صفحة جزء
مرأ

مرأ : المروءة كمال الرجولية . مرؤ الرجل يمرؤ مروءة ، فهو مريء ، على فعيل وتمرأ ، على تفعل : صار ذا مروءة . وتمرأ : تكلف المروءة . وتمرأ بنا أي طلب بإكرامنا اسم المروءة . وفلان يتمرأ بنا أي يطلب المروءة بنقصنا أو عيبنا . والمروءة : الإنسانية ، ولك أن تشدد . الفراء : يقال من المروءة مرؤ الرجل يمرؤ مروءة ، ومرؤ الطعام يمرؤ مراءة وليس بينهما فرق إلا اختلاف المصدرين . وكتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى : خذ الناس بالعربية ; فإنه يزيد في العقل ويثبت المروءة . وقيل للأحنف : ما المروءة ؟ فقال : العفة والحرفة . وسئل آخر عن المروءة ، فقال : المروءة أن لا تفعل في السر أمرا وأنت تستحيي أن تفعله جهرا . وطعام مريء هنيء : حميد المغبة بين المرأة ، على مثال تمرة . وقد مرؤ الطعام ، ومرأ : صار مريئا ، وكذلك مرئ الطعام كما قال فقه وفقه ، بضم القاف وكسرها ، واستمرأه . وفي حديث الاستسقاء : اسقنا غيثا مريئا مريعا . يقال مرأني الطعام وأمرأني إذا لم يثقل على المعدة وانحدر عنها طيبا . وفي حديث الشرب : فإنه أهنأ وأمرأ . وقالوا : هنئني الطعام ومرئني وهنأني ومرأني ، على الإتباع ، إذا أتبعوها هنأني قالوا مرأني ، فإذا أفردوه عن هنأني قالوا أمرأني ، ولا يقال أهنأني . قال أبو زيد : يقال أمرأني الطعام إمراء ، وهو طعام ممرئ ، ومرئت الطعام ، بالكسر : استمرأته . وما كان مريئا ، ولقد مرؤ . وهذا يمرئ الطعام . وقال ابن الأعرابي : ما كان الطعام مريئا ولقد مرأ ، وما كان الرجل مريئا ولقد مرؤ . وقال شمر عن أصحابه : يقال مرئ لي هذا الطعام مراءة أي استمرأته ، وهنئ هذا الطعام ، وأكلنا من هذا الطعام حتى هنئنا منه أي شبعنا ، ومرئت الطعام واستمرأته ، وقلما يمرأ لك الطعام . ويقال : ما لك لا تمرأ أي ما لك لا تطعم ، وقد مرأت أي طعمت . والمرء : الإطعام على بناء دار أو تزويج . وكلأ مريء : غير وخيم . ومرؤت الأرض مراءة ، فهي مريئة : حسن هواؤها . والمريء : مجرى الطعام والشراب ، وهو رأس المعدة والكرش اللاصق بالحلقوم الذي يجري فيه الطعام والشراب ويدخل فيه ، والجمع : أمرئة ومرؤ ، مهموزة بوزن مرع ، مثل سرير وسرر . أبو عبيد : الشجر ما لصق بالحلقوم ، والمريء بالهمز ، غير مشدد . وفي حديث الأحنف : يأتينا في مثل مريء نعام . المريء : مجرى الطعام والشراب من الحلق ضربه مثلا لضيق العيش وقلة الطعام ، وإنما خص النعام لدقة عنقه ، ويستدل به على ضيق مريئه . وأصل المريء : رأس المعدة المتصل بالحلقوم وبه يكون استمراء الطعام . وتقول : هو مريء الجزور والشاة للمتصل بالحلقوم الذي يجري فيه الطعام والشراب . قال أبو منصور : أقرأني أبو بكر الإيادي : المريء لأبي عبيد ، فهمزه بلا تشديد . قال : وأقرأني المنذري : المري لأبي الهيثم ، فلم يهمزه وشدد الياء . والمرء : الإنسان . تقول : هذا مرء ، وكذلك في النصب والخفض تفتح الميم ، هذا هو القياس . ومنهم من يضم الميم في الرفع ويفتحها في النصب ويكسرها في الخفض ، يتبعها الهمز على حد ما يتبعون الراء إياها إذا أدخلوا ألف الوصل فقالوا امرؤ . وقول أبي خراش :


جمعت أمورا ، ينفذ المرء بعضها من الحلم والمعروف والحسب الضخم

هكذا رواه السكري بكسر الميم ، وزعم أن ذلك لغة هذيل . وهما مرآن صالحان ، ولا يكسر هذا الاسم ولا يجمع على لفظه ، ولا يجمع جمع السلامة ، لا يقال أمراء ولا أمرؤ ولا مرءون ولا أمارئ . وقد ورد في حديث الحسن : أحسنوا ملأكم أيها المرءون . قال ابن الأثير : هو جمع المرء ، وهو الرجل . ومنه قول رؤبة لطائفة رآهم : أين يريد المرءون ؟ وقد أنثوا فقالوا : مرأة ، وخففوا التخفيف [ ص: 45 ] القياسي فقالوا : مرة ، بترك الهمز وفتح الراء ، وهذا مطرد . وقال سيبويه : وقد قالوا : مراة ، وذلك قليل ونظيره كماة . قال الفارسي : وليس بمطرد كأنهم توهموا حركة الهمزة على الراء ، فبقي مرأة ، ثم خفف على هذا اللفظ . وألحقوا ألف الوصل في المؤنث أيضا ، فقالوا : امرأة ، فإذا عرفوها قالوا : المرأة . وقد حكى أبو علي : الامرأة . الليث : امرأة تأنيث امرئ . وقال ابن الأنباري : الألف في امرأة وامرئ ألف وصل . قال : وللعرب في المرأة ثلاث لغات ، يقال : هي امرأته وهي مرأته وهي مرته . وحكى ابن الأعرابي : أنه يقال للمرأة إنها لامرؤ صدق كالرجل ، قال : وهذا نادر . وفي حديث علي - كرم الله وجهه - لما تزوج فاطمة - رضوان الله عليهما - : قال له يهودي ، أراد أن يبتاع منه ثيابا ، لقد تزوجت امرأة ، يريد امرأة كاملة ، كما يقال فلان رجل ، أي كامل في الرجال . وفي الحديث : يقتلون كلب المريئة ، هي تصغير المرأة . وفي الصحاح : إن جئت بألف الوصل كان فيه ثلاث لغات : فتح الراء على كل حال ; حكاها الفراء ، وضمها على كل حال ، وإعرابها على كل حال . تقول : هذا امرؤ ورأيت امرأ ومررت بامرئ ، معربا من مكانين ولا جمع له من لفظه . وفي التهذيب : في النصب تقول : هذا امرؤ ورأيت امرأ ومررت بامرئ ، وفي الرفع تقول : هذا امرؤ ورأيت امرأ ومررت بامرئ ، وتقول : هذه امرأة ، مفتوحة الراء على كل حال . قال الكسائي والفراء : امرؤ معرب من الراء والهمزة ، وإنما أعرب من مكانين ، والإعراب الواحد يكفي من الإعرابين ، أن آخره همزة ، والهمزة قد تترك في كثير من الكلام ، فكرهوا أن يفتحوا الراء ويتركوا الهمزة ، فيقولون : امرو ، فتكون الراء مفتوحة والواو ساكنة ، فلا يكون في الكلمة علامة للرفع فعربوه من الراء ليكونوا إذا تركوا الهمزة آمنين من سقوط الإعراب . قال الفراء : ومن العرب من يعربه من الهمز وحده ويدع الراء مفتوحة ، فيقول : قام امرؤ وضربت امرأ ومررت بامرئ ، وأنشد :


بأبي امرؤ ، والشام بيني وبينه     أتتني ، ببشرى ، برده ورسائله

وقال آخر :


أنت امرؤ من خيار الناس ، قد علموا     يعطي الجزيل ، ويعطى الحمد بالثمن

هكذا أنشده بأبي ، بإسكان الباء الثانية وفتح الياء . والبصريون ينشدونه ببني امرؤ . قال أبو بكر : فإذا أسقطت العرب من امرئ الألف فلها في تعريبه مذهبان : أحدهما التعريب من مكانين ، والآخر التعريب من مكان واحد ; فإذا عربوه من مكانين قالوا : قام مرء وضربت مرءا ومررت بمرء ، ومنهم من يقول : قام مرء وضربت مرءا ومررت بمرء . قال : ونزل القرآن بتعريبه من مكان واحد . قال الله تعالى : يحول بين المرء وقلبه ، على فتح الميم . الجوهري المرء : الرجل ، تقول : هذا مرء صالح ومررت بمرء صالح ورأيت مرءا صالحا . قال : وضم الميم لغة ، تقول : هذا مرؤ ورأيت مرءا ومررت بمرء ، وتقول : هذا مرء ورأيت ومررت بمرء ، معربا من مكانين . قال : وإن صغرت أسقطت ألف الوصل فقلت : مريء ومريئة ، وربما سموا الذئب امرأ ، وذكر يونس أن قول الشاعر :


وأنت امرؤ تعدو على كل غرة     فتخطئ ، فيها ، مرة وتصيب

يعني به الذئب . وقالت امرأة من العرب : أنا امرؤ لا أخبر السر . والنسبة إلى امرئ مرئي ، بفتح الراء ، ومنه المرئي الشاعر . وكذلك النسبة إلى امرئ القيس ، وإن شئت امرئي . وامرؤ القيس من أسمائهم ، وقد غلب على القبيلة ، والإضافة إليه امرئي ، وهو من القسم الذي وقعت فيه الإضافة إلى الأول دون الثاني ; لأن امرأ لم يضف إلى اسم علم في كلامهم إلا في قولهم امرؤ القيس . وأما الذين قالوا : مرئي ، فكأنهم أضافوا إلى مرء ، فكان قياسه على ذلك مرئي ، ولكنه نادر معدول النسب . قال ذو الرمة :


إذا المرئي شب له بنات     عقدن برأسه إبة وعارا

والمرآة : مصدر الشيء المرئي . التهذيب : وجمع المرآة مراء ، بوزن مراع . قال : والعوام يقولون في جمع المرآة مرايا . قال : وهو خطأ . ومرأة : قرية . قال ذو الرمة :


فلما دخلنا جوف مرأة غلقت     دساكر ، لم ترفع ، لخير ، ظلالها

وقد قيل : هي قرية هشام المرئي . وأما قوله في الحديث : لا يتمرأى أحدكم في الدنيا ، أي لا ينظر فيها ، وهو يتمفعل من الرؤية ، والميم زائدة . وفي رواية : لا يتمرأ أحدكم بالدنيا ، من الشيء المريء .

التالي السابق


الخدمات العلمية