صفحة جزء
[ بوع ]

بوع : الباع والبوع والبوع : مسافة ما بين الكفين إذا بسطتهما الأخيرة هذلية ، قال أبو ذؤيب :


فلو كان حبلا من ثمانين قامة وخمسين بوعا نالها بالأنامل .



والجمع أبواع . وفي الحديث : " إذا تقرب العبد مني بوعا أتيته هرولة " ، البوع والباع سواء ، وهو قدر مد اليدين وما بينهما من البدن ، وهو ههنا مثل لقرب ألطاف الله من العبد إذا تقرب إليه بالإخلاص والطاعة . وباع يبوع بوعا : بسط باعه . وباع الحبل يبوعه بوعا : مد يديه معه حتى صار باعا وبعته ، وقيل : هو مدكه بباعك كما تقول شبرته من الشبر ، والمعنيان متقاربان ، قال ذو الرمة يصف أرضا :


ومستامة تستام ، وهي رخيصة     تباع بساحات الأيادي وتمسح .



مستامة يعني أرضا تسوم فيها الإبل من السير لا من السوم الذي هو [ ص: 181 ] البيع ، وتباع أي تمد فيها الإبل أبواعها وأيديها ، وتمسح من المسح الذي هو القطع كقوله تعالى : فطفق مسحا بالسوق والأعناق ; أي قطعها . والإبل تبوع في سيرها وتبوع : تمد أبواعها ، وكذلك الظباء . والبائع ولد الظبي إذا باع في مشيه صفة غالبة ، والجمع بوع وبوائع . ومر يبوع ويتبوع أي يمد باعه ويملأ ما بين خطوه . والباع : السعة في المكارم ، وقد قصر باعه عن ذلك : لم يسعه كله على المثل ، ولا يستعمل البوع هنا . وباع بماله يبوع : بسط به باعه ، قال الطرماح :


لقد خفت أن ألقى المنايا ، ولم أنل     من المال ما أسمو به وأبوع .



ورجل طويل الباع أي الجسم ، وطويل الباع وقصيره في الكرم ، وهو على المثل ، ولا يقال قصير الباع في الجسم ، وجمل بواع : جسيم . وربما عبر بالباع عن الشرف والكرم ، قال العجاج :


إذا الكرام ابتدروا الباع بدر     تقضي البازي إذا البازي كسر .



وقال حجر بن خالد :


ندهدق بضع اللحم للباع والندى     وبعضهم تغلي بذم مناقعه .



وفي نسخة : مراجله . قال الأزهري : البوع والباع لغتان ، ولكنهم يسمون البوع في الخلقة ، فأما بسط الباع في الكرم ونحوه ، فلا يقولون إلا كريم الباع ; قال : والبوع مصدر باع يبوع وهو بسط الباع في المشي ، والإبل تبوع في سيرها . وقال بعض أهل العربية : إن رباع بني فلان قد بعن من البيع ، وقد بعن من البوع ، فضموا الباء في البوع وكسروها في البيع للفرق بين الفاعل والمفعول ; ألا ترى أنك تقول : رأيت إماء بعن متاعا إذا كن بائعات ، ثم تقول : رأيت إماء بعن إذا كن مبيعات ؟ فإنما بين الفاعل من المفعول باختلاف الحركات وكذلك من البوع ، قال الأزهري : ومن العرب من يجري ذوات الياء على الكسر وذوات الواو على الضم ، سمعت العرب تقول : صفنا بمكان كذا وكذا أي أقمنا به في الصيف ، وصفنا أيضا أي أصابنا مطر الصيف ، فلم يفرقوا بين فعل الفاعلين والمفعولين . وقال الأصمعي : قال أبو عمرو بن العلاء : سمعت ذا الرمة يقول : ما رأيت أفصح من أمة آل فلان ، قلت لها : كيف كان المطر عندكم ؟ فقالت : غثنا ما شئنا ، رواه هكذا بالكسر . وروى ابن هانئ عن أبي زيد قال : يقال للإماء قد بعن ، أشموا الباء شيئا من الرفع ، وكذلك الخيل قد قدن والنساء قد عدن من مرضهن ، أشموا كل هذا شيئا من الرفع نحو : قد قيل ذلك ، وبعضهم يقول : قول . وباع الفرس في جريه أي أبعد الخطو ، وكذلك الناقة ، ومنه قول بشر بن أبي خازم :


فعد طلابها وتسل عنها     بحرف ، قد تغير إذا تبوع .



ويروى :


فدع هندا وسل النفس عنها .



وقال اللحياني : يقال والله لا تبلغون تبوعه أي لا تلحقون شأوه ، وأصله طول خطاه . يقال : باع وانباع وتبوع . وانباع العرق : سال ، وقال عنترة :


ينباع من ذفرى غضوب جسرة     زيافة مثل الفنيق المكدم .



قال أحمد بن عبيد : ينباع ينفعل من باع يبوع إذا جرى جريا لينا وتثنى وتلوى ; قال : وإنما يصف الشاعر عرق الناقة وأنه يتلوى في هذا الموضع ، وأصله ينبوع فصارت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ; قال : وقول أكثر أهل اللغة أن ينباع كان في الأصل ينبع فوصل فتحة الباء بالألف ، وكل راشح منباع . وانباع الرجل : وثب بعد سكون ، وانباع : سطا ، وقال اللحياني : وانباعت الحية إذا بسطت نفسها بعد تحويها لتساور ، وقال الشاعر :


ثمت ينباع انبياع الشجاع     ومن أمثال العرب : مطرق .



لينباع ، يضرب مثلا للرجل إذا أضب على داهية ، وقول صخر الهذلي :


لفاتح البيع يوم رؤيتها     وكان قبل انبياعه لكد .



قال : انبياعه مسامحته بالبيع . يقال : قد انباع لي إذا سامح في البيع ، وأجاب إليه وإن لم يسامح . قال الأزهري : لا ينباع ، وقيل : البيع والانبياع الانبساط . وفاتح أي كاشف ، يصف امرأة حسناء يقول : لو تعرضت لراهب تلبد شعره لانبسط إليها . واللكد : العسر ، وقبله :


والله لو أسمعت مقالتها     شيخا من الزب ، رأسه لبد .



لفاتح البيع أي لكاشف الانبساط إليها ولفرج الخطو إليها ، قال الأزهري : هكذا فسر في شعر الهذليين . ابن الأعرابي : يقال بع بع إذا أمرته بمد باعيه في طاعة الله . ومثل مخرنبق لينباع أي ساكت ليثب أو ليسطو . وانباع الشجاع من الصف : برز ، عن الفارسي ، وعليه وجه قوله :


ينباع من ذفرى غضوب جسرة     زيافة مثل الفنيق المكدم .



لا على الإشباع كما ذهب إليه غيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية