صفحة جزء
مثل

مثل : مثل : كلمة تسوية . يقال : هذا مثله ومثله كما يقال شبهه وشبهه بمعنى ، قال ابن بري : الفرق بين المماثلة والمساواة أن المساواة تكون بين المختلفين في الجنس والمتفقين ; لأن التساوي هو التكافؤ في المقدار لا يزيد ولا ينقص ، وأما المماثلة فلا تكون إلا في المتفقين ، تقول : نحوه كنحوه وفقهه كفقهه ولونه كلونه وطعمه كطعمه ، فإذا قيل : هو مثله على الإطلاق فمعناه أنه يسد مسده ، وإذا قيل : هو مثله في كذا فهو مساو له في جهة دون جهة ، والعرب تقول : هو مثيل هذا وهم أميثالهم ، يريد أن المشبه به حقير كما أن هذا حقير . والمثل : الشبه . يقال : مثل ومثل وشبه وشبه بمعنى واحد ، قال ابن جني : وقوله - عز وجل - : فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون ، جعل مثل وما اسما واحدا فبنى الأول على الفتح ، وهما جميعا عندهم في موضع رفع لكونهما صفة لحق ، فإن قلت : فما موضع أنكم تنطقون ؟ قيل : هو جر بإضافة مثل ما إليه ، فإن قلت : ألا تعلم أن ما على بنائها لأنها على حرفين الثاني منهما حرف لين ، فكيف تجوز إضافة المبني ؟ قيل : ليس المضاف ما وحدها إنما المضاف الاسم المضموم إليه ما ، فلم تعد ما هذه أن تكون كتاء التأنيث في نحو جارية زيد ، أو كالألف والنون في سرحان عمرو ، أو كياء الإضافة في بصري القوم ، أو كألف التأنيث في صحراء زم ، أو كالألف والتاء في قوله :


في غائلات الحائر المتوه

وقوله تعالى : ليس كمثله شيء ، أراد ليس مثله لا يكون إلا ذلك ; [ ص: 18 ] لأنه إن لم يقل هذا أثبت له مثلا ، تعالى الله عن ذلك ، ونظيره ما أنشده سيبويه :


لواحق الأقراب فيها كالمقق



أي مقق . وقوله تعالى : فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به ، قال أبو إسحاق : إن قال قائل وهل للإيمان مثل هو غير الإيمان ، قيل له : المعنى واضح بين ، وتأويله إن أتوا بتصديق مثل تصديقكم في إيمانكم بالأنبياء وتصديقكم كتوحيدكم فقد اهتدوا ، أي قد صاروا مسلمين مثلكم . وفي حديث المقدام : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه " ، قال ابن الأثير : يحتمل وجهين من التأويل : أحدهما أنه أوتي من الوحي الباطن غير المتلو مثل ما أعطي من الظاهر المتلو ، والثاني أنه أوتي الكتاب وحيا وأوتي من البيان مثله أي أذن له أن يبين ما في الكتاب فيعم ويخص ويزيد وينقص ، فيكون في وجوب العمل به ولزوم قبوله كالظاهر المتلو من القرآن . وفي حديث المقداد : قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن قتلته كنت مثله قبل أن يقول كلمته " أي تكون من أهل النار إذا قتلته بعد أن أسلم وتلفظ بالشهادة ، كما كان هو قبل التلفظ بالكلمة من أهل النار ، لا أنه يصير كافرا بقتله ، وقيل : إنك مثله في إباحة الدم ; لأن الكافر قبل أن يسلم مباح الدم ، فإن قتله أحد بعد أن أسلم كان مباح الدم بحق القصاص ، ومنه حديث صاحب النسعة : إن قتلته كنت مثله ، قال ابن الأثير : جاء في رواية أبي هريرة أن الرجل قال والله ما أردت قتله ، فمعناه أنه قد ثبت قتله إياه وأنه ظالم له ، فإن صدق هو في قوله إنه لم يرد قتله ثم قتلته قصاصا كنت ظالما مثله ; لأنه يكون قد قتله خطأ . وفي حديث الزكاة : " أما العباس فإنها عليه ومثلها معها ; قيل : إنه كان أخر الصدقة عنه عامين ; فلذلك قال : ومثلها معها ، وتأخير الصدقة جائز للإمام إذا كان بصاحبها حاجة إليها ، وفي رواية قال : فإنها علي ومثلها معها ، قيل : إنه كان استسلف منه صدقة عامين ، فلذلك قال علي . وفي حديث السرقة : فعليه غرامة مثليه ، هذا على سبيل الوعيد والتغليظ لا الوجوب لينتهي فاعله عنه ، وإلا فلا واجب على متلف الشيء أكثر من مثله ، وقيل : كان في صدر الإسلام تقع العقوبات في الأموال ثم نسخ ، وكذلك قوله : في ضالة الإبل غرامتها ومثلها معها ، قال ابن الأثير : وأحاديث كثيرة نحوه سبيلها هذا السبيل من الوعيد ، وقد كان عمر - رضي الله عنه - يحكم به ، وإليه ذهب أحمد وخالفه عامة الفقهاء . والمثل والمثيل : كالمثل ، والجمع أمثال ، وهما يتماثلان ، وقولهم : فلان مستراد لمثله وفلانة مسترادة لمثلها أي مثله يطلب ويشح عليه ، وقيل : معناه مستراد مثله أو مثلها ، واللام زائدة . والمثل : الحديث نفسه . وقوله - عز وجل - : ولله المثل الأعلى ، جاء في التفسير : أنه قول لا إله إلا الله وتأويله أن الله أمر بالتوحيد ونفى كل إله سواه ، وهي الأمثال ، قال ابن سيده : وقد مثل به وامتثله وتمثل به وتمثله ، قال جرير :


والتغلبي إذا تنحنح للقرى     حك استه وتمثل الأمثالا

على أن هذا قد يجوز أن يريد به تمثل بالأمثال ثم حذف وأوصل . وامتثل القوم وعند القوم مثلا حسنا وتمثل إذا أنشد بيتا ثم آخر ثم آخر ، وهي الأمثولة ، وتمثل بهذا البيت وهذا البيت بمعنى . والمثل : الشيء الذي يضرب لشيء مثلا فيجعل مثله ، وفي الصحاح : ما يضرب به من الأمثال . قال الجوهري : ومثل الشيء أيضا صفته . قال ابن سيده : وقوله - عز من قائل - : مثل الجنة التي وعد المتقون ، قال الليث : مثلها هو الخبر عنها ، وقال أبو إسحاق : معناه صفة الجنة ، ورد ذلك أبو علي ، قال : لأن المثل الصفة غير معروف في كلام العرب ، إنما معناه التمثيل . قال عمر بن أبي خليفة : سمعت مقاتلا صاحب التفسير يسأل أبا عمرو بن العلاء عن قول الله - عز وجل - : مثل الجنة : ما مثلها ؟ فقال : فيها أنهار من ماء غير آسن ، قال : ما مثلها ؟ فسكت أبو عمرو ، قال : فسألت يونس عنها فقال : مثلها صفتها ، قال محمد بن سلام : ومثل ذلك قوله : ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل ، أي صفتهم . قال أبو منصور : ونحو ذلك روي عن ابن عباس وأما جواب أبي عمرو لمقاتل حين سأله ما مثلها ، فقال : فيها أنهار من ماء غير آسن ، ثم تكريره السؤال ما مثلها وسكوت أبي عمرو عنه ، فإن أبا عمرو أجابه جوابا مقنعا ، ولما رأى نبوة فهم مقاتل سكت عنه لما وقف عنه من غلظ فهمه ، وذلك أن قوله تعالى : مثل الجنة ، تفسير لقوله تعالى : إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار ، وصف تلك الجنات فقال : مثل الجنة التي وصفتها ، وذلك مثل قوله : ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل ، أي ذلك صفة محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في التوراة ، ثم أعلمهم أن صفتهم في الإنجيل كزرع . قال أبو منصور : وللنحويين في قوله : مثل الجنة التي وعد المتقون قول آخر قاله محمد بن يزيد الثمالي في كتاب المقتضب ، قال : التقدير فيما يتلى عليكم مثل الجنة ثم فيها وفيها ، قال : ومن قال إن معناه صفة الجنة فقد أخطأ ; لأن مثل لا يوضع في موضع صفة ، إنما يقال صفة زيد إنه ظريف وإنه عاقل . ويقال : مثل زيد مثل فلان ، إنما المثل مأخوذ من المثال والحذو ، والصفة تحلية ونعت . ويقال : تمثل فلان ضرب مثلا ، وتمثل بالشيء ضربه مثلا . وفي التنزيل العزيز : ياأيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له ، وذلك أنهم عبدوا من دون الله ما لا يسمع ولا يبصر وما لم تنزل به حجة ، فأعلم الله الجواب مما جعلوه له مثلا وندا ، فقال : إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ، يقول : كيف تكون هذه الأصنام أندادا وأمثالا لله وهي لا تخلق أضعف شيء مما خلق الله ولو اجتمعوا كلهم له ، وإن يسلبهم الذباب الضعيف شيئا لم يخلصوا المسلوب منه ، ثم قال : ضعف الطالب والمطلوب ، وقد يكون المثل بمعنى العبرة ، ومنه قوله - عز وجل - : فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين ، فمعنى السلف أنا جعلناهم متقدمين يتعظ بهم الغابرون ، ومعنى قوله ومثلا ، أي عبرة يعتبر بها المتأخرون ، ويكون المثل بمعنى الآية ، قال الله - عز وجل - في صفة عيسى - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - : وجعلناه مثلا لبني إسرائيل ، أي آية تدل على نبوته . وأما قوله - عز وجل - : ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون جاء في التفسير أن كفار قريش خاصمت النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما [ ص: 19 ] قيل لهم : إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم ، قالوا : قد رضينا أن تكون آلهتنا بمنزلة عيسى والملائكة الذين عبدوا من دون الله ، فهذا معنى ضرب المثل بعيسى . والمثال : المقدار وهو من الشبه ، والمثل : ما جعل مثالا أي مقدارا لغيره يحذى عليه ، والجمع المثل ، وثلاثة أمثلة ، ومنه أمثلة الأفعال والأسماء في باب التصريف . والمثال : القالب الذي يقدر على مثله . أبو حنيفة : المثال قالب يدخل عين النصل في خرق في وسطه ثم يطرق غراراه حتى ينبسطا ، والجمع أمثلة . وتماثل العليل : قارب البرء فصار أشبه بالصحيح من العليل المنهوك ، وقيل : إن قولهم تماثل المريض من المثول والانتصاب كأنه هم بالنهوض والانتصاب . وفي حديث عائشة تصف أباها - رضوان الله عليهما - : فحنت له قسيها وامتثلوه غرضا ، أي نصبوه هدفا لسهام ملامهم وأقوالهم ، وهو افتعل من المثلة . ويقال : المريض اليوم أمثل أي أحسن مثولا وانتصابا ثم جعل صفة للإقبال . قال أبو منصور : معنى قولهم المريض اليوم أمثل أي أحسن حالا من حالة كانت قبلها ، وهو من قولهم : هو أمثل قومه أي أفضل قومه . الجوهري : فلان أمثل بني فلان أي أدناهم للخير . وهؤلاء أماثل القوم أي خيارهم . وقد مثل الرجل ، بالضم ، مثالة أي صار فاضلا ، قال ابن بري : المثالة حسن الحال ، ومنه قولهم : زادك الله رعالة كلما ازددت مثالة ، والرعالة : الحمق ، قال : ويروى كلما ازددت مثالة زادك الله رعالة . والأمثل : الأفضل وهو من أماثلهم وذوي مثالتهم . يقال : فلان أمثل من فلان أي أفضل منه ، قال الإيادي : وسئل أبو الهيثم عن مالك قال للرجل : ائتني بقومك ، فقال : إن قومي مثل ، قال أبو الهيثم : يريد أنهم سادات ليس فوقهم أحد . والطريقة المثلى : التي هي أشبه بالحق . وقوله تعالى : إذ يقول أمثلهم طريقة معناه أعدلهم وأشبههم بأهل الحق ، وقال الزجاج : أمثلهم طريقة أعلمهم عند نفسه بما يقول . وقوله تعالى حكاية عن فرعون أنه قال : ويذهبا بطريقتكم المثلى ، قال الأخفش : المثلى تأنيث الأمثل كالقصوى تأنيث الأقصى ، وقال أبو إسحاق : معنى الأمثل ذو الفضل الذي يستحق أن يقال هو أمثل قومه ، وقال الفراء : المثلى في هذه الآية بمنزلة الأسماء الحسنى ، وهو نعت للطريقة وهم الرجال الأشراف ، جعلت المثلى مؤنثة لتأنيث الطريقة . وقال ابن شميل : قال الخليل يقال هذا عبد الله مثلك وهذا رجل مثلك ; لأنك تقول أخوك الذي رأيته بالأمس ولا يكون ذلك في مثل . والمثيل : الفاضل ، وإذا قيل من أمثلكم ؟ قلت : كلنا مثيل ، حكاه ثعلب ، قال : وإذا قيل من أفضلكم ؟ قلت فاضل ، أي أنك لا تقول كلنا فضيل كما تقول كلنا مثيل . وفي الحديث : " أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل " ، أي الأشرف فالأشرف والأعلى فالأعلى في الرتبة والمنزلة . يقال : هذا أمثل من هذا أي أفضل وأدنى إلى الخير . وأماثل الناس : خيارهم . وفي حديث التراويح : قال عمر : لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل ، أي أولى وأصوب . وفي الحديث : أنه قال بعد وقعة بدر : لو كان أبو طالب حيا لرأى سيوفنا قد بسأت بالمياثل ، قال الزمخشري : معناه اعتادت واستأنست بالأماثل . وماثل الشيء : شابهه . والتمثال : الصورة ، والجمع التماثيل . ومثل له الشيء : صوره حتى كأنه ينظر إليه . وامتثله هو : تصوره . والمثال : معروف ، والجمع أمثلة ومثل . ومثلت له كذا تمثيلا إذا صورت له مثاله بكتابة وغيرها . وفي الحديث : " أشد الناس عذابا ممثل من الممثلين " أي مصور . يقال : مثلت ، بالتثقيل والتخفيف ، إذا صورت مثالا . والتمثال : الاسم منه ، وظل كل شيء تمثاله . ومثل الشيء بالشيء : سواه وشبهه به وجعله مثله وعلى مثاله . ومنه الحديث : " رأيت الجنة والنار ممثلتين في قبلة الجدار " ، أي مصورتين أو مثالهما ، ومنه الحديث : " لا تمثلوا بنامية الله " ، أي لا تشبهوا بخلقه وتصوروا مثل تصويره ، وقيل : هو من المثلة . والتمثال : اسم للشيء المصنوع مشبها بخلق من خلق الله ، وجمعه التماثيل ، وأصله من مثلت الشيء بالشيء إذا قدرته على قدره ، ويكون تمثيل الشيء بالشيء تشبيها به ، واسم ذلك الممثل تمثال . وأما التمثال ، بفتح التاء ، فهو مصدر مثلت تمثيلا وتمثالا . ويقال : امتثلت مثال فلان احتذيت حذوه وسلكت طريقته . ابن سيده : وامتثل طريقته تبعها فلم يعدها . ومثل الشيء يمثل مثولا ومثل : قام منتصبا ومثل بين يديه مثولا أي انتصب قائما ، ومنه قيل لمنارة المسرجة : ماثلة . وفي الحديث : " من سره أن يمثل له الناس قياما فليتبوأ مقعده من النار " ، أي يقوموا له قياما وهو جالس ، يقال : مثل الرجل يمثل مثولا إذا انتصب قائما ، وإنما نهى عنه ; لأنه من زي الأعاجم ولأن الباعث عليه الكبر وإذلال الناس ، ومنه الحديث : فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - ممثلا ، يروى بكسر الثاء وفتحها ، أي منتصبا قائما ، قال ابن الأثير : هكذا شرح ، قال : وفيه نظر من جهة التصريف ، وفي رواية : " فمثل قائما " . والماثل : القائم . والماثل : اللاطئ بالأرض . ومثل : لطئ بالأرض ، وهو من الأضداد ، قال زهير :


تحمل منها أهلها ، وخلت لها     رسوم ، فمنها مستبين وماثل

والمستبين : الأطلال . والماثل : الرسوم ، وقال زهير أيضا في الماثل المنتصب :


يظل بها الحرباء للشمس ماثلا     على الجذل ، إلا أنه لا يكبر

وقول لبيد :


ثم أصدرناهما في وارد     صادر وهم ، صواه كالمثل

فسره المفسر فقال : المثل الماثل ، قال ابن سيده : ووجهه عندي أنه وضع المثل موضع المثول ، وأراد كذي المثل فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه ، ويجوز أن يكون المثل جمع ماثل كغائب وغيب وخادم وخدم ، وموضع الكاف الزيادة ، كما قال رؤبة :


لواحق الأقراب فيها كالمقق



أي فيها مقق . ومثل يمثل : زال عن موضعه ، قال أبو خراش الهذلي :


يقربه النهض النجيح لما يرى     فمنه بدو مرة ومثول

أبو عمرو : كان فلان عندنا ثم مثل أي ذهب . والماثل : الدارس ، وقد مثل مثولا . وامتثل أمره أي احتذاه ، قال ذو الرمة يصف [ ص: 20 ] الحمار والأتن :


رباع لها مذ أورق العود عنده     خماشات ذحل ما يراد امتثالها

ومثل بالرجل يمثل مثلا ومثلة ، الأخيرة عن ابن الأعرابي ، ومثل كلاهما : نكل به وهي المثلة والمثلة ، وقوله تعالى : وقد خلت من قبلهم المثلات ، قال الزجاج : الضمة فيها عوض من الحذف . ورد ذلك أبو علي وقال : هو من باب شاة لجبة وشياه لجبات . الجوهري : المثلة ، بفتح الميم وضم الثاء ، العقوبة ، والجمع المثلات . التهذيب : وقوله تعالى : ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات ، يقول : يستعجلونك بالعذاب الذي لم أعاجلهم به وقد علموا ما نزل من عقوبتنا بالأمم الخالية فلم يعتبروا بهم ، والعرب تقول للعقوبة مثلة ومثلة ، فمن قال مثلة جمعها على مثلات ، ومن قال مثلة جمعها على مثلات ومثلات ومثلات ، بإسكان الثاء ، يقول : يستعجلونك بالعذاب ، أي يطلبون العذاب في قولهم : فأمطر علينا حجارة من السماء ، وقد تقدم من العذاب ما هو مثلة وما فيه نكال لهم لو اتعظوا ، وكأن المثل مأخوذ من المثل ; لأنه إذا شنع في عقوبته جعله مثلا وعلما . ويقال : امتثل فلان من القوم وهؤلاء مثل القوم وأماثلهم ، يكون جمع أمثال ، ويكون جمع الأمثل . وفي الحديث : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يمثل بالدواب وأن تؤكل الممثول بها ، وهو أن تنصب فترمى أو تقطع أطرافها وهي حية . وفي الحديث : أنه نهى عن المثلة . يقال : مثلت بالحيوان أمثل به مثلا إذا قطعت أطرافه وشوهت به ، ومثلت بالقتيل إذا جدعت أنفه وأذنه أو مذاكيره أو شيئا من أطرافه ، والاسم المثلة ، فأما مثل ، بالتشديد ، فهو للمبالغة . ومثل بالقتيل : جدعه ، وأمثله : جعله مثلة . وفي الحديث : " من مثل بالشعر فليس له عند الله خلاق يوم القيامة " ، مثلة الشعر : حلقه من الخدود ، وقيل : نتفه أو تغييره بالسواد ، وروي عن طاوس أنه قال : جعله الله طهرة فجعله نكالا .

وأمثل الرجل : قتله بقود . وامتثل منه : اقتص ، قال :


إن قدرنا يوما على عامر     نمتثل منه أو ندعه لكم

وتمثل منه : كامتثل . يقال : امتثلت من فلان امتثالا أي اقتصصت منه ، ومنه قول ذي الرمة يصف الحمار والأتن :


خماشات ذحل ما يراد امتثالها

أي ما يراد أن يقتص منها ، هي أذل من ذلك أو هي أعز عليه من ذلك . ويقول الرجل للحاكم : أمثلني من فلان وأقصني وأقدني أي أقصني منه ، وقد أمثله الحاكم منه . قال أبو زيد : والمثال القصاص ، قال : يقال أمثله إمثالا وأقصه إقصاصا بمعنى ، والاسم المثال والقصاص . وفي حديث سويد بن مقرن : قال ابنه معاوية : لطمت مولى لنا فدعاه أبي ودعاني ، ثم قال : امثل منه ، وفي رواية : امتثل ، فعفا ، أي اقتص منه . يقال : أمثل السلطان فلانا إذا أقاده . وقالوا : مثل ماثل أي جهد جاهد ، عن ابن الأعرابي : وأنشد :


من لا يضع بالرملة المعاولا     يلق من القامة مثلا ماثلا
وإن تشكى الأين والتلاتلا



عنى بالتلاتل الشدائد . والمثال : الفراش ، وجمعه مثل وإن شئت خففت . وفي الحديث : أنه دخل على سعد وفي البيت مثال رث ; أي فراش خلق . وفي الحديث عن جرير عن مغيرة عن أم موسى - أم ولد الحسين بن علي - قالت : زوج علي بن أبي طالب شابين وابني منهما فاشترى لكل واحد منهما مثالين ، قال جرير : قلت لمغيرة : ما مثالان ؟ قال : نمطان ، والنمط ما يفترش من مفارش الصوف الملونة ، وقوله : وفي البيت مثال رث أي فراش خلق ، قال الأعشى :


بكل طوال الساعدين كأنما     يرى بسرى الليل المثال الممهدا

وفي حديث عكرمة : أن رجلا من أهل الجنة كان مستلقيا على مثله ، هي جمع مثال وهو الفراش . والمثال : حجر قد نقر في وجهه نقر على خلقة السمة سواء ، فيجعل فيه طرف العمود أو الملمول المضهب ، فلا يزالون يحنون منه بأرفق ما يكون حتى يدخل المثال فيه فيكون مثله . والأمثال : أرضون ذات جبال يشبه بعضها بعضا ; ولذلك سميت أمثالا وهي من البصرة على ليلتين . والمثل : موضع ، قال مالك بن الريب :

التالي السابق


الخدمات العلمية