صفحة جزء
[ أذن ]

أذن : أذن بالشيء إذنا وأذنا وأذانة : علم . وفي التنزيل العزيز : فأذنوا بحرب من الله ورسوله ; أي كونوا على علم . وآذنه الأمر وآذنه به : أعلمه ، وقد قرئ : فآذنوا بحرب من الله معناه أي أعلموا كل من لم يترك الربا بأنه حرب من الله ورسوله . ويقال : قد آذنته بكذا وكذا ، أوذنه إيذانا وإذنا إذا أعلمته ، ومن قرأ فأذنوا أي فانصتوا . ويقال : أذنت لفلان في أمر كذا وكذا آذن له إذنا ، بكسر الهمزة وجزم الذال ، واستأذنت فلانا استئذانا . وأذنت : أكثرت الإعلام بالشيء . والأذان : الإعلام . وآذنتك بالشيء : أعلمتكه . وآذنته : أعلمته . قال الله عز وجل : فقل آذنتكم على سواء ; قال الشاعر :


آذنتنا ببينها أسماء

وأذن به إذنا : علم به . وحكى أبو عبيد عن الأصمعي : كونوا على إذنه أي على علم به . ويقال : أذن فلان يأذن به إذنا إذا علم . وقوله عز وجل : وأذان من الله ورسوله إلى الناس ; أي إعلام . والأذان : اسم يقوم مقام الإيذان ، وهو المصدر الحقيقي . وقوله عز وجل : وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم معناه وإذ علم ربكم ، وقوله عز وجل : وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ; معناه بعلم الله ، والإذن ههنا لا يكون إلا من الله ، لأن الله تعالى وتقدس لا يأمر بالفحشاء من السحر وما شاكله . ويقال : فعلت : كذا وكذا بإذنه أي فعلت بعلمه ، ويكون بإذنه بأمره . وقال قوم : الأذين المكان يأتيه الأذان من كل ناحية ; وأنشدوا :


طهور الحصى كانت أذينا ، ولم تكن     بها ريبة ، مما يخاف ، تريب

قال ابن بري : الأذين في البيت بمعنى المؤذن ، مثل عقيد بمعنى معقد ، قال : وأنشده أبو الجراح شاهدا على الأذين بمعنى الأذان ; قال ابن سيده : وبيت امرئ القيس :


وإني أذين ، إن رجعت مملكا     بسير ترى فيه الفرانق أزورا

أذين فيه : بمعنى مؤذن ، كما قالوا أليم ووجيع بمعنى مؤلم وموجع . والأذين : الكفيل . وروى أبو عبيدة بيت امرئ القيس هذا وقال : أذين أي زعيم . وفعله بإذني وأذني أي بعلمي . وأذن له في الشيء إذنا : أباحه له . واستأذنه : طلب منه الإذن . وأذن له عليه : أخذ له منه الإذن . يقال : ائذن لي على الأمير ; وقال الأغر بن عبد الله بن الحارث :


وإني إذا ضن الأمير بإذنه     على الإذن من نفسي ، إذا شئت قادر

وقول الشاعر :


قلت لبواب لديه دارها     تيذن ، فإني حمؤها وجارها

، قال أبو جعفر : أراد لتأذن ، وجائز في الشعر حذف اللام وكسر التاء على لغة من يقول أنت تعلم وقرئ : فبذلك فلتفرحوا . والآذن : الحاجب ، وقال :


تبدل بآذنك المرتضى

وأذن له أذنا : استمع ; قال قعنب بن أم صاحب :


إن يسمعوا ريبة طاروا بها     فرحا مني ، وما سمعوا من صالح دفنوا
صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به     وإن ذكرت بشر عندهم أذنوا

، قال ابن سيده : وأذن إليه أذنا استمع . وفي الحديث : ما أذن الله لشيء كأذنه لنبي يتغنى بالقرآن ; قال أبو عبيد : يعني ما استمع الله لشيء كاستماعه لنبي يتغنى بالقرآن أي يتلوه يجهر به . يقال : أذنت للشيء آذن له أذنا إذا استمعت له ; قال عدي :


أيها القلب تعلل بددن     إن همي في سماع وأذن

وقوله عز وجل : وأذنت لربها وحقت أي استمعت . وأذن إليه أذنا : استمع إليه معجبا ; وأنشد ابن بري لعمرو بن الأهيم :


فلما أن تسايرنا قليلا     أذن إلى الحديث ، فهن صور

، وقال عدي :

[ ص: 79 ]

في سماع يأذن الشيخ له     وحديث مثل ماذي مشار

وآذنني الشيء : أعجبني فاستمعت له ; أنشد ابن الأعرابي :


فلا وأبيك خير منك ، إني     ليؤذنني التحمحم والصهيل

وأذن للهو : استمع ومال . والأذن والأذن ، يخفف ويثقل : من الحواس أنثى ، والذي حكاه سيبويه أذن ، بالضم ، والجمع آذان لا يكسر على غير ذلك ، وتصغيرها أذينة ، ولو سميت بها رجلا ثم صغرته قلت أذين ، فلم تؤنث لزوال التأنيث عنه بالنقل إلى المذكر ، فأما قولهم أذينة في الاسم العلم فإنما سمي به مصغرا . ورجل أذن وأذن : مستمع لما يقال له قابل له ; وصفوا به كما قال :


مئبرة العرقوب أشفى المرفق

فوصف به لأن في مئبرة وأشفى معنى الحدة . قال أبو علي : قال أبو زيد رجل أذن ورجال أذن ، فأذن للواحد والجمع في ذلك سواء إذا كان يسمع مقال كل أحد . قال ابن بري : ويقال رجل أذن وامرأة أذن ، ولا يثنى ولا يجمع ، قال : وإنما سموه باسم العضو تهويلا وتشنيعا كما قالوا للمرأة : ما أنت إلا بطين . وفي التنزيل العزيز : ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم أكثر القراء يقرءون قل أذن خير لكم ومعناه وتفسيره أن في المنافقين من كان يعيب النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقول : إن بلغه عني شيء حلفت له وقبل مني لأنه أذن ، فأعلمه الله تعالى أنه أذن خير لا أذن شر . وقوله تعالى : أذن خير لكم ، أي مستمع خير لكم ، ثم بين ممن يقبل فقال تعالى : يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين أي يسمع ما أنزل الله عليه فيصدق به ويصدق المؤمنين فيما يخبرونه به . وقوله في حديث زيد بن أرقم : هذا الذي أوفى الله بأذنه أي أظهر صدقه في إخباره عما سمعت أذنه . ورجل أذاني وآذن : عظيم الأذنين طويلهما ، وكذلك هو من الإبل والغنم ، ونعجة أذناء وكبش آذن . وفي حديث أنس : أنه قال له يا ذا الأذنين ; قال ابن الأثير : قيل معناه الحض على حسن الاستماع والوعي لأن السمع بحاسة الأذن ، ومن خلق الله له أذنين فأغفل الاستماع ولم يحسن الوعي لم يعذر ، وقيل : إن هذا القول من جملة مزحه - صلى الله عليه وسلم - ولطيف أخلاقه كما قال للمرأة عن زوجها : أذاك الذي في عينه بياض ؟ وأذنه أذنا ، فهو مأذون : أصاب أذنه ، على ما يطرد في الأعضاء . وأذنه : كأذنه أي ضرب أذنه ومن كلامهم : لكل جابه جوزة ثم يؤذن ; الجابه : الوارد ، وقيل : هو الذي يرد الماء وليست عليه قامة ولا أداة ، والجوزة : السقية من الماء ، يعنون أن الوارد إذا وردهم فسألهم أن يسقوه ماء لأهله وماشيته سقوه سقية واحدة ، ثم ضربوا أذنه إعلاما أنه ليس عندهم أكثر من ذلك . وأذن : شكا أذنه ; وأذن القلب والسهم والنصل كله على التشبيه ، ولذلك قال بعض المحاجين : ما ذو ثلاث آذان يسبق الخيل بالرديان ؟ يعني السهم . وقال أبو حنيفة : إذا ركبت القذذ على السهم فهي آذانه . وأذن كل شيء مقبضه ، كأذن الكوز والدلو على التشبيه ، وكله مؤنث . وأذن العرفج والثمام : ما يخد منه فيندر إذا أخوص ، وذلك لكونه على شكل الأذن . وآذان الكيزان : عراها ، واحدتها أذن . وأذينة : اسم رجل ، ليست محقرة على أذن في التسمية ، إذ لو كان كذلك لم تلحق الهاء ، وإنما سمي بها محقرة من العضو ، وقيل : أذينة اسم ملك من ملوك اليمن . وبنو أذن : بطن من هوازن . وأذن النعل : ما أطاف منها بالقبال . وأذنتها : جعلت لها أذنا . وأذنت الصبي : عركت أذنه . وأذن الحمار : نبت له ورق عرضه مثل الشبر ، وله أصل يؤكل أعظم من الجزرة مثل الساعد ، وفيه حلاوة ; عن أبي حنيفة . والأذان والأذين والتأذين : النداء إلى الصلاة ، وهو الإعلام بها وبوقتها . قال سيبويه : وقالوا أذنت وآذنت ، فمن العرب من يجعلهما بمعنى ، ومنهم من يقول أذنت للتصويت بإعلان ، وآذنت أعلمت . وقوله عز وجل : وأذن في الناس بالحج روي أن أذان إبراهيم - عليه السلام - بالحج أن وقف بالمقام فنادى : أيها الناس ، أجيبوا الله ، يا عباد الله ، أطيعوا الله ، يا عباد الله ، اتقوا الله ، فوقرت في قلب كل مؤمن ومؤمنة وأسمع ما بين السماء والأرض ، فأجابه من في الأصلاب ممن كتب له الحج ، فكل من حج فهو ممن أجاب إبراهيم - عليه السلام - . وروي أن أذانه بالحج كان : يا أيها الناس كتب عليكم الحج . والأذين : المؤذن ; قال الحصين بن بكير الربعي يصف حمار وحش :


شد على أمر الورود مئزره     سحقا ، وما نادى أذين المدره

السحق : الطرد . والمئذنة : موضع الأذان للصلاة . وقال اللحياني : هي المنارة ، يعني الصومعة . أبو زيد : يقال للمنارة المئذنة والمؤذنة ; قال الشاعر :


سمعت للأذان في المئذنه

وأذان الصلاة : معروف ، والأذين مثله ; قال الراجز :

حتى إذا نودي بالأذين

، وقد أذن أذانا وأذن المؤذن تأذينا ; وقال جرير يهجو الأخطل :


إن الذي حرم الخلافة تغلبا     جعل الخلافة والنبوة فينا
مضر أبي وأبو الملوك ، فهل     لكم ، يا خزر تغلب ، من أب كأبينا ؟
هذا ابن عمي في دمشق خليفة     لو شئت ساقكم إلي قطينا
إن الفرزدق ، إذ تحنف كارها     أضحى لتغلب والصليب خدينا
ولقد جزعت على النصارى بعدما     لقي الصليب من العذاب معينا
هل تشهدون من المشاعر مشعرا     أو تسمعون من الأذان أذينا ؟

ويروى هذا البيت :


هل تملكون من المشاعر مشعرا [ ص: 80 ]     أو تشهدون مع الأذان أذينا ؟

ابن بري : والأذين ههنا بمعنى الأذان أيضا . قال : وقيل الأذين هنا المؤذن ، قال : والأذين أيضا المؤذن للصلاة ; وأنشد رجز الحصين بن بكير الربعي :


سحقا ، وما نادى أذين المدره

والأذان : اسم التأذين كالعذاب اسم التعذيب . قال ابن الأثير : وقد ورد في الحديث ذكر الأذان ، وهو الإعلام بالشيء ; يقال منه : آذن يؤذن إيذانا ، وأذن يؤذن تأذينا ، والمشدد مخصوص في الاستعمال بإعلام وقت الصلاة . والأذان : الإقامة . ويقال : أذنت فلانا تأذينا أي رددته ، قال : وهذا حرف غريب ; قال ابن بري : شاهد الأذان قول الفرزدق :


وحتى علا في سور كل مدينة     مناد ينادي ، فوقها ، بأذان

وفي الحديث : أن قوما أكلوا من شجرة فحمدوا فقال - عليه السلام - : قرسوا الماء في الشنان وصبوه عليهم فيما بين الأذانين ; أراد بهما أذان الفجر والإقامة ; التقريس : التبريد ، والشنان : القرب الخلقان . وفي الحديث : بين كل أذانين صلاة ; يريد بها السنن الرواتب التي تصلى بين الأذان والإقامة قبل الفرض . وأذن الرجل : رده ولم يسقه ; أنشد ابن الأعرابي :


أذننا شرابث رأس الدبر

أي ردنا فلم يسقنا ; قال ابن سيده : وهذا هو المعروف ، وقيل : أذنه نقر أذنه ، وهو مذكور في موضعه . وتأذن ليفعلن أي أقسم . وتأذن أي اعلم كما تقول تعلم أي اعلم ; قال :


فقلت : تعلم أن للصيد غرة     وإلا تضيعها فإنك قاتله

وقوله عز وجل : وإذ تأذن ربك قيل : تأذن تألى ، وقيل : تأذن أعلم ; هذا قول الزجاج . الليث : تأذنت لأفعلن كذا وكذا يراد به إيجاب الفعل ، وقد آذن وتأذن بمعنى ، كما يقال : أيقن وتيقن . ويقال : تأذن الأمير في الناس إذا نادى فيهم ، يكون في التهديد والنهي ، أي تقدم وأعلم . والمؤذن : مثل الذاوي ، وهو العود الذي جف وفيه رطوبة . وآذن العشب إذا بدأ يجف ، فترى بعضه رطبا وبعضه قد جد ; قال الراعي :


وحاربت الهيف الشمال وآذنت     مذانب ، منها اللدن والمتصوح

التهذيب : والأذن التبن ، واحدته أذنة . وقال ابن شميل : يقال هذه بقلة تجد بها الإبل أذنة شديدة أي شهوة شديدة . والأذنة : خوصة الثمام ، يقال : أذن الثمام إذا خرجت أذنته . ابن شميل : أذنت لحديث فلان أي اشتهيته ، وأذنت لرائحة الطعام أي اشتهيته ، وهذا طعام لا أذنة له أي لا شهوة لريحه ، وأذن بإرسال إبله أي تكلم به ، وأذنوا عني أولها أي أرسلوا أولها ، وجاء فلان ناشرا أذنيه أي طامعا ، ووجدت فلانا لابسا أذنيه أي متغافلا . ابن سيده : وإذن جواب وجزاء . وتأويلها إن كان الأمر كما ذكرت أو كما جرى ، وقالوا : ذن لا أفعل ، فحذفوا همزة إذن ، وإذا وقفت على إذن أبدلت من نونه ألفا ، وإنما أبدلت الألف من نون إذن هذه في الوقف ومن نون التوكيد لأن حالهما في ذلك حال النون التي هي علم الصرف ، وإن كانت نون إذن أصلا وتانك النونان زائدتين ، فإن قلت : فإذا كانت النون في إذن أصلا ، وقد أبدلت منها الألف فهل تجيز في نحو حسن ورسن ونحو ذلك مما نونه أصل فيقال فيه حسا ورسا ؟ فالجواب : إن ذلك لا يجوز في غير إذن مما نونه أصل ، وإن كان ذلك قد جاء في إذن من قبل أن إذن حرف ، فالنون فيها بعض حرف ، فجاز ذلك في نون إذن لمضارعة إذن كلها نون التأكيد ونون الصرف ، وأما النون في حسن ورسن ونحوهما فهي أصل من اسم متمكن يجري عليه الإعراب ، فالنون في ذلك كالدال من زيد والراء من نكير ، ونون إذن ساكنة كما أن نون التأكيد ونون الصرف ساكنتان ، فهي لهذا ولما قدمناه من أن كل واحدة منهما حرف كما أن النون من إذن بعض حرف أشبه بنون الاسم المتمكن . الجوهري : إذن حرف مكافأة وجواب ، إن قدمتها على الفعل المستقبل نصبت بها لا غير ; وأنشد ابن بري هنا لسلمى بن عونة الضبي ، قال : وقيل هو لعبد الله بن غنمة الضبي :


اردد حمارك لا ينزع سويته     إذن يرد وقيد العير مكروب

، قال الجوهري : إذا قال لك قائل الليلة أزورك ، قلت : إذن أكرمك ، وإن أخرتها ألغيت قلت : أكرمك إذن ، فإن كان الفعل الذي بعدها فعل الحال لم تعمل ، لأن الحال لا تعمل فيه العوامل الناصبة ، وإذا وقفت على إذن قلت إذا ، كما تقول زيدا ، وإن وسطتها وجعلت الفعل بعدها معتمدا على ما قبلها ألغيت أيضا ، كقولك : أنا إذن أكرمك لأنها في عوامل الأفعال مشبهة بالظن في عوامل الأسماء ، وإن أدخلت عليها حرف عطف كالواو والفاء فأنت بالخيار ، إن شئت ألغيت وإن شئت أعملت .

التالي السابق


الخدمات العلمية