صفحة جزء
لدن

لدن : اللدن : اللين من كل شيء من عود أو حبل أو خلق ، والأنثى لدنة ، والجمع لدان ولدن ، وقد لدن لدانة ولدونة . ولدنه هو : لينه . وقناة لدنة : لينة المهزة ، ورمح لدن ورماح لدن ، بالضم ، وامرأة لدنة . ريا الشباب ناعمة ، وكل رطب مأد لدن . وتلدن في الأمر : تلبث وتمكث ، ولدنه هو . وفي الحديث : أن رجلا من الأنصار أناخ ناضحا فركبه ، ثم بعثه فتلدن عليه بعض التلدن ، فقال : شأ لعنك الله ! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا تصحبنا بملعون ; التلدن التمكث ، معنى قوله : تلدن أي تلكأ وتمكث وتلبث ولم يثر ولم ينبعث . يقال : تلدن عليه إذا تلكأ عليه ; قال أبو عمرو : تلدنت تلدنا وتلبثت تلبثا وتمكثت . وفي حديث عائشة : فأرسل إلي ناقة محرمة فتلدنت علي فلعنتها . ولدن ولدن ولدن ولدن ولد محذوفة منها ولدى محولة ، كله : ظرف زماني ومكاني معناه عند ; قال سيبويه : لدن جزمت ولم تجعل كعند لأنها لم تمكن في الكلام تمكن عند ، واعتقب النون وحرف العلة على هذه اللفظة لاما ، كما اعتقب الهاء والواو في سنة لاما وكما اعتقبت في عضاه . قال أبو إسحاق : لدن لا تمكن تمكن عند لأنك تقول هذا القول عندي صواب ، ولا تقول هو لدني صواب ، وتقول عندي مال عظيم ، والمال غائب عنك ، ولدن لما يليك لا غير . قال أبو علي : نظير لدن ولدى ولد ، في استعمال اللام تارة نونا ، وتارة حرف علة ، وتارة محذوفة ، ددن وددى ودد ، وهو مذكور في موضعه . ووقع في تذكرة أبي علي لدى في معنى هل عن المفضل ; وأنشد :


لدى من شباب يشترى بمشيب ؟ وكيف شباب المرء بعد دبيب ؟

وقوله تعالى : قد بلغت من لدني عذرا ; قال الزجاج : وقرئ من لدني ، بتخفيف النون ، ويجوز من لدني ، بتسكين الدال ، وأجودها بتشديد النون ، لأن أصل لدن الإسكان ، فإذا أضفتها إلى نفسك زدت نونا ليسلم سكون النون الأولى ، تقول من لدن زيد ، فتسكن النون ، ثم تضيف إلى نفسك ، فتقول لدني كما تقول عن زيد وعني ، ومن حذف النون فلأن لدن اسم غير متمكن ، والدليل على أن الأسماء يجوز فيها حذف النون قولهم قدني في معنى حسبي ، ويجوز قدي بحذف النون لأن قد اسم غير متمكن ; قال الشاعر :


قدني من نصر الخبيبين قدي

فجاء باللغتين . قال : وأما إسكان دال لدن فهو كقولهم في عضد عضد ، فيحذفون الضمة . وحكى أبو عمرو عن أحمد بن يحيى والمبرد أنهما قالا : العرب تقول لدن غدوة ولدن غدوة ولدن غدوة ، فمن رفع أراد لدن كانت غدوة ، ومن نصب أراد لدن ، كان الوقت غدوة ، ومن خفض أراد من عند غدوة . وقال ابن كيسان : لدن حرف يخفض ، وربما نصب بها . قال : وحكى البصريون أنها تنصب غدوة خاصة من بين الكلام ، وأنشدوا :


ما زال مهري مزجر الكلب منهم     لدن غدوة حتى دنت لغروب

[ ص: 191 ] وأجاز الفراء في غدوة الرفع والنصب والخفض ; قال ابن كيسان : من خفض بها أجراها مجرى من وعن ، ومن رفع أجراها مجرى مذ ، ومن نصب جعلها وقتا وجعل ما بعدها ترجمة عنها ; وإن شئت أضمرت كان كما قال :


مذ لد شولا وإلى إتلائها

أراد : أن كانت شولا . وقال الليث : لدن في معنى من عند ، تقول : وقف الناس له من لدن كذا إلى المسجد ونحو ذلك إذا اتصل ما بين الشيئين ، وكذلك في الزمان من لدن طلوع الشمس إلى غروبها أي من حين . وفي حديث الصدقة : عليهما جنتان من حديد من لدن ثديهما إلى تراقيهما ; لدن : ظرف مكان بمعنى ( عند ) إلا أنه أقرب مكانا من ( عند ) وأخص منه ، فإن عند تقع على المكان وغيره ، تقول : لي عند فلان مال أي في ذمته ، ولا يقال ذلك في لدن . أبو زيد عن الكلابيين أجمعين : هذا من لدنه ، ضموا الدال وفتحوا اللام وكسروا النون . الجوهري : لدن ، الموضع الذي هو الغاية وهو ظرف غير متمكن بمنزلة عند ، وقد أدخلوا عليها ( من ) وحدها من حروف الجر ، قال تعالى : من لدنا ; وجاءت مضافة تخفض ما بعدها ; وأنشد في لد لغيلان بن حريث :


يستوعب النوعين من خريره     من لد لحييه إلى منخوره

قال ابن بري : وأنشده سيبويه إلى منخوره أي منخره . قال : قال وقد حمل حذف النون بعضهم إلى أن قال لدن غدوة ، فنصب غدوة بالتنوين ; قال ذو الرمة :


لدن غدوة ، حتى إذا امتدت الضحى     وحث القطين الشحشحان المكلف

لأنه توهم أن هذه النون زائدة تقوم مقام التنوين فنصب ، كما تقول ضارب زيدا ; قال : ولم يعملوا لدن إلا في غدوة خاصة . قال ابن بري : ذكر أبو علي في لدن بالنون أربع لغات : لدن ولدن ، بإسكان الدال ، حذف الضمة منها كحذفها من عضد ، ولدن بإلقاء ضمة الدال على اللام ، ولدن بحذف الضمة من الدال ، فلما التقى ساكنان فتحت الدال لالتقاء الساكنين ، ولم يذكر أبو علي تحريك النون بكسر ولا فتح فيمن أسكن الدال ، قال : وينبغي أن تكون مكسورة قال : وكذا حكاها الحوفي لدن ، ولم يذكر لدن التي حكاها أبو علي ، والقياس يوجب أن تكون لدن ، ولدن على حد لم يلده أبوان ، وحكى ابن خالويه في البديع : وهب لنا من لدنك ، بضم الدال ، قال ابن بري : ويقال لي إليه لدنة أي حاجة ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية