صفحة جزء
لقح

لقح : اللقاح : اسم ماء الفحل من الإبل والخيل ؛ وروي عن ابن عباس أنه سئل عن رجل كانت له امرأتان أرضعت إحداهما غلاما وأرضعت الأخرى جارية : هل يتزوج الغلام الجارية ؟ قال : لا ، اللقاح واحد ؛ قال الأزهري : قال الليث : اللقاح اسم لماء الفحل ، فكأن ابن عباس أراد أن ماء الفحل الذي حملتا منه واحد ، فاللبن الذي أرضعت كل واحدة منهما مرضعها كان أصله ماء الفحل فصار المرضعان ولدين لزوجهما لأنه كان ألقحهما . قال الأزهري : ويحتمل أن يكون اللقاح في حديث ابن عباس معناه الإلقاح ؛ يقال : ألقح الفحل الناقة إلقاحا ولقاحا ، فالإلقاح مصدر حقيقي ، واللقاح : اسم لما يقوم مقام المصدر ، كقولك أعطى عطاء وإعطاء وأصلح صلاحا وإصلاحا وأنبت نباتا وإنباتا . قال : وأصل اللقاح للإبل ثم استعير في النساء ، فيقال : لقحت إذا حملت ، وقال : قال ذلك شمر وغيره من أهل العربية . واللقاح : مصدر قولك لقحت الناقة تلقح إذا حملت ، فإذا استبان حملها قيل : استبان لقاحها . ابن الأعرابي : ناقة لاقح وقارح يوم تحمل فإذا استبان حملها ، فهي خلفة . قال : وقرحت تقرح قرحا ولقحت تلقح لقاحا ولقحا ، وهي أيام نتاجها عائذ . وقد ألقح الفحل الناقة ، ولقحت هي لقاحا ولقحا ولقحا : قبلته . وهي لاقح من إبل لواقح ولقح ، ولقوح من إبل لقح . وفي المثل : اللقوح الربعية مال وطعام . الأزهري : واللقوح اللبون ، وإنما تكون لقوحا أول نتاجها شهرين ثم ثلاثة أشهر ، ثم يقع عنها اسم اللقوح فيقال لبون ، وقال الجوهري : ثم هي لبون بعد ذلك ، قال : ويقال ناقة لقوح ولقحة ، وجمع لقوح : لقح ولقاح ولقائح ، ومن قال لقحة ، جمعها لقحا . وقيل : اللقوح الحلوبة . والملقوح والملقوحة : ما لقحته هي من الفحل ؛ قال أبو الهيثم : تنتج في أول الربيع فتكون لقاحا ، واحدتها لقحة ولقحة ولقوح ، فلا تزال لقاحا حتى يدبر الصيف عنها . الجوهري : اللقاح ، بكسر اللام ، الإبل بأعيانها ، الواحدة لقوح ، وهي الحلوب مثل قلوص وقلاص . الأزهري : الملقح يكون مصدرا كاللقاح ؛ وأنشد :


يشهد منها ملقحا ومنتحا



وقال في قول أبي النجم :


وقد أجنت علقا ملقوحا



يعني لقحته من الفحل أي أخذته . وقد يقال للأمهات : الملاقيح ، ونهى عن أولاد الملاقيح وأولاد المضامين في المبايعة لأنهم كانوا يتبايعون أولاد الشاء في بطون الأمهات وأصلاب الآباء . والملاقيح في بطون الأمهات ، والمضامين في أصلاب الآباء . قال أبو عبيد : الملاقيح ما في البطون ، وهي الأجنة ، الواحدة منها ملقوحة من قولهم لقحت كالمحموم من حم والمجنون من جن ؛ وأنشد الأصمعي :


إنا وجدنا طرد الهوامل     خيرا من التأنان والمسائل
وعدة العام وعام قابل     ملقوحة في بطن ناب حائل



يقول : هي ملقوحة فيما يظهر لي صاحبها وإنما أمها حائل ؛ قال : فالملقوح هي الأجنة التي في بطونها ، وأما المضامين فما في أصلاب الفحول ، وكانوا يبيعون الجنين في بطن الناقة ويبيعون ما يضرب الفحل في عامه أو في أعوام . وروي عن سعيد بن المسيب أنه قال : لا ربا في الحيوان ، وإنما نهى عن الحيوان عن ثلاث : عن المضامين والملاقيح وحبل الحبلة ؛ قال سعيد : فالملاقيح ما في ظهور الجمال ، والمضامين ما في بطون الإناث ، قال المزني : وأنا أحفظ أن الشافعي يقول المضامين ما في ظهور الجمال ، والملاقيح ما في بطون الإناث ؛ قال المزني : وأعلمت بقوله عبد الملك بن هشام فأنشدني شاهدا له من شعر العرب :

[ ص: 220 ]

إن المضامين التي في الصلب     ماء الفحول في الظهور الحدب
ليس بمغن عنك جهد اللزب



وأنشد في الملاقيح :


منيتي ملاقحا في الأبطن     تنتج ما تلقح بعد أزمن



قال الأزهري : وهذا هو الصواب . ابن الأعرابي : إذا كان في بطن الناقة حمل ، فهي مضمان وضامن وهي مضامين وضوامن ، والذي في بطنها ملقوح وملقوحة ، ومعنى الملقوح المحمول ، ومعنى اللاقح الحامل . الجوهري : الملاقح الفحول ، الواحد ملقح ، والملاقح أيضا الإناث التي في بطونها أولادها ، الواحدة ملقحة ، بفتح القاف . وفي الحديث : أنه نهى عن بيع الملاقيح والمضامين ؛ قال ابن الأثير : الملاقيح جمع ملقوح ، وهو جنين الناقة ؛ يقال : لقحت الناقة وولدها ملقوح به إلا أنهم استعملوه بحذف الجار ، والناقة ملقوحة ، وإنما نهى عنه لأنه من بيع الغرر ، وسيأتي ذكره في المضامين مستوفى . واللقحة : الناقة من حين يسمن سنام ولدها ، لا يزال ذلك اسمها حتى يمضي لها سبعة أشهر ويفصل ولدها ، وذلك عند طلوع سهيل ، والجمع لقح ولقاح ، فأما لقح فهو القياس ، وأما لقاح فقال سيبويه : كسروا فعلة على فعال كما كسروا فعلة عليه ، حتى قالوا : جفرة وجفار ، قال : وقالوا : لقاحان أسودان جعلوها بمنزلة قولهم إبلان ، ألا ترى أنهم يقولون لقاحة واحدة كما يقولون قطعة واحدة ؟ قال : وهو في الإبل أقوى لأنه لا يكسر عليه شيء . وقيل : اللقحة واللقحة الناقة الحلوب الغزيرة اللبن ولا يوصف به ، ولكن يقال لقحة فلان وجمعه كجمع ما قبله ؛ قال الأزهري : فإذا جعلته نعتا قلت : ناقة لقوح . قال : ولا يقال ناقة لقحة إلا أنك تقول هذه لقحة فلان ؛ ابن شميل : يقال لقحة ولقح ولقوح ولقائح . واللقاح : ذوات الألبان من النوق ، واحدها لقوح ولقحة ؛ قال عدي بن زيد :


من يكن ذا لقح راخيات     فلقاحي ما تذوق الشعيرا
بل حواب في ظلال فسيل     ملئت أجوافهن عصيرا
فتهادرن لذاك زمانا     ثم موتن فكن قبورا



وفي الحديث : نعم المنحة اللقحة . اللقحة ، بالفتح والكسر : الناقة القريبة العهد بالنتاج . وناقة لاقح إذا كانت حاملا ، وقوله :


ولقد تقيل صاحبي من لقحة     لبنا يحل ولحمها لا يطعم



عنى باللقحة فيه المرأة المرضعة وجعل المرأة لقحة لتصح له الأحجية . وتقيل : شرب القيل ، وهو شرب نصف النهار ؛ واستعار بعض الشعراء اللقح لإنبات الأرضين المجدبة ؛ فقال يصف سحابا :


لقح العجاف له لسابع سبعة     فشربن بعد تحلؤ فروينا



يقول : قبلت الأرضون ماء السحاب كما تقبل الناقة ماء الفحل . وقد أسرت الناقة لقحا ولقاحا وأخفت لقحا ولقاحا ؛ قال غيلان :


أسرت لقاحا بعدما كان راضها     فراس وفيها عزة ومياسر



أسرت : كتمت ولم تبشر به ، وذلك أن الناقة إذا لقحت شالت بذنبها وزمت بأنفها واستكبرت فبان لقحها ، وهذه لم تفعل من هذا شيئا . ومياسر : لين ؛ والمعنى أنها تضعف مرة وتدل أخرى ؛ قال :


طوت لقحا مثل السرار فبشرت     بأسحم ريان العشية ، مسبل



قوله : مثل السرار أي مثل الهلال في ليلة السرار . وقيل : إذا نتجت بعض الإبل ولم ينتج بعض فوضع بعضها ولم يضع بعضها ، فهي عشار ، فإذا نتجت كلها ووضعت ، فهي لقاح . ويقال للرجل إذا تكلم فأشار بيديه : تلقحت يداه ؛ يشبه بالناقة إذا شالت بذنبها تري أنها لاقح لئلا يدنو منها الفحل فيقال : تلقحت ؛ وأنشد :


تلقح أيديهم كأن زبيبهم     زبيب الفحول الصيد وهي تلمح



أي أنهم يشيرون بأيديهم إذا خطبوا . والزبيب : شبه الزبد يظهر في صامغي الخطيب إذا زبب شدقاه . وتلقحت الناقة : شالت بذنبها تري أنها لاقح وليست كذلك . واللقح أيضا : الحبل . يقال : امرأة سريعة اللقح قد يستعمل ذلك في كل أنثى ، فإما أن يكون أصلا وإما أن يكون مستعارا . وقولهم : لقاحان أسودان كما قالوا : قطيعان ؛ لأنهم يقولون لقاح واحدة كما يقولون قطيع واحد ، وإبل واحد . قال الجوهري : واللقحة اللقوح ، والجمع لقح مثل قربة وقرب . وروي عن عمر - رضي الله عنه - أنه أوصى عماله إذ بعثهم فقال : وأدروا لقحة المسلمين ؛ قال شمر : قال بعضهم أراد بلقحة المسلمين عطاءهم ؛ قال الأزهري : أراد بلقحة المسلمين درة الفيء والخراج الذي منه عطاؤهم وما فرض لهم ، وإدراره : جبايته وتحلبه ، وجمعه مع العدل في أهل الفيء حتى يحسن حالهم ولا تنقطع مادة جبايتهم . وتلقيح النخل : معروف ، يقال : لقحوا نخلهم وألقحوها . واللقاح : ما تلقح به النخلة من الفحال ؛ يقال : ألقح القوم النخل إلقاحا ولقحوها تلقيحا ، وألقح النخل بالفحالة ولقحه ، وذلك أن يدع الكافور ، وهو وعاء طلع النخل ، ليلتين أو ثلاثا بعد انفلاقه ، ثم يأخذ شمراخا من الفحال ؛ قال : وأجوده ما عتق وكان من عام أول ، فيدسون ذلك الشمراخ في جوف الطلعة وذلك بقدر ؛ قال : ولا يفعل ذلك إلا رجل عالم بما يفعل ؛ لأنه إن كان جاهلا فأكثر منه أحرق الكافور فأفسده ، وإن أقل منه صار الكافور كثير الصيصاء ؛ يعني بالصيصاء ما لا نوى له ، وإن لم يفعل ذلك بالنخلة لم ينتفع بطلعها ذلك العام ؛ واللقح : اسم ما أخذ من الفحال ليدس في الآخر ؛ وجاءنا زمن اللقاح أي التلقيح . وقد لقحت النخيل ، ويقال للنخلة الواحدة : لقحت ، بالتخفيف ، واستلقحت النخلة أي آن لها أن تلقح . وألقحت الريح السحابة والشجرة ونحو ذلك في كل شيء يحمل . واللواقح من الرياح : التي تحمل الندى ثم تمجه في السحاب فإذا اجتمع في السحاب صار مطرا ؛ وقيل : إنما هي ملاقح ، فأما قولهم لواقح فعلى حذف الزائد ؛ قال الله سبحانه : وأرسلنا الرياح لواقح ؛ قال ابن جني : قياسه ملاقح لأن الريح تلقح السحاب ، وقد يجوز أن يكون على لقحت ، فهي لاقح ، فإذا لقحت فزكت ألقحت [ ص: 221 ] السحاب فيكون هذا مما اكتفي فيه بالسبب من المسبب ، وضده قول الله تعالى : فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ؛ أي فإذا أردت قراءة القرآن ، فاكتف بالمسبب الذي هو القراءة من السبب الذي هو الإرادة ؛ ونظيره قول الله تعالى : ياأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة ؛ أي إذا أردتم القيام إلى الصلاة ، هذا كله كلام ابن سيده ؛ وقال الأزهري : قرأها حمزة : وأرسلنا الرياح لواقح ، فهو بين ولكن يقال : إنما الريح ملقحة تلقح الشجر ، فقيل كيف لواقح ؟ ففي ذلك معنيان : أحدهما أن تجعل الريح هي التي تلقح بمرورها على التراب والماء فيكون فيها اللقاح فيقال : ريح لاقح كما يقال ناقة لاقح ، ويشهد على ذلك أنه وصف ريح العذاب بالعقيم فجعلها عقيما إذ لم تلقح ، والوجه الآخر وصفها باللقح وإن كانت تلقح كما قيل ليل نائم والنوم فيه وسر كاتم ، وكما قيل المبروز والمختوم فجعله مبروزا ولم يقل مبرزا ، فجاز مفعول لمفعل كما جاز فاعل لمفعل ، إذا لم يزد البناء على الفعل كما قال : ماء دافق ؛ وقال ابن السكيت : لواقح حوامل ، واحدتها لاقح ؛ وقال أبو الهيثم : ريح لاقح أي ذات لقاح كما درهم وازن أي ذو وزن ، ورجل رامح وسائف ونابل ، ولا يقال رمح ولا ساف ولا نبل ، يراد ذو سيف وذو رمح وذو نبل ؛ قال الأزهري : ومعنى قوله : وأرسلنا الرياح لواقح ؛ أي حوامل ، جعل الريح لاقحا لأنها تحمل الماء والسحاب وتقلبه وتصرفه ، ثم تستدره فالرياح لواقح أي حوامل على هذا المعنى ؛ ومنه قول أبي وجزة :


حتى سلكن الشوى منهن في مسك     من نسل جوابة الآفاق مهداج



سلكن يعني الأتن أدخلن شواهن أي قوائمهن في مسك أي فيما صار كالمسك لأيديهما ، ثم جعل ذلك الماء من نسل ريح تجوب البلاد ، فجعل الماء للريح كالولد لأنها حملته ، ومما يحقق ذلك قوله تعالى : وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا ؛ أي حملت ، فعلى هذا المعنى لا يحتاج إلى أن يكون لاقح بمعنى ذي لقح ، ولكنها تحمل السحاب في الماء ؛ قال الجوهري : رياح لواقح ، ولا يقال ملاقح ، وهو من النوادر ؛ وقد قيل : الأصل فيه ملقحة ، ولكنها لا تلقح إلا وهي في نفسها لاقح ، كأن الرياح لقحت بخير فإذا أنشأت السحاب وفيها خير وصل ذلك إليه . قال ابن سيده : وريح لاقح على النسب تلقح الشجر عنها ، كما قالوا في ضده عقيم . وحرب لاقح : مثل بالأنثى الحامل ؛ وقال الأعشى :


إذا شمرت بالناس شهباء لاقح     عوان شديد همزها ، وأظلت



يقال : همزته بناب أي عضته ؛ وقوله :


ويحك يا علقمة بن ماعز     هل لك في اللواقح الحرائز



قال : عنى باللواقح السياط لأنه لص خاطب لصا . وشقيح لقيح : إتباع . واللقحة واللقحة : الغراب . وقوم لقاح وحي لقاح لم يدينوا للملوك ولم يملكوا ولم يصبهم في الجاهلية سباء ؛ أنشد ابن الأعرابي :


لعمر أبيك والأنباء تنمي     لنعم الحي في الجلى رياح
أبوا دين الملوك فهم لقاح     إذا هيجوا إلى حرب أشاحوا



وقال ثعلب : الحي اللقاح مشتق من لقاح الناقة لأن الناقة إذا لقحت لم تطاوع الفحل ، وليس بقوي . وفي حديث أبي موسى ومعاذ : أما أنا فأتفوقه تفوق اللقوح أي أقرأه متمهلا شيئا بعد شيء بتدبر وتفكر ، كاللقوح تحلب فواقا بعد فواق لكثرة لبنها ، فإذا أتى عليها ثلاثة أشهر حلبت غدوة وعشيا . الأزهري : قال شمر وتقول العرب : إن لي لقحة تخبرني عن لقاح الناس ؛ يقول : نفسي تخبرني فتصدقني عن نفوس الناس ، إن أحببت لهم خيرا أحبوا لي خيرا وإن أحببت لهم شرا أحبوا لي شرا ؛ وقال يزيد بن كثوة : المعنى أني أعرف ما يصير إليه لقاح الناس بما أرى من لقحتي ، يقال عند التأكيد للبصير بخاص أمور الناس وعوامها . وفي حديث رقية العين : أعوذ بك من شر كل ملقح ومخبل . تفسيره في الحديث : أن الملقح الذي يولد له ، والمخبل الذي لا يولد له ، من ألقح الفحل الناقة إذا أولدها . وقال الأزهري في ترجمة صمعر قال الشاعر :


أحية واد نغرة صمعرية     أحب إليكم أم ثلاث لواقح



قال : أراد باللواقح العقارب .

التالي السابق


الخدمات العلمية