صفحة جزء
ملح

ملح : الملح : ما يطيب به الطعام ، يؤنث ويذكر ، والتأنيث فيه أكثر . وقد ملح القدر يملحها ويملحها ملحا وأملحها : جعل فيها ملحا بقدر . وملحها تمليحا : أكثر ملحها فأفسدها ، والتمليح مثله . وفي الحديث : " إن الله تعالى ضرب مطعم ابن آدم للدنيا مثلا وإن ملحه أي ألقى فيه الملح بقدر الإصلاح " . ابن سيده عن سيبويه : ملحته وملحته وأملحته بمعنى ، وملح اللحم والجلد يملحه ملحا ، كذلك ، أنشد ابن الأعرابي :

تشلي الرموح ، وهي الرموح ، حرف كأن غبرها مملوح وقال أبو ذؤيب :

يستن في عرض الصحراء فائره كأنه سبط الأهداب مملوح يعني البحر شبه السراب به . وتقول : ملحت الشيء وملحته ، فهو مملوح مملح مليح . والملح والمليح خلاف العذب من الماء ، والجمع ملحة وملاح وأملاح وملح ، وقد يقال : أمواه ملح وركية ملحة وماء ملح ، ولا يقال مالح إلا في لغة رديئة . وقد ملح ملوحة وملاحة وملح يملح ملوحا ، بفتح اللام فيهما ؛ عن ابن الأعرابي ، فإن كان الماء عذبا ثم ملح قال : أملح ، وبقلة مالحة . وحكى ابن الأعرابي : ماء مالح كملح ، وإذا وصفت الشيء بما فيه من الملوحة قلت : سمك مالح وبقلة مالحة . قال ابن سيده : وفي حديث عثمان - رضي الله عنه - : وأنا أشرب ماء الملح أي الشديد الملوحة . الأزهري عن أبي العباس : أنه سمع ابن الأعرابي قال : ماء أجاج وقعاع وزعاق وحراق ، وماء يفقأ عين الطائر ، وهو الماء المالح ، قال وأنشدنا :


بحرك عذب الماء ، ما أعقه ربك ، والمحروم من لم يسقه

أراد : ما أقعه من القعاع ، وهو الماء الملح فقلب . ابن شميل : قال يونس : لم أسمع أحدا من العرب يقول ماء مالح ، ويقال سمك مالح ، وأحسن منهما : سمك مليح ومملوح ، قال الجوهري : ولا يقال مالح ، قال : وقال أبو الدقيش : يقال ماء مالح وملح ، قال أبو منصور : هذا وإن وجد في كلام العرب قليل لغة لا تنكر ، قال ابن بري : قد جاء المالح في أشعار الفصحاء كقول الأغلب العجلي يصف أتنا وحمارا :


تخاله من كربهن كالحا     وافتر صابا ونشوقا مالحا

وقال غسان السليطي :


وبيض غذاهن الحليب ، ولم يكن     غذاهن نينان من البحر مالح


أحب إلينا من أناس بقرية     يموجون موج البحر ، والبحر جامح

وقال عمر بن أبي ربيعة :

ولو تفلت في البحر ، والبحر مالح ، لأصبح ماء البحر من ريقها عذبا ! قال ابن بري : وجدت هذا البيت المنسوب إلى عمر بن أبي ربيعة في شعر عيينة محمد بن أبي صفرة في قصيدة أولها :


تجنى علينا أهل مكتومة الذنبا     وكانوا لنا سلما ، فصاروا لنا حربا

وقال أبو زياد الكلابي :


صبحن قوا ، والحمام واقع     وماء قو مالح وناقع

وقال جرير :


إلى المهلب جد الله دابرهم     أمسوا رمادا ، فلا أصل ولا طرف
كانوا إذا جعلوا في صيرهم بصلا     ثم اشتووا كنعدا من مالح جدفوا

قال : وقال ابن الأعرابي : يقال شيء مالح كما يقال حامض ، قال ابن بري : وقال أبو الجراح : الحمض المالح من الشجر . قال ابن بري : ووجه جواز هذا من جهة العربية أن يكون على النسب ، مثل قولهم : ماء دافق أي ذو دفق ، وكذلك ماء مالح أي ذو ملح ، وكما يقال رجل تارس أي ذو ترس ، ودارع أي ذو درع ، قال : ولا يكون هذا جاريا على الفعل . ابن سيده : وسمك مالح ومليح ومملوح ومملح وكره بعضهم مليحا ومالحا ، ولم ير بيت عذافر حجة ، وهو قوله :


لو شاء ربي لم أكن كريا     ولم أسق لشعفر المطيا
بصرية تزوجت بصريا     يطعمها المالح والطريا

وقد عارض هذا الشاعر رجل من حنيفة فقال :

[ ص: 117 ]

أكريت خرقا ماجدا سريا     ذا زوجة كان بها حفيا
يطعمها المالح والطريا

وأملح القوم : وردوا ماء ملحا . وأملح الإبل : سقاها ماء ملحا . وأملحت هي : وردت ماء ملحا . وتملح الرجل : تزود الملح أو تجر به ، قال ابن مقبل يصف سحابا :


ترى كل واد سال فيه     كأنما أناخ عليه راكب متملح

والملاحة : منبت الملح كالبقالة لمنبت البقل . والمملحة : ما يجعل فيه الملح . والملاح : صاحب الملح ؛ حكاه ابن الأعرابي ، وأنشد :


حتى ترى الحجرات كل عشية     ما حولها ، كمعرس الملاح

ويروى الحجرات . والملاح : النوتي ، وفي التهذيب : صاحب السفينة لملازمته الماء الملح ، وهو أيضا الذي يتعهد فوهة النهر ليصلحه وأصله من ذلك ، وحرفته الملاحة والملاحية ، وأنشد الأزهري للأعشى :


تكافأ ملاحها وسطها     من الخوف ، كوثلها يلتزم

ابن الأعرابي : الملاح الريح التي تجري بها السفينة وبه سمي الملاح ملاحا ، وقال غيره : سمي السفان ملاحا لمعالجته الماء الملح بإجراء السفن فيه ، ويقال للرجل الحديد : ملحه على ركبتيه ، قال مسكين الدارمي :


لا تلمها ، إنها من نسوة     ملحها موضوعة فوق الركب

قال ابن سيده : أنث فإما أن يكون جمع ملحة ، وإما أن يكون التأنيث في الملح لغة ، وقال الأزهري : اختلف الناس في هذا البيت فقال الأصمعي : هذه زنجية والملح شحمها هاهنا وسمن الزنج في أفخاذها ، وقال شمر : الشحم يسمى ملحا ، وقال ابن الأعرابي في قوله :

ملحها موضوعة فوق الركب قال : هذه قليلة الوفاء ، والملح هاهنا يعني الملح . يقال : فلان ملحه على ركبتيه إذا كان قليل الوفاء . قال : والعرب تحلف بالملح والماء تعظيما لهما . وملح الماشية ملحا وملحها : أطعمها سبخة الملح ، وهو ملح وتراب ، والملح أكثر ، وذلك إذا لم يقدر على الحمض فأطعمها هذا مكانه . والملاحة : عشبة من الحموض ذات قضب وورق منبتها القفاف ، وهي مالحة الطعم ناجعة في المال ، والجمع ملاح . الأزهري عن الليث : الملاح من الحمض ، وأنشد :


يخبطن ملاحا كذاوي القرمل

قال أبو منصور : الملاح من بقول الرياض ، الواحدة ملاحة ، وهي بقلة غضة فيها ملوحة منابتها القيعان ، وحكى ابن الأعرابي عن أبي النجيب الربعي في وصفه روضة : رأيتها تندى من بهمى وصوفانة وينمة وملاحة ونهقة . والملاح ، بالضم والتشديد : من نبات الحمض ، وفي حديث ظبيان : يأكلون ملاحها ويرعون سراحها ؛ الملاح : ضرب من النبات ، والسراح : جمع سرح وهو الشجر ، وقال ابن سيده : قال أبو حنيفة : الملاح حمضة مثل القلام فيه حمرة يؤكل مع اللبن ينتقل به ، وله حب يجمع كما يجمع الفث ويخبز فيؤكل ، قال : وأحسبه سمي ملاحا للون لا للطعم ، وقال مرة : الملاح عنقود الكباث من الأراك سمي به لطعمه ، كأنه فيه من حرارته ملحا ، ويقال : نبت ملح ومالح للحمض . وقليب مليح أي ماؤه ملح ، قال عنترة يصف جعلا :


كأن مؤشر العضدين حجلا     هدوجا بين أقلبة ملاح

والملح : الحسن من الملاحة . وقد ملح يملح ملوحة وملاحة وملحا أي حسن ، فهو مليح وملاح وملاح . والملاح أملح من المليح ، قال :


تمشي بجهم حسن ملاح     أجم حتى هم بالصياح

يعني فرجها ، وهذا المثال لما أرادوا المبالغة ، قالوا : فعال فزادوا في لفظه لزيادة معناه ، وجمع المليح ملاح وجمع ملاح وملاح ملاحون وملاحون ، والأنثى مليحة . واستملحه : عده مليحا ، وقيل : جمع المليح ملاح وأملاح ؛ عن أبي عمرو ، مثل شريف وأشراف . وفي حديث جويرية : وكانت امرأة ملاحة أي شديدة الملاحة ، وهو من أبنية المبالغة . وفي كتاب الزمخشري : وكانت امرأة ملاحة أي ذات ملاحة ، وفعال مبالغة في فعيل مثل كريم وكرام وكبير وكبار ، وفعال مشددا أبلغ منه . التهذيب : والملاح أملح من المليح . وقالوا : ما أميلحه فصغروا الفعل وهم يريدون الصفة حتى كأنهم قالوا مليح ، ولم يصغروا من الفعل غيره وغير قولهم ما أحيسنه ، قال الشاعر :


يا ما أميلح غزلانا عطون لنا     من هؤلياء ، بين الضال والسمر

والملحة والملحة : الكلمة المليحة . وأملح : جاء بكلمة مليحة . الليث : أملحت يا فلان ؛ بمعنيين ، أي جئت بكلمة مليحة وأكثرت ملح القدر . وفي حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت لها امرأة : أزم جملي هل علي جناح ؟ قالت : لا ، فلما خرجت قالوا لها : إنها تعني زوجها ، قالت : ردوها علي ، ملحة في النار اغسلوا عني أثرها بالماء والسدر . الملحة : الكلمة المليحة ، وقيل : القبيحة . وقولها : اغسلوا عني أثرها تعني الكلمة التي أذنت لها بها ، ردوها لأعلمها أنه لا يجوز . قال أبو منصور : الكلام الجيد ملحت القدر إذا أكثرت ملحها ، بالتشديد ، وملح الشاعر إذا أتى بشيء مليح . والملحة ، بالضم : واحدة الملح من الأحاديث . قال الأصمعي : بلغت بالعلم ونلت بالملح ، والملح : الملح من الأخبار ، بفتح الميم . والملح : العلم . والملح : العلماء . وأملحني بنفسك : زيني ، التهذيب : سأل رجل آخر فقال : أحب أن تملحني عند فلان بنفسك أي تزينني وتطريني . الأصمعي : الأملح الأبلق بسواد وبياض . والملحة من الألوان : بياض تشوبه شعرات سود . والصفة أملح والأنثى ملحاء . وكل شعر وصوف ونحوه كان فيه بياض وسواد : فهو أملح ، وكبش أملح : بين الملحة والملح . وفي الحديث : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتي بكبشين أملحين فذبحهما ، وفي التهذيب : ضحى بكبشين أملحين ، قال الكسائي وأبو زيد وغيرهما : الأملح الذي فيه بياض وسواد ويكون البياض أكثر . وقد املح الكبش املحاحا : صار أملح ، وفي الحديث : يؤتى بالموت في صورة كبش أملح ، ويقال : كبش أملح إذا كان شعره خليسا . قال أبو ذبيان ابن الرعبل : أبغض الشيوخ إلي الأقلح الأملح الحسو الفسو . وفي حديث خباب : لكن حمزة لم يكن له إلا نمرة [ ص: 118 ] ملحاء أي بردة فيها خطوط سود وبيض ، ومنه حديث عبيد بن خالد : خرجت في بردين وأنا مسبلهما فالتفت فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت : إنما هي ملحاء ، قال : وإن كانت ملحاء أما لك في أسوة ؟ والملحاء من النعاج : الشمطاء تكون سوداء تنفذها شعرة بيضاء . والأملح من الشعر نحو الأصبح وجعل بعضهم الأملح الأبيض النقي البياض ، وقيل : الملحة بياض إلى الحمرة ما هو كلون الظبي ، أبو عبيدة : هو الأبيض الذي ليس بخالص فيه عفرة . ورجل أملح اللحية إذا كان يعلو شعر لحيته بياض من خلقة ، ليس من شيب ، وقد يكون من شيب ولذلك وصف الشيب بالملحة ، أنشد ثعلب :


لكل دهر قد لبست أثوبا     حتى اكتسى الشيب قناعا أشهبا
أملح لا لذا ولا محببا

وقيل : هو الذي بياضه غالب لسواده وبه فسر بعضهم هذا البيت . والملحة والملح : في جميع شعر الجسد من الإنسان وكل شيء بياض يعلو السواد . والملحة : أشد الزرق حتى يضرب إلى البياض ، وقد ملح ملحا واملح وأملح ، الأزهري : الزرقة إذا اشتدت حتى تضرب إلى البياض قيل : هو أملح العين ، ومنه كتيبة ملحاء ، وقال حسان بن ربيعة الطائي :


وإنا نضرب الملحاء حتى     تولي ، والسيوف لنا شهود

قال ابن بري : المشهور من الرواية : وأنا نضرب الملحاء ، بفتح الهمزة ، وقبله :


لقد علم القبائل أن قومي     ذوو حد ، إذا لبس الحديد

قال : ومعنى قوله حتى تولي أي حتى تفر مولية يعني كتيبة أعدائه ، وجعل تفليل السيوف شاهدا على مقارعة الكتائب ويروى : لها شهود ، فمن روى لنا شهود فإنه جعل فلولها شهودا لهم بالمقارعة ، ومن روى لها أراد أن السيوف شهود على مقارعتها ، وذلك تفليلها . وملحان : جمادى الآخرة ، سمي بذلك لابيضاضه بالثلج ، قال الكميت :

إذا أمست الآفاق حمرا جنوبها ، لشيبان أو ملحان ، واليوم أشهب شيبان : جمادى الأولى وقيل : كانون الأول . وملحان : كانون الثاني ، سمي بذلك لبياض الثلج . الأزهري : عمرو بن أبي عمرو : شيبان ، بكسر الشين ، وملحان من الأيام إذا ابيضت الأرض من الجليت والصقيع . الجوهري : يقال لبعض شهور الشتاء ملحان لبياض ثلجه . والملاحي ، بالضم وتشديد اللام : ضرب من العنب أبيض في حبه طول ، وهو من الملحة ، وقال أبو قيس بن الأسلت :


وقد لاح في الصبح الثريا كما ترى     كعنقود ملاحية ، حين نورا

ابن سيده : عنب ملاحي أبيض ، قال الشاعر :


ومن تعاجيب خلق الله غاطية     يعصر منها ملاحي وغربيب

قال : وحكى أبو حنيفة ملاحي ، وهي قليلة . وقال مرة : إنما نسبه إلى الملاح ، وإنما الملاح في الطعم ، والملاحي من الأراك الذي فيه بياض وشهبة وحمرة ، وأنشد لمزاحم العقيلي :


فما أم أحوى الطرتين خلا لها     بقرى ، ملاحي من المرد ناطف

والملاحي : تين صغار أملح صادق الحلاوة ويزبب . واملاح النخل : تلون بسره بحمرة وصفرة . وشجرة ملحاء : سقط ورقها وبقيت عيدانها خضرا . والملحاء من البعير : الفقر التي عليها السنام ، ويقال : هي ما بين السنام إلى العجز ، وقيل : الملحاء لحم مستبطن الصلب من الكاهل إلى العجز ، قال العجاج :

موصولة الملحاء في مستعظم ، وكفل من نحضه ملكم والملحاء : ما انحدر عن الكاهل إلى الصلب ، وقوله :

رفعوا راية الضراب ومروا ، لا يبالون فارس الملحاء يعني بفارس الملحاء ما على السنام من الشحم . التهذيب : والملحاء وسط الظهر بين الكاهل والعجز ، وهي من البعير ما تحت السنام ، قال : وفي الملحاء ست محالات والجمع ملحاوات . الفراء : المليح الحليم والراسب والمرب الحليم . ابن الأعرابي : الملاح المخلاة . وجاء في الحديث : أن المختار لما قتل عمر بن سعد جعل رأسه في ملاح وعلقه ، الملاح : المخلاة بلغة هذيل ، وقيل : هو سنان الرمح ، قال : والملاح السترة . والملاح : الرمح . والملاح : أن تهب الجنوب بعد الشمال . ويقال : أصبنا ملحة من الربيع أي شيئا يسيرا منه . وأصاب المال ملحة من الربيع : لم يستمكن منه فنال منه شيئا يسيرا . والملح : السمن القليل . وأملح البعير إذا حمل الشحم ، وملح ، فهو مملوح إذا سمن . ويقال : كان ربيعنا مملوحا ، وكذلك إذا ألبن القوم وأسمنوا . وملحت الناقة ، فهي مملح : سمنت قليلا ، ومنه قول عروة بن الورد :


أقمنا بها حينا ، وأكثر زادنا     بقية لحم من جزور مملح

وجزور مملح : فيها بقية من سمن ، وأنشد ابن الأعرابي :


ورد جازرهم حرفا مصهرة     في الرأس منها وفي الرجلين تمليح

أي سمن ، يقول : لا شحم لها إلا في عينها وسلاماها ، كما قال :


ما دام مخ في سلامى أو عين

قال : أول ما يبدأ السمن في اللسان والكرش ، وآخر ما يبقى في السلامى والعين . وتملحت الإبل : كملحت ، وقيل : هو مقلوب عن تحلمت أي سمنت ، وهو قول ابن الأعرابي ، قال ابن سيده : ولا أرى للقلب هنا وجها ، قال : وأرى ملحت الناقة ، بالتخفيف ، لغة في ملحت . وتملحت الضباب : كتحلمت أي سمنت . وملح القدر : جعل فيها شيئا من شحم . التهذيب عن أبي عمرو : أملحت القدر ، بالألف ، إذا جعلت فيها شيئا من شحم . وروي عن ابن عباس أنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الصادق يعطى ثلاث خصال : الملحة والمهابة والمحبة " ؛ الملحة ، بالضم : البركة . يقال : كان ربيعنا مملوحا فيه أي مخصبا مباركا ، وهي من ملحت الماشية إذا ظهر فيها السمن [ ص: 119 ] من الربيع ، والملح : البركة ، يقال : لا يبارك الله فيه ولا يملح ؛ قاله ابن الأنباري . وقال ابن بزرج : ملح الله فيه فهو مملوح فيه أي مبارك له في عيشه وماله ، قال أبو منصور : أراد بالملحة البركة . وإذا دعي عليه قيل : لا ملح الله فيه ولا بارك فيه ! وقال ابن سيده في قوله : " الصادق يعطى الملحة " ، قال : أراه من قولهم تملحت الإبل سمنت فكأنه يريد الفضل والزيادة . وفي حديث عمرو بن حريث : عناق قد أجيد تمليحها وأحكم نضجها ، ابن الأثير : التمليح هاهنا السمط ، وهو أخذ شعرها وصوفها بالماء ، وقيل : تمليحها تسمينها من الجزور المملح وهو السمين ، ومنه حديث الحسن : ذكرت له التوراة فقال . أتريدون أن يكون جلدي كجلد الشاة المملوحة ؟ يقال : ملحت الشاة وملحتها إذا سمطتها . والملح : الرضاع ، قال أبو الطمحان - وكانت له إبل يسقي قوما من ألبانها ثم أغاروا عليها فأخذوها - :


وإني لأرجو ملحها في بطونكم     وما بسطت من جلد أشعث أغبرا

وذلك أنه كان نزل عليه قوم فأخذوا إبله فقال : أرجو أن ترعوا ما شربتم من ألبان هذه الإبل وما بسطت من جلود قوم كأن جلودهم قد يبست فسمنوا منها ، قال ابن بري : صوابه أغبر بالخفض والقصيدة مخفوضة الروي وأولها :


ألا حنت المرقال واشتاق ربها ؟     تذكر أرماما ، وأذكر معشري

قال : يقول إني لأرجو أن يأخذكم الله بحرمة صاحبها وغدركم به ، وكانوا استاقوا له نعما كان يسقيهم لبنها ، ورأيت في بعض حواشي نسخ الصحاح أن ابن الأعرابي أنشد هذا البيت في نوادره :


وما بسطت من جلد أشعث مقتر

الجوهري : والملح ، بالفتح ، مصدر قولك ملحنا لفلان ملحا أرضعناه ، وقول الشاعر :


لا يبعد الله رب العبا     د والملح ما ولدت خالده

يعني بالملح الرضاع ، قال أبو سعيد : الملح في قول أبي الطمحان الحرمة والذمام . ويقال : بين فلان وفلان ملح وملحة إذا كان بينهما حرمة ، فقال : أرجو أن يأخذكم الله بحرمة صاحبها وغدركم بها . قال أبو العباس : العرب تعظم أمر الملح والنار والرماد . الأزهري : وقولهم ملح فلان على ركبتيه فيه قولان : أحدهما أنه مضيع لحق الرضاع غير حافظ له ، فأدنى شيء ينسيه ذمامه كما أن الذي يضع الملح على ركبتيه أدنى شيء يبدده ، والقول الآخر أنه سيئ الخلق ، يغضب من أدنى شيء كما أن الملح على الركبة يتبدد من أدنى شيء . وروي قوله : والملح ما ولدت خالده ، بكسر الحاء ، عطفه على قوله : لا يبعد الله ، وجعل الواو واو القسم . ابن الأعرابي : الملح اللبن . ابن سيده : ملح رضع . الأزهري يقال : ملح يملح ويملح إذا رضع ، وملح الماء وملح يملح ملاحة . والملاح : المراضعة ، الليث : الملاح الرضاع ، وفي حديث وفد هوازن : أنهم كلموا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سبي عشائرهم فقال خطيبهم : إنا لو كنا ملحنا للحارث بن أبي شمر أو للنعمان بن المنذر ثم نزل منزلك هذا منا لحفظ ذلك لنا ، وأنت خير المكفولين فاحفظ ذلك ، قال الأصمعي : في قوله ملحنا أي أرضعنا لهما ، وإنما قال الهوازني ذلك لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان مسترضعا فيهم ؛ أرضعته حليمة السعدية . والممالحة : المراضعة والمواكلة . قال ابن بري : قال أبو القاسم الزجاجي لا يصح أن يقال تمالح الرجلان إذا رضع كل واحد منهما صاحبه هذا محال لا يكون ، وإنما الملح رضاع الصبي المرأة وهذا ما لا تصح فيه المفاعلة ، فالممالحة لفظة مولدة وليست من كلام العرب ، قال : ولا يصح أن يكون بمعنى المواكلة ويكون مأخوذا من الملح ؛ لأن الطعام لا يخلو من الملح ، ووجه فساد هذا القول أنا المفاعلة إنما تكون مأخوذة من مصدر مثل المضاربة والمقاتلة ، ولا تكون مأخوذة من الأسماء غير المصادر ، ألا ترى أنه لا يحسن أن يقال في الاثنين إذا أكلا خبزا : بينهما مخابزة ، ولا إذا أكلا لحما : بينهما ملاحمة ؟ وفي الحديث : " لا تحرم الملحة والملحتان أي الرضعة والرضعتان " ، فأما بالجيم ؛ فهو المصة وقد تقدمت . والملح ، بالفتح والكسر : الرضع . والملح : داء وعيب في رجل الدابة ، وقد ملح ملحا ، فهو أملح . والملح ، بالتحريك : ورم في عرقوب الفرس دون الجرذ ، فإذا اشتد ، فهو الجرذ . والملح : سرعة خفقان الطائر بجناحيه ، قال :


ملح الصقور تحت دجن مغين

قال أبو حاتم : قلت للأصمعي أتراه مقلوبا من اللمح ؟ قال : لا ، إنما يقال لمح الكوكب ولا يقال ملح ، فلو كان مقلوبا لجاز أن يقال ملح . والأملاح : موضع ، قال طرفة بن العبد :


عفا من آل ليلى السه     ب ، فالأملاح ، فالغمر

وهذه كلها أسماء أماكن . ابن سيده : ومليح والمليح ومليحة وأملاح وملح والأميلح والأملحان وذات ملح : كلها مواضع ، قال جرير :


كأن سليطا في جواشنها الحصى     إذا حل ، بين الأملحين ، وقيرها

قوله في جواشنها الحصى أي كأن أفهارا في صدورهم ، وقيل : أراد أنهم غلاظ كأن في قلوبهم عجرا ، قال الأخطل :


بمرتجز داني الرباب كأنه     على ذات ملح ، مقسم ما يريمها

وبنو مليح : بطن ، وبنو ملحان كذلك . والأميلح : موضع في بلاد هذيل كانت به وقعة ، قال المتنخل :


لا ينسأ الله منا معشرا شهدوا     يوم الأميلح ، لا غابوا ولا جرحوا

يقول لم يغيبوا فنكفى أن يؤسروا أو يقتلوا ، ولا جرحوا أي ولا قاتلوا إذ كانوا معنا . ويقال للندى الذي يسقط بالليل على البقل : أملح ؛ لبياضه ، وقول الراعي يصف إبلا :


أقامت به حد الربيع ، وجارها     أخو سلوة ، مسى به الليل أملح

يعني الندى ، يقول : أقامت بذلك الموضع أيام الربيع ، فما دام الندى ، فهو في سلوة من العيش ، وإنما قال مسى به لأنه يسقط بالليل ، أراد بجارها ندى الليل يجيرها من العطش . والملحاء [ ص: 120 ] والشهباء : كتيبتان كانتا لأهل جفنة ، قال الجوهري : والملحاء كتيبة كانت لآل المنذر ، قال عمرو بن شاس الأسدي :


يفلقن رأس الكوكب الفخم ، بعدما     تدور رحى الملحاء في الأمر ذي البزل

والكوكب : الرئيس المقدم . والبزل : الشدة . وملحة : اسم رجل . وملحة الجرمي : شاعر من شعرائهم . ومليح ، مصغرا : حي من خزاعة ، والنسبة إليهم ملحي مثال هذلي . التهذيب : والملاح أن تشتكي الناقة حياءها فتؤخذ خرقة ويطلى عليها دواء ثم تلصق على الحياء فيبرأ . وقال أبو الهيثم : تقول العرب للذي يخلط كذبا بصدق : هو يخصف حذاءه وهو يرتثئ إذا خلط كذبا بحق ، ويمتلح مثله ، فإذا قالوا فلان يمتلح ، فهو الذي لا يخلص الصدق ، وإذا قالوا عند فلان كذب قليل ، فهو الصدوق الذي لا يكذب ، وإذا قالوا إن فلانا يمتذق ، فهو الكذوب .

التالي السابق


الخدمات العلمية