صفحة جزء
مأي

مأي : مأيت في الشيء أمأى مأيا : بالغت . ومأى الشجر مأيا : طلع ، وقيل : أورق . ومأوت الجلد والدلو والسقاء مأوا ، ومأيت السقاء مأيا إذا وسعته ومددته حتى يتسع . وتمأى الجلد يتمأى تمئيا توسع ، وتمأت الدلو كذلك ، وقيل : تمئيها امتدادها ، وكذلك الوعاء ، تقول : تمأى السقاء والجلد فهو يتمأى تمئيا وتمؤوا ، إذا مددته فاتسع ، وهو تفعل ، وقال :


دلو تمأى دبغت بالحلب أو بأعالي السلم المضرب     بلت بكفي عزب مشذب
إذا اتقتك بالنفي الأشهب     فلا تقعسرها ولكن صوب



وقال الليث : المأي النميمة بين القوم . مأيت بين القوم : أفسدت ، وقال الليث : مأوت بينهم إذا ضربت بعضهم ببعض ، ومأيت إذا دببت بينهم بالنميمة ، وأنشد :


ومأى بينهم أخو نكرات     لم يزل ذا نميمة مأآأا

وامرأة مأآءة : نمامة مثل معاعة ، ومستقبله يمأى . قال ابن سيده : ومأى بين القوم مأيا أفسد ونم . الجوهري : مأى ما بينهم مأيا أي أفسد ; قال العجاج :


ويعتلون من مأى في الدحس     بالمأس يرقى فوق كل مأس

والدحس والمأس : الفساد . وقد تمأى ما بينهم أي فسد . وتمأى فيهم الشر : فشا واتسع . وامرأة ماءة ، على مثل ماعة : نمامة مقلوب ، وقياسه مآة على مثال معاة ، وماء السنور يموء مواء ، ومأت السنور كذلك إذا صاحت ، مثل أمت تأمو أماء ، وقال غيره : ماء السنور يموء كمأى . أبو عمرو : أموى إذا صاح صياح السنور . والمائة : عدد معروف ، وهي من الأسماء الموصوف بها ، حكى سيبويه : مررت برجل مائة إبله ، قال : والرفع الوجه ، والجمع مئات ومئون على وزن معون ، ومئ مثال مع ، وأنكر سيبويه هذه الأخيرة ; قال : لأن بنات الحرفين لا يفعل بها كذا ، يعني أنهم لا يجمعون عليها ما قد ذهب منها في الإفراد ثم حذف الهاء في الجمع ; لأن ذلك إجحاف في الاسم ، وإنما هو عند أبي علي المئي . الجوهري في المائة من العدد : أصلها مئى مثل معى ، والهاء عوض من الياء ، وإذا جمعت بالواو والنون قلت : مئون ، بكسر الميم ، وبعضهم يقول : مئون ، بالضم ; قال الأخفش : ولو قلت مئات مثل معات لكان جائزا ; قال ابن بري : أصلها مئي . قال أبو الحسن : سمعت مئيا في معنى مائة عن العرب ، ورأيت هنا حاشية بخط الشيخ رضي الدين الشاطبي اللغوي - رحمه الله - قال : أصلها مئية ، قال أبو الحسن : سمعت مئية في معنى مائة ; قال : كذا حكاه الثمانيني في التصريف ، قال : وبعض العرب يقول مائة درهم ، يشمون شيئا من الرفع في الدال ولا يبينون ، وذلك الإخفاء ، قال ابن بري : يريد مائة درهم بإدغام التاء في الدال من درهم ، ويبقى الإشمام على حد قوله تعالى : ما لك لا تأمنا ، وقول امرأة من بني عقيل تفخر بأخوالها من اليمن ، وقال أبو زيد إنه للعامرية :


حيدة خالي ولقيط وعلي     وحاتم الطائي وهاب المئي
ولم يكن كخالك العبد الدعي



[ ص: 11 ]

يأكل أزمان الهزال والسني     هنات عير ميت غير ذكي



قال ابن سيده : أراد المئي فخفف ، كما قال الآخر :


ألم تكن تحلف بالله العلي     إن مطاياك لمن خير المطي

ومثله قول مزرد :


وما زودوني غير سحق عباءة     وخمسمئ منها قسي وزائف

قال الجوهري : هما عند الأخفش محذوفان مرخمان ، وحكي عن يونس : أنه جمع بطرح الهاء مثل تمرة وتمر ، قال : وهذا غير مستقيم ; لأنه لو أراد ذلك لقال مئى مثل معى ، كما قالوا في جمع لثة لثى ، وفي جمع ثبة ثبا ، وقال في المحكم في بيت مزرد : أراد مئي فعول كحلية وحلي فحذف ، ولا يجوز أن يريد مئين فيحذف النون ، لو أراد ذلك لكان مئي بياء ، وأما في غير مذهب سيبويه فمئ من خمسمئ جمع مائة كسدرة وسدر ، قال : وهذا ليس بقوي لأنه لا يقال خمس تمر ، يراد به خمس تمرات ، وأيضا فإن بنات الحرفين لا تجمع هذا الجمع ، أعني الجمع الذي لا يفارق واحده إلا بالهاء ، وقوله :


ما كان حاملكم منا ورافدكم     وحامل المين بعد المين والألف

إنما أراد المئين فحذف الهمزة ، وأراد الآلاف فحذف ضرورة . وحكى أبو الحسن : رأيت مئيا في معنى مائة ، حكاه ابن جني ، قال : وهذا دلالة قاطعة على كون اللام ياء ، قال : ورأيت ابن الأعرابي قد ذهب إلى ذلك فقال في بعض أماليه : إن أصل مائة مئية ، فذكرت ذلك لأبي علي فعجب منه أن يكون ابن الأعرابي ينظر من هذه الصناعة في مثله ، وقالوا ثلثمائة ، فأضافوا أدنى العدد إلى الواحد لدلالته على الجمع كما قال :


في حلقكم عظم وقد شجينا



وقد يقال ثلاث مئات ومئين ، والإفراد أكثر على شذوذه ، والإضافة إلى مائة في قول سيبويه ويونس جميعا فيمن رد اللام مئوي كمعوي ، ووجه ذلك أن مائة أصلها عند الجماعة مئية ساكنة العين ، فلما حذفت اللام تخفيفا جاورت العين تاء التأنيث فانفتحت على العادة والعرف فقيل مائة ، فإذا رددت اللام فمذهب سيبويه أن تقرأ العين بحالها متحركة ، وقد كانت قبل الرد مفتوحة فتقلب لها اللام ألفا فيصير تقديرها مئا كثنى ، فإذا أضفت إليها أبدلت الألف واوا فقلت مئوي كثنوي ، وأما مذهب يونس فإنه كان إذا نسب إلى فعلة أو فعلة مما لامه ياء أجراه مجرى ما أصله فعلة أو فعلة ، فيقولون في الإضافة إلى ظبية ظبوي ، ويحتج بقول العرب في النسبة إلى بطية بطوي وإلى زنية زنوي ، فقياس هذا أن تجري مائة وإن كانت فعلة مجرى فعلة فتقول فيها مئوي فيتفق اللفظان من أصلين مختلفين . الجوهري : قال سيبويه يقال ثلثمائة ، وكان حقه أن يقولوا مئين أو مئات كما تقول ثلاثة آلاف ; لأن ما بين الثلاثة إلى العشرة يكون جماعة نحو ثلاثة رجال وعشرة رجال ، ولكنهم شبهوه بأحد عشر وثلاثة عشر ، ومن قال مئين ورفع النون بالتنوين ففي تقديره قولان : أحدهما فعلين مثل غسلين وهو قول الأخفش وهو شاذ ، والآخر فعيل ، كسروا لكسرة ما بعده وأصله مئي ومئي مثال عصي وعصي ، فأبدلوا من الياء نونا . وأمأى القوم : صاروا مائة وأمأيتهم أنا ، وإذا أتممت القوم بنفسك مائة فقد مأيتهم ، وهم ممئيون ، وأمأواهم فهم ممئون وإن أتممتهم بغيرك فقد أمأيتهم وهم ممأون . الكسائي : كان القوم تسعة وتسعين فأمأيتهم ، بالألف ، مثل أفعلتهم ، وكذلك في الألف آلفتهم ، وكذلك إذا صاروا هم كذلك قلت : قد أمأوا وآلفوا إذا صاروا مائة أو ألفا . الجوهري : وأمأيتها لك جعلتها مائة ، وأمأت الدراهم والإبل والغنم وسائر الأنواع : صارت مائة ، وأمأيتها مائة ، وشارطته مماآة أي على مائة ، عن ابن الأعرابي ، كقولك شارطته مؤالفة . التهذيب : قال الليث المائة حذفت من آخرها واو ، وقيل : حرف لين لا يدرى أواو هو أو ياء ، وأصل مائة على وزن معية ، فحولت حركة الياء إلى الهمزة ، وجمعها مئيات على وزن معيات ، وقال في الجمع : ولو قلت مئات بوزن معات لجاز . والمأوة : أرض منخفضة ، والجمع مأو .

التالي السابق


الخدمات العلمية