صفحة جزء
[ تبع ]

تبع : تبع الشيء تبعا وتباعا في الأفعال وتبعت الشيء تبوعا : سرت في إثره واتبعه وأتبعه وتتبعه قفاه وتطلبه متبعا له وكذلك تتبعه [ ص: 211 ] وتتبعته تتبعا ، قال القطامي :


وخير الأمر ما استقبلت منه وليس بأن تتبعه اتباعا .



وضع الاتباع موضع التتبع مجازا . قال سيبويه : تتبعه اتباعا لأن تتبعت في معنى اتبعت . وتبعت القوم تبعا وتباعة ، بالفتح ، إذا مشيت خلفهم أو مروا بك فمضيت معهم . وفي حديث الدعاء : تابع بيننا وبينهم على الخيرات أي : اجعلنا نتبعهم على ما هم عليه . والتباعة : مثل التبعة والتبعة ، قال الشاعر :


أكلت حنيفة ربها     زمن التقحم والمجاعه
لم يحذروا ، من ربهم     سوء العواقب والتباعه .



لأنهم كانوا قد اتخذوا إلها من حيس فعبدوه زمانا ثم أصابتهم مجاعة فأكلوه . وأتبعه الشيء : جعله له تابعا ، وقيل : أتبع الرجل سبقه فلحقه . وتبعه تبعا واتبعه : مر به فمضى معه . وفي التنزيل في صفة ذي القرنين : ( ثم اتبع سببا ) ، بتشديد التاء ، ومعناها تبع ، وكان أبو عمرو بن العلاء يقرؤها بتشديد التاء وهي قراءة أهل المدينة ، وكان الكسائي يقرؤها ثم أتبع سببا ، بقطع الألف ، أي : لحق وأدرك ، قال ابن عبيد : وقراءة أبي عمرو أحب إلي من قول الكسائي . واستتبعه : طلب إليه أن يتبعه . وفي خبر الطسمي النافر من طسم إلى حسان الملك الذي غزا جديسا : أنه استتبع كلبة له أي : جعلها تتبعه . والتابع : التالي ، والجمع تبع وتباع وتبعة . والتبع : اسم للجمع ونظيره خادم وخدم وطالب وطلب وغائب وغيب وسالف وسلف وراصد ورصد ورائح وروح وفارط وفرط وحارس وحرس وعاس وعسس وقافل من سفره وقفل وخائل وخول وخابل وخبل ، وهو الشيطان ، وبعير هامل وهمل وهو الضال المهمل ، قال كراع : كل هذا جمع والصحيح ما بدأنا به ، وهو قول سيبويه فيما ذكر من هذا ، وقياس قوله فيما لم يذكره منه : والتبع يكون واحدا وجماعة . وقوله - عز وجل - : إنا كنا لكم تبعا ، يكون اسما لجمع تابع ويكون مصدرا أي : ذوي تبع ، ويجمع على أتباع . وتبعت الشيء وأتبعته : مثل ردفته وأردفته ، ومنه قوله تعالى : إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب ، قال أبو عبيد : أتبعت القوم مثل أفعلت إذا كانوا قد سبقوك فلحقتهم ، قال : واتبعتهم مثل افتعلت إذا مروا بك فمضيت ، وتبعتهم تبعا مثله . ويقال : ما زلت أتبعهم حتى أتبعتهم أي : حتى أدركتهم . وقال الفراء : أتبع أحسن من اتبع ؛ لأن الاتباع أن يسير الرجل وأنت تسير وراءه ، فإذا قلت : أتبعته فكأنك قفوته . وقال الليث : تبعت فلانا واتبعته وأتبعته سواء . وأتبع فلان فلانا إذا تبعه يريد به شرا كما أتبع الشيطان الذي انسلخ من آيات الله فكان من الغاوين ، وكما أتبع فرعون موسى . وأما التتبع : فأن تتتبع في مهلة شيئا بعد شيء ، وفلان يتتبع مساوي فلان وأثره ويتتبع مداق الأمور ونحو ذلك . وفي حديث زيد بن ثابت حين أمره أبو بكر الصديق بجمع القرآن قال : فعلقت أتتبعه من اللخاف والعسب ، وذلك أنه استقصى جميع القرآن من المواضع التي كتب فيها حتى ما كتب في اللخاف ، وهي الحجارة ، وفي العسب ، وهي جريد النخل ، وذلك أن الرق أعوزهم حين نزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر كاتب الوحي فيما تيسر من كتف ولوح وجلد وعسيب ولخفة ، وإنما تتبع زيد بن ثابت القرآن وجمعه من المواضع التي كتب فيها ولم يقتصر على ما حفظ هو وغيره ، وكان من أحفظ الناس للقرآن استظهارا واحتياطا لئلا يسقط منه حرف لسوء حفظ حافظه أو يتبدل حرف بغيره ، وهذا يدل على أن الكتابة أضبط من صدور الرجال وأحرى أن لا يسقط منه شيء ، فكان زيد يتتبع في مهلة ما كتب منه في مواضعه ويضمه إلى الصحف ، ولا يثبت في تلك الصحف إلا ما وجده مكتوبا كما أنزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأملاه على من كتبه . واتبع القرآن : ائتم به وعمل بما فيه . وفي حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - : " إن هذا القرآن كائن لكم أجرا وكائن عليكم وزرا فاتبعوا القرآن ولا يتبعنكم القرآن ، فإنه من يتبع القرآن يهبط به على رياض الجنة ، ومن يتبعه القرآن يزخ في قفاه حتى يقذف به في نار جهنم " يقول : اجعلوه أمامكم ثم اتلوه كما قال تعالى : الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته ، أي : يتبعونه حق اتباعه ، وأراد لا تدعوا تلاوته والعمل به فتكونوا قد جعلتموه وراءكم كما فعل اليهود حين نبذوا ما أمروا به وراء ظهورهم ; لأنه إذا اتبعه كان بين يديه وإذا خالفه كان خلفه ، وقيل : معنى قوله : لا يتبعنكم القرآن أي : لا يطلبنكم القرآن بتضييعكم إياه كما يطلب الرجل صاحبه بالتبعة ، قال أبو عبيد : وهذا معنى حسن يصدقه الحديث الآخر : " إن القرآن شافع مشفع وماحل مصدق " ، فجعله يمحل صاحبه إذا لم يتبع ما فيه . وقوله - عز وجل - : أو التابعين غير أولي الإربة ، فسره ثعلب فقال : هم أتباع الزوج ممن يخدمه مثل الشيخ الفاني والعجوز الكبيرة . وفي حديث الحديبية : وكنت تبيعا لطلحة بن عبيد الله أي : خادما . والتبع كالتابع كأنه سمي بالمصدر . وتبع كل شيء : ما كان على آخره . والتبع : القوائم ، قال أبو داود في وصف الظبية :


وقوائم تبع لها     من خلفها زمع زوائد .



وقال الأزهري : التبع ما تبع أثر شيء فهو تبعة ، وأنشد بيت أبي دواد الإيادي في صفة ظبية :


وقوائم تبع لها     من خلفها زمع معلق .



وتابع بين الأمور متابعة وتباعا : واتر ووالى ، وتابعته على كذا متابعة وتباعا . والتباع : الولاء . يقال : تابع فلان بين الصلاة وبين القراءة إذا والى بينهما ففعل هذا على إثر هذا بلا مهلة بينهما ، وكذلك رميته فأصبته بثلاثة أسهم تباعا أي : ولاء . وتتابعت الأشياء : تبع بعضها بعضا . وتابعه على الأمر : أسعده عليه . والتابعة : الرئي من الجن ، ألحقوه الهاء للمبالغة أو لتشنيع الأمر أو على إرادة الداهية . والتابعة : جنية تتبع الإنسان . وفي الحديث : أول خبر قدم المدينة يعني من هجرة [ ص: 212 ] النبي - صلى الله عليه وسلم - امرأة كان لها تابع من الجن ، التابع ههنا : جني يتبع المرأة يحبها . والتابعة : جنية تتبع الرجل تحبه . وقولهم : معه تابعة ، أي : من الجن . والتبيع : الفحل من ولد البقر لأنه يتبع أمه ، وقيل : هو تبيع أول سنة ، والجمع أتبعة ، وأتابع وأتابيع كلاهما جمع الجمع ، والأخيرة نادرة ، وهو التبع والجمع أتباع ، والأنثى تبيعة . وفي الحديث عن معاذ بن جبل : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثه إلى اليمن فأمره في صدقة البقر أن يأخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعا ، ومن كل أربعين مسنة ، قال أبو فقعس الأسدي : ولد البقر أول سنة تبيع ثم جذع ثم ثني ثم رباع ثم سدس ثم صالغ . قال الليث : التبيع العجل المدرك إلا أنه يتبع أمه بعد ، قال الأزهري : قول الليث التبيع المدرك وهم ; لأنه يدرك إذا أثنى أي : صار ثنيا . والتبيع من البقر يسمى تبيعا حين يستكمل الحول ولا يسمى تبيعا قبل ذلك ، فإذا استكمل عامين فهو جذع ، فإذا استوفى ثلاثة أعوام فهو ثني ، وحينئذ مسن ، والأنثى مسنة وهي التي تؤخذ في أربعين من البقر . وبقرة متبع : ذات تبيع . وحكى ابن بري فيها : متبعة أيضا . وخادم متبع : يتبعها ولدها حيثما أقبلت وأدبرت ، وعم به اللحياني فقال : المتبع التي معها أولاد . وفي الحديث : أن فلانا اشترى معدنا بمائة شاة متبع ، أي : يتبعها أولادها . وتبيع المرأة : صديقها ، والجمع تبعاء وهي تبيعته . وهو تبع نساء ، والجمع أتباع ، وتبع نساء ، عن كراع حكاها في المنجذ ، وحكاها أيضا في المجرد إذا جد في طلبهن ، وحكى اللحياني : هو تبعها وهي تبعته ، قال الأزهري : تبع نساء ، أي : يتبعهن ، وحدث نساء يحادثهن ، وزير نساء أي : يزورهن ، وخلب نساء إذا كان يخالبهن . وفلان تبع ضلة يتبع النساء ، وتبع ضلة ، أي : لا خير فيه ولا خير عنده ، عن ابن الأعرابي . وقال ثعلب : إنما هو تبع ضلة مضاف . والتبيع : النصير . والتبيع : الذي لك عليه مال . يقال : أتبع فلان بفلان ، أي : أحيل عليه وأتبعه عليه : أحاله . وفي الحديث : " الظلم لي الواجد وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع " ، معناه إذا أحيل أحدكم على قادر فليحتل من الحوالة ، قال الخطابي : أصحاب الحديث يروونه اتبع ، بتشديد التاء ، وصوابه بسكون التاء بوزن أكرم ; قال : وليس هذا أمرا على الوجوب وإنما هو على الرفق والأدب والإباحة . وفي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - : بينا أنا أقرأ آية في سكة من سكك المدينة إذ سمعت صوتا من خلفي . أتبع يا ابن عباس ، فالتفت فإذا عمر ، فقلت : أتبعك على أبي بن كعب ، أي : أسند قراءتك ممن أخذتها وأحل على من سمعتها منه . قال الليث : يقال للذي له عليك مال يتابعك به أي : يطالبك به : تبيع . وفي حديث قيس بن عاصم - رضي الله عنه - قال : " يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما المال الذي ليس فيه تبعة من طالب ولا ضيف ؟ قال : نعم المال أربعون والكثير ستون " يريد بالتبعة ما يتبع المال من نوائب الحقوق وهو من تبعت الرجل بحقي . والتبيع : الغريم ، قال الشماخ :


تلوذ ثعالب الشرفين منها     كما لاذ الغريم من التبيع .



وتابعه بمال أي : طلبه . والتبيع : الذي يتبعك بحق يطالبك به وهو الذي يتبع الغريم بما أحيل عليه . والتبيع : التابع . وقوله تعالى : فيغرقكم بما كفرتم ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا ; قال الفراء : أي : ثائرا ولا طالبا بالثأر لإغراقنا إياكم ، وقال الزجاج : معناه لا تجدوا من يتبعنا بإنكار ما نزل بكم ولا يتبعنا بأن يصرفه عنكم ، وقيل : تبيعا مطالبا ، ومنه قوله تعالى : فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ; يقول : على صاحب الدم اتباع بالمعروف أي : المطالبة بالدية ، وعلى القاتل أداء إليه بإحسان ، ورفع قوله تعالى : ( فاتباع ) على معنى قوله : فعليه اتباع بالمعروف ، وسيذكر ذلك مستوفى في فصل عفا ، في قوله تعالى : فمن عفي له من أخيه شيء . والتبعة والتباعة : ما اتبعت به صاحبك من ظلامة ونحوها . والتبعة والتباعة : ما فيه إثم يتبع به . يقال : ما عليه من الله في هذا تبعة ولا تباعة ، قال وداك بن ثميل :


هيم إلى الموت إذا خيروا     بين تباعات وتقتال .



قال الأزهري : التبعة والتباعة اسم الشيء الذي لك فيه بغية شبه ظلامة ونحو ذلك . وفي أمثال العرب السائرة : أتبع الفرس لجامها ، يضرب مثلا للرجل يؤمر برد الصنيعة وإتمام الحاجة . والتبع والتبع جميعا : الظل ; لأنه يتبع الشمس ، قالت سعدى الجهنية ترثي أخاها أسعد :


يرد المياه حضيرة ونفيضة     ورد القطاة إذا اسمأل التبع .



التبع : الظل واسمئلاله : بلوغه نصف النهار وضموره . وقال أبو سعيد الضرير . التبع هو الدبران في هذا البيت سمي تبعا لاتباعه الثريا ، قال الأزهري : سمعت بعض العرب يسمي الدبران التابع والتويبع ; قال : وما أشبه ما قال الضرير بالصواب ; لأن القطا ترد المياه ليلا وقلما تردها نهارا ; ولذلك يقال : أدل من قطاة ، ويدل على ذلك قول لبيد :


فوردنا قبل فراط القطا     إن من وردي تغليس النهل .



قال ابن بري : ويقال له التابع والتبع والحادي والتالي ، قال مهلهل :


كأن التابع المسكين فيها     أجير في حدايات الوقير .



والتبابعة : ملوك اليمن ، واحدهم تبع ; سموا بذلك لأنه يتبع بعضهم بعضا كلما هلك واحد قام مقامه آخر تابعا له على مثل سيرته ، وزادوا الهاء في التبابعة لإرادة النسب ، وقول أبي ذؤيب :


وعليهما ماذيتان قضاهما     داود ، أو صنع السوابغ تبع .



سمع أن داود - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - كان سخر له الحديد فكان يصنع منه ما أراد ، وسمع أن تبعا عملها وكان تبع أمر بعملها ولم يصنعها بيده ؛ لأنه كان أعظم شأنا من أن يصنع بيده . وقوله تعالى : أهم خير أم قوم تبع ; قال الزجاج : جاء في التفسير أن تبعا كان ملكا من الملوك وكان مؤمنا وأن قومه كانوا كافرين وكان فيهم تبابعة ، وجاء أيضا أنه نظر إلى كتاب على قبرين بناحية حمير : هذا قبر رضوى وقبر حبى ، ابنتي تبع ، لا تشركان بالله شيئا ، قال [ ص: 213 ] الأزهري : وأما تبع الملك الذي ذكره الله - عز وجل - في كتابه فقال : وقوم تبع كل كذب الرسل ; فقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " ما أدري تبع كان لعينا أم لا " ; قال : ويقال : إن تبت اشتق لهم هذا الاسم من اسم تبع ولكن فيه عجمة . ويقال : هم اليوم من وضائع تبع بتلك البلاد . وفي الحديث : " لا تسبوا تبعا فإنه أول من كسا الكعبة " ، قيل : هو ملك في الزمان الأول اسمه أسعد أبو كرب ، وقيل : كان ملك اليمن لا يسمى تبعا حتى يملك حضرموت وسبأ وحمير . والتبع : ضرب من الطير ، وقيل : التبع ضرب من اليعاسيب وهو أعظمها وأحسنها ، والجمع التبابع تشبيها بأولئك الملوك ، وكذلك الباء هنا ليشعروا بالهاء هنالك . والتبع : سيد النحل .

وتابع عمله وكلامه : أتقنه وأحكمه ، قال كراع : ومنه حديث أبي واقد الليثي : تابعنا الأعمال فلم نجد شيئا أبلغ في طلب الآخرة من الزهد في الدنيا ، أي : أحكمناها وعرفناها . ويقال : تابع فلان كلامه وهو تبيع للكلام إذا أحكمه . ويقال : هو يتابع الحديث إذا كان يسرده ، وقيل : فلان متتابع العلم إذا كان علمه يشاكل بعضه بعضا لا تفاوت فيه . وغصن متتابع إذا كان مستويا لا أبن فيه . ويقال : تابع المرتع المال فتتابعت ، أي : سمن خلقها فسمنت وحسنت ، قال أبو وجزة السعدي :


حرف مليكية كالفحل تابعها     في خصب عامين ، إفراق وتهميل .



وناقة مفرق : تمكث سنتين أو ثلاثا لا تلقح ، وأما قول سلامان الطائي :


أخفن اطناني إن شكين ، وإنني     لفي شغل عن ذحلي اليتتبع .



فإنه أراد ذحلي الذي يتتبع فطرح الذي وأقام الألف واللام مقامه وهي لغة لبعض العرب ، وقال ابن الأنباري : وإنما أقحم الألف واللام على الفعل المضارع لمضارعة الأسماء . قال ابن عون : قلت للشعبي : إن رفيعا أبا العالية أعتق سائبة فأوصى بماله كله ، فقال : ليس ذلك له إنما ذلك للتابعة ، قال النضر : التابعة أن يتبع الرجل الرجل فيقول : أنا مولاك ، قال الأزهري : أراد أن المعتق سائبة ماله لمعتقه . والإتباع في الكلام : مثل حسن بسن وقبيح شقيح .

التالي السابق


الخدمات العلمية