صفحة جزء
كيا

كيا : كي : حرف من حروف المعاني ينصب الأفعال بمنزلة أن ، ومعناه العلة لوقوع الشيء كقولك : جئت كي تكرمني ، وقال في التهذيب : تنصب الفعل الغابر . يقال : أدبه كي يرتدع . قال ابن سيده : وقد تدخل عليه اللام ، وفي التنزيل العزيز : لكي لا تأسوا على ما فاتكم ; وقال لبيد :


لكي لا يكون السندري نديدتي

وربما حذفوا كي اكتفاء باللام وتوصلا بما ولا ، فيقال تحرز كي لا تقع ، وخرج كيما يصلي ، قال الله تعالى : كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم ; وفي كيما لغة أخرى حذف الياء لفظه كما قال عدي :


اسمع حديثا كما يوما تحدثه     عن ظهر غيب ، إذا ما سائل سالا

أراد كيما يوما تحدثه . وكي وكي لا وكيما وكما تعمل في الألفاظ المستقبلة عمل أن ولن وحتى إذا وقعت في فعل لم يجب . الجوهري : وأما كي مخففة فجواب لقولك لم فعلت كذا ؟ فتقول كي يكون كذا ، وهي للعاقبة كاللام وتنصب الفعل المستقبل . وكان من الأمر كيت وكيت : يكنى بذلك عن قولهم كذا وكذا ، وكان الأصل فيه كية وكية ، فأبدلت الياء الأخيرة تاء وأجروها مجرى الأصل لأنه ملحق بفلس ، والملحق كالأصلي . قال ابن سيده : قال ابن جني أبدلوا التاء من الياء لاما ، وذلك في قولهم كيت وكيت ، وأصلها كية وكية ، ثم إنهم حذفوا الهاء وأبدلوا من الياء التي هي لام تاء كما فعلوا ذلك في قولهم ثنتان فقالوا كيت ، فكما أن الهاء في كية علم تأنيث كذلك الصيغة في كيت علم تأنيث . وفي كيت ثلاث لغات : منهم من يبنيها على الفتح فيقول كيت ، ومنهم من يبنيها على الضم [ ص: 146 ] فيقول كيت ، ومنهم من يبنيها على الكسر فيقول كيت ، قال : وأصل التاء فيها هاء وإنما صارت تاء في الوصل . وحكى أبو عبيد : كيه وكيه ، بالهاء ، قال : ويقال كيمه كما يقال لمه في الوقف . قال ابن بري : قال الجوهري حكى أبو عبيدة كان من الأمر كيه وكيه ، قال : الصواب كيت وكيه ، الأولى بالتاء والثانية بالهاء ، وأما كيه فليس فيها مع الهاء إلا البناء على الفتح ، فإن قلت : فما تنكر أن تكون التاء في كيت منقلبة عن واو بمنزلة تاء أخت وبنت ، ويكون على هذا أصل كية كيوة ، ثم اجتمعت الياء والواو وسبقت الياء بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء ، كما قالوا سيد وميت وأصلهما سيود وميوت ؟ فالجواب أن كية لا يجوز أن يكون أصلها كيوة من قبل أنك لو قضيت بذلك لأجزت ما لم يأت مثله من كلام العرب ، لأنه ليس في كلامهم لفظة عين فعلها ياء ولام فعلها واو ، ألا ترى أن سيبويه قال ليس في كلام العرب مثل حيوت ؟ فأما ما أجازه أبو عثمان في الحيوان من أن تكون واوه غير منقلبة عن الياء وخالف فيه الخليل ، وأن تكون واوه أصلا غير منقلبة ، فمردود عليه عند جميع النحويين لادعائه ما لا دليل عليه ولا نظير له وما هو مخالف لمذهب الجمهور ، وكذلك قولهم في اسم رجاء بن حيوة إنما الواو فيه بدل من ياء ، وحسن البدل فيه وصحة الواو أيضا بعد ياء ساكنة كونه علما والأعلام قد يحتمل فيها ما لا يحتمل في غيرها ، وذلك من وجهين : أحدهما الصيغة ، والآخر الإعراب ، أما الصيغة فنحو قولهم موظب ومورق وتهلل ومحبب ومكوزة ومزيد وموألة فيمن أخذه من وأل ومعد يكرب ، وأما الإعراب فنحو قولك في الحكاية لمن قال مررت بزيد : من زيد ؟ ولمن قال ضربت أبا بكر : من أبا بكر ؟ لأن الكنى تجري مجرى الأعلام ، فلذلك صحت حيوة بعد قلب لامها واوا وأصلها حية ، كما أن أصل حيوان حييان ، وهذا أيضا إبدال الياء من الواو لامين ، قال : ولم أعلمها أبدلت منها عينين ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية