صفحة جزء
لمم

لمم : اللم : الجمع الكثير الشديد . واللم : مصدر لم الشيء يلمه لما جمعه وأصلحه . ولم الله شعثه يلمه لما : جمع ما تفرق من أموره وأصلحه . وفي الدعاء : لم الله شعثك أي جمع الله لك ما يذهب شعثك ؛ قال ابن سيده : أي جمع متفرقك وقارب بين شتيت أمرك . وفي الحديث : اللهم المم شعثنا . وفي حديث آخر : وتلم بها شعثي .

هو من اللم الجمع أي اجمع ما تشتت من أمرنا .

ورجل ملم : يلم القوم أي يجمعهم . وتقول : هو الذي يلم أهل بيته وعشيرته ويجمعهم ؛ قال رؤبة :


فابسط علينا كنفي ملم



أي مجمع لشملنا أي يلم أمرنا . ورجل ملم معم إذا كان يصلح أمور الناس ويعم الناس بمعروفه . وقولهم : إن داركما لمومة أي تلم الناس وتربهم وتجمعهم ؛ قال فدكي بن أعبد يمدح علقمة بن سيف :


لأحبني حب الصبي     ولمني لم الهدي إلى الكريم الماجد



ابن شميل : لمة الرجل أصحابه إذا أرادوا سفرا فأصاب من يصحبه فقد أصاب لمة ، والواحد لمة والجمع لمة . وكل من لقي في سفره ممن يؤنسه أو يرفده لمة .

وفي الحديث : لا تسافروا حتى تصيبوا لمة أي رفقة . وفي حديث فاطمة ، رضوان الله عليها ، أنها خرجت في لمة من نسائها تتوطأ ذيلها إلى أبي بكر فعاتبته ، أي في جماعة من نسائها ؛ قال ابن الأثير : قيل هي ما بين الثلاثة إلى العشرة ، وقيل : اللمة المثل في السن والترب ؛ قال الجوهري : الهاء عوض من الهمزة الذاهبة من وسطه ، وهو مما أخذت عينه كسه ومه ، وأصلها فعلة من الملاءمة وهي الموافقة . وفي حديث علي ، كرم الله وجهه : ألا وإن معاوية قاد لمة من الغواة أي جماعة . قال : وأما لمة الرجل مثله فهو مخفف . وفي حديث عمر رضي الله عنه : أن شابة زوجت شيخا فقتلته فقال : أيها الناس ليتزوج كل منكم لمته من النساء ولتنكح المرأة لمتها من الرجال أي شكله وتربه وقرنه في السن . ويقال : لك فيه لمة أي أسوة ؛ قال الشاعر :


فإن نعبر فنحن لنا لمات     وإن نغبر فنحن على ندور



وقال ابن الأعرابي : لمات أي أشباه وأمثال ، وقوله : ( فنحن على ندور ) أي سنموت لا بد من ذلك . وقوله عز وجل : وتأكلون التراث أكلا لما ؛ قال ابن عرفة : أكلا شديدا ، قال ابن سيده : وهو عندي من هذا الباب ، كأنه أكل يجمع التراث ويستأصله ، والآكل يلم الثريد فيجعله لقما ؛ قال الله عز وجل : وتأكلون التراث أكلا لما ؛ قال الفراء : أي شديدا ، وقال الزجاج : أي تأكلون تراث اليتامى لما أي تلمون بجميعه . وفي الصحاح : أكلا لما أي نصيبه ونصيب [ ص: 236 ] صاحبه . قال أبو عبيدة : يقال لممته أجمع حتى أتيت على آخره . وفي حديث المغيرة : تأكل لما وتوسع ذما أي تأكل كثيرا مجتمعا . وروى الفراء عن الزهري أنه قرأ : وإن كلا لما - منون - ليوفينهم . قال : يجعل اللم شديدا كقوله تعالى : وتأكلون التراث أكلا لما ؛ قال الزجاج : أراد وإن كلا ليوفينهم جمعا لأن معنى اللم الجمع ، تقول : لممت الشيء ألمه لما إذا جمعته . الجوهري : وإن كلا لما ليوفينهم بالتشديد قال الفراء : أصله لمما فلما كثرت فيها الميمات حذفت منها واحدة ، وقرأ الزهري : لما ، بالتنوين ، أي جميعا ؛ قال الجوهري : ويحتمل أن يكون أن صلة لمن من ، فحذفت منها إحدى الميمات ؛ قال ابن بري : صوابه أن يقول ويحتمل أن يكون أصله لمن من ، قال : وعليه يصح الكلام يريد أن لما في قراءة الزهري أصلها لمن من فحذفت الميم ، قال : وقول من قال لما بمعنى إلا ، فليس يعرف في اللغة . قال ابن بري : وحكى سيبويه نشدتك الله لما فعلت بمعنى إلا فعلت ، وقرئ إن كل نفس لما عليها حافظ ؛ أي ما كل نفس إلا عليها حافظ ، وإن كل نفس لعليها حافظ . وورد في الحديث : أنشدك الله لما فعلت كذا ، وتخفف الميم وتكون ما زائدة ، وقرئ بهما لما عليها حافظ . والإلمام واللمم : مقاربة الذنب ، وقيل : اللمم ما دون الكبائر من الذنوب . وفي التنزيل العزيز : الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم ؛ وألم الرجل : من اللمم وهو صغار الذنوب ؛ وقال أمية :


إن تغفر اللهم تغفر جما     وأي عبد لك لا ألما



ويقال : هو مقاربة المعصية من غير مواقعة . وقال الأخفش : اللمم المقارب من الذنوب ؛ قال ابن بري : الشعر لأمية بن أبي الصلت ؛ قال : وذكر عبد الرحمن عن عمه عن يعقوب عن مسلم بن أبي طرفة الهذلي قال : مر أبو خراش يسعى بين الصفا والمروة وهو يقول :


لاهم هذا خامس إن تما     أتمه الله وقد أتما
إن تغفر اللهم تغفر جما     وأي عبد لك لا ألما



قال أبو إسحاق : قيل اللمم نحو القبلة والنظرة وما أشبهها ، وذكر الجوهري في فصل نول : إن اللمم التقبيل في قول وضاح اليمن :


فما نولت حتى تضرعت عندها     وأنبأتها ما رخص الله في اللمم



وقيل : إلا اللمم : إلا أن يكون العبد ألم بفاحشة ثم تاب ، قال : ويدل عليه قوله تعالى : إن ربك واسع المغفرة ؛ غير أن اللمم أن يكون الإنسان قد ألم بالمعصية ولم يصر عليها ، وإنما الإلمام في اللغة يوجب أنك تأتي في الوقت ولا تقيم على الشيء ، فهذا معنى اللمم ؛ قال أبو منصور : ويدل على صواب قوله قول العرب : ألممت بفلان إلماما وما تزورنا إلا لماما ؛ قال أبو عبيد : معناه الأحيان على غير مواظبة ، وقال الفراء في قوله : إلا اللمم : يقول إلا المتقارب من الذنوب الصغيرة ، قال : وسمعت بعض العرب يقول : ضربته ما لمم القتل ؛ يريدون ضربا متقاربا للقتل ، قال : وسمعت آخر يقول : ألم يفعل كذا في معنى كاد يفعل ، قال : وذكر الكلبي أنها النظرة من غير تعمد ، فهي لمم وهي مغفورة ، فإن أعاد النظر فليس بلمم ، وهو ذنب . وقال ابن الأعرابي : اللمم من الذنوب ما دون الفاحشة . وقال أبو زيد : كان ذلك منذ شهرين أو لممهما ، ومذ شهر ولممه أو قراب شهر . وفي حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : وإن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلم ؛ قال أبو عبيد : معناه أو يقرب من القتل ؛ ومنه الحديث الآخر في صفة الجنة : فلولا أنه شيء قضاه الله لألم أن يذهب بصره . يعني لما يرى فيها ، أي لقرب أن يذهب بصره . وقال أبو زيد : في أرض فلان من الشجر الملم كذا وكذا ، وهو الذي قارب أن يحمل . وفي حديث الإفك : وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله ، أي قاربت ، وقيل : اللمم مقاربة المعصية من غير إيقاع فعل ، وقيل : هو من اللمم صغار الذنوب . وفي حديث أبي العالية : إن اللمم ما بين الحدين حد الدنيا وحد الآخرة أي صغار الذنوب التي ليست عليها حد في الدنيا ولا في الآخرة . والإلمام : النزول . وقد ألم به أي نزل به . ابن سيده : لم به وألم والتم نزل . وألم به : زاره غبا . الليث : الإلمام الزيارة غبا ، والفعل ألممت به وألممت عليه . ويقال : فلان يزورنا لماما أي في الأحايين . قال ابن بري : اللمام اللقاء اليسير ، واحدتها لمة ، عن أبي عمرو . وفي حديث جميلة : أنها كانت تحت أوس بن الصامت وكان رجلا به لمم ، فإذا اشتد لممه ظاهر من امرأته فأنزل الله كفارة الظهار ، قال ابن الأثير : اللمم هاهنا الإلمام بالنساء وشدة الحرص عليهن ، وليس من الجنون ، فإنه لو ظاهر في تلك الحال لم يلزمه شيء . وغلام ملم : قارب البلوغ والاحتلام . ونخلة ملم وملمة : قاربت الإرطاب . وقال أبو حنيفة : هي التي قاربت أن تثمر . والملمة : النازلة الشديدة من شدائد الدهر ونوازل الدنيا ؛ وأما قول عقيل بن أبي طالب :


أعيذه من حادثات اللمه



فيقال : هو الدهر . ويقال : الشدة ، ووافق الرجز من غير قصد ؛ وبعده :


ومن مريد همه وغمه



وأنشد الفراء :


عل صروف الدهر أو دولاتها     تديلنا اللمة من لماتها
فتستريح النفس من زفراتها



قال ابن بري : وحكي أن قوما من العرب يخفضون بلعل ، وأنشد :


لعل أبي المغوار منك قريب



وجمل ملموم وململم : مجتمع وكذلك الرجل ، ورجل ململم : وهو المجموع بعضه إلى بعض . وحجر ململم : مدملك صلب مستدير ، وقد لملمه إذا أداره . وحكي عن أعرابي : جعلنا نلملم مثل القطا الكدري من الثريد ، وكذلك الطين ، وهي اللملمة . ابن شميل : ناقة ململمة ، وهي المدارة الغليظة الكثيرة اللحم المعتدلة الخلق . وكتيبة ملمومة وململمة : مجتمعة ، وحجر ملموم وطين ملموم ؛ قال أبو النجم يصف هامة جمل :

[ ص: 237 ]

ملمومة لما كظهر الجنبل



وململمة الفيل : خرطومه . وفي حديث سويد بن غفلة : أتانا مصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتاه رجل بناقة ململمة فأبى أن يأخذها ، قال : هي المستديرة سمنا ، من اللم الضم والجمع ؛ قال ابن الأثير : وإنما ردها لأنه نهي أن يؤخذ في الزكاة خيار المال . وقدح ملموم : مستدير ؛ عن أبي حنيفة . وجيش لملم : كثير مجتمع ، وحي لملم كذلك ، قال ابن أحمر :


من دونهم إن جئتهم سمرا     حي حلال لملم عسكر



وكتيبة ململمة وملمومة أيضا أي مجتمعة مضموم بعضها إلى بعض . وصخرة ملمومة ململمة أي مستديرة صلبة . واللمة : شعر الرأس ، بالكسر ، إذا كان فوق الوفرة ، وفي الصحاح ؛ يجاوز شحمة الأذن ، فإذا بلغت المنكبين فهي جمة . واللمة : الوفرة ، وقيل : فوقها ، وقيل : إذا ألم الشعر بالمنكب فهو لمة ، وقيل : إذا جاوز شحمة الأذن ، وقيل : هو دون الجمة ، وقيل : أكثر منها ، والجمع لمم ولمام ، قال ابن مفرغ :


شدخت غرة السوابق منهم     في وجوه مع اللمام الجعاد



وفي الحديث : ما رأيت ذا لمة أحسن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، اللمة من شعر الرأس : دون الجمة ، سميت بذلك لأنها ألمت بالمنكبين ، فإذا زادت فهي الجمة . وفي حديث رمثة : فإذا رجل له لمة ؛ يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - . وذو اللمة : فرس سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وذو اللمة أيضا : فرس عكاشة بن محصن . ولمة الوتد : ما تشعث منه ؛ وفي التهذيب : ما تشعث من رأس الموتود بالفهر ؛ قال :


وأشعث في الدار ذي لمة     يطيل الحفوف ، ولا يقمل



وشعر ملمم وململم : مدهون ؛ قال :


وما التصابي للعيون الحلم     بعد ابيضاض الشعر الململم



العيون هنا سادة القوم ، ولذلك قال الحلم ولم يقل الحالمة . واللمة : الشيء المجتمع . واللمة واللمم ، كلاهما : الطائف من الجن . ورجل ملموم : به لمم ، وملموس وممسوس أي به لمم ومس ، وهو من الجنون . واللمم : الجنون ، وقيل : طرف من الجنون يلم بالإنسان ، وهكذا كل ما ألم بالإنسان طرف منه ؛ وقال عجير السلولي :


وخالط مثل اللحم واحتل قيده     بحيث تلاقى عامر وسلول



وإذا قيل : بفلان لمة ، فمعناه أن الجن تلم الأحيان . وفي حديث بريدة : أن امرأة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فشكت إليه لمما بابنتها ؛ قال شمر : هو طرف من الجنون يلم بالإنسان أي يقرب منه ويعتريه ، فوصف لها الشونيز ، وقال : سينفع من كل شيء إلا السام وهو الموت . ويقال : أصابت فلانا من الجن لمة ، وهو المس والشيء القليل ؛ قال ابن مقبل :


فإذا وذلك يا كبيشة لم يكن     إلا كلمة حالم بخيال



قال ابن بري : قوله فإذا وذلك مبتدأ ، والواو زائدة ؛ قال : كذا ذكره الأخفش ولم يكن خبره ، وأنشد ابن بري لحباب بن عمار السحيمي :


بنو حنيفة حي حين تبغضهم     كأنهم جنة أو مسهم لمم



واللامة : ما تخافه من مس أو فزع . واللامة : العين المصيبة وليس لها فعل ، هو من باب دارع . وقال ثعلب : اللامة ما ألم بك ونظر إليك ؛ قال ابن سيده : وهذا ليس بشيء . والعين اللامة : التي تصيب بسوء . يقال : أعيذه من كل هامة ولامة . وفي حديث ابن عباس قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعوذ الحسن والحسين ، وفي رواية : أنه عوذ ابنيه ، قال : وكان أبوكم إبراهيم يعوذ إسحاق و يعقوب بهؤلاء الكلمات : أعيذكما بكلمة الله التامة من كل شيطان وهامة ، وفي رواية : من شر كل سامة ، ومن كل عين لامة ؛ قال أبو عبيد : قال لامة ولم يقل ملمة ، وأصلها من ألممت بالشيء تأتيه وتلم به ليزاوج قوله من شر كل سامة ، وقيل : لأنه لم يرد طريق الفعل ، ولكن يراد أنها ذات لمم فقيل على هذا لامة كما قال النابغة :


كليني لهم يا أميمة ناصب



ولو أراد الفعل لقال منصب . وقال الليث : العين اللامة هي العين التي تصيب الإنسان ، ولا يقولون لمته العين ولكن حمل على النسب بذي وذات . وفي حديث ابن مسعود قال : لابن آدم لمتان : لمة من الملك ، ولمة من الشيطان ، فأما لمة الملك فاتعاد بالخير وتصديق بالحق وتطييب بالنفس ، وأما لمة الشيطان فاتعاد بالشر وتكذيب بالحق وتخبيث بالنفس . وفي الحديث : فأما لمة الملك فيحمد الله عليها ويتعوذ من لمة الشيطان ؛ قال شمر : اللمة الهمة والخطرة تقع في القلب ؛ قال ابن الأثير : أراد إلمام الملك أو الشيطان به والقرب منه ، فما كان من خطرات الخير فهو من الملك ، وما كان من خطرات الشر فهو من الشيطان . واللمة : كالخطرة والزورة والأتية ؛ قال أوس بن حجر :


وكان ، إذا ما التم منها بحاجة     يراجع هترا من تماضر هاترا



يعني داهية ، جعل تماضر اسم امرأة داهية . قال : والتم من اللمة أي زار ، وقيل في قوله للشيطان لمة أي دنو ، وكذلك للملك لمة أي دنو . ويلملم وألملم على البدل : جبل ، وقيل : موضع ، وقال ابن جني : هو ميقات ، وفي الصحاح : ميقات أهل اليمن . قال ابن سيده ؛ ولا أدري ما عنى بهذا اللهم إلا أن يكون الميقات هنا معلما من معالم الحج ، التهذيب : هو ميقات أهل اليمن للإحرام بالحج موضع بعينه . التهذيب : وأما لما ، مرسلة الألف مشددة الميم غير منونة ، فلها معان في كلام العرب : أحدها أنها تكون بمعنى الحين إذا ابتدئ بها ، أو كانت معطوفة بواو أو فاء وأجيبت بفعل يكون جوابها كقولك : لما جاء القوم قاتلناهم أي حين جاءوا كقول الله عز وجل : ولما ورد ماء مدين ؛ وقال : فلما بلغ معه السعي قال يابني معناه كله حين ؛ وقد يقدم الجواب عليها فيقال : استعد القوم لقتال العدو لما أحسوا بهم أي حين أحسوا بهم ، وتكون لما بمعنى لم الجازمة ؛ قال الله عز وجل : بل لما يذوقوا عذاب ؛ أي لم يذوقوه ، وتكون بمعنى إلا [ ص: 238 ] في قولك : سألتك لما فعلت ، بمعنى إلا فعلت ، وهي لغة هذيل بمعنى إلا إذا أجيب بها إن التي هي جحد كقوله عز وجل : إن كل نفس لما عليها حافظ ؛ فيمن قرأ به ، معناه ما كل نفس إلا عليها حافظ ، ومثله قوله تعالى : وإن كل لما جميع لدينا محضرون ؛ شددها عاصم ، والمعنى ما كل إلا جميع لدينا . وقال الفراء : لما إذا وضعت في معنى إلا فكأنها لم ضمت إليها ما ، فصارا جميعا بمعنى إن التي تكون جحدا ، فضموا إليها لا فصارا جميعا حرفا واحدا وخرجا من حد الجحد ، وكذلك لما ؛ قال : ومثل ذلك قولهم : لولا إنما هي لو ولا جمعتا ، فخرجت لو من حدها ولا من الجحد إذ جمعتا فصيرتا حرفا ؛ قال : وكان الكسائي يقول لا أعرف وجه لما بالتشديد ؛ قال أبو منصور : ومما يدلك على أن لما تكون بمعنى إلا مع إن التي تكون جحدا قول الله عز وجل : إن كل إلا كذب الرسل ؛ وهي قراءة قراء الأمصار ؛ وقال الفراء : وهي في قراءة عبد الله : إن كلهم لما كذب الرسل ، قال : والمعنى واحد . وقال الخليل : لما تكون انتظارا لشيء متوقع ، وقد تكون انقطاعة لشيء قد مضى ؛ قال أبو منصور : وهذا كقولك : لما غاب قمت . قال الكسائي : لما تكون جحدا في مكان ، وتكون وقتا في مكان ، وتكون انتظارا لشيء متوقع في مكان ، وتكون بمعنى إلا في مكان ؛ تقول : بالله لما قمت عنا ، بمعنى إلا قمت عنا ، وأما قوله عز وجل : وإن كلا لما ليوفينهم ؛ فإنها قرئت مخففة ومشددة ، فمن خففها جعل ما صلة ، المعنى وإن كلا ليوفينهم ربك أعمالهم ، واللام في لما لام إن ، وما زائدة مؤكدة لم تغير المعنى ولا العمل ؛ وقال الفراء في لما هاهنا ، بالتخفيف ، قولا آخر جعل ما اسما للناس ، كما جاز في قوله تعالى : فانكحوا ما طاب لكم من النساء ؛ أن تكون بمعنى من طاب لكم ، المعنى وإن كلا لما ليوفينهم ؛ وأما اللام التي في قوله ليوفينهم فإنها لام دخلت على نية يمين فيما بين ما وبين صلتها ، كما تقول هذا من ليذهبن ، وعندي من لغيره خير منه ؛ ومثله قوله عز وجل : وإن منكم لمن ليبطئن ؛ وأما من شدد لما من قوله لما ليوفينهم ، فإن الزجاج جعلها بمعنى إلا ، وأما الفراء فإنه زعم أن معناه لمن ما ، ثم قلبت النون ميما فاجتمعت ثلاث ميمات ، فحذفت إحداهن وهي الوسطى فبقيت لما ؛ قال الزجاج : وهذا القول ليس بشيء أيضا لأن من . . . لا يجوز حذفها لأنها اسم على حرفين ، قال : وزعم المازني أن لما أصلها لما ، خفيفة ، ثم شددت الميم ؛ قال الزجاج : وهذا القول ليس بشيء أيضا لأن الحروف نحو رب وما أشبهها يخفف ، ولا يثقل ما كان خفيفا فهذا منتقض ، قال : وهذا جميع ما قالوه في لما مشددة ، وما ولما مخففتان مذكورتان في موضعهما . ابن سيده : ومن خفيفه لم وهو حرف جازم ينفى به ما قد مضى ، وإن لم يقع بعده إلا بلفظ الآتي . التهذيب : وأما لم فإنه لا يليها إلا الفعل الغابر وهي تجزمه كقولك : لم يفعل ولم يسمع ، قال الله تعالى : لم يلد ولم يولد ؛ قال الليث : لم عزيمة فعل قد مضى ، فلما جعل الفعل معها على جهة الفعل الغابر جزم ، وذلك قولك : لم يخرج زيد إنما معناه لا خرج زيد ، فاستقبحوا هذا اللفظ في الكلام فحملوا الفعل على بناء الغابر ، فإذا أعيدت لا ولا مرتين أو أكثر حسن حينئذ ، لقول الله عز وجل : فلا صدق ولا صلى ؛ أي لم يصدق ولم يصل قال : وإذا لم يعد لا فهو في المنطق قبيح ، وقد جاء قال أمية :


وأي عبد لك لا ألما



أي لم يلم . الجوهري : لم حرف نفي لما مضى ، تقول : لم يفعل ذاك ، تريد أنه لم يكن ذلك الفعل منه فيما مضى من الزمان ، وهي جازمة ، وحروف الجزم : لم ولما وألم وألما ؛ قال سيبويه : لم نفي لقولك هو يفعل إذا كان في حال الفعل ، ولما نفي لقولك قد فعل ، يقول الرجل : قد مات فلان ، فتقول : لما ولم يمت ، ولما أصله لم أدخل عليه ما ، وهو يقع موقع لم ، تقول : أتيتك ولما أصل إليك أي ولم أصل إليك ؛ قال : وقد يتغير معناه عن معنى لم فتكون جوابا وسببا لما وقع ولما لم يقع ؛ تقول : ضربته لما ذهب ولما لم يذهب ، وقد يختزل الفعل بعده تقول : قاربت المكان ولما ، تريد ولما أدخله ؛ وأنشد ابن بري :


فجئت قبورهم بدءا ولما     فناديت القبور فلم تجبنه



البدء : السيد أي سدت بعد موتهم ، وقوله : ولما أي ولما أكن سيدا ، قال : ولا يجوز أن يختزل الفعل بعد لم . وقال الزجاج : لما جواب لقول القائل قد فعل فلان ، فجوابه : لما يفعل ، وإذا قال فعل فجوابه : لم يفعل ، وإذا قال لقد فعل ، فجوابه : ما فعل ، كأنه قال : والله لقد فعل ، فقال المجيب والله ما فعل ، وإذا قال : هو يفعل ، يريد ما يستقبل ، فجوابه : لن يفعل ولا يفعل ، قال : وهذا مذهب النحويين . قال : ولم ، بالكسر ، حرف يستفهم به ، تقول : لم ذهبت ؟ ولك أن تدخل عليه ما ثم تحذف منه الألف ، قال الله تعالى : عفا الله عنك لم أذنت لهم ؛ ولك أن تدخل عليها الهاء في الوقف فتقول لمه ، وقول زياد الأعجم :


يا عجبا والدهر جم عجبه     من عنزي سبني لم أضربه



فإنه لما وقف على الهاء نقل حركتها إلى ما قبلها ، والمشهور في البيت الأول :


عجبت والدهر كثير عجبه



قال ابن بري : قول الجوهري : لم حرف يستفهم به ، تقول لم ذهبت ؟ ولك أن تدخل عليه ما قال : وهذا كلام فاسد لأن ما هي موجودة في لم ، واللام هي الداخلة عليها ، وحذفت ألفها فرقا بين الاستفهامية والخبرية ، وأما ألم فالأصل فيها لم أدخل عليها ألف الاستفهام ، قال : وأما لم فإنها ما التي تكون استفهاما وصلت بلام ، وسنذكرها مع معاني اللامات ووجوهها ، إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية