ، وقد حكى أبو زيد : كاهل الرجل تزوج . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سأل رجلا أراد الجهاد معه فقال : هل في أهلك من كاهل ؟ يروى بكسر الهاء على أنه اسم ، ويروى من كاهل بفتح الهاء على أنه فعل ، بوزن ضارب وضارب ، وهما من الكهولة ؛ يقول : هل فيهم من أسن وصار كهلا ؟ وذكر عن أبي سعيد الضرير أنه رد على أبي عبيد هذا التفسير وزعم أنه خطأ ، قد يخلف الرجل الرجل في أهله كهلا وغير كهل ، قال : والذي سمعناه من العرب من غير مسألة أن الرجل الذي يخلف الرجل في أهله يقال له الكاهن ، وقد كهن يكهن كهونا ، قال : ولا يخلو هذا الحرف من شيئين أحدهما أن يكون المحدث ساء سمعه فظن أنه كاهل وإنما هو كاهن ، أو يكون الحرف تعاقب فيه بين اللام والنون كما يقال هتنت السماء وهتلت ، والغرين والغريل وهو ما يرسب أسفل قارورة الدهن من ثفله ، ويرسب من الطين أسفل الغدير ، وفي أسفل القدر من مرقه ؛ عن الأصمعي ، قال الأزهري : وهذا الذي قاله أبو سعيد له وجه غير أنه بعيد ، ومعنى قوله - صلى الله عليه وسلم : هل في أهلك من كاهل أي في أهلك من تعتمده للقيام بشأن عيالك الصغار ومن تخلفه ممن يلزمك عوله ، فلما قال له : ما هم إلا أصيبية صغار ، أجابه فقال : تخلف وجاهد فيهم ولا تضيعهم . والعرب تقول : مضر كاهل العرب وسعد كاهل تميم ، وفي النهاية : وتميم كاهل مضر ، وهو مأخوذ من كاهل البعير ، وهو مقدم ظهره وهو الذي يكون عليه المحمل ، قال : وإنما أراد بقوله : هل في أهلك ، من تعتمد عليه في القيام بأمر من تخلف من صغار ولدك لئلا يضيعوا ، ألا تراه قال له : ما هم إلا أصيبية صغار ، فأجابه وقال : ففيهم فجاهد ، قال : وأنكر أبو سعيد الكاهل ، وقال : هو كاهن كما تقدم ؛ وقول أبي خراش الهذلي :


فلو كان سلمى جاره أو أجاره     رماح ابن سعد رده طائر كهل



قال ابن سيده : لم يفسره أحد ، قال : وقد يمكن أن يكون جعله كهلا مبالغة به في الشدة . الأزهري : يقال طار لفلان طائر كهل إذا كان له جد وحظ في الدنيا . ونبت كهل : متناه .

[ ص: 127 ] واكتهل النبت : طال وانتهى منتهاه ؛ وفي الصحاح : تم طوله وظهر نوره ؛ قال الأعشى :


يضاحك الشمس منها كوكب     شرق مؤزر بعميم النبت مكتهل



وليس بعد اكتهال النبت إلا التولي ؛ وقول الأعشى يضاحك الشمس معناه يدور معها ، ومضاحكته إياها حسن له ونضرة ، والكوكب : معظم النبات ، والشرق : الريان الممتلئ ماء ، والمؤزر : الذي صار النبت كالإزار له ، والعميم : النبت الكثيف الحسن ، وهو أكثر من الجميم ؛ يقال : نبت عميم ومعتم وعمم . واكتهلت الروضة إذا عمها نبتها ، وفي التهذيب : نورها . ونعجة مكتهلة إذا انتهى سنها . المحكم : ونعجة مكتهلة مختمرة الرأس بالبياض ، وأنكر بعضهم ذلك . والكاهل : مقدم أعلى الظهر مما يلي العنق ، وهو الثلث الأعلى فيه ست فقر ؛ قال امرؤ القيس يصف فرسا :


له حارك كالدعص لبده الثرى     إلى كاهل مثل الرتاج المضبب



وقال النضر : الكاهل ما ظهر من الزور ، والزور ما بطن من الكاهل ؛ وقال غيره : الكاهل من الفرس ما ارتفع من فروع كتفيه ؛ وأنشد :


وكاهل أفرع فيه مع ال     إفراع إشراف وتقبيب



وقال أبو عبيدة : الحارك فروع الكتفين ، وهو أيضا الكاهل ، قال : والمنسج أسفل من ذلك ، والكائبة مقدم المنسج ؛ وقيل : الكاهل من الإنسان ما بين كتفيه ، وقيل : هو موصل العنق في الصلب ، وقيل : هو في الفرس خلف المنسج ، وقيل : هو ما شخص من فروع كتفيه إلى مستوى ظهره . ويقال للشديد الغضب والهائج من الفحول : إنه لذو كاهل ، حكاه ابن السكيت في كتابه الموسوم بالألفاظ ، وفي بعض النسخ : إنه لذو صاهل ، بالصاد ؛ وقوله :


طويل متل العنق أشرف كاهلا     أشق رحيب الجوف معتدل الجرم



وضع الاسم فيه موضع الظرف كأنه قال : ذهب صعدا . وإنه لشديد الكاهل أي منيع الجانب ؛ قال الأزهري : سمعت غير واحد من العرب يقول فلان كاهل بني فلان أي معتمدهم في الملمات وسندهم في المهمات ، وهو مأخوذ من كاهل الظهر لأن عنق الفرس يتساند إليه إذا أحضر ، وهو محمل مقدم قربوس السرج ومعتمد الفارس عليه ؛ ومن هذا قول رؤبة يمدح معدا :


إذا معد عدت الأوائلا     فابنا نزار فرجا الزلازلا
حصنين كانا لمعد كاهلا     ومنكبين اعتليا التلاتلا



أي كانا ، يعني ربيعة ومضر ، عمدة أولاد معد كلهم . وفي كتابه إلى أهل اليمن في أوقات الصلاة والعشاء : إذا غاب الشفق إلى أن تذهب كواهل الليل أي أوائله إلى أوساطه تشبيها لليل بالإبل السائرة التي تتقدم أعناقها وهواديها وتتبعها أعجازها وتواليها . والكواهل : جمع كاهل ، وهو مقدم أعلى الظهر ؛ ومنه حديث عائشة : وقرر الرءوس على كواهلها أي أثبتها في أماكنها كأنها كانت مشفية على الذهاب والهلاك . الجوهري : الكاهل الحارك ، وهو ما بين الكتفين . قال النبي - صلى الله عليه وسلم : تميم كاهل مضر وعليها المحمل . قال ابن بري : الحارك فرع الكاهل ؛ هكذا قال أبو عبيدة ، قال : وهو عظم مشرف اكتنفه فرعا الكتفين ؛ قال : وقال بعضهم هو منبت أدنى العرف إلى الظهر ، وهو الذي يأخذ به الفارس إذا ركب . أبو عمرو : يقال للرجل إنه لذو شاهق وكاهل وكاهن ، بالنون واللام ، إذا اشتد غضبه ، ويقال ذلك للفحل عند صياله حين تسمع له صوتا يخرج من جوفه . والكهلول : الضحاك ، وقيل : الكريم ، عاقبت اللام الراء في كهرور . ابن السكيت : الكهلول والرهشوش والبهلول كله السخي الكريم . والكهول : العنكبوت وحق الكهول بيته . وقال عمرو بن العاص لمعاوية حين أراد عزله عن مصر : إني أتيتك من العراق وإن أمرك كحق الكهول أو كالجعدبة أو كالكعدبة ، فما زلت أسدي وألحم حتى صار أمرك كفلكة الدرارة ، وكالطراف الممدد ؛ قال ابن الأثير : هذه اللفظ قد اختلف فيها ، فرواها الأزهري بفتح الكاف وضم الهاء ، وقال : هي العنكبوت ، ورواها الخطابي والزمخشري بسكون الهاء وفتح الكاف والواو ، وقالا : هي العنكبوت ولم يقيدها القتيبي ، ويروى : كحق الكهدل ، بالدال بدل الواو ، وقال القتيبي : أما حق الكهدل فلم أسمع شيئا ممن يوثق بعلمه بمعنى أنه بيت العنكبوت ، ويقال : إنه ثدي العجوز ، وقيل : العجوز نفسها ، وحقها ثديها ، وقيل غير ذلك ؛ والجعدبة : النفاخات التي تكون من ماء المطر ، والكعدبة : بيت العنكبوت ، وكل ذلك مذكور في موضعه . وكاهل وكهل وكهيل : أسماء يجوز أن يكون تصغير كهل وأن يكون تصغير كاهل تصغير الترخيم ، قال ابن سيده : وأن يكون تصغير كهل أولى لأن تصغير الترخيم ليس بكثير في كلامهم . وكهيلة : موضع رمل ؛ قال :


عميرية حلت برمل كهيلة     فبينونة تلقى لها الدهر مرتعا



الجوهري : كاهل أبو قبيلة من الأسد ، وهو كاهل بن أسد بن خزيمة ، وهم قتلة أبي امرئ القيس . وكنهل ، بالكسر : اسم موضع أو ماء .

التالي السابق


الخدمات العلمية