صفحة جزء
موت

موت : الأزهري عن الليث : الموت خلق من خلق الله تعالى . غيره : الموت والموتان ضد الحياة . والموات ، بالضم : الموت . مات يموت موتا ، ويمات ; الأخيرة طائية ، قال :


بني يا سيدة البنات عيشي ، ولا يؤمن أن تماتي

وقالوا : مت تموت ، قال ابن سيده : ولا نظير لها من المعتل ، قال سيبويه : اعتلت من فعل يفعل ، ولم تحول كما يحول ، قال : ونظيرها من الصحيح فضل يفضل ، ولم يجئ على ما كثر واطرد في فعل . قال كراع : مات يموت ، والأصل فيه موت ، بالكسر ، يموت ، ونظيره : دمت تدوم ; إنما هو دوم ، والاسم من كل ذلك الميتة . ورجل : ميت وميت ، وقيل : الميت الذي مات ، والميت والمائت : الذي لم يمت بعد . وحكى الجوهري عن الفراء : يقال لمن لم يمت إنه مائت عن قليل ، وميت ، ولا يقولون لمن مات : هذا مائت . قيل : وهذا خطأ ، وإنما ميت يصلح لما قد مات ، ولما سيموت ; قال الله تعالى : إنك ميت وإنهم ميتون ، وجمع بين اللغتين عدي بن الرعلاء ، فقال :


ليس من مات فاستراح بميت     إنما الميت ميت الأحياء
إنما الميت من يعيش شقيا     كاسفا باله ، قليل الرجاء
فأناس يمصصون ثمادا     وأناس حلوقهم في الماء

فجعل الميت كالميت . وقوم موتى وأموات وميتون وميتون . وقال سيبويه : كان بابه الجمع بالواو والنون ; لأن الهاء تدخل في أنثاه كثيرا ، لكن فيعلا لما طابق فاعلا في العدة والحركة والسكون ، كسروه على ما قد يكسر عليه ، فأعل كشاهد وأشهاد . والقول في ميت كالقول في ميت ; لأنه مخفف منه ، والأنثى ميتة وميتة وميت ، والجمع كالجمع . قال سيبويه : وافق المذكر ، كما وافقه في بعض ما [ ص: 148 ] مضى قال : كأنه كسر ميت . وفي التنزيل العزيز : لنحيي به بلدة ميتا ، قال الزجاج : قال ميتا لأن معنى البلدة والبلد واحد ، وقد أماته الله . التهذيب : قال أهل التصريف ميت ، كأن تصحيحه ميوت على فيعل ، ثم أدغموا الواو في الياء ، قال : فرد عليهم وقيل إن كان كما قلتم ، فينبغي أن يكون ميت على فعل ، فقالوا : قد علمنا أن قياسه هذا ، ولكنا تركنا فيه القياس مخافة الاشتباه ، فرددناه إلى لفظ فيعل ، لأن ميتا على لفظ فيعل . وقال آخرون : إنما كان في الأصل مويت ، مثل سيد سويد ، فأدغمنا الياء في الواو ، ونقلناه فقلنا ميت . وقال بعضهم : قيل ميت ، ولم يقولوا ميت ، لأن أبنية ذوات العلة تخالف أبنية السالم . وقال الزجاج : الميت الميت بالتشديد ، إلا أنه يخفف ، يقال : ميت وميت ، والمعنى واحد ، ويستوي فيه المذكر والمؤنث ، قال تعالى : لنحيي به بلدة ميتا ، ولم يقل ميتة ، وقوله تعالى : ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ; إنما معناه ، والله أعلم ، أسباب الموت ; إذ لو جاءه الموت نفسه لمات به لا محالة . وموت مائت ، كقولك ليل لائل ، يؤخذ له من لفظه ما يؤكد به . وفي الحديث : كان شعارنا يا منصور : أمت أمت ، هو أمر بالموت ، والمراد به التفاؤل بالنصر بعد الأمر بالإماتة ، مع حصول الغرض للشعار ; فإنهم جعلوا هذه الكلمة علامة يتعارفون بها لأجل ظلمة الليل ، وفي حديث الثؤم والبصل : " من أكلهما فليمتهما طبخا " أي فليبالغ في طبخهما لتذهب حدتهما ورائحتهما . وقوله تعالى : فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون ، قال أبو إسحاق : إن قال قائل كيف ينهاهم عن الموت ، وهم إنما يماتون ؟ قيل : إنما وقع هذا على سعة الكلام ، وما تكثر العرب استعماله ، قال : والمعنى الزموا الإسلام ، فإذا أدرككم الموت صادفكم مسلمين . والميتة : ضرب من الموت . غيره : والميتة الحال من أحوال الموت ، كالجلسة والركبة ، يقال : مات فلان ميتة حسنة ، وفي حديث الفتن : " فقد مات ميتة جاهلية " ، هي ، بالكسر ، حالة الموت أي كما يموت أهل الجاهلية من الضلال والفرقة ، وجمعها ميت . أبو عمرو : مات الرجل وهمد وهوم إذا نام . والميتة : ما لم تدرك تذكيته . والموت : السكون . وكل ما سكن فقد مات ، وهو على المثل . وماتت النار موتا : برد رمادها ، فلم يبق من الجمر شيء . ومات الحر والبرد : باخ . وماتت الريح : ركدت وئسكنت ، قال :


إني لأرجو أن تموت الريح     فأسكن اليوم ، وأستريح

ويروى : فأقعد اليوم . وناقضوا بها فقالوا : حييت . وماتت الخمر : سكن غليانها ; عن أبي حنيفة . ومات الماء بهذا المكان إذا نشفته الأرض ، وكل ذلك على المثل . وفي حديث دعاء الانتباه : " الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا ، وإليه النشور " ، سمي النوم موتا لأنه يزول معه العقل والحركة ، تمثيلا وتشبيها ، لا تحقيقا . وقيل : الموت في كلام العرب يطلق على السكون ، يقال : ماتت الريح أي سكنت . قال : والموت يقع على أنواع بحسب أنواع الحياة : فمنها ما هو بإزاء القوة النامية الموجودة في الحيوان والنبات ، كقوله تعالى : يحيي الأرض بعد موتها ، ومنها زوال القوة الحسية ، كقوله تعالى : يا ليتني مت قبل هذا ، ومنها زوال القوة العاقلة ، وهي الجهالة ، كقوله تعالى : أومن كان ميتا فأحييناه و إنك لا تسمع الموتى ، ومنها الحزن والخوف المكدر للحياة ، كقوله تعالى : ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ، ومنها المنام كقوله تعالى : والتي لم تمت في منامها ، وقد قيل : المنام الموت بللأحوال الشاقة : كالفقر والذل والسؤال والهرم والمعصية ، وغير ذلك ، ومنه الحديث : " أول من مات إبليس لأنه أول من عصى " . وفي حديث موسى - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - قيل له : إن هامان قد مات ، فلقيه فسأل ربه ، فقال له : أما تعلم أن من أفقرته فقد أمته ، وقول عمر - رضي الله عنه - في الحديث : اللبن لا يموت ; أراد أن الصبي إذا رضع امرأة ميتة ، حرم عليه من ولدها وقرابتها ما يحرم عليه منهم ، لو كانت حية وقد رضعها ، وقيل : معناه إذا فصل اللبن من الثدي وأسقيه الصبي ، فإنه يحرم به ما يحرم بالرضاع ، ولا يبطل عمله بمفارقة الثدي ; فإن كل ما انفصل من الحي ميت ، إلا اللبن والشعر والصوف ، لضرورة الاستعمال . وفي حديث البحر : " الحل ميتته " ، هو ، بالفتح ، اسم ما مات فيه من حيوانه ، ولا تكسر الميم . والموات والموتان والموتان : كله الموت ، يقع في المال والماشية . الفراء : وقع في المال موتان وموات ، وهو الموت . وفي الحديث : يكون في الناس موتان كقعاص الغنم . الموتان ، بوزن البطلان : الموت الكثير الوقوع . وأماته الله ، وموته ; شدد للمبالغة ، قال الشاعر :


فعروة مات موتا مستريحا     فها أنا ذا أموت كل يوم

وموتت الدواب . كثر فيها الموت . وأمات الرجل : مات ولده ، وفي الصحاح : إذا مات له ابن أو بنون . ومرة مميت ومميتة : مات ولدها أو بعلها ، وكذلك الناقة إذا مات ولدها ، والجمع مماويت . والموتان من الأرض : ما لم يستخرج ولا اعتمر ، على المثل ، وأرض ميتة وموات ، من ذلك . وفي الحديث : موتان الأرض لله ولرسوله ، فمن أحيا منها شيئا ، فهو له . الموات من الأرض : مثل الموتان ، يعني مواتها الذي ليس ملكا لأحد ، وفيه لغتان : سكون الواو ، وفتحها مع فتح الميم ، والموتان : ضد الحيوان . وفي الحديث : " من أحيا مواتا فهو أحق به " ، الموات : الأرض التي لم تزرع ولم تعمر ، ولا جرى عليها ملك أحد ، وإحياؤها مباشرة عمارتها ، وتأثير شيء فيها . ويقال : اشتر الموتان ، ولا تشتر الحيوان ، أي اشتر الأرضين والدور ، ولا تشتر الرقيق والدواب . وقال الفراء : الموتان من الأرض التي لم تحي بعد . ورجل يبيع الموتان : وهو الذي يبيع المتاع وكل شيء غير ذي روح ، وما كان ذا روح فهو الحيوان . والموات ، بالفتح : ما لا روح فيه . والموات أيضا : الأرض التي لا مالك لها من الآدميين . ولا ينتفع بها أحد . ورجل موتان الفؤاد : غير ذكي ولا فهم ، كأن حرارة فهمه بردت فماتت ، والأنثى موتانة الفؤاد . وقولهم : ما أموته ! إنما يراد به ما أموت قلبه ، لأن كل فعل لا يتزيد ، لا يتعجب منه . والموتة بالضم : جنس من الجنون والصرع يعتري الإنسان ، فإذا أفاق عاد إليه عقله كالنائم والسكران . والموتة : الغشي . والموتة : الجنون لأنه [ ص: 149 ] يحدث عنه سكوت كالموت . وفي الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتعوذ بالله من الشيطان وهمزه ونفثه ونفخه ، فقيل له : ما همزه ؟ قال : الموتة . قال أبو عبيد : الموتة الجنون ; يسمى همزا لأنه جعله من النخس والغمز ، وكل شيء دفعته فقد همزته . قال ابن شميل : الموتة الذي يصرع من الجنون أو غيره ثم يفيق ، وقال اللحياني : الموتة شبه الغشية . ومات الرجل إذا خضع للحق . واستمات الرجل إذا طاب نفسا بالموت . والمستميت : الذي يتجان وليس بمجنون . والمستميت : الذي يتخاشع ويتواضع لهذا حتى يطعمه ، ولهذا حتى يطعمه ، فإذا شبع كفر النعمة . ويقال : ضربته فتماوت ، إذا أرى أنه ميت ، وهو حي . والمتماوت : من صفة الناسك المرائي ، وقال نعيم بن حماد : سمعت ابن المبارك يقول : المتماتون المراؤون . ويقال : استميتوا صيدكم أي انظروا أمات أم لا ؟ وذلك إذا أصيب فشك في موته . وقال ابن المبارك : المستميت الذي يري من نفسه السكون والخير ، وليس كذلك . وفي حديث أبي سلمة : لم يكن أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - متحزقين ولا متماوتين . يقال : تماوت الرجل إذا أظهر من نفسه التخافت والتضاعف ، من العبادة والزهد والصوم ، ومنه حديث عمر - رضي الله عنه - : رأى رجلا مطأطئا رأسه فقال : ارفع رأسك ، فإن الإسلام ليس بمريض ، ورأى رجلا متماوتا ، فقال : لا تمت علينا ديننا ، أماتك الله ! وفي حديث عائشة - رضي الله عنها - : نظرت إلى رجل كاد يموت تخافتا ، فقالت : ما لهذا ؟ قيل : إنه من القراء ، فقالت : كان عمر سيد القراء ، وكان إذا مشى أسرع ، وإذا قال أسمع ، وإذا ضرب أوجع . والمستميت : الشجاع الطالب للموت ، على حد ما يجيء عليه بعض هذا النحو . واستمات الرجل : ذهب في طلب الشيء كل مذهب ، قال :


وإذ لم أعطل قوس ودي     ولم أضع سهام الصبا للمستميت العفنجج

يعني الذي قد استمات في طلب الصبا واللهو والنساء ; كل ذلك عن ابن الأعرابي . وقال استمات الشيء في اللين والصلابة : ذهب فيهما كل مذهب ، قال :


قامت تريك بشرا مكنونا     كغرقئ البيض استمات لينا

أي ذهب في اللين كل مذهب . والمستميت للأمر : المسترسل له ، قال رؤبة :


وزبد البحر له كتيت     والليل ، فوق الماء ، مستميت

ويقال : استمات الثوب ونام إذا بلي . والمستميت : المستقتل الذي لا يبالي ، في الحرب ، الموت . وفي حديث بدر : أرى القوم مستميتين أي مستقتلين ، وهم الذين يقاتلون على الموت . والاستمات : السمن بعد الهزال ; عنه أيضا ، وأنشد :


أرى إبلي ، بعد استمات ورتعة     تصيت بسجع ، آخر الليل ، نيبها

جاء به على حذف الهاء مع الإعلال ، كقوله تعالى : وإقام الصلاة . ومؤتة ، بالهمز : اسم أرض ، وقتل جعفر بن أبي طالب - رضوان الله عليه - بموضع يقال له موتة ، من بلاد الشام . وفي الحديث : غزوة مؤتة ، بالهمز . وشيء موموت : معروف ، وقد ذكر في ترجمة أمت .

التالي السابق


الخدمات العلمية