صفحة جزء
نبأ

نبأ : النبأ : الخبر ، والجمع أنباء ، وإن لفلان نبأ أي خبرا . وقوله - عز وجل - : عم يتساءلون عن النبإ العظيم ; قيل عن القرآن ، وقيل عن البعث ، وقيل عن أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقد أنبأه إياه وبه ، وكذلك نبأه ، متعدية بحرف وغير حرف ، أي أخبر . وحكى سيبويه : أنا أنبؤك ; على الإتباع . وقوله :


إلى هند متى تسلي تنبي

أبدل همزة تنبئي إبدالا صحيحا حتى صارت الهمزة حرف علة ، فقوله تنبي كقوله تقضي . قال ابن سيده : والبيت هكذا وجد ، وهو لا محالة ناقص . واستنبأ النبأ : بحث عنه . ونابأت الرجل ونابأني : أنبأته وأنبأني . قال ذو الرمة يهجو قوما :


زرق العيون ، إذا جاورتهم سرقوا     ما يسرق العبد ، أو نابأتهم كذبوا

وقيل : نابأتهم : تركت جوارهم وتباعدت عنهم . وقوله - عز وجل - : [ ص: 169 ] فعميت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون . قال الفراء : يقول القائل قال الله تعالى : وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ; كيف قال ههنا : فهم لا يتساءلون ؟ قال أهل التفسير : إنه يقول عميت عليهم الحجج يومئذ ، فسكتوا ، فذلك قوله تعالى فهم لا يتساءلون ، قال أبو منصور : سمى الحجح أنباء ، وهي جمع النبإ ; لأن الحجح أنباء عن الله - عز وجل . الجوهري : والنبيء : المخبر عن الله - عز وجل - مكية ; لأنه أنبأ عنه ، وهو فعيل بمعنى فاعل . قال ابن بري : صوابه أن يقول فعيل بمعنى مفعل مثل نذير بمعنى منذر وأليم بمعنى مؤلم . وفي النهاية : فعيل بمعنى فاعل للمبالغة من النبإ الخبر ؛ لأنه أنبأ عن الله أي أخبر . قال : ويجوز فيه تحقيق الهمز وتخفيفه . يقال نبأ ونبأ وأنبأ . قال سيبويه : ليس أحد من العرب إلا ويقول تنبأ مسيلمة ، بالهمز ، غير أنهم تركوا الهمز في النبي كما تركوه في الذرية والبرية والخابية ، إلا أهل مكة ; فإنهم يهمزون هذه الأحرف ولا يهمزون غيرها ، ويخالفون العرب في ذلك . قال : والهمز في النبيء لغة رديئة ; يعني لقلة استعمالها ، لا لأن القياس يمنع من ذلك . ألا ترى إلى قول سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : وقد قيل يا نبيء الله ، فقال له : لا تنبر باسمي ; فإنما أنا نبي الله . وفي رواية : فقال لست بنبيء الله ولكني نبي الله . وذلك أنه - عليه السلام - أنكر الهمز في اسمه فرده على قائله لأنه لم يدر بما سماه ، فأشفق أن يمسك على ذلك ، وفيه شيء يتعلق بالشرع ، فيكون بالإمساك عنه مبيح محظور أو حاظر مباح . والجمع : أنبئاء ونبآء . قال العباس بن مرداس :


يا خاتم النبآء ، إنك مرسل بالخير     كل هدى السبيل هداكا
إن الإله ثنى عليك محبة     في خلقه ، ومحمدا سماكا

قال الجوهري : يجمع أنبياء ; لأن الهمز لما أبدل وألزم الإبدال جمع جمع ما أصل لامه حرف العلة كعيد وأعياد ، على ما نذكره في المعتل . قال الفراء : النبي : هو من أنبأ عن الله ، فترك همزه . قال : وإن أخذ من النبوة والنباوة ، وهي الارتفاع عن الأرض ، أي إنه أشرف على سائر الخلق ، فأصله غير الهمز . وقال الزجاج : القراءة المجمع عليها ، في النبيين والأنبياء ، طرح الهمز ، وقد همز جماعة من أهل المدينة جميع ما في القرآن من هذا ، واشتقاقه من نبأ وأنبأ أي أخبر . قال : والأجود ترك الهمز ، وسيأتي في المعتل . ومن غير المهموز : حديث البراء . قلت : ورسولك الذي أرسلت ، فرد علي ، وقال : " ونبيك الذي أرسلت " . قال ابن الأثير : إنما رد عليه ليختلف اللفظان ، ويجمع له الثناء بين معنى النبوة والرسالة ، ويكون تعديدا للنعمة في الحالين ، وتعظيما للمنة على الوجهين . والرسول أخص من النبي ; لأن كل رسول نبي وليس كل نبي رسولا . ويقال : تنبى الكذاب إذا ادعى النبوة . وتنبى كما تنبى مسيلمة الكذاب وغيره من الدجالين المتنبين . وتصغير النبيء : نبيئ ، مثال نبيع . وتصغير النبوءة : نبيئة ، مثال نبيعة . قال ابن بري : ذكر الجوهري في تصغير النبيء نبيئ ، بالهمز على القطع بذلك . قال : وليس الأمر كما ذكر ; لأن سيبويه قال : من جمع نبيئا على نبآء قال في تصغيره نبيئ ، بالهمز ، ومن جمع نبيئا على أنبياء قال في تصغيره نبي ، بغير همز . يريد : من لزم الهمز في الجمع لزمه في التصغير ، ومن ترك الهمز في الجمع تركه في التصغير . وقيل : النبي مشتق من النباوة ; وهي الشيء المرتفع . وتقول العرب في التصغير : كانت نبيئة مسيلمة نبيئة سوء . قال ابن بري الذي ذكره سيبويه : كانت نبوة مسيلمة نبيئة سوء ، فذكر الأول غير مصغر ولا مهموز ليبين أنهم قد همزوه في التصغير ، وإن لم يكن مهموزا في التكبير . وقوله - عز وجل - : وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح ; فقدمه - عليه الصلاة والسلام - على نوح - عليه الصلاة والسلام - في أخذ الميثاق ; فإنما ذلك لأن الواو معناها الاجتماع ، وليس فيها دليل أن المذكور أولا لا يستقيم أن يكون معناه التأخير ، فالمعنى على مذهب أهل اللغة : ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم ومنك . وجاء في التفسير : إني خلقت قبل الأنبياء وبعثت بعدهم . فعلى هذا لا تقديم ولا تأخير في الكلام ، وهو على نسقه . وأخذ الميثاق حين أخرجوا من صلب آدم كالذر ، وهي النبوءة . وتنبأ الرجل : ادعى النبوءة . ورمى فأنبأ أي لم يشرم ولم يخدش . ونبأت على القوم أنبأ نبأ إذا طلعت عليهم . ويقال نبأت من الأرض إلى أرض أخرى إذا خرجت منها إليها . ونبأ من بلد كذا ينبأ نبأ ونبوءا : طرأ . والنابئ : الثور الذي ينبأ من أرض إلى أرض أي يخرج . قال عدي بن زيد يصف فرسا :


وله النعجة المري تجاه الرك     ب ، عدلا بالنابئ المخراق

أراد بالنابئ : الثور خرج من بلد إلى بلد ، يقال : نبأ وطرأ ونشط إذا خرج من بلد إلى بلد . ونبأت من أرض إلى أرض إذا خرجت منها إلى أخرى . وسيل نابئ : جاء من بلد آخر . ورجل نابئ . كذلك قال الأخطل :


ألا فاسقياني وانفيا عني القذى     فليس القذى بالعود يسقط في الخمر
وليس قذاها بالذي قد يريبها     ولا بذباب ، نزعه أيسر الأمر
ولكن قذاها كل أشعث نابئ     أتتنا به الأقدار من حيث لا ندري

ويروى : قداها ، بالدال المهملة . قال : وصوابه بالذال المعجمة . ومن هنا قال الأعرابي له - صلى الله عليه وسلم - يا نبيء الله ، فهمز ; أي يا من خرج من مكة إلى المدينة ، فأنكر عليه الهمز ؛ لأنه ليس من لغة قريش . ونبأ عليهم ينبأ نبأ ونبوءا : هجم وطلع ، وكذلك نبه ونبع ; كلاهما على البدل . ونبأت به الأرض : جاءت به . قال حنش بن مالك :


فنفسك أحرز ، فإن الحتو     ف ينبأن بالمرء في كل واد

ونبأ نبأ ونبوءا : ارتفع . والنبأة : النشز . والنبيء : الطريق الواضح . والنبأة : صوت الكلاب ، وقيل هي الجرس أيا كان . وقد نبأ نبأ . والنبأة : الصوت الخفي . قال ذو الرمة :


وقد توجس ركزا مقفر ، ندس     بنبأة الصوت ، ما في سمعه كذب

[ ص: 170 ] الركز : الصوت . والمقفر : أخو القفرة ; يريد الصائد . والندس : الفطن . التهذيب : النبأة : الصوت ليس بالشديد . قال الشاعر :


آنست نبأة ، وأفزعها القناص     قصرا ، وقد دنا الإمساء

أراد صاحب نبأة .

التالي السابق


الخدمات العلمية