صفحة جزء
موه

موه : الماء والماه والماءة : معروف . ابن سيده : وحكى بعضهم اسقني ما ; مقصور ، على أن سيبويه قد نفى أن يكون اسم على حرفين أحدهما التنوين ، وهمزة ماء منقلبة عن هاء بدلالة ضروب تصاريفه ، على ما أذكره الآن من جمعه وتصغيره ، فإن تصغيره مويه ، وجمع الماء أمواه ومياه ، وحكى ابن جني في جمعه أمواء ، قال أنشدني أبو علي :


وبلدة قالصة أمواؤها تستن في رأد الضحى أفياؤها     كأنما قد رفعت سماؤها

أي مطرها . وأصل الماء ماه ، والواحدة ماهة وماءة . قال الجوهري : الماء الذي يشرب والهمزة فيه مبدلة من الهاء ، وفي موضع اللام ، وأصله موه ، بالتحريك ; لأنه يجمع على أمواه في القلة ومياه في الكثرة مثل جمل وأجمال وجمال ، والذاهب منه الهاء ، لأن تصغيره مويه ، وإذا أنثته قلت ماءة مثل ماعة . وفي الحديث : كان موسى - عليه السلام - يغتسل عند مويه ; هو تصغير ماء . قال ابن الأثير : أصل الماء موه . وقال الليث : الماء مدته في الأصل زيادة ، وإنما هي خلف من هاء محذوفة ، وبيان ذلك أن تصغيره مويه ، ومن العرب من يقول ماءة كبني تميم يعنون الركية بمائها ; فمنهم من يرويها ممدودة ماءة ، ومنهم من يقول هذه ماة مقصورة ، وماء كثير على قياس شاة وشاء . وقال أبو منصور : أصل الماء ماه بوزن قاه ، فثقلت الهاء مع الساكن قبلها فقلبوا الهاء مدة ، فقالوا ماء كما ترى ، قال : والدليل على أن الأصل فيه الهاء قولهم أماه فلان ركيته ، وقد ماهت الركية ، وهذه مويهة عذبة ، ويجمع مياها . وقال الفراء : يوقف على الممدود بالقصر والمد ; شربت ماء ، قال : وكان يجب أن يكون فيه ثلاث ألفات ، قال : وسمعت هؤلاء يقولون شربت مي يا هذا ، وهذه بي يا هذا ، وهذه ب حسنة ، فشبهوا الممدود بالمقصور والمقصور بالممدود ، وأنشد :


يا رب هيجا هي خير من دعه

فقصر ، وهو ممدود ، وشبهه بالمقصور ، وسمى ساعدة بن جؤية الدم ماء اللحم ، فقال يهجو امرأة :


شروب لماء اللحم في كل شتوة     وإن لم تجد من ينزل الدر تحلب

وقيل : عنى به المرق تحسوه دون عيالها ، وأراد : وإن لم تجد من يحلب لها حلبت هي ، وحلب النساء عار عند العرب ، والنسب إلى الماء مائي ، وماوي في قول من يقول عطاوي . وفي التهذيب : والنسبة إلى الماء ماهي . الكسائي : وبئر ماهة وميهة أي كثيرة الماء . والماوية : المرآة صفة غالبة ، كأنها منسوبة إلى الماء لصفائها حتى كأن الماء يجري فيها ; منسوبة إلى ذلك ، والجمع ماوي ، قال :


ترى في سنا الماوي بالعصر والضحى     على غفلات الزين والمتجمل

والماوية : البقرة لبياضها . وماهت الركية تماه وتموه وتميه موها وميها ومئوها وماهة وميهة ، فهي ميهة وماهة : ظهر ماؤها وكثر ، ولفظة تميه تأتي بعد هذا في الياء هناك من باب باع يبيع ، وهو هنا من باب حسب يحسب كطاح يطيح وتاه يتيه ، في قول الخليل ، وقد أماهتها مادتها وماهتها . وحفر البئر حتى أماه وأموه أي بلغ الماء . وأماه الحافر أي أنبط الماء . وموه الموضع : صار فيه الماء ، قال ذو الرمة :


تميمية نجدية دار أهلها     إذا موه الصمان من سبل القط

وقيل : موه الصمان صار مموها بالبقل . ويقال : تموه ثمر النخل والعنب إذا امتلأ ماء وتهيأ للنضج . أبو سعيد : شجر موهي إذا كان [ ص: 154 ] مسقويا ، وشجر جزوي يشرب بعروقه ولا يسقى . وموه فلان حوضه تمويها إذا جعل فيه الماء . وموه السحاب الوقائع . ورجل ماه الفؤاد وماهي الفؤاد : جبان كأن قلبه في ماء ; عن ابن الأعرابي ، وأنشد :


إنك يا جهضم ماهي القلب

قال : كذا ينشده ، والأصل مائه القلب لأنه من مهت . ورجل ماه أي كثير ماء القلب ، كقولك رجل مال ، وقال :


إنك يا جهضم ماه القلب     ضخم عريض مجرئش الجنب

ماه القلب : بليد ، والمجرئش : المنتفخ الجنبين . وأماهت الأرض : كثر ماؤها وظهر فيها النز . وماهت السفينة تماه وتموه وأماهت : دخل فيها الماء . ويقال : أماهت السفينة بمعنى ماهت . اللحياني : ويقال امهني اسقني . ومهت الرجل ومهته ، بضم الميم وكسرها : سقيته الماء . وموه القدر : أكثر ماءها . وأماه الرجل والسكين وغيرهما : سقاه الماء ، وذلك حين تسنه به . وأمهت الدواة : صببت فيها الماء . ابن بزرج : موهت السماء أسالت ماء كثيرا . وماهت البئر وأماهت في كثرة مائها ، وهي تماه وتموه إذا كثر ماؤها . ويقولون في حفر البئر : أمهى وأماه ، قال ابن بري : وقول امرئ القيس :


ثم أمهاه على حجره

هو مقلوب من أماهه ، ووزنه أفعله . والمها : الحجر ، مقلوب أيضا ، وكذلك المها ماء الفحل في رحم الناقة . وأماه الفحل إذا ألقى ماءه في رحم الأنثى . وموه الشيء : طلاه بذهب أو بفضة وما تحت ذلك شبه أو نحاس أو حديد ، ومنه التمويه وهو التلبيس ، ومنه قيل للمخادع : مموه . وقد موه فلان باطله إذا زينه وأراه في صورة الحق . ابن الأعرابي : الميه طلاء السيف وغيره بماء الذهب ، وأنشد في نعت فرس :


كأنه ميه به ماء الذهب

الليث : الموهة لون الماء . يقال : ما أحسن موهة وجهه . قال ابن بري : يقال وجه مموه أي مزين بماء الشباب ، قال رؤبة :


لما رأتني خلق المموه

والموهة : ترقرق الماء في وجه المرأة الشابة . وموهة الشباب : حسنه وصفاؤه . ويقال : عليه موهة من حسن ومواهة وموهة إذا منحه . وتموه المال للسمن إذا جرى في لحومه الربيع . وتموه العنب إذا جرى فيه الينع وحسن لونه . وكلام عليه موهة أي حسن وحلاوة ، وفلان موهة أهل بيته . ابن سيده : وثوب الماء الغرس الذي يكون على المولود ، قال الراعي :


تشق الطير ثوب الماء عنه     بعيد حياته ، إلا الوتينا

وماه الشيء بالشيء موها : خلطه ; عن كراع . وموه عليه الخبر إذا أخبره بخلاف ما سأله عنه . وحكى اللحياني عن الأسدي : آهة وماهة ، قال : الآهة الحصبة ، والماهة الجدري . وماه : موضع ، يذكر ويؤنث . ابن سيده : وماه مدينة لا تنصرف لمكان العجمة . وماه دينار : مدينة أيضا ، وهي من الأسماء المركبة . ابن الأعرابي : الماه قصب البلد ، قال : ومنه ضرب هذا الدينار بماه البصرة وماه فارس ، الأزهري : كأنه معرب . والماهان : الدينور ونهاوند ; أحدهما ماه الكوفة ، والآخر ماه البصرة . وفي حديث الحسن : كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشترون السمن المائي ، قال ابن الأثير : هو منسوب إلى مواضع تسمى ماه يعمل بها ، قال : ومنه قولهم ماه البصرة وماه الكوفة ، وهو اسم للأماكن المضافة إلى كل واحدة منهما ، فقلب الهاء في النسب همزة أو ياء ، قال : وليست اللفظة عربية . وماويه : ماء لبني العنبر ببطن فلج ، أنشد ابن الأعرابي :


وردن على ماويه بالأمس نسوة     وهن على أزواجهن ربوض

وماوية : اسم امرأة ، قال طرفة :


لا يكن حبك داء قاتلا     ليس هذا منك ، ماوي ، بحر

قال : وتصغيرها موية ، قال حاتم طيء يخاطب ماوية ; وهي امرأته :


فضارته موي ولم تضرني     ولم يعرق موي لها جبيني

يعني الكلمة العوراء . وماهان : اسم . قال ابن سيده : قال ابن جني : لو كان ماهان عربيا فكان من لفظ هوم أو هيم لكان لعفان ، ولو كان من لفظ الوهم لكان لفعان ، ولو كان من لفظ هما لكان علفان ، ولو وجد في الكلام تركيب وم ه فكان ماهان من لفظه لكان مثاله عفلان ، ولو كان لفظ النهم لكان لاعافا ، ولو كان من لفظ المهيمن لكان عافالا ، ولو كان في الكلام تركيب م ن ه فكان ماهان منه لكان فالاعا ، ولو كان ن م ه لكان عالافا . وماء السماء : لقب عامر بن حارثة الأزدي ، وهو أبو عمرو مزيقيا الذي خرج من اليمن لما أحس بسيل العرم ، فسمي بذلك لأنه كان إذا أجدب قومه مانهم حتى يأتيهم الخصب ، فقالوا : هو ماء السماء لأنه خلف منه ، وقيل لولده : بنو ماء السماء ، وهم ملوك الشأم ، قال بعض الأنصار :


أنا ابن مزيقيا عمرو     وجدي أبوه عامر ماء السماء

وماء السماء أيضا : لقب أم المنذر بن امرئ القيس بن عمرو بن عدي بن ربيعة بن نصر اللخمي ، وهي ابنة عوف بن جشم من النمر بن قاسط ، وسميت بذلك لجمالها ، وقيل لولدها بنو ماء السماء ، وهم ملوك العراق ، قال زهير :


ولازمت الملوك من آل نصر     وبعدهم بني ماء السماء

وفي حديث أبي هريرة : أمكم هاجر يا بني ماء السماء ; يريد العرب لأنهم كانوا يتبعون قطر السماء فينزلون حيث كان ، وألف الماء منقلبة عن واو . وحكى الكسائي : باتت الشاء ليلتها ماء ماء وماه ماه ، وهو حكاية صوتها .

التالي السابق


الخدمات العلمية