صفحة جزء
[ ص: 188 ] [ بيد ]

بيد : باد الشيء يبيد بيدا وبيادا وبيودا وبيدودة ، الأخيرة عن اللحياني : انقطع وذهب . وباد يبيد بيدا إذا هلك . وبادت الشمس بيودا : غربت ، منه ، حكاه سيبويه . وأباده الله أي أهلكه . وفي الحديث : فإذا هم بديار باد أهلها أي هلكوا وانقرضوا . وفي حديث الحور العين : نحن الخالدات فلا نبيد ، أي لا نهلك ولا نموت . والبيداء : الفلاة . والبيداء : المفازة المستوية يجرى فيها الخيل ، وقيل : مفازة لا شيء فيها ، ابن جني : سميت بذلك لأنها تبيد من يحلها . ابن شميل : البيداء المكان المستوي المشرف ، قليلة الشجر جرداء تقود اليوم ونصف يوم وأقل ، وإشرافها شيء قليل لا تراها إلا غليظة صلبة ، لا تكون إلا في أرض طين وفي حديث الحج : بيداؤكم هذه التي يكذبون فيها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البيداء : المفازة لا شيء بها ، وهي ههنا اسم موضع مخصوص بين مكة والمدينة وأكثر ما ترد ويراد بها هذه ومنه الحديث : إن قوما يغزون البيت فإذا نزلوا بالبيداء بعث الله جبريل فيقول : يا بيداء أبيديهم فتخسف بهم أي أهلكيهم . وفي ترجمة قطرب : المتلف القفر ؛ سمي بذلك لأنه يتلف سالكه في الأكثر ، كما سموا الصحراء بيداء لأنها تبيد سالكها ، والإبادة : الإهلاك ، والجمع بيد . كسروه تكسير الصفات لأنه في الأصل صفة ، ولو كسروه تكسير الأسماء فقيل بيداوات لكان قياسا ، فأما ما أنشده أبو زيد في نوادره :


هل تعرف الدار ببيدا إنه دار لليلى قد تعفت إنه



قال ابن سيده : إن قال قائل : ما تقول في قوله بيدا إنه ؟ هل يجوز أن يكون صرف بيداء ضرورة فصارت في التقدير ببيداء ثم إنه شدد التنوين ضرورة على حد التثقيل في قوله :


ضخم يحب الخلق الأضخما



فلما ثقل التنوين واجتمع ساكنان فتح الثاني من الحرفين لالتقائهما ، ثم ألحق الهاء لبيان الحركة كإلحاقها في هنه ؟ فالجواب : أن هذا غير جائز في القياس ، وذلك أن هذا التثقيل إنما أصله أن يلحق في الوقف ، ثم إن الشاعر اضطر إلى إجراء الوصل مجرى الوقف كما حكاه سيبويه من قولهم في الضرورة " سبسبا وكلكدا " ونحوه ، فأما إذا كان الحرف مما لا يثبت في الوقف البتة مخففا ، فهو من التثقيل في الوصل أو في الوقف أبعد ، ألا ترى أن التنوين مما يحذفه الوقف فلا يوجد فيه البتة ، فإذا لم يوجد في الوقف أصلا فلا سبيل إلى تثقيله ، لأنه إذا انتفى الأصل الذي هو التخفيف هنا ، فالفرع الذي هو التثقيل أشد انتفاء ، وأجاز أبو علي في هذا ثلاثة أوجه : فأحدها أن يكون أراد ببيدا ثم ألحق الخفيفة وهي التي تلحق الإنكار ، نحو ما حكاه سيبويه من قول بعضهم ، وقيل له : أتخرج إن أخصبت البادية ؟ فقال : أأنا إنيه ؟ منكرا لرأيه أن يكون على خلاف أن يخرج ، كما تقول : ألمثلي يقال هذا ؟ أنا أول خارج إليها ، فكذلك هذا الشاعر أراد : أمثلي يعرف ما لا ينكره ، ثم إنه شدد النون في الوقف ثم أطلقها وبقي التثقيل بحاله فيها على حد سبسبا ، ثم ألحق الهاء لبيان الحركة نحو كتابيه وحسابيه واقتده ، والوجه الآخر أن يكون أراد إن التي بمعنى نعم في قوله :


ويقلن شيب قد علا     ك وقد كبرت فقلت إنه



أي نعم ، والوجه الثالث أن يكون أراد إن التي تنصب الاسم وترفع الخبر وتكون الهاء في موضع نصب لأنها اسم إن ، ويكون الخبر محذوفا كأنه قال : إن الأمر كذلك فيكون في قوله بيدا إنه قد أثبت أن الأمر كذلك في ثلاثة الأوجه ، لأن إن التي للإنكار مؤكدة موجبة ، ونعم أيضا كذلك ، وإن الناصبة أيضا كذلك ، ويكون قصر ببيداء في هذه ثلاثة الأوجه كما قصر الآخر ما مدته للتأنيث في نحو قوله :


لا بد من صنعا وإن طال السفر



قال أبو علي : ولا يجوز أن تكون الهمزة في بيدا إنه هي همزة بيداء لأنه إذا جر الاسم غير المنصرف ولم يكن مضافا ولا فيه لام المعرفة وجب صرفه وتنوينه ، ولا تنوين هنا لأن التنوين إنما يفعل ذلك بحرف الإعراب دون غيره ، وأجاز أيضا في تعفت إنه هذه الأوجه الثلاثة التي ذكرناها . والبيدانة : الحمارة الوحشية أضيفت إلى البيداء ، والجمع البيدانات . وأتان بيدانة : تسكن البيداء . والبيدانة : الأتان اسم لها ، قال الشاعر :


ويوما على صلت الجبين مسحج     ويوما على بيدانة أم تولب



يريد حمار وحش . والصلت : الواضح الجبين . والمسحج : المعضض ، ويروى :

فيوما على سرب نقي جلوده

يعني بالسرب القطيع من بقر الوحش يريد يوما أغير بهذا الفرس على بقر وحش أو حمير وحش . وفي تسمية الأتان البيدانة قولان : أحدهما : إنها سميت بذلك لسكونها البيداء ، وتكون النون فيها زائدة ، وعلى هذا القول جمهور أهل اللغة ، والقول الثاني : إنها العظيمة البدن ، وتكون النون فيها أصلية . وبيد : بمعنى غير ، يقال : رجل كثير المال بيد أنه بخيل معناه غير أنه بخيل حكاه ابن السكيت ، وقيل : هي بمعنى على ، حكاه أبو عبيد . قال ابن سيده : والأول أعلى ، وأنشد الأموي لرجل يخاطب امرأة :


عمدا فعلت ذاك بيد أني     إخال إن هلكت لم ترني



يقول على أني أخاف ذلك . وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : أنا أفصح العرب بيد أني من قريش ، ونشأت في بني سعد ، بيد : بمعنى غير ، وفي حديث آخر : نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم ، قال الكسائي : قوله بيد معناه غير ، وقيل : معناه على أنهم وقد جاء في بعض الروايات بايد أنهم ، قال ابن الأثير : ولم أره في اللغة بهذا المعنى . وقال بعضهم : إنها بأيد أي بقوة ، ومعناه نحن السابقون إلى الجنة يوم القيامة بقوة أعطاناها الله وفضلنا بها ، قال أبو عبيد : وفيه لغة أخرى ميد ، بالميم ، كما قالوا : أغمطت عليه الحمى وأغبطت ، وسبد رأسه وسمده . [ ص: 189 ] وبيدان : اسم رجل ، حكاه ابن الأعرابي ؛ وأنشد :


متى أنفلت من دين بيدان لا يعد     لبيدان دين في كرائم ماليا
على أنني قد قلت من ثقة به     ألا إنما باعت يميني شماليا



وبيداء : موضع بين مكة والمدينة ، قال الأزهري : وبين المسجدين أرض ملساء اسمها البيداء ، وفي الحديث : إن قوما يغزون البيت فإذا نزلوا البيداء بعث الله عليهم جبريل - عليه السلام - فيقول : يا بيداء بيدي بهم ، وفي رواية : أبيديهم ، فتخسف بهم . وبيدان : موضع ؛ قال :


أجدك لن ترى بثعيلبات     ولا بيدان ناجية ذمولا



استعمل لن في موضع لا .

التالي السابق


الخدمات العلمية