صفحة جزء
كيل

كيل : الكيل : المكيال . غيره : الكيل كيل البر ونحوه ، وهو مصدر كال الطعام ونحوه يكيل كيلا ومكالا ومكيلا أيضا ، وهو شاذ لأن المصدر من فعل يفعل مفعل ، بكسر العين ; يقال : ما في برك مكال ، وقد قيل مكيل عن الأخفش ; قال ابن بري : هكذا قال الجوهري ، وصوابه مفعل بفتح العين . وكيل الطعام ، على ما لم يسم فاعله ، وإن شئت ضممت الكاف ، والطعام مكيل ومكيول مثل مخيط ومخيوط ، ومنهم من يقول : كول الطعام وبوع واصطود الصيد واستوق ماله ، بقلب الياء واوا حين ضم ما قبلها لأن الياء الساكنة لا تكون بعد حرف مضموم . واكتاله وكاله طعاما وكاله له ; قال سيبويه : اكتل يكون على الاتحاد وعلى المطاوعة . وقوله تعالى : الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون ; أي اكتالوا منهم لأنفسهم ; قال ثعلب : معناه من الناس ، والاسم الكيلة ، بالكسر ، مثل الجلسة والركبة . واكتلت من فلان واكتلت عليه وكلت فلانا طعاما أي كلت له ; قال الله تعالى : وإذا كالوهم أو وزنوهم ; أي كالوا لهم . وفي المثل : أحشفا وسوء كيلة ؟ أي أتجمع علي أن يكون المكيل حشفا وأن يكون الكيل مطففا ; وقال اللحياني : حشف وسوء كيلة وكيل ومكيلة . وبر مكيل ، ويجوز في القياس مكيول ، ولغة بني أسد مكول ، ولغة رديئة مكال ; قال الأزهري : أما مكال فمن لغات الحضريين ، قال : وما أراها عربية محضة ، وأما مكول فهي لغة رديئة ، واللغة الفصيحة مكيل ثم يليها في الجودة مكيول . الليث : المكيال ما يكال به ، حديدا كان أو خشبا . واكتلت عليه : أخذت منه . يقال : كال المعطي واكتال الآخذ . والكيل والمكيل والمكيال والمكيلة : ما كيل به ; الأخيرة نادرة . ورجل كيال : من الكيل ; حكاه سيبويه في الإمالة ، فإما أن يكون على التكثير لأن فعله معروف ، وإما يفر إلى النسب إذا عدم الفعل ; وقوله أنشده ابن الأعرابي :


حين تكال النيب في القفيز

فسره فقال : أراد حين تغزر فيكال لبنها كيلا فهذه الناقة أغزرهن . وكال الدراهم والدنانير : وزنها ; عن ابن الأعرابي خاصة ; وأنشد لشاعر جعل الكيل وزنا :


قارورة ذات مسك عند ذي     لطف من الدنانير ، كالوها بمثقال

[ ص: 144 ] فإما أن يكون هذا وضعا ، وإما أن يكون على النسب لأن الكيل والوزن سواء في معرفة المقادير . ويقال : كل هذه الدراهم ، يريدون زن . وقال مرة : كل ما وزن فقد كيل . وهما يتكايلان أي يتعارضان بالشتم أو الوتر ; قالت امرأة من طيء

[ هي بنت بهدل بن قرفة الطائي ] :


فيقتل جبرا بامرئ لم يكن له     بواء ، ولكن لا تكايل بالدم

قال أبو رياش : معناه لا يجوز لك أن تقتل إلا ثأرك ولا تعتبر فيه المساواة في الفضل إذا لم يكن غيره . وكايل الرجل صاحبه : قال له مثل ما يقول أو فعل كفعله . وكايلته وتكايلنا إذا كال لك وكلت له فهو مكائل ، بالهمز . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : أنه نهى عن المكايلة وهي المقايسة بالقول والفعل ، والمراد المكافأة بالسوء وترك الإغضاء والاحتمال أي تقول له وتفعل معه مثل ما يقول لك ويفعل معك ، وهي مفاعلة من الكيل ، وقيل : أراد بها المقايسة في الدين وترك العمل بالأثر . وكال الزند يكيل كيلا : مثل كبا ولم يخرج نارا فشبه مؤخر الصفوف في الحرب به لأنه لا يقاتل من كان فيه . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : المكيال مكيال أهل المدينة ، والميزان ميزان أهل مكة ، قال أبو عبيدة : يقال إن هذا الحديث أصل لكل شيء من الكيل والوزن ، وإنما يأتم الناس فيهما بأهل مكة وأهل المدينة ، وإن تغير ذلك في سائر الأمصار ، ألا ترى أن أصل التمر بالمدينة كيل وهو يوزن في كثير من الأمصار ، وأن السمن عندهم وزن وهو كيل في كثير من الأمصار ؟ والذي يعرف به أصل الكيل والوزن أن كل ما لزمه اسم المختوم والقفيز والمكوك والمد والصاع فهو كيل ، وكل ما لزمه اسم الأرطال والأواقي والأمناء فهو وزن ; قال أبو منصور : والتمر أصله الكيل فلا يجوز أن يباع منه رطل برطل ولا وزن بوزن ، لأنه إذا رد بعد الوزن إلى الكيل تفاضل ، إنما يباع كيلا بكيل سواء بسواء ، وكذلك ما كان أصله موزونا فإنه لا يجوز أن يباع منه كيل بكيل ، لأنه إذا رد إلى الوزن لم يؤمن فيه التفاضل ، قال : وإنما احتيج إلى هذا الحديث لهذا المعنى ، ولا يتهافت الناس في الربا الذي نهى الله عز وجل عنه ، وكل ما كان في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ب مكة و المدينة مكيلا فلا يباع إلا بالكيل ، وكل ما كان بها موزونا فلا يباع إلا بالوزن لئلا يدخله الربا بالتفاضل ، وهذا في كل نوع تتعلق به أحكام الشرع من حقوق الله تعالى دون ما يتعامل به الناس في بياعاتهم ، فأما المكيال فهو الصاع الذي يتعلق به وجوب الزكاة والكفارات والنفقات وغير ذلك ، وهو مقدر بكيل أهل المدينة دون غيرها من البلدان لهذا الحديث ، وهو مفعال من الكيل ، والميم فيه للآلة ; وأما الوزن فيريد به الذهب والفضة خاصة لأن حق الزكاة يتعلق بهما ، ودرهم أهل مكة ستة دوانيق ، ودراهم الإسلام المعدلة كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل ، وكان أهل المدينة يتعاملون بالدراهم عند مقدم سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعدد فأرشدهم إلى وزن مكة ، وأما الدنانير فكانت تحمل إلى العرب من الروم إلى أن ضرب عبد الملك بن مروان الدينار في أيامه ، وأما الأرطال والأمناء فللناس فيها عادات مختلفة في البلدان وهم معاملون بها ومجرون عليها . والكيول : آخر الصفوف في الحرب ، وقيل الكيول مؤخر الصفوف ; وفي الحديث : أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقاتل العدو فسأله سيفا يقاتل به فقال له : فلعلك إن أعطيتك أن تقوم في الكيول ، فقال : لا ، فأعطاه سيفا فجعل يقاتل وهو يقول :


إني امرؤ عاهدني خليلي     أن لا أقوم الدهر في الكيول
أضرب بسيف الله والرسول     ضرب غلام ماجد بهلول
فلم يزل يقاتل حتى قتل

. الأزهري : أبو عبيد الكيول هو مؤخر الصفوف ، قال : ولم أسمع هذا الحرف إلا في هذا الحديث ، وسكن الباء في أضرب لكثرة الحركات . وتكلى الرجل أي قام في الكيول ، والأصل تكيل وهو مقلوب منه ; قال ابن بري : الرجز لأبي دجانة سماك بن خرشة ; قال ابن الأثير : الكيول ، فيعول ، من كال الزند إذا كبا ولم يخرج نارا ، فشبه مؤخر الصفوف به لأن من كان فيه لا يقاتل ، وقيل : الكيول الجبان ; والكيول : وما أشرف من الأرض ، يريد تقوم فوقه فتنظر ما يصنع غيرك . أبو منصور : الكيول في كلام العرب ما خرج من حر الزند مسودا لا نار فيه . الليث : الفرس يكايل الفرس في الجري إذا عارضه وباراه كأنه يكيل له من جريه مثل ما يكيل له الآخر . ابن الأعرابي : المكايلة أن يتشاتم الرجلان فيربي أحدهما على الآخر ، والمواكلة أن يهدي المدان للمدين ليؤخر قضاءه . ويقال : كلت فلانا بفلان أي قسته به ، وإذا أردت علم رجل فكله بغيره ، وكل الفرس بغيره أي قسه به في الجري ، قال الأخطل :


قد كلتموني بالسوابق كلها     فبرزت منها ثانيا من عنانيا

أي سبقتها وبعض عناني مكفوف . والكيال : المجاراة ; قال :


أقدر لنفسك أمرها     إن كان من أمر كياله

وذكر أبو الحسن بن سيده في أثناء خطبة كتابه المحكم مما قصد به الوضع من ابن السكيت فقال : وأي موقفة أخزى لواقفها من مقامة أبي يوسف يعقوب بن إسحاق السكيت مع أبي عثمان المازني بين يدي المتوكل جعفر ؟ وذلك أن المتوكل قال : يا مازني سل يعقوب عن مسألة من النحو ، فتلكأ المازني علما بتأخر يعقوب في صناعة الإعراب ، فعزم المتوكل عليه وقال : لا بد لك من سؤاله ، فأقبل المازني يجهد نفسه في التلخيص وتنكب السؤال الحوشي العويص ، ثم قال : يا أبا يوسف ما وزن نكتل من قوله عز وجل : فأرسل معنا أخانا نكتل ; فقال له : نفعل ; قال : وكان هناك قوم قد علموا هذا المقدار ، ولم يؤتوا من حظ يعقوب في اللغة المعشار ، ففاضوا ضحكا ، وأداروا من اللهو فلكا ، وارتفع المتوكل وخرج السكيتي والمازني ، فقال ابن السكيت : يا أبا عثمان أسأت عشرتي وأذويت بشرتي ، فقال له المازني : والله ما سألتك عن هذا حتى بحثت فلم أجد أدنى منه محاولا ، ولا أقرب منه متناولا .

التالي السابق


الخدمات العلمية