صفحة جزء
مرر

مرر : مر عليه وبه يمر مرا أي اجتاز . ومر يمر مرا ومرورا : ذهب واستمر مثله . قال ابن سيده : مر يمر مرا ومرورا جاء وذهب ، ومر به ومره : جاز عليه ، وهذا قد يجوز أن يكون مما يتعدى بحرف وغير حرف ، ويجوز أن يكون مما حذف فيه الحرف فأوصل الفعل ، وعلى هذين الوجهين يحمل بيت جرير :


تمرون الديار ولم تعوجوا كلامكم علي إذا حرام !

وقال بعضهم : إنما الرواية :


مررتم بالديار ولم تعوجوا



فدل هذا على أنه فرق من تعديه بغير حرف . وأما ابن الأعرابي فقال : مر زيدا في معنى مر به لا على الحذف ، ولكن على التعدي الصحيح ; ألا ترى أن ابن جني قال : لا تقول مررت زيدا في لغة مشهورة إلا في شيء حكاه ابن الأعرابي ؟ قال : ولم يروه أصحابنا . وامتر به وعليه : كمر . وفي خبر يوم غبيط المدرة : فامتروا على بني مالك . وقوله - عز وجل - : فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به ، أي استمرت به يعني المني ، قيل : قعدت وقامت فلم يثقلها . وأمره على الجسر : سلكه فيه ، قال اللحياني : أمررت فلانا على الجسر أمره إمرارا إذا سلكت به عليه ، والاسم من كل ذلك المرة ، قال الأعشى :


ألا قل لتيا قبل مرتها : اسلمي     تحية مشتاق إليها مسلم !

وأمره به : جعله يمره . وماره : مر معه . وفي حديث الوحي : " إذا نزل سمعت الملائكة صوت مرار السلسلة على الصفا " ، أي صوت انجرارها واطرادها على الصخر . وأصل المرار : الفتل لأنه يمر ، أي يفتل ، وفي حديث آخر : كإمرار الحديد على الطست الجديد ، أمررت الشيء أمره إمرارا إذا جعلته يمر أي يذهب ، يريد كجر الحديد على الطست ، قال : وربما روي الحديث الأول : صوت إمرار السلسلة . استمر الشيء : مضى على طريقة واحدة . واستمر بالشيء : قوي على حمله . ويقال : استمر مريره أي استحكم عزمه . وقال الكلابيون : حملت حملا خفيفا فاستمرت به أي مرت ولم يعرفوا . فمرت به ، قال الزجاج في قوله : فمرت به : معناه استمرت به قعدت وقامت لم يثقلها ، فلما أثقلت أي دنا ولادها . ابن شميل : يقال للرجل إذا استقام أمره بعد فساد قد استمر ، قال : والعرب تقول : أرجى الغلمان الذي يبدأ بحمق ثم يستمر ، وأنشد للأعشى يخاطب امرأته :


يا خير ، إني قد جعلت أستمر     أرفع من بردي ما كنت أجر

وقال الليث : كل شيء قد انقادت طرقته فهو مستمر . الجوهري : المرة واحدة المر والمرار ، قال ذو الرمة :


لا بل هو الشوق من دار تخونها     مرا شمال ومرا بارح ترب

يقال : فلان يصنع ذلك الأمر ذات المرار أي يصنعه مرارا ويدعه مرارا . والممر : موضع المرور والمصدر . ابن سيده : والمرة الفعلة الواحدة ، والجمع مر ومرار ومرر ومرور ، عن أبي علي ، ويصدقه قول أبي ذؤيب :


تنكرت بعدي أم أصابك حادث     من الدهر ، أم مرت عليك مرور ؟

قال ابن سيده : وذهب السكري إلى أن مرورا مصدر ، ولا أبعد أن يكون كما ذكر وإن كان قد أنث الفعل ; وذلك أن المصدر يفيد الكثرة والجنسية . وقوله - عز وجل - : سنعذبهم مرتين قال : يعذبون بالإيثاق والقتل ، وقيل : بالقتل وعذاب القبر ، وقد تكون التثنية هنا في معنى الجمع ، كقوله تعالى : ثم ارجع البصر كرتين ، أي كرات ، وقوله - عز وجل - : أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ، جاء في التفسير : أن هؤلاء طائفة من أهل الكتاب كانوا يأخذون به وينتهون إليه ويقفون عنده ، وكانوا يحكمون بحكم الله بالكتاب الذي أنزل فيه القرآن ، فلما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - وتلا عليهم القرآن قالوا : آمنا به ، أي صدقنا به إنه الحق من ربنا ، وذلك أن ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - كان مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ، فلم يعاندوا وآمنوا وصدقوا فأثنى الله تعالى عليهم خيرا ، ويعطون أجرهم بالإيمان بالكتاب قبل محمد صلى الله عليه وسلم وبإيمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم . ولقيه ذات مرة ، قال سيبويه : لا يستعمل ذات مرة إلا ظرفا . ولقيه ذات المرار أي مرارا كثيرة . وجئته مرا أو مرين يريد مرة أو مرتين . ابن السكيت : يقال فلان يصنع ذلك تارات ، ويصنع ذلك تيرا ، ويصنع ذلك ذات المرار ، معنى ذلك كله : يصنعه مرارا ويدعه مرارا . والمرارة : ضد الحلاوة ، والمر نقيض الحلو ، مر الشيء يمر ، وقال ثعلب : يمر مرارة ، بالفتح ، وأنشد :


لئن مر في كرمان ليلي ، لطالما     حلا بين شطي بابل فالمضيح

وأنشد اللحياني :


لتأكلني ، فمر لهن لحمي     فأذرق من حذاري أو أتاعا

وأنشده بعضهم : فأفرق ، ومعناهما : سلح . وأتاع أي قاء . وأمر كمر ، قال ثعلب :


تمر علينا الأرض من أن نرى بها     أنيسا ، ويحلولي لنا البلد القفر

عداه بعلى لأن فيه معنى تضيق ، قال : ولم يعرف الكسائي مر اللحم بغير ألف ، وأنشد البيت :


ليمضغني العدى فأمر لحمي     فأشفق من حذاري أو أتاعا

قال : ويدلك على مر بغير ألف البيت الذي قبله :


ألا تلك الثعالب قد توالت     علي ، وحالفت عرجا ضباعا
لتأكلني ، فمر لهن لحمي . . .



ابن الأعرابي : مر الطعام يمر فهو مر ، وأمره غيره ومره ومر يمر من المرور . ويقال : لقد مررت من المرة أمر مرا ومرة وهي الاسم ، وهذا أمر من كذا قالت امرأة من العرب : صغراها مراها . والأمران : الفقر والهرم ، وقول خالد بن زهير الهذلي :

[ ص: 52 ]

فلم يغن عنه خدعها ، حين أزمعت     صريمتها ، والنفس مر ضميرها

إنما أراد : ونفسها خبيثة كارهة فاستعار لها المرارة ، وشيء مر ، والجمع أمرار . والمرة : شجرة أو بقلة ، وجمعها مر وأمرار ، قال ابن سيده : وعندي أن أمرارا جمع مر ، وقال أبو حنيفة : المرة بقلة تتفرش على الأرض لها ورق مثل ورق الهندبا أو أعرض ، ولها نورة صفيراء وأرومة بيضاء ، وتقلع مع أرومتها فتغسل ثم تؤكل بالخل والخبز ، وفيها عليقمة يسيرة ، التهذيب : وقيل هذه البقلة من أمرار البقول ، والمر الواحد . والمرارة أيضا : بقلة مرة ، وجمعها مرار . والمرار : شجر مر ، ومنه بنو آكل المرار قوم من العرب ، وقيل : المرار حمض ، وقيل : المرار شجر إذا أكلته الإبل قلصت عنه مشافرها ، واحدتها مرارة ، وهو المرار ، بضم الميم . وآكل المرار معروف ، قال أبو عبيد : أخبرني ابن الكلبي أن حجرا إنما سمي آكل المرار أن ابنة كانت له سباها ملك من ملوك سليح يقال له ابن هبولة ، فقالت له ابنة حجر : كأنك بأبي قد جاء كأنه جمل آكل المرار ، يعني كاشرا عن أنيابه فسمي بذلك ، وقيل : إنه كان في نفر من أصحابه في سفر فأصابهم الجوع ، فأما هو فأكل من المرار حتى شبع ونجا ، وأما أصحابه فلم يطيقوا ذلك حتى هلك أكثرهم ; ففضل عليهم بصبره على أكله المرار . وذو المرار : أرض ، قال : ولعلها كثيرة هذا النبات فسميت بذلك ، قال الراعي :


من ذي المرار الذي تلقي حوالبه     بطن الكلاب سنيحا ، حيث يندفق

الفراء : في الطعام زؤان ومريراء ورعيداء ، وكله ما يرمى به ويخرج منه . والمر : دواء والجمع أمرار ، قال الأعشى يصف حمار وحش :


رعى الروض والوسمي ، حتى كأنما     يرى بيبيس الدو أمرار علقم

يصف أنه رعى نبات الوسمي لطيبه وحلاوته ، يقول : صار اليبيس عنده ; لكراهته إياه بعد فقدانه الرطب وحين عطش بمنزلة العلقم . وفي قصة مولد المسيح - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - : خرج قوم معهم المر ، قالوا نجبر به الكسير والجرح ، المر : دواء كالصبر سمي به لمرارته . وفلان ما يمر وما يحلي أي ما يضر ولا ينفع . ويقال : شتمني فلان فما أمررت وما أحليت ، أي ما قلت مرة ولا حلوة . وقولهم : ما أمر فلان وما أحلى أي ما قال مرا ولا حلوا ، وفي حديث الاستسقاء :


وألقى بكفيه الفتي استكانة     من الجوع ضعفا ، ما يمر وما يحلي

أي ما ينطق بخير ولا شر من الجوع والضعف ، وقال ابن الأعرابي : ما أمر وما أحلي أي ما آتي بكلمة ولا فعلة مرة ولا حلوة ، فإن أردت أن تكون مرة مرا ومرة حلوا قلت : أمر وأحلو وأمر وأحلو . وعيش مر على المثل كما قالوا حلو . ولقيت منه الأمرين والبرحين والأقورين أي الشر والأمر العظيم . وقال ابن الأعرابي : لقيت منه الأمرين على التثنية ، ولقيت منه المريين كأنها تثنية الحالة المرى . قال أبو منصور : جاءت هذه الحروف على لفظ الجماعة بالنون عن العرب وهي الدواهي ، كما قالوا مرقه مرقين . وأما قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ماذا في الأمرين من الشفاء " ، فإنه مثنى ، وهما الثفاء والصبر ، والمرارة في الصبر دون الثفاء فغلبه عليه ، والصبر هو الدواء المعروف ، والثفاء هو الخردل ، قال : وإنما قال الأمرين والمر أحدهما لأنه جعل الحروفة والحدة التي في الخردل بمنزلة المرارة ، وقد يغلبون أحد القرينين على الآخر فيذكرونهما بلفظ واحد ، وتأنيث الأمر المرى وتثنيتها المريان ، ومنه حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - في الوصية : هما المريان : الإمساك في الحياة ، والتبذير عند الممات ، قال أبو عبيدة : معناه هما الخصلتان المرتان ، نسبهما إلى المرارة ; لما فيهما من مرارة المأثم . وقال ابن الأثير : المريان تثنية مرى مثل صغرى وكبرى وصغريان وكبريان ، فهي فعلى من المرارة تأنيث الأمر كالجلى والأجل ، أي الخصلتان المفضلتان في المرارة على سائر الخصال المرة أن يكون الرجل شحيحا بماله ما دام حيا صحيحا ، وأن يبذره فيما لا يجدي عليه من الوصايا المبنية على هوى النفس عند مشارفة الموت . والمرارة : هنة لازقة بالكبد ، وهي التي تمرئ الطعام ، تكون لكل ذي روح إلا النعام والإبل فإنها لا مرارة لها . والمارورة والمريراء : حب أسود يكون في الطعام يمر منه وهو كالدنقة ، وقيل : هو ما يخرج منه فيرمى به . وقد أمر : صار فيه المريراء . ويقال : قد أمر هذا الطعام في فمي أي صار فيه مرا ، وكذلك كل شيء يصير مرا ، والمرارة الاسم . وقال بعضهم : مر الطعام يمر مرارة ، وبعضهم : يمر ، ولقد مررت يا طعام وأنت تمر ، ومن قال تمر قال مررت يا طعام وأنت تمر ، قال الطرماح :


لئن مر في كرمان ليلي ، لربما     حلا بين شطي بابل فالمضيح

والمرارة : التي فيها المرة ، والمرة : إحدى الطبائع الأربع ، ابن سيده : والمرة مزاج من أمزجة البدن . قال اللحياني : وقد مررت به على صيغة فعل المفعول أمر مرا ومرة ، وقال مرة : المر المصدر ، والمرة الاسم كما تقول حممت حمى والحمى الاسم . والممرور : الذي غلبت عليه المرة والمرة القوة وشدة العقل أيضا . ورجل مرير أي قوي ذو مرة . وفي الحديث : " لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي " ، المرة : القوة والشدة ، والسوي : الصحيح الأعضاء . والمرير والمريرة : العزيمة ، قال الشاعر :


ولا أنثني من طيرة عن مريرة     إذا الأخطب الداعي على الدوح صرصرا

والمرة : قوة الخلق وشدته ، والجمع مرر ، وأمرار جمع الجمع ، قال :


قطعت ، إلى معروفها منكراتها     بأمرار فتلاء الذراعين شودح

ومرة الحبل : طاقته وهي المريرة ، وقيل : المريرة الحبل الشديد الفتل ، وقيل : هو حبل طويل دقيق وقد أمررته . والممر : الحبل الذي أجيد فتله ، ويقال المرار والمر . وكل مفتول ممر ، وكل قوة من قوى الحبل مرة وجمعها مرر . وفي الحديث : أن رجلا أصابه في سيره المرار أي الحبل ، قال ابن الأثير : هكذا فسر ، وإنما الحبل المر ولعله [ ص: 53 ] جمعه . وفي حديث علي في ذكر الحياة : إن الله جعل الموت قاطعا لمرائر أقرانها ، المرائر : الحبال المفتولة على أكثر من طاق ، واحدها مرير ومريرة . وفي حديث ابن الزبير : ثم استمرت مريرتي ، يقال : استمرت مريرته على كذا إذا استحكم أمره عليه وقويت شكيمته فيه وألفه واعتاده ، وأصله من فتل الحبل . وفي حديث معاوية : سحلت مريرته أي جعل حبله المبرم سحيلا ، يعني رخوا ضعيفا . والمر بفتح الميم : الحبل قال :


زوجك يا ذات الثنايا الغر     والربلات والجبين الحر
أعيا فنطناه مناط الجر     ثم شددنا فوقه بمر
بين خشاشي بازل جور



الربلات : جمع ربلة ، وهي باطن الفخذ . والجر هاهنا : الزبيل . وأمررت الحبل أمره ، فهو ممر إذا شددت فتله ، ومنه قوله - عز وجل - : سحر مستمر ، أي محكم قوي ، وقيل مستمر أي مر ، وقيل : معناه سيذهب ويبطل ، قال أبو منصور : جعله من مر يمر إذا ذهب . وقال الزجاج في قوله تعالى : في يوم نحس مستمر ، أي دائم ، وقيل أي دائم الشؤم ، وقيل : هو القوي في نحوسته ، وقيل : مستمر أي مر ، وقيل : مستمر نافذ ماض فيما أمر به وسخر له . ويقال : مر الشيء واستمر وأمر من المرارة . وقوله تعالى : والساعة أدهى وأمر ، أي أشد مرارة ، وقال الأصمعي في قول الأخطل :


إذا المئون أمرت فوقه حملا



وصف رجلا يتحمل الحمالات والديات فيقول : إذا استوثق منه بأن يحمل المئين من الإبل ديات فأمرت فوق ظهره أي شدت بالمرار وهو الحبل ، كما يشد على ظهر البعير حمله ، حملها وأداها ، ومعنى قوله حملا أي ضمن أداء ما حمل ، وكفل . الجوهري : والمرير من الحبال ما لطف وطال واشتد فتله ، والجمع المرائر ، ومنه قولهم : ما زال فلان يمر فلانا ويماره أي يعالجه ويتلوى عليه ليصرعه . ابن سيده : وهو يماره أي يتلوى عليه ، وقول أبي ذؤيب :


وذلك مشبوح الذراعين خلجم     خشوف إذا ما الحرب طال مرارها

فسره الأصمعي ; فقال : مرارها مداورتها ومعالجتها . وسأل أبو الأسود الدؤلي غلاما عن أبيه فقال : ما فعلت امرأة أبيك ؟ قال : كانت تساره وتجاره وتزاره وتهاره وتماره ، أي تلتوي عليه وتخالفه ، وهو من فتل الحبل . وهو يمار البعير أي يريده ليصرعه . قال أبو الهيثم : ماررت الرجل ممارة ومرارا إذا عالجته لتصرعه وأراد ذلك منك أيضا . قال : والممر الذي يدعى للبكرة الصعبة ليمرها قبل الرائض . قال : والممر الذي يتعقل البكرة الصعبة فيستمكن من ذنبها ثم يوتد قدميه في الأرض كي لا تجره إذا أرادت الإفلات ، وأمرها بذنبها أي صرفها شقا لشق حتى يذللها بذلك فإذا ذلت بالإمرار أرسلها إلى الرائض . وفلان أمر عقدا من فلان أي أحكم أمرا منه وأوفى ذمة . وإنه لذو مرة أي عقل وأصالة وإحكام ، وهو على المثل . والمرة : القوة ، وجمعها المرر . قال الله - عز وجل - : ذو مرة فاستوى ، وقيل في قوله ذو مرة : هو جبريل خلقه الله تعالى قويا ذا مرة شديدة ، وقال الفراء : ذو مرة من نعت قوله تعالى : علمه شديد القوى ذو مرة ، قال ابن السكيت : المرة القوة ، قال : وأصل المرة إحكام الفتل . يقال : أمر الحبل إمرارا . ويقال استمرت مريرة الرجل إذا قويت شكيمته . والمريرة : عزة النفس . والمرير ، بغير هاء : الأرض التي لا شيء فيها وجمعها مرائر . وقربة ممرورة : مملوءة . والمر : المسحاة ، وقيل : مقبضها ، وكذلك هو من المحراث . والأمر : المصارين يجتمع فيها الفرث ، جاء اسما للجمع كالأعم الذي هو الجماعة ، قال :


ولا تهدي الأمر وما يليه     ولا تهدن معروق العظام

قال ابن بري : صواب إنشاد هذا البيت ولا ، بالواو ، تهدي بالياء لأنه يخاطب امرأته بدليل قوله ولا تهدن ، ولو كان لمذكر لقال : ولا تهدين ، وأورده الجوهري فلا تهد بالفاء ، وقبل البيت :


إذ ما كنت مهدية ، فأهدي     من المأنات ، أو فدر السنام

يأمرها بمكارم الأخلاق أي لا تهدي من الجزور إلا أطايبه . والعرق : العظم الذي عليه اللحم فإذا أكل لحمه قيل له معروق . والمأنة : الطفطفة . وفي الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كره من الشاء سبعا : الدم والمرار والحياء والغدة والذكر والأنثيين والمثانة ، قال القتيبي : أراد المحدث أن يقول الأمر فقال المرار ، والأمر المصارين . قال ابن الأثير : المرار جمع المرارة ، وهي التي في جوف الشاة وغيرها يكون فيها ماء أخضر مر ، قيل : هي لكل حيوان إلا الجمل . قال : وقول القتيبي ليس بشيء . وفي حديث ابن عمر : أنه جرح إصبعه فألقمها مرارة وكان يتوضأ عليها . ومرمر إذا غضب ، ورمرم إذا أصلح شأنه . ابن السكيت : المريرة من الحبال ما لطف وطال واشتد فتله ، وهي المرائر . واستمر مريره إذا قوي بعد ضعف . وفي حديث شريح : ادعى رجل دينا على ميت فأراد بنوه أن يحلفوا على علمهم فقال شريح : لتركبن منه مرارة الذقن أي لتحلفن ما له شيء ، لا على العلم ، فيركبون من ذلك ما يمر في أفواههم وألسنتهم التي بين أذقانهم . ومران شنوءة : موضع باليمن ، عن ابن الأعرابي . ومران ومر الظهران وبطن مر ; مواضع بالحجاز ، قال أبو ذؤيب :


أصبح من أم عمرو بطن مر فأك     ناف الرجيع ، فذو سدر فأملاح

وحشا سوى أن فراط السباع بها ، كأنها من تبغي الناس أطلاح ويروى : بطن مر فوزن " رن فأك " على هذا فاعلن . وقوله رفأك ، فعلن ، وهو فرع مستعمل ، والأول أصل مرفوض . وبطن مر : موضع ، وهو من مكة ، شرفها الله تعالى ، على مرحلة . وتمرمر الرجل : مار . والمرمر : الرخام ، وفي الحديث : كأن هناك مرمرة هي واحدة المرمر ، وهو نوع من الرخام صلب ، وقال الأعشى :

[ ص: 54 ]

كدمية صور محرابها     بمذهب ذي مرمر مائر

وقال الراجز :


مرمارة مثل النقا المرمور



والمرمر : ضرب من تقطيع ثياب النساء . وامرأة مرمورة ومرمارة : ترتج عند القيام . قال أبو منصور : معنى ترتج وتمرمر واحد أي ترعد من رطوبتها ، وقيل : المرمارة الجارية الناعمة الرجراجة ، وكذلك المرمورة . والتمرمر : الاهتزاز . وجسم مرمار ومرمور ومرامر : ناعم . ومرمار : من أسماء الداهية ، قال :


قد علمت سلمة بالغميس     ليلة مرمار ومرمريس

والمرمار : الرمان الكثير الماء الذي لا شحم له . ومرار ومرة ومران : أسماء . وأبو مرة : كنية إبليس . ومريرة والمريرة : موضع قال :


كأدماء هزت جيدها في أراكة     تعاطى كباثا من مريرة أسودا

وقال :


وتشرب أسآر الحياض تسوفه     ولو وردت ماء المريرة آجما

أراد آجنا ، فأبدل . وبطن مر : موضع . والأمرار : مياه معروفة في ديار بني فزارة ، وأما قول النابغة يخاطب عمرو بن هند :


من مبلغ عمرو بن هند آية     ومن النصيحة كثرة الإنذار
لا أعرفنك عارضا لرماحنا     في جف تغلب واردي الأمرار

فهي مياه بالبادية مرة . قال ابن بري : ورواه أبو عبيدة : في جف ثعلب ، يعني ثعلبة بن سعد بن ذبيان ، وجعلهم جفا لكثرتهم . يقال للحي الكثير العدد : جف مثل بكر وتغلب وتميم وأسد ، ولا يقال لمن دون ذلك جف . وأصل الجف : وعاء الطلع فاستعاره للكثرة لكثرة ما حوى الجف من حب الطلع ، ومن رواه : في جف تغلب أراد أخوال عمرو بن هند ، وكانت له كتيبتان من بكر وتغلب ، يقال لإحداهما دوسر والأخرى الشهباء ، وقوله : عارضا لرماحنا أي لا تمكنها من عرضك ، يقال : أعرض لي فلان أي أمكنني من عرضه حتى رأيته . والأمرار : مياه مرة معروفة منها عراعر وكنيب والعريمة . والمري : الذي يؤتدم به كأنه منسوب إلى المرارة ، والعامة تخففه ، قال : وأنشد أبو الغوث :


وأم مثواي لباخية     وعندها المري والكامخ

وفي حديث أبي الدرداء ذكر المري ، هو من ذلك . وهذه الكلمة في التهذيب في الناقص : ومرامر اسم رجل . قال شرقي بن القطامي : إن أول من وضع خطنا هذا رجال من طيئ منهم مرامر بن مرة ، قال الشاعر :


تعلمت باجادا وآل مرامر     وسودت أثوابي ولست بكاتب

قال : وإنما قال وآل مرامر ; لأنه كان قد سمى كل واحد من أولاده بكلمة من أبجد وهي ثمانية . قال ابن بري : الذي ذكره ابن النحاس وغيره عن المدايني أنه مرامر بن مروة ، قال المدايني : بلغنا أن أول من كتب بالعربية مرامر بن مروة من أهل الأنبار ، ويقال من أهل الحيرة ، قال : وقال سمرة بن جندب : نظرت في كتاب العربية فإذا هو قد مر بالأنبار قبل أن يمر بالحيرة . ويقال إنه سئل المهاجرون : من أين تعلمتم الخط ؟ فقالوا : من الحيرة ، وسئل أهل الحيرة : من أين تعلمتم الخط فقالوا : من الأنبار . والمران : شجر الرماح ، يذكر في باب النون لأنه فعال . ومر : أبو تميم ، وهو مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر . ومرة : أبو قبيلة من قريش ، وهو مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر . ومرة : أبو قبيلة من قيس عيلان وهو مرة بن عوف بن سعد بن قيس عيلان . مرامرات : حروف وها قديم لم يبق مع الناس منه شيء ، قال أبو منصور : وسمعت أعرابيا يقول : لهم وذل وذل ، يمرمر مرزة ويلوكها ، يمرمر أصله يمرر أي يدحوها على وجه الأرض . ويقال : رعى بنو فلان المرتين وهما الألاء والشيح . وفي الحديث ذكر ثنية المرار المشهور فيها ضم الميم وبعضهم يكسرها ، وهي عند الحديبية ، وفيه ذكر بطن مر ومر الظهران ، وهما بفتح الميم وتشديد الراء موضع بقرب مكة . الجوهري : وقوله لتجدن فلانا ألوى بعيد المستمر بفتح الميم الثانية ، أي أنه قوي في الخصومة لا يسأم المراس ، وأنشد أبو عبيد :


إذا تخازرت وما بي من خزر     ثم كسرت العين من غير عور
وجدتني ألوى بعيد المستمر     أحمل ما حملت من خير وشر

قال ابن بري : هذا الرجز يروى لعمرو بن العاص ، قال : وهو المشهور ، ويقال : إنه لأرطاة بن سهية تمثل به عمرو - رضي الله عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية