صفحة جزء
ميل

ميل : الميل : العدول إلى الشيء والإقبال عليه ، وكذلك الميلان . ومال الشيء يميل ميلا وممالا ومميلا وتميالا ; الأخيرة عن ابن الأعرابي ، وأنشد :


لما رأيت أنني راعي مال حلقت رأسي وتركت التميال

قال ابن سيده : وهذه الصيغة موضوعة بالأغلب لتكثير المصدر ، كما أن فعلت بالأغلب موضوعة لتكثير الفعل . والميل : مصدر الأميل . يقال : مال الشيء يميل ممالا ومميلا ، مثال معاب ومعيب في الاسم والمصدر . ومال عن الحق ومال عليه في الظلم ، وأمال الشيء فمال ، ورجل مائل من قوم ميل ومالة . يقال : إنهم لمالة إلى الحق ، وقول ساعدة بن جؤية :


غداه ظهره نجد ، عليه     ضباب تنتحيه الريح ميل

قيل : ضباب ميل مع الريح يتكفأ . قال ابن جني : القول في ميل ، فإنه وإن كان جمعا فإنه أجراه على الضباب ، وإن كان واحدا من حيث كان كثيرا ، فذهب بالجمع إلى الكثرة كما قال الحطيئة :


فنواره ميل إلى الشمس زاهره

قال : وقد يجوز أن يكون ( ميل ) واحدا كنقص ونضو ومرط ، وقد أماله إليه وميله . واستمال الرجل : من الميل إلى الشيء . وفي حديث أبي موسى أنه قال لأنس : عجلت الدنيا وغيبت الآخرة ، أما والله لو عاينوها ما عدلوا ولا ميلوا ، قال شمر : قوله ما ميلوا لم يشكوا ولم يترددوا . تقول العرب : إني لأميل بين ذينك الأمرين ، وأمايل بينهما أيهما أركب ، وأمايط بينهما ، وإني لأميل وأمايل بينهما أيهما أفضل ، وقال عمران بن حطان :


لما رأوا مخرجا من كفر قومهم     مضوا فما ميلوا فيه وما عدلوا

ما ميلوا أي لم يشكوا . وإذا ميل بين هذا وهذا فهو شاك ، وقوله ما عدلوا كما تقول ما عدلت به أحدا ، وقيل : ما عدلوا أي ما ساووا بها شيئا . وتمايل في مشيته تمايلا ، واستماله واستمال بقلبه . والتمييل بين الشيئين : كالترجيح بينهما . وفي حديث أبي ذر : دخل عليه رجل فقرب إليه طعاما فيه قلة فميل فيه لقلته ، فقال أبو ذر : إنما أخاف كثرته ولم أخف قلته ; ميل أي تردد هل يأكل أو يترك ، تقول العرب : إني لأميل بين ذينك الأمرين وأمايل بينهما أيهما آتي . والميلاء : ضرب من الاعتمام ، حكى ثعلب : هو يعتم الميلأ أي يميل العمامة . وفي حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " صنفان من أهل النار لم أرهما بعد ; قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون الناس بها ، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات ، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها لتوجد من كذا وكذا " ، يقول : يملن بالخيلاء ويصبين قلوب الرجال ، [ ص: 160 ] وقيل : مائلات الخمرة كما قال الآخر :


مائلة الخمرة والكلام

وقيل : المائلات المتبرجات ، وقيل : مائلات الرءوس إلى الرجال . والمشطة الميلاء : معروفة ، وقد كرهها بعضهم للنساء ، قال ابن الأثير المائلات الزائغات عن طاعة الله وما يلزمهن حفظه ، ومميلات يعلمن غيرهن الدخول في مثل فعلهن ، وقيل : مائلات متبخترات في المشي مميلات لأكتافهن وأعطافهن ، وقيل : مائلات يمتشطن المشطة الميلاء وهي مشطة البغايا ، وقد جاء كراهتها في الحديث . والمميلات : اللواتي يمشطن غيرهن تلك المشطة . وفي حديث ابن عباس : قالت له امرأة إني أمتشط الميلاء ، فقال عكرمة : رأسك تبع لقلبك ; فإن استقام قلبك استقام رأسك ، وإن مال قلبك مال رأسك . ومالت الشمس ميولا : ضيفت للغروب ، وقيل : مالت زاغت عن الكبد . والميل : في الحادث ، والميل ، بالتحريك : في الخلقة والبناء . تقول : رجل أميل العاتق في عنقه ميل ، وتقول في الحائط ميل ، وكذلك السنام ، وقد ميل يميل ميلا فهو أميل . أبو زيد : ميل الحائط يميل وميل سنام البعير ميلا ، وميل الحائط ميلا ، قال : ومال الحائط يميل ميلا . وقال ابن السكيت : فلان ميل علينا والحائط ميل ، بتحريك الياء . وفي الحديث : " لا تهلك أمتي حتى يكون بينهم التمايل والتمايز " ; أي لا يكون لهم سلطان يكف الناس عن التظالم فيميل بعضهم على بعض بالأذى والحيف . والميلاء من الإبل : المائلة السنام . ولأقيمن ميلك ، الأعشى :


لا ميل ولا عزل

ابن السكيت : الأميل الذي لا سيف معه ، والأكشف الذي لا ترس معه ، قال : والأميل عند الرواة الذي لا يثبت على ظهور الخيل إنما يميل عن السرج في جانب ، فإذا كان يثبت على الدابة قيل فارس ، وإن لم يثبت قيل كفل ، قال جرير :


لم يركبوا الخيل إلا بعدما هرموا     فهم ثقال على أكتافها ميل

وفي قصيد كعب :


إذا توقدت الحزان والميل

وقيل : هي جمع أميل وهو الكسل الذي لا يحسن الركوب والفروسية ، وفي قصيدته أيضا :


عند اللقاء ولا ميل معازيل

والميلاء : عقدة من الرمل ضخمة ، زاد الأزهري : معتزلة ، قال ذو الرمة :


ميلاء من معدن الصيران قاصية     أبعارهن على أهدافها كثب

قال أبو منصور : لا أعرف الميلاء في صفة الرمال ، قال : ولم أسمعه من العرب ، قال : وأما الأميل فمعروف ، قال : وأحسب الليث أراد قول ذي الرمة :


ميلاء من معدن الصيران قاصية

إنما أراد بالميلاء ههنا أرطاة ، قال : ولها حينئذ معنيان : أحدهما أنه أراد أن فيها اعوجاجا ، والثاني أنه أراد بالميلاء أنها متنحية متباعدة من معدن بقر الوحش ، قال : وجمع الأميل من الرمل ميل ، وميلاء موضعه خفض لأنه من نعت أرطاة في قوله :


فبات ضيفا إلى أرطاة مرتكم     من الكثيب ، لها دفء ومحتجب

الجوهري : الميلاء من الرمل العقدة الضخمة ، والشجرة الكثيرة الفروع أيضا . وألف الإمالة : هي التي تجدها بين الألف والياء نحو قولك في عالم وخاتم عالم وخاتم . ومال بنا الطريق : قصدها . ومايلنا الملك فمايلناه أي أغار علينا فأغرنا عليه . والميل من الأرض : قدر منتهى مد البصر ، والجمع أميال وميول ، قال كثير عزة :


سيأتي أمير المؤمنين ، ودونه     صماد من الصوان ، مرت ميولها
ثنائي تنميه إليك ومدحتي     صهابية الألوان ، باق ذميلها

وقيل للأعلام المبنية في طريق مكة أميال لأنها بنيت على مقادير مدى البصر من الميل إلى الميل ، وكل ثلاثة أميال منها فرسخ . والميل : منار يبنى للمسافر في أنشاز الأرض وأشرافها ، وقيل : مسافة من الأرض متراخية ليس لها حد معلوم . والميل : الملمول ، والجمع كالجمع . الأصمعي : قول العامة الميل لما تكحل به العين خطأ ; إنما هو الملمول ، وهو الذي يكحل به البصر . ويقال للحديدة التي يكتب بها في ألواح الدفتر ملمول ، ولا يقال ميل إلا للميل من أميال الطريق . الجوهري : ميل الكحل وميل الجراحة وميل الطريق ، والفرسخ ثلاثة أميال ، وجمعه أميال وأميل ، وأنشد ابن بري لأبي النجم :


حتى إذا الآل جرى بالأميل     وفارق الجزء ذوو التأبل

وفي حديث القيامة : " فتدنى الشمس حين تكون قدر ميل " ، قيل : أراد الميل الذي يكتحل به ، وقيل : أراد ثلث الفرسخ ، وقيل : الميل القطعة من الأرض ما بين العلمين ، وقيل : هو مد البصر . وأمال الرجل : رعى الخلة ، قال لبيد :


وما يدري عبيد بني أقيش     أيوضع بالحمائل أم يميل

؟ أوضع : حول إبله إلى الحمض . والاستمالة : الاكتيال بالكفين والذراعين ، وفي المحكم : استمال الرجل كال باليدين وبالذراعين ، قال الراجز :


قالت له سوداء مثل الغول :     ما لك لا تغدو فتستميل

؟ وقول مصعب بن عمير : وكانت امرأة ميلة ; قد تقدم في ترجمة مول ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية