صفحة جزء
مكن مكن : المكن والمكن : بيض الضبة والجرادة ونحوهما ، قال أبو الهندي ، واسمه عبد المؤمن بن عبد القدوس :

ومكن الضباب طعام العريب ولا تشتهيه نفوس العجم

واحدته مكنة ومكنة ، بكسر الكاف . وقد مكنت الضبة وهي مكون وأمكنت وهي ممكن إذا جمعت البيض في جوفها ، والجرادة مثلها . الكسائي : أمكنت الضبة جمعت بيضها في بطنها ، فهي مكون ، وأنشد ابن بري لرجل من بني عقيل :

أراد رفيقي أن أصيده ضبة     مكونا ، ومن خير الضباب مكونها

وفي حديث أبي سعيد : لقد كنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهدى لأحدنا الضبة المكون أحب إليه من أن يهدى إليه دجاجة سمينة ، المكون : التي جمعت المكن ، وهو بيضها . يقال : ضبة مكون وضب مكون ، ومنه حديث أبي رجاء : أيما أحب إليك ضب مكون أو كذا وكذا ؟ وقيل : الضبة المكون التي على بيضها . ويقال : ضباب مكان ، قال الشاعر :

وقال : تعلم أنها صفرية     مكان بما فيها الدبى وجنادبه

الجوهري : المكنة ، بكسر الكاف ، واحدة المكن والمكنات . وقوله - صلى الله عليه وسلم - : " أقروا الطير على مكناتها " ومكناتها ، بالضم ، قيل : يعني بيضها على أنه مستعار لها من الضبة ؛ لأن المكن ليس للطير ، وقيل : عنى مواضع الطير . والمكنات في الأصل : بيض الضباب . قال أبو عبيد : سألت عدة من الأعراب عن مكناتها فقالوا : لا نعرف للطير مكنات ، وإنما هي وكنات ، وإنما المكنات بيض الضباب ، قال أبو عبيد : وجائز في كلام العرب أن يستعار مكن الضباب فيجعل للطير تشبيها ، بذلك كما قالوا مشافر الحبش ، وإنما المشافر للإبل ، وكقول زهير يصف الأسد :

لدى أسد شاكي السلاح مقذف     له لبد أظفاره لم تقلم

وإنما له المخالب ، قال : وقيل في تفسير قوله أقروا الطير على مكناتها ؛ يريد على أمكنتها ، ومعناه الطير التي يزجر بها ، يقول : لا تزجروا الطير ولا تلتفتوا إليها ، أقروها على مواضعها التي جعلها الله لها أي لا تضر ولا تنفع ، ولا تعدوا ذلك إلى غيره ، وقال شمر : الصحيح في قوله على مكناتها أنها جمع المكنة ، والمكنة التمكن . تقول العرب : إن بني فلان لذوو مكنة من السلطان أي تمكن ، فيقول : أقروا الطير على كل مكنة ترونها عليها ودعوا التطير منها ، وهي مثل التبعة من التتبع ، والطلبة من التطلب . قال الجوهري : ويقال الناس على مكناتهم أي على استقامتهم . قال ابن بري عند قول الجوهري في شرح هذا الحديث : ويجوز أن يراد به على أمكنتها أي على مواضعها التي جعلها الله تعالى لها ، قال : لا يصح أن يقال في المكنة إنه المكان إلا على التوسع ؛ لأن المكنة إنما هي بمعنى التمكن مثل الطلبة بمعنى التطلب والتبعة بمعنى التتبع . يقال : إن فلانا لذو مكنة من السلطان ، فسمي موضع الطير مكنة لتمكنه فيه ، يقول : دعوا الطير على أمكنتها ولا تطيروا بها ، قال الزمخشري : ويروى مكناتها جمع مكن ، ومكن جمع مكان كصعدات في صعد وحمرات في حمر ، وروى الأزهري عن يونس قال : قال لنا الشافعي في تفسير هذا الحديث قال : كان الرجل في الجاهلية إذا أراد الحاجة أتى الطير ساقطا أو في وكره فنقره ، فإن أخذ ذات اليمين مضى لحاجته ، وإن أخذ ذات الشمال رجع ، فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ، قال الأزهري : والقول في معنى الحديث ما قاله الشافعي ؛ وهو الصحيح وإليه كان يذهب ابن عيينة . قال ابن الأعرابي : الناس على سكناتهم ونزلاتهم ومكناتهم ، وكل ذي ريش وكل أجرد يبيض ، وما سواهما يلد ، وذو الريش كل طائر ، والأجرد مثل الحيات والأوزاغ وغيرهما مما لا شعر عليه من الحشرات . والمكانة : التؤدة ، وقد تمكن . ومر على مكينته أي على تؤدته . أبو زيد : يقال امش على مكينتك ومكانتك وهينتك . قال قطرب : يقال فلان يعمل على مكينته أي على اتئاده . وفي التنزيل العزيز : اعملوا على مكانتكم ، أي على حيالكم وناحيتكم ، وقيل : معناه أي على ما أنتم عليه مستمكنون . الفراء : لي في قلبه مكانة وموقعة ومحلة . أبو زيد : فلان مكين عند فلان بين المكانة ، يعني المنزلة . قال الجوهري : وقولهم ما أمكنه عند الأمير شاذ . قال ابن بري : وقد جاء مكن يمكن ، قال القلاخ :

حيث تثنى الماء فيه فمكن

قال : فعلى هذا يكون ما أمكنه على القياس . ابن سيده : والمكانة المنزلة عند الملك . والجمع مكانات ، ولا يجمع جمع التكسير ، وقد مكن مكانة فهو مكين ، والجمع مكناء . وتمكن كمكن . والمتمكن من الأسماء : ما قبل الرفع والنصب والجر لفظا ، كقولك زيد وزيدا وزيد ، وكذلك غير المنصرف كأحمد وأسلم ، قال الجوهري : ومعنى قول النحويين في الاسم إنه متمكن أي أنه معرب [ ص: 113 ] كعمر وإبراهيم ، فإذا انصرف مع ذلك فهو المتمكن الأمكن كزيد وعمرو ، وغير المتمكن هو المبني ككيف وأين ، قال : ومعنى قولهم في الظرف إنه متمكن أنه يستعمل مرة ظرفا ومرة اسما ، كقولك : جلست خلفك ، فتنصب ، ومجلسي خلفك ، فترفع في موضع يصلح أنه يكون ظرفا ، وغير المتمكن هو الذي لا يستعمل في موضع يصلح أن يكون ظرفا إلا ظرفا ، كقولك : لقيته صباحا وموعدك صباحا ، فتنصب فيهما ، ولا يجوز الرفع إذا أردت صباح يوم بعينه ، وليس ذلك لعلة توجب الفرق بينهما أكثر من استعمال العرب لها كذلك ، وإنما يؤخذ سماعا عنهم ، وهي صباح وذو صباح ، ومساء وذو مساء ، وعشية وعشاء ، وضحى وضحوة ، وسحر وبكر وبكرة وعتمة ، وذات مرة ، وذات يوم ، وليل ونهار وبعيدات بين ، هذا إذا عنيت بها الأوقات يوما بعينه ، فأما إذا كانت نكرة أو أدخلت عليها الألف واللام تكلمت بها رفعا ونصبا وجرا ، قال سيبويه : أخبرنا بذلك يونس . قال ابن بري : كل ما عرف من الظروف من غير جهة التعريف فإنه يلزم الظرفية لأنه ضمن ما ليس له في أصل وضعه ؛ فلهذا لم يجز : سير عليه سحر ؛ لأنه معرفة من غير جهة التعريف ، فإن نكرته فقلت سير عليه سحر ، جاز ، وكذلك إن عرفته من غير جهة التعريف فقلت : سير عليه السحر ، جاز . وأما غدوة وبكرة فتعريفهما تعريف العلمية ، فيجوز رفعهما كقولك : سير عليه غدوة وبكرة ، فأما ذو صباح وذات مرة وقبل وبعد فليست في الأصل من أسماء الزمان ، وإنما جعلت اسما له على توسع وتقدير حذف . أبو منصور : المكان والمكانة واحد . التهذيب : الليث : مكان في أصل تقدير الفعل مفعل ؛ لأنه موضع لكينونة الشيء فيه ، غير أنه لما كثر أجروه في التصريف مجرى فعال ، فقالوا : مكنا له وقد تمكن ، وليس هذا بأعجب من تمسكن من المسكن ، قال : والدليل على أن المكان مفعل أن العرب لا تقول في معنى هو مني مكان كذا وكذا إلا مفعل كذا وكذا ، بالنصب . ابن سيده : والمكان الموضع ، والجمع أمكنة كقذال وأقذلة ، وأماكن جمع الجمع . قال ثعلب : يبطل أن يكون مكان فعالا لأن العرب تقول : كن مكانك ، وقم مكانك ، واقعد مقعدك ؛ فقد دل هذا على أنه مصدر من كان أو موضع منه ، قال : وإنما جمع أمكنة فعاملوا الميم الزائدة معاملة الأصلية لأن العرب تشبه الحرف بالحرف ، كما قالوا منارة ومنائر فشبهوها بفعالة وهي مفعلة من النور ، وكان حكمه مناور ، وكما قيل مسيل وأمسلة ومسل ومسلان وإنما مسيل مفعل من السيل ، فكان ينبغي أن لا يتجاوز فيه مسايل ، لكنهم جعلوا الميم الزائدة في حكم الأصلية ، فصار مفعل في حكم فعيل ، فكسر تكسيره . وتمكن بالمكان وتمكنه : على حذف الوسيط ، وأنشد سيبويه :

لما تمكن دنياهم أطاعهم     في أي نحو يميلوا دينه يمل

قال : وقد يكون تمكن دنياهم على أن الفعل للدنيا ، فحذف التاء لأنه تأنيث غير حقيقي . وقالوا : مكانك ! تحذره شيئا من خلفه . الجوهري : مكنه الله من الشيء وأمكنه منه بمعنى . وفلان لا يمكنه النهوض أي لا يقدر عليه . ابن سيده : وتمكن من الشيء واستمكن ظفر ، والاسم من كل ذلك المكانة . قال أبو منصور : ويقال أمكنني الأمر يمكنني فهو ممكن ، ولا يقال أنا أمكنه بمعنى أستطيعه ، ويقال : لا يمكنك الصعود إلى هذا الجبل ، ولا يقال أنت تمكن الصعود إليه . وأبو مكين : رجل . والمكنان ، بالفتح والتسكين : نبت ينبت على هيئة ورق الهندباء بعض ورقه فوق بعض ، وهو كثيف وزهرته صفراء ومنبته القنان ولا صيور له ، وهو أبطأ عشب الربيع ، وذلك لمكان لينه ، وهو عشب ليس من البقل ، وقال أبو حنيفة : المكنان من العشب ورقته صفراء وهو لين كله ، وهو من خير العشب إذا أكلته الماشية غزرت عليه فكثرت ألبانها وخثرت ، واحدته مكنانة . قال أبو منصور : المكنان من بقول الربيع ، قال ذو الرمة :

وبالروض مكنان كأن حديقه     زرابي وشتها أكف الصوانع

وأمكن المكان : أنبت المكنان ، وقال ابن الأعرابي في قول الشاعر ؛ رواه أبو العباس عنه :

ومجر منتحر الطلي تناوحت     فيه الظباء ببطن واد ممكن

قال : ممكن ينبت المكنان ، وهو نبت من أحرار البقول ، قال الشاعر يصف ثورا أنشده ابن بري :

حتى غدا خرما طأى فرائصه     يرعى شقائق من مرعى ومكنان

وأنشد ابن بري لأبي وجزة يصف حمارا :

تحسر الماء عنه واستجن به     إلفان جنا من المكنان والقطب
جماديين حسوما لا يعاينه     رعي من الناس في أهل ولا غرب

وقال الراجز :

وأنت إن سرحتها في مكنان     وجدتها نعم غبوق الكسلان .

التالي السابق


الخدمات العلمية