صفحة جزء
نبع

نبع : نبع الماء ونبع ونبع ; عن اللحياني ، ينبع وينبع وينبع ; الأخيرة عن اللحياني ، نبعا ونبوعا : تفجر ، وقيل : خرج من العين ، ولذلك سميت العين ينبوعا ، قال الأزهري : هو يفعول من نبع الماء إذا جرى من العين ، وجمعه ينابيع ، وبناحية الحجاز عين ماء يقال لها ينبع تسقي نخيلا لآل علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فأما قول عنترة :


ينباع من ذفرى غضوب جسرة زيافة مثل الفنيق المقرم

فإنما أراد ينبع فأشبع فتحة الباء للضرورة فنشأت بعدها ألف ; فإن سأل سائل فقال : إذا كان ينباع إنما هو إشباع فتحة باء ينبع فما تقول في ينباع هذه اللفظة إذا سميت بها رجلا أتصرفه معرفة أم لا ؟ فالجواب أن سبيله أن لا يصرف معرفة ، وذلك أنه وإن كان أصله ينبع فنقل إلى ينباع فإنه بعد النقل قد أشبه مثالا آخر من الفعل ، وهو ينفعل مثل ينقاد وينحاز ، فكما أنك لو سميت رجلا ينقاد أو ينحاز لما صرفته فكذلك ينباع ، وإن كان قد فقد لفظ ينبع وهو يفعل فقد صار إلى ينباع الذي هو بوزن ينحاز ; فإن قلت : إن ينباع يفعال وينحاز ينفعل ، وأصله ينحوز ، فكيف يجوز أن يشبه ألف يفعال بعين ينفعل ؟ فالجواب أنه إنما شبهناه بها تشبيها لفظيا فساغ لنا [ ص: 178 ] ‌‌‌‌‌‌ذلك ولم نشبهه تشبيها معنويا فيفسد علينا ذلك ، على أن الأصمعي قد ذهب في ينباع إلى أنه ينفعل ، قال : ويقال انباع الشجاع ينباع انبياعا إذا تحرك من الصف ماضيا ، فهذا ينفعل لا محالة لأجل ماضيه ومصدره لأن انباع لا يكون إلا انفعل ، والانبياع لا يكون إلا انفعالا ، أنشد الأصمعي :


يطرق حلما وأناة معا     ثمت ينباع انبياع الشجاع

وينبوعه : مفجره . والينبوع : الجدول الكثير الماء ، وكذلك العين ، ومنه قوله تعالى : حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا ، والجمع الينابيع ، وقول أبي ذؤيب :


ذكر الورود بها ، وساقى أمره     سوما ، وأقبل حينه يتنبع

والنبع : شجر ، زاد الأزهري : من أشجار الجبال تتخذ منه القسي . وفي الحديث ذكر النبع ، قيل : كان شجرا يطول ويعلو فدعا عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : " لا أطالك الله من عود ! " ، فلم يطل بعد ، قال الشماخ :


كأنها ، وقد براها الإخماس     ودلج الليل وهاد قياس
شرائج النبع براها القواس

قال : وربما اقتدح به ، الواحدة نبعة ، قال الأعشى :


ولو رمت في ظلمة قادحا     حصاة بنبع لأوريت نارا

يعني أنه مؤتى له حتى لو قدح حصاة بنبع لأروى له ، وذلك ما لا يتأتى لأحد ، وجعل النبع مثلا في قلة النار ; حكاه أبو حنيفة ، وقال مرة : النبع شجر أصفر العود رزينه ثقيله في اليد وإذا تقادم احمر ، قال : وكل القسي إذا ضمت إلى قوس النبع كرمتها قوس النبع لأنها أجمع القسي للأرز واللين ، يعني بالأرز الشدة ، قال : ولا يكون العود كريما حتى يكون كذلك ، ومن أغصانه تتخذ السهام ، قال دريد بن الصمة :


وأصفر من قداح النبع فرع     به علمان من عقب وضرس

يقول : إنه بري من فرع الغصن ليس بفلق . المبرد : النبع والشوحط والشريان شجرة واحدة ولكنها تختلف أسماؤها لاختلاف منابتها وتكرم على ذلك ، فما كان منها في قلة الجبل فهو النبع ، وما كان في سفحه فهو الشريان ، وما كان في الحضيض فهو الشوحط ، والنبع لا نار فيه ، ولذلك يضرب به المثل فيقال : لو اقتدح فلان بالنبع لأورى نارا إذا وصف بجودة الرأي والحذق بالأمور ، وقال الشاعر يفضل قوس النبع على قوس الشوحط والشريان :


وكيف تخاف القوم ، أمك هابل     وعندك قوس فارج وجفير
من النبع لا شريانة مستحيلة     ولا شوحط عند اللقاء غرور

والنباعة : الرماعة من رأس الصبي قبل أن تشتد ، فإذا اشتدت فهي اليافوخ . وينبع : موضع بين مكة والمدينة ، قال كثير :


ومر فأروى ينبعا فجنوبه     وقد جيد منه جيدة فعباثر

ونبايع : اسم مكان أو جبل أو واد في بلاد هذيل ; ذكره أبو ذؤيب فقال :


وكأنها بالجزع جزع نبايع     وأولات ذي العرجاء ، نهب مجمع

ويجمع على نبايعات . قال ابن بري : حكى المفضل فيه الياء قبل النون ، وروى غيره نبايع كما ذهب إليه ابن القطاع . وينابعا مضموم الأول مقصور : مكان ، فإذا فتح أوله مد ; هذا قول كراع ، وحكى غيره فيه المد مع الضم . ونبايعات : اسم مكان . وينابعات أيضا ، بضم أوله ، قال أبو بكر : وهو مثال لم يذكره سيبويه ، وأما ابن جني فجعله رباعيا ، وقال : ما أظرف بأبي بكر أن أورده على أنه أحد الفوائت ، ألا يعلم أن سيبويه قال : ويكون على يفاعل نحو اليحامد واليرامع ؟ فأما إلحاق علم التأنيث والجمع به فزائد على المثال غير محتسب به ، وإن رواه راو نبايعات فنبايع نفاعل كنضارب ونقاتل ، نقل وجمع ، وكذلك ينابعاوات . ونوابع البعير : المواضع التي يسيل منها عرقه . قال ابن بري : والنبيع أيضا العرق ، قال المرار :


ترى بلحى جماجمها نبيعا

وذكر الجوهري في هذه الترجمة عن الأصمعي قال : يقال قد انباع فلان علينا بالكلام أي انبعث . وفي المثل : مخرنبق لينباع أي ساكت لينبعث ومطرق لينثال . قال الشيخ ابن بري : انباع حقه أن يذكره في فصل بوع لأنه انفعل من باع الفرس يبوع إذا انبسط في جريه ، وقد ذكرناه نحن في موضعه من ترجمة بوع . والنباعة : الاست ، يقال : كذبت نباعتك إذا ردم ، ويقال بالغين المعجمة أيضا .

التالي السابق


الخدمات العلمية