صفحة جزء
[ ترب ]

ترب : الترب والتراب والترباء والترباء والتورب والتيرب والتوراب والتيراب والتريب والتريب ، الأخيرة عن كراع ، كله واحد ، وجمع التراب أتربة وتربان ، عن اللحياني . ولم يسمع لسائر هذه اللغات بجمع ، والطائفة من كل ذلك تربة وترابة . وبفيه التيرب والتريب . الليث : الترب والتراب واحد ، إلا أنهم إذا أنثوا قالوا : التربة . يقال : أرض طيبة التربة أي : خلقة ترابها ، فإذا عنيت طاقة واحدة من التراب قلت : ترابة ، وتلك لا تدرك بالنظر دقة ، إلا بالتوهم . وفي الحديث : خلق الله التربة يوم السبت . يعني : الأرض . وخلق فيها الجبال يوم الأحد وخلق الشجر يوم الاثنين . الليث : الترباء نفس التراب . يقال : لأضربنه حتى يعض بالترباء . والترباء : الأرض نفسها . وفي الحديث : احثوا في وجوه المداحين التراب . قيل : أراد به الرد والخيبة ، كما يقال للطالب المردود الخائب : لم يحصل في كفه غير التراب . وقريب منه قوله - صلى الله عليه وسلم - : " وللعاهر الحجر " . وقيل : أراد به التراب خاصة ، واستعمله المقداد على ظاهره ، وذلك أنه كان عند عثمان - رضي الله عنهما - فجعل رجل يثني عليه ، وجعل المقداد يحثو في وجهه التراب ، فقال له عثمان : ما تفعل ؟ فقال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " احثوا في وجوه المداحين التراب " ، وأراد بالمداحين الذين اتخذوا مدح الناس عادة وجعلوه بضاعة يستأكلون به الممدوح ، فأما من مدح على الفعل الحسن والأمر المحمود ترغيبا في أمثاله وتحريضا للناس على الاقتداء به في أشباهه ، فليس بمداح ، وإن كان قد صار مادحا بما تكلم به من جميل القول . وقوله في الحديث الآخر : " إذا جاء من يطلب ثمن الكلب فاملأ كفه ترابا " . قال ابن الأثير : يجوز حمله على الوجهين . وتربة الإنسان : رمسه . وتربة الأرض : ظاهرها . وأترب الشيء : وضع عليه التراب ، فتترب أي : تلطخ بالتراب . وتربته تتريبا ، وتربت الكتاب تتريبا ، وتربت القرطاس فأنا أتربه . وفي الحديث : " أتربوا الكتاب فإنه أنجح للحاجة " . وتترب : لزق به التراب . قال أبو ذؤيب :


فصرعنه تحت التراب ، فجنبه متترب ، ولكل جنب مضجع .



وتترب فلان تتريبا إذا تلوث بالتراب . وتربت فلانة الإهاب لتصلحه ، وكذلك تربت السقاء . وقال ابن بزرج : كل ما يصلح فهو متروب ، وكل ما يفسد فهو مترب ، مشدد . وأرض ترباء : ذات تراب ، وتربى . ومكان ترب : كثير التراب ، وقد ترب تربا . وريح ترب وتربة ، على النسب : تسوق التراب . وريح ترب وتربة : حملت ترابا . قال ذو الرمة :


مرا سحاب ومرا بارح ترب .



وقيل : ترب : كثير التراب . وترب الشيء . وريح تربة : جاءت بالتراب . وترب الشيء ، بالكسر : أصابه التراب . وترب الرجل : صار في يده التراب . وترب تربا : لزق بالتراب ، وقيل : لصق بالتراب من الفقر . وفي حديث فاطمة بنت قيس - رضي الله عنها - : " وأما معاوية فرجل ترب لا مال له " أي : فقير . وترب تربا ومتربة : خسر وافتقر فلزق بالتراب . وأترب : استغنى وكثر ماله ، فصار كالتراب ، هذا الأعرف . وقيل : أترب قل ماله . قال اللحياني قال بعضهم : الترب المحتاج ، وكله من التراب . والمترب : الغني إما على السلب ، وإما على أن ماله مثل التراب . والتتريب : كثرة المال . والتتريب : قلة المال أيضا . ويقال : تربت يداه ، وهو على الدعاء ، أي : لا أصاب خيرا . وفي الدعاء : تربا له وجندلا ، وهو من الجواهر التي أجريت مجرى المصادر المنصوبة على إضمار الفعل غير المستعمل إظهاره في الدعاء ، كأنه بدل من قولهم : تربت يداه وجندلت . ومن العرب من يرفعه ، وفيه مع ذلك معنى النصب ، كما أن في قولهم : رحمة الله عليه ، معنى رحمه الله . وفي الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " تنكح المرأة لميسمها ولمالها ولحسبها فعليك بذات الدين تربت يداك " . قال أبو عبيد : قوله تربت يداك ، يقال للرجل إذا قل ماله : قد ترب أي : افتقر ، حتى لصق بالتراب . وفي التنزيل العزيز : أو مسكينا ذا متربة . قال : ويرون - والله أعلم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يتعمد الدعاء عليه بالفقر ، ولكنها كلمة جارية على ألسن العرب يقولونها ، وهم لا يريدون بها الدعاء على المخاطب ولا وقوع الأمر بها . وقيل : معناها لله درك ، وقيل : أراد به المثل ليرى المأمور بذلك الجد ، وأنه إن خالفه فقد أساء ، وقيل : هو دعاء على الحقيقة ، فإنه قد قال لعائشة - رضي الله عنها - : " تربت يمينك " ؛ لأنه رأى الحاجة خيرا لها . قال : والأول الوجه . ويعضده قوله في حديث خزيمة - رضي الله عنه - : " أنعم صباحا تربت يداك ، فإن هذا دعاء له وترغيب في استعماله ما تقدمت الوصية به . ألا تراه قال : أنعم صباحا ثم عقبه [ ص: 218 ] بتربت يداك . وكثيرا ترد للعرب ألفاظ ظاهرها الذم وإنما يريدون بها المدح كقولهم : لا أب لك ، ولا أم لك ، وهوت أمه ، ولا أرض لك ، ونحو ذلك . وقال بعض الناس : إن قولهم : تربت يداك يريد به استغنت يداك . قال : وهذا خطأ لا يجوز في الكلام ، ولو كان كما قال لقال : أتربت يداك . يقال : أترب الرجل ، فهو مترب ، إذا كثر ماله ، فإذا أرادوا الفقر قالوا : ترب يترب . ورجل ترب : فقير . ورجل ترب : لازق بالتراب من الحاجة ليس بينه وبين الأرض شيء . وفي حديث أنس - رضي الله عنه - : لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبابا ولا فحاشا : كان يقول لأحدنا عند المعاتبة : " ترب جبينه " . قيل : أراد به دعاء له بكثرة السجود . وأما قوله لبعض أصحابه : " ترب نحرك " ، فقتل الرجل شهيدا ، فإنه محمول على ظاهره . وقالوا : التراب لك ، فرفعوه ، وإن كان فيه معنى الدعاء ; لأنه اسم وليس بمصدر ، وليس في كل شيء من الجواهر قيل هذا . وإذ امتنع هذا في بعض المصادر . فلم يقولوا : السقي لك ، ولا الرعي لك ، كانت الأسماء أولى بذلك . وهذا النوع من الأسماء ، وإن ارتفع ، فإن فيه معنى المنصوب . وحكى اللحياني : التراب للأبعد . قال : فنصب كأنه دعاء . والمتربة : المسكنة والفاقة . ومسكين ذو متربة أي : لاصق بالتراب . وجمل تربوت : ذلول ، فإما أن يكون من التراب لذلته ، وإما أن تكون التاء بدلا من الدال في دربوت من الدربة ، وهو مذهب سيبويه ، وهو مذكور في موضعه . قال ابن بري : الصواب ما قاله أبو علي تربوت أن أصله دربوت من الدربة ، فأبدل من الدال تاء ، كما أبدلوا من التاء دالا في قولهم دولج وأصله تولج ، ووزنه تفعل من ولج ، والتولج : الكناس الذي يلج فيه الظبي وغيره من الوحش . وقال اللحياني : بكر تربوت : مذلل ، فخص به البكر ، وكذلك ناقة تربوت ، قال : وهي التي إذا أخذت بمشفرها أو بهدب عينها تبعتك . قال وقال الأصمعي : كل ذلول من الأرض وغيرها تربوت ، وكل هذا من التراب ، الذكر والأنثى فيه سواء . " والترتب : الأمر الثابت ، بضم التاءين . والترتب : العبد السوء " . وأترب الرجل إذا ملك عبدا ملك ثلاث مرات . والتربات : الأنامل ، الواحدة تربة . والترائب : موضع القلادة من الصدر ، وقيل : هو ما بين الترقوة إلى الثندوة ، وقيل : الترائب عظام الصدر ، وقيل : ما ولي الترقوتين منه ، وقيل : ما بين الثديين والترقوتين . قال الأغلب العجلي :


أشرف ثدياها على التريب     لم يعدوا التفليك في النتوب .



والتفليك : من فلك الثدي . والنتوب : النهود ، وهو ارتفاعه . وقيل : الترائب أربع أضلاع من يمنة الصدر وأربع من يسرته . وقوله - عز وجل - : خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب . قيل : الترائب : ما تقدم . وقال الفراء : يعني صلب الرجل وترائب المرأة . وقيل : الترائب اليدان والرجلان والعينان ، وقال : واحدتها تريبة . وقال أهل اللغة أجمعون : الترائب موضع القلادة من الصدر ، وأنشدوا :


مهفهفة بيضاء ، غير مفاضة     ترائبها مصقولة كالسجنجل .



وقيل : التريبتان الضلعان اللتان تليان الترقوتين ، وأنشد :


ومن ذهب يلوح على تريب     كلون العاج ، ليس له غضون .



أبو عبيد : الصدر فيه النحر ، وهو موضع القلادة ، واللبة : موضع النحر ، والثغرة : ثغرة النحر ، وهي الهزمة بين الترقوتين . وقال :


والزعفران على ترائبها     شرق به اللبات والنحر .



قال : والترقوتان : العظمان المشرفان في أعلى الصدر من صدر رأسي المنكبين إلى طرف ثغرة النحر ، وباطن الترقوتين الهواء الذي في الجوف لو خرق ، يقال لهما : القلتان ، وهما الحاقنتان أيضا ، والذاقنة طرف الحلقوم . قال ابن الأثير : وفي الحديث ذكر التريبة ، وهي أعلى صدر الإنسان تحت الذقن ، وجمعها الترائب . وتريبة البعير : منخره . والتراب : أصل ذراع الشاة ، أنثى ، وبه فسر شمر قول علي - كرم الله وجهه - : لئن وليت بني أمية لأنفضنهم نفض القصاب التراب الوذمة . قال : وعنى بالقصاب هنا السبع ، والتراب : أصل ذراع الشاة ، والسبع إذا أخذ شاة قبض على ذلك المكان فنفض الشاة . الأزهري : طعام ترب إذا تلوث بالتراب . قال : ومنه حديث علي - رضي الله عنه - : نفض القصاب الوذام التربة . الأزهري : التراب : التي سقطت في التراب فتتربت ، فالقصاب ينفضها . ابن الأثير : التراب جمع ترب ، تخفيف ترب ، يريد اللحوم التي تعفرت بسقوطها في التراب ، والوذمة : المنقطعة الأوذام ، وهي السيور التي يشد بها عرى الدلو . قال الأصمعي : سألت شعبة عن هذا الحرف فقال : ليس هو هكذا إنما هو نفض القصاب الوذام التربة ، وهي التي قد سقطت في التراب ، وقيل : الكروش كلها تسمى تربة ؛ لأنها يحصل فيها التراب من المرتع ، والوذمة : التي أخمل باطنها ، والكروش وذمة لأنها مخملة ، ويقال : لخملها الوذم . ومعنى الحديث : لئن وليتهم لأطهرنهم من الدنس ولأطيبنهم بعد الخبث . والترب : اللدة والسن . يقال : هذه ترب هذه أي : لدتها . وقيل : ترب الرجل الذي ولد معه ، وأكثر ما يكون ذلك في المؤنث ، يقال : هي تربها وهما تربان ، والجمع أتراب . وتاربتها : صارت تربها . قال كثير عزة :


تتارب بيضا ، إذا استلعبت     كأدم الظباء ترف الكباثا .



وقوله تعالى : ( عربا أترابا ) . فسره ثعلب ، فقال : الأتراب هنا الأمثال ، وهو حسن ؛ إذ ليست هناك ولادة . والتربة والتربة والترباء : نبت سهلي مفرض الورق ، وقيل : هي شجرة شاكة وثمرتها كأنها بسرة معلقة منبتها السهل والحزن وتهامة . وقال أبو حنيفة : التربة خضراء تسلح عنها الإبل . التهذيب في ترجمة رتب : الرتباء الناقة المنتصبة في سيرها ، والترباء الناقة المندفنة . قال ابن الأثير في حديث عمر - رضي الله عنه - : ذكر تربة مثال همزة ، وهو بضم التاء وفتح الراء ، واد قرب مكة على يومين منها . وتربة : واد من أودية اليمن . وتربة [ ص: 219 ] والتربة والترباء وتربان وأتارب : مواضع . ويترب ، بفتح الراء : موضع قريب من اليمامة . قال الأشجعي :


وعدت ، وكان الخلف منك سجية     مواعيد عرقوب أخاه بيترب .



قال : هكذا رواه أبو عبيدة بيترب وأنكر بيثرب ، وقال : عرقوب من العماليق ، ويترب من بلادهم ولم تسكن العماليق يثرب . وفي حديث عائشة - رضي الله عنها - : كنا بتربان . قال ابن الأثير : هو موضع كثير المياه بينه وبين المدينة نحو خمسة فراسخ . وتربة : موضع من بلاد بني عامر بن مالك ، ومن أمثالهم : عرف بطني بطن تربة ، يضرب للرجل يصير إلى الأمر الجلي بعد الأمر الملتبس ، والمثل لعامر بن مالك أبي البراء . والتربية : حنطة حمراء ، وسنبلها أيضا أحمر ناصع الحمرة ، وهي رقيقة تنتشر مع أدنى برد أو ريح ، حكاهأبو حنيفة .

التالي السابق


الخدمات العلمية