صفحة جزء
[ ص: 74 ] مسك

مسك : المسك ، بالفتح وسكون السين : الجلد وخص بعضهم به جلد السخلة ، قال : ثم كثر حتى صار كل جلد مسكا ، والجمع مسك ومسوك ، قال سلامة بن جندل :


فاقني لعلك أن تحظي وتحتبلي في سحبل ، من مسوك الضأن ، منجوب

ومنه قولهم : أنا في مسكك إن لم أفعل كذا وكذا . وفي حديث خيبر : أين مسك حيي بن أخطب ؟ كان فيه ذخيرة من صامت وحلي قومت بعشرة آلاف دينار ، كانت أولا في مسك حمل ثم مسك ثور ثم مسك جمل . وفي حديث علي - رضي الله عنه - : ما كان على فراشي إلا مسك كبش أي جلده . ابن الأعرابي : والعرب تقول نحن في مسوك الثعالب ، إذا كانوا خائفين ، وأنشد المفضل :


فيوما ترانا في مسوك جيادنا     ويوما ترانا في مسوك الثعالب

قال : في مسوك جيادنا معناه أنا أسرنا فكتفنا في قدود من مسوك خيولنا المذبوحة ، وقيل في مسوك أي على مسوك جيادنا أي ترانا فرسانا نغير على أعدائنا ثم يوما ترانا خائفين . وفي المثل : لا يعجز مسك السوء عن عرف السوء أي لا يعدم رائحة خبيثة ، يضرب للرجل اللئيم يكتم لؤمه جهده فيظهر في أفعاله . والمسك : الذبل . والمسك : الأسورة والخلاخيل من الذبل والقرون والعاج ، واحدته مسكة . الجوهري : المسك ، بالتحريك ، أسورة من ذبل أو عاج ، قال جرير :


ترى العبس الحولي جوبا بكوعها     لها مسكا ، من غير عاج ولا ذبل

.

وفي حديث أبي عمرو النخعي : رأيت النعمان بن المنذر وعليه قرطان ودملجان ومسكتان ، وحديث عائشة - رضي الله عنها - : شيء ذفيف يربط به المسك . وفي حديث بدر قال ابن عوف ومعه أمية بن خلف : فأحاط بنا الأنصار حتى جعلونا في مثل المسكة أي جعلونا في حلقة كالسوار وأحدقوا بنا ، واستعاره أبو وجزة فجعل ما تدخل فيه الأتن أرجلها من الماء مسكا فقال :


حتى سلكن الشوى منهن في مسك     من نسل جوابة الآفاق مهداج

التهذيب : المسك الذبل من العاج كهيئة السوار تجعله المرأة في يديها فذلك المسك ، والذبل القرون فإن كان من عاج فهو مسك وعاج ووقف ، وإذا كان من ذبل فهو مسك لا غير . وقال أبو عمرو : المسك مثل الأسورة من قرون أو عاج ، قال جرير :


ترى العبس الحولي جونا بكوعها     لها مسكا من غير عاج ولا ذبل

وفي الحديث : أنه رأى على عائشة - رضي الله عنها - مسكتين من فضة ، المسكة ، بالتحريك : السوار من الذبل ، وهي قرون الأوعال ، وقيل : جلود دابة بحرية ، والجمع مسك . الليث : المسك معروف إلا أنه ليس بعربي محض . ابن سيده : والمسك ضرب من الطيب مذكر وقد أنثه بعضهم على أنه جمع ، واحدته مسكة . ابن الأعرابي : وأصله مسك محركة ، قال الجوهري : وأما قول جران العود :


لقد عاجلتني بالسباب وثوبها     جديد ، ومن أردانها المسك تنفح

فإنما أنثه لأنه ذهب به إلى ريح المسك . وثوب ممسك : مصبوغ به ، وقول رؤبة :


إن تشف نفسي من ذبابات الحسك     أحر بها أطيب من ريح المسك

فإنه على إرادة الوقف كما قال :


شرب النبيذ واعتقالا بالرجل

ورواه الأصمعي :


أحر بها أطيب من ريح المسك

وقال : هو جمع مسكة . ودواء ممسك : فيه مسك . أبو العباس في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحيض : " خذي فرصة فتمسكي بها " ، وفي رواية : " خذي فرصة ممسكة فتطيبي بها " ، الفرصة : القطعة يريد قطعة من المسك ، وفي رواية أخرى : " خذي فرصة من مسك فتطيبي بها " ، قال بعضهم : تمسكي تطيبي من المسك ، وقالت طائفة : هو من التمسك باليد ، وقيل : ممسكة أي متحملة يعني تحتملينها معك ، وأصل الفرصة في الأصل القطعة من الصوف والقطن ونحو ذلك ، قال الزمخشري : الممسكة : الخلق التي أمسكت كثيرا ، قال : كأنه أراد أن لا يستعمل الجديد من القطن والصوف للارتفاق به في الغزل وغيره ، ولأن الخلق أصلح لذلك وأوفق ، قال ابن الأثير : وهذه الأقوال أكثرها متكلفة والذي عليه الفقهاء أن الحائض عند الاغتسال من الحيض يستحب لها أن تأخذ شيئا يسيرا من المسك تتطيب به أو فرصة مطيبة من المسك . وقال الجوهري : المسك من الطيب فارسي معرب ، قال : وكانت العرب تسميه المشموم . ومسك البر : نبت أطيب من الخزامى ونباتها نبات القعفاء ولها زهرة مثل زهرة المرو ، حكاه أبو حنيفة ، وقال مرة : هو نبات مثل العسلج سواء . ومسك بالشيء وأمسك به وتمسك وتماسك واستمسك ومسك ، كله : احتبس . وفي التنزيل : والذين يمسكون بالكتاب قال خالد بن زهير :


فكن معقلا في قومك ، ابن خويلد     ومسك بأسباب أضاع رعاتها

التهذيب في قوله تعالى : والذين يمسكون بالكتاب بسكون الميم وسائر القراء يمسكون بالتشديد ، وأما قوله تعالى : ولا تمسكوا بعصم الكوافر ، فإن أبا عمرو وابن عامر ويعقوب الحضرمي قرأوا ولا تمسكوا ، بتشديدها ، وخففها الباقون ، ومعنى قوله تعالى : والذين يمسكون بالكتاب ، أي يؤمنون به ويحكمون بما فيه . الجوهري : أمسكت بالشيء وتمسكت به واستمسكت به وامتسكت كله بمعنى اعتصمت ، وكذلك مسكت به تمسيكا ، وقرئ : ولا تمسكوا بعصم الكوافر . وفي التنزيل : فقد استمسك بالعروة الوثقى ، وقال زهير : [ ص: 75 ]

بأي حبل جوار كنت أمتسك ولي فيه مسكة

أي ما أتمسك به . والتمسك : استمساكك بالشيء ، وتقول أيضا : امتسكت به ، قال العباس :


صبحت بها القوم حتى امتسك     ت بالأرض أعدلها أن تميلا

وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " لا يمسكن الناس علي بشيء فإني لا أحل إلا ما أحل الله ولا أحرم إلا ما حرم الله " ، قال الشافعي : معناه إن صح أن الله تعالى أحل للنبي - صلى الله عليه وسلم - أشياء حظرها على غيره من عدد النساء والموهوبة وغير ذلك ، وفرض عليه أشياء خففها عن غيره فقال : لا يمسكن الناس علي بشيء ، يعني بما خصصت به دونهم فإن نكاحي أكثر من أربع لا يحل لهم أن يبلغوه لأنه انتهى بهم إلى أربع ، ولا يجب عليهم ما وجب علي من تخيير نسائهم لأنه ليس بفرض عليهم . وأمسكت عن الكلام أي سكت . وما تماسك أن قال ذلك أي ما تمالك . وفي الحديث : من مسك من هذا الفيء بشيء أي أمسك . والمسك والمسكة : ما يمسك الأبدان من الطعام والشراب ، وقيل : ما يتبلغ به منهما ، وتقول : أمسك يمسك إمساكا . وفي حديث ابن أبي هالة في صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - : بادن متماسك ، أراد أنه مع بدانته متماسك اللحم ليس بمسترخيه ولا منفضجه أي أنه معتدل الخلق كأن أعضاءه يمسك بعضها بعضا . ورجل ذو مسكة ومسك ، أي رأي وعقل يرجع إليه ، وهو من ذلك . وفلان لا مسكة له أي لا عقل له . ويقال : ما بفلان مسكة أي ما به قوة ولا عقل . ويقال : فيه مسكة من خير ، بالضم ، أي بقية . وأمسك الشيء : حبسه . والمسك والمساك : الموضع الذي يمسك الماء ، عن ابن الأعرابي . ورجل مسيك ومسكة أي بخيل . والمسيك : البخيل ، وكذلك المسك ، بضم الميم والسين ، وفي حديث هند بنت عتبة : أن أبا سفيان رجل مسيك أي بخيل يمسك ما في يديه لا يعطيه أحدا وهو مثل البخيل وزنا ومعنى . وقال أبو موسى : إنه مسيك ، بالكسر والتشديد ، بوزن الخمير والسكير أي شديد الإمساك لماله ، وهو من أبنية المبالغة ، قال : وقيل المسيك البخيل إلا أن المحفوظ الأول ، ورجل مسكة ، مثل همزة أي بخيل ، ويقال : هو الذي لا يعلق بشيء فيتخلص منه ولا ينازله منازل فيفلت ، والجمع مسك ، بضم الميم وفتح السين فيهما ، قال ابن بري : التفسير الثاني هو الصحيح ، وهذا البناء - أعني مسكة - يختص بمن يكثر منه الشيء مثل الضحكة والهمزة . وفي حديث عثمان بن عفان - رضي الله عنه - حين قال له ابن عرانة : أما هذا الحي من بلحرث بن كعب فحسك أمراس ، ومسك أحماس ، تتلظى المنايا في رماحهم ، فوصفهم بالقوة والمنعة وأنهم لمن رامهم كالشوك الحاد الصلب وهو الحسك ، وإذا نازلوا أحدا لم يفلت منهم ولم يتخلص ، وأما قول ابن حلزة :


ولما أن رأيت سراة قومي     مساكى ، لا يثوب لهم زعيم

قال ابن سيده : يجوز أن يكون مساكى في بيته اسما لجمع مسيك ، ويجوز أن يتوهم في الواحد مسكان فيكون من باب سكارى وحيارى . وفيه مسكة ومسكة ، عن اللحياني ، ومساك ومساك ومساكة وإمساك : كل ذلك من البخل والتمسك بما لديه ضنا به ، قال ابن بري : والمساك الاسم من الإمساك ، قال جرير :


عمرت مكرمة المساك وفارقت     ما شفها صلف ولا إقتار

والعرب تقول : فلان حسكة مسكة أي شجاع كأنه حسك في حلق عدوه . ويقال : بيننا ماسكة رحم كقولك ماسة رحم وواشجة رحم . وفرس ممسك الأيامن مطلق الأياسر : محجل الرجل واليد من الشق الأيمن وهم يكرهونه ، فإن كان محجل الرجل واليد من الشق الأيسر قالوا : هو ممسك الأياسر مطلق الأيامن ، وهم يستحبون ذلك . وكل قائمة فيها بياض ، فهي ممسكة لأنها أمسكت بالبياض ، وقوم يجعلون الإمساك أن لا يكون في القائمة بياض . التهذيب : والمطلق كل قائمة ليس بها وضح ، قال : وقوم يجعلون البياض إطلاقا والذي لا بياض فيه إمساكا ، وأنشد :


وجانب أطلق بالبياض     وجانب أمسك لا بياض

قال : وفيه من الاختلاف على القلب كما وصف في الإمساك .

والمسكة والماسكة : قشرة تكون على وجه الصبي أو المهر ، وقيل : هي كالسلى يكونان فيها . وقال أبو عبيدة : الماسكة الجلدة التي تكون على رأس الولد وعلى أطراف يديه ، فإذا خرج الولد من الماسكة والسلى فهو بقير ، وإذا خرج الولد بلا ماسكة ولا سلى فهو السليل . وبلغ مسكة البئر ومسكتها : إذا حفر فبلغ مكانا صلبا . ابن شميل : المسك الواحدة مسكة وهو أن تحفر البئر فتبلغ الموضع الذي لا يحتاج أن يطوى فيقال : قد بلغوا مسكة صلبة وإن بئار بني فلان في مسك ، قال الراجز :


الله أرواك وعبد الجبار     ترسم الشيخ وضرب المنقار

،

في مسك لا مجبل ولا هار

الجوهري : المسكة من البئر الصلبة التي لا تحتاج إلى طي . ومسك بالنار : فحص لها في الأرض ثم غطاها بالرماد والبعر ودفنها . أبو زيد : مسكت بالنار تمسيكا وثقبت بها تثقيبا ، وذلك إذا فحصت لها في الأرض ثم جعلت عليها بعرا أو خشبا أو دفنتها في التراب . والمسكان : العربان ، ويجمع مساكين ، ويقال : أعطه المسكان . وفي الحديث : أنه نهى عن بيع المسكان ، هو بالضم بيع العربان والعربون ، وهو أن يشتري السلعة ويدفع إلى صاحبها شيئا على أنه إن أمضى البيع حسب من الثمن وإن لم يمض كان لصاحب السلعة ولم يرتجعه المشتري ، وقد ذكر في موضعه . ابن شميل : الأرض مسك وطرائق : فمسكة كذانة ومسكة مشاشة ومسكة حجارة ومسكة لينة ، وإنما الأرض طرائق فكل طريقة مسكة ، والعرب تقول للتناهي التي تمسك ماء السماء مساك ومساكة ومساكات ، كل ذلك مسموع منهم . وسقاء مسيك : كثير الأخذ للماء . وقد مسك ، بفتح السين ، مساكة ، رواه أبو حنيفة . أبو زيد : المسيك من الأساقي التي تحبس الماء فلا ينضح . وأرض مسيكة : لا تنشف الماء لصلابتها . وأرض مساك أيضا . ويقال للرجل يكون مع القوم يخوضون في الباطل : إن فيه [ ص: 76 ] لمسكة عما هم فيه . وماسك : اسم . وفي الحديث ذكر مسك ، هو بفتح الميم وكسر الكاف صقع بالعراق قتل فيه مصعب بن الزبير ، وموضع بدجيل الأهواز حيث كانت وقعة الحجاج وابن الأشعث .

التالي السابق


الخدمات العلمية