صفحة جزء
مأن

مأن : المأن والمأنة : الطفطفة ، والجمع مأنات ومئون أيضا على فعول ، مثل بدرة وبدور على غير قياس ، وأنشد أبو زيد :


إذا ما كنت مهدية ، فأهدي من المأنات أو قطع السنام

وقيل : هي شحمة لازقة بالصفاق من باطنه مطيفته كله ، وقيل : هي السرة وما حولها ، وقيل : هي لحمة تحت السرة إلى العانة ، وقيل : المأنة من الفرس السرة وما حولها ، ومن البقر الطفطفة . والمأنة : شحمة قص الصدر ، وقيل : هي باطن الكركرة . قال سيبويه : المأنة تحت الكركرة ، كذا قال تحت الكركرة ولم يقل ما تحت ، والجمع مأنات ومؤون ; وأنشد :


يشبهن السفين ، وهن بخت     عراضات الأباهر والمئون

ومأنه يمأنه مأنا : أصاب مأنته ، وهو ما بين سرته وعانته وشرسوفه . وقيل : مأنة الصدر لحمة سمينة أسفل الصدر كأنها لحمة فضل ; قال : وكذلك مأنة الطفطفة . وجاءه أمر ما مأن له أي لم يشعر به . وما مأن مأنه ; عن ابن الأعرابي ، أي ما شعر به . وأتاني أمر ما مأنت مأنه وما مألت مأله ولا شأنت شأنه أي ما تهيأت له ; عن يعقوب ، وزعم أن اللام مبدلة من النون . قال اللحياني : أتاني ذلك وما مأنت مأنه أي ما علمت علمه ، وقال بعضهم : ما انتبهت له ولا شعرت به ولا تهيأت له ولا أخذت أهبته ولا احتفلت به ، ويقال من ذلك : ولا هؤت هوأه ولا ربأت ربأه . ويقال : هو يمأنه أي يعلمه . الفراء : أتاني وما مأنت مأنه أي لم أكترث له ، وقيل : من غير أن تهيأت له ولا أعددت ولا عملت فيه ، وقال أعرابي من سليم : أي ما علمت بذلك . والتمئنة : الإعلام . والمئنة : العلامة . قال ابن بري : قال الأزهري : الميم في مئنة زائدة لأن وزنها مفعلة ، وأما الميم في تمئنة فأصل لأنها من مأنت أي تهيأت ، فعلى هذا تكون التمئنة التهيئة . وقال أبو زيد : هذا أمر ما مأنت له أي لم أشعر به . أبو سعيد : امأن مأنك أي اعمل ما تحسن . ويقال : أنا أمأنه أي أحسنه وكذلك اشأن شأنك ; وأنشد :


إذا ما علمت الأمر أقررت علمه     ولا أدعي ما لست أمأنه جهلا
كفى بامرئ يوما يقول بعلمه     ويسكت عما ليس يعلمه فضلا

الأصمعي : ماأنت في هذا الأمر على وزن ماعنت أي روأت . والمئونة : القوت . مأن القوم ومانهم : قام عليهم ; وقول الهذلي :


رويد عليا جد ما ثدي أمهم إلينا     ولكن ودهم متمائن

معناه قديم وهو من قولهم : جاءني الأمر وما مأنت فيه مأنة أي ما طلبته ولا أطلت التعب فيه ، والتقاؤهما إذا في معنى الطول والبعد ، وهذا معنى القدم ، وقد روي متماين ، بغير همز ، فهو حينئذ من المين وهو الكذب ، ويروى متيامن أي مائل إلى اليمن . الفراء : أتاني وما مأنت مأنه أي من غير أن تهيأت ولا أعددت ولا عملت فيه ، ونحو ذلك قال أبو منصور ، وهذا يدل على أن المئونة في الأصل مهموزة ، وقيل : المئونة فعولة من منته أمونه مونا ، وهمزة مئونة لانضمام واوها ; قال : وهذا حسن . وقال الليث : المائنة اسم ما يمون أي يتكلف من المئونة . الجوهري : المئونة تهمز ولا تهمز وهي فعولة ، وقال الفراء : هي مفعلة من الأين وهو التعب والشدة . ويقال : هو مفعلة من الأون وهو الخرج والعدل لأنها ثقل على الإنسان ; قال الخليل : ولو كان مفعلة لكان مئينة مثل معيشة ; قال : وعند الأخفش يجوز أن تكون مفعلة . ومأنت القوم أمأنهم مأنا إذا احتملت مئونتهم ، ومن ترك الهمز قال منتهم أمونهم ; قال ابن بري : إن جعلت المئونة من مانهم يمونهم لم تهمز ، وإن جعلتها من مأنت همزتها ; قال : والذي نقله الجوهري من مذهب الفراء أن مئونة من الأين وهو التعب والشدة صحيح إلا أنه أسقط تمام الكلام ، وتمامه والمعنى أنه عظيم التعب في الإنفاق على من يعول ، وقوله : ويقال هو مفعلة من الأون ، وهو الخرج والعدل ، هو قول المازني إلا أنه غير بعض الكلام ; فأما الذي غيره فهو قوله : إن الأون الخرج وليس هو الخرج ، وإنما قال : والأونان جانبا الخرج وهو الصحيح ; لأن أون الخرج جانبه وليس إياه ، وكذا ذكره الجوهري أيضا في فصل أ و ن ، وقال المازني : لأنها ثقل على الإنسان يعني المئونة ، فغيره الجوهري فقال : لأنه ; فذكر الضمير وأعاده على الخرج ، وأما الذي أسقطه فهو قوله بعده : ويقال للأتان إذا أقربت وعظم بطنها : قد أونت وإذا أكل الإنسان وامتلأ بطنه وانتفخت خاصرتاه قيل : أون تأوينا ; قال رؤبة :


سرا وقد أون تأوين العقق



انقضى كلام المازني . قال ابن بري : وأما قول الجوهري ; قال الخليل : لو كان مفعلة لكان مئينة ; قال : صوابه أن يقول : لو كان مفعلة من الأين دون الأون لأن قياسها من الأين مئينة ومن الأون مئونة وعلى قياس مذهب الأخفش أن مفعلة من الأين مئونة ، خلاف قول الخليل ، وأصلها على مذهب الأخفش مأينة ، فنقلت حركة الياء إلى الهمزة فصارت مئوينة فانقلبت الياء واوا لسكونها وانضمام ما قبلها قال : وهذا مذهب الأخفش . وإنه لمئنة من كذا أي خليق . ومأنت فلانا تمئنة أي أعلمته ، وأنشد الأصمعي للمرار الفقعسي :

[ ص: 10 ]

فتهامسوا شيئا فقالوا عرسوا     من غير تمئنة لغير معرس

أي من غير تعريف ، ولا هو في موضع التعريس ; قال ابن بري : الذي في شعر المرار فتناءموا أي تكلموا من النئيم ، وهو الصوت ; قال : وكذا رواه ابن حبيب وفسر ابن حبيب التمئنة بالطمأنينة ; يقول : عرسوا بغير موضع طمأنينة ، وقيل : يجوز أن يكون مفعلة من المئنة التي هي الموضع المخلق للنزول أي في غير موضع تعريس ولا علامة تدلهم عليه . وقال ابن الأعرابي : تمئنة تهيئة ولا فكر ولا نظر ، وقال ابن الأعرابي : هو تفعلة من المئونة التي هي القوت ، وعلى ذلك استشهد بالقوت ، وقد ذكرنا أنه مفعلة ، فهو على هذا ثنائي . والمئنة : العلامة . وفي حديث ابن مسعود : إن طول الصلاة وقصر الخطبة مئنة من فقه الرجل أي إن ذلك مما يعرف به فقه الرجل . قال ابن الأثير : وكل شيء دل على شيء فهو مئنة له كالمخلقة والمجدرة ; قال ابن الأثير : وحقيقتها أنها مفعلة من معنى " إن " التي للتحقيق والتأكيد ، غير مشتقة من لفظها لأن الحروف لا يشتق منها ، وإنما ضمنت حروفها دلالة على أن معناها فيها ، قال : ولو قيل إنها اشتقت من لفظها بعدما جعلت اسما لكان قولا ، قال : ومن أغرب ما قيل فيها إن الهمزة بدل من ظاء المظنة ، والميم في ذلك كله زائدة . قال الأصمعي : سألني شعبة عن هذا فقلت مئنة أي علامة لذلك وخليق لذلك ; قال الراجز :


إن اكتحالا بالنقي الأبلج     ونظرا في الحاجب المزجج
مئنة من الفعال الأعوج



قال : وهذا الحرف هكذا يروى في الحديث والشعر بتشديد النون ; قال : وحقه عندي أن يقال مئينة مثال معينة على فعيلة ; لأن الميم أصلية ، إلا أن يكون أصل هذا الحرف من غير هذا الباب فيكون مئنة مفعلة من " إن " المكسورة المشددة ، كما يقال : هو معساة من كذا أي مجدرة ومظنة ، وهو مبني من عسى ، وكان أبو زيد يقول مئتة ، بالتاء ، أي مخلقة لذلك ومجدرة ومحراة ونحو ذلك ، وهو مفعلة من أته يؤته أتا إذا غلبه بالحجة ، وجعل أبو عبيد الميم فيه أصلية ، وهي ميم مفعلة . قال ابن بري : المئنة ، على قول الأزهري ، كان يجب أن تذكر في فصل أنن ، وكذا قال أبو علي في " التذكرة " وفسره في الرجز الذي أنشده الجوهري :


إن اكتحالا بالنقي الأبلج



قال : والنقي الثغر ، ومئنة مخلقة ، وقوله من الفعال الأعوج أي هو حرام لا ينبغي . والمأن : الخشبة في رأسها حديدة تثار بها الأرض ; عن أبي عمرو وابن الأعرابي .

التالي السابق


الخدمات العلمية