صفحة جزء
نجم

نجم : نجم الشيء ينجم ، بالضم ، نجوما : طلع وظهر . ونجم النبات والناب والقرن والكوكب وغير ذلك : طلع . قال الله تعالى : والنجم والشجر يسجدان ، وفي الحديث : " هذا إبان نجومه أي وقت ظهوره " ، يعني النبي - صلى الله عليه وسلم . يقال نجم النبت ينجم إذا طلع . وكل ما طلع وظهر فقد نجم . وقد خص بالنجم منه ما لا يقوم على ساق ، كما خص القائم على الساق منه بالشجر . وفي حديث حذيفة : سراج من النار يظهر في أكتافهم حتى ينجم في صدورهم . والنجم من النبات : كل ما نبت على وجه الأرض ونجم على غير ساق وتسطح فلم ينهض ، والشجر كل ما له ساق ، ومعنى سجودهما دوران الظل معهما . قال أبو إسحاق : قد قيل إن النجم يراد به النجوم ، قال : وجائز أن يكون النجم هاهنا ما نبت على وجه الأرض وما طلع من نجوم السماء . ويقال لكل ما طلع : قد نجم ، والنجيم منه الطري حين نجم فنبت ، قال ذو الرمة :


يصعدن رقشا بين عوج كأنها زجاج القنا ، منها نجيم وعارد

والنجوم : ما نجم من العروق أيام الربيع ، ترى رءوسها أمثال المسال تشق الأرض شقا . ابن الأعرابي : النجمة شجرة ، والنجمة الكلمة ، والنجمة نبتة صغيرة ، وجمعها نجم ; فما كان له ساق فهو شجر ، وما لم يكن له ساق فهو نجم . أبو عبيد : السراديح أماكن لينة تنبت النجمة والنصي ، قال : والنجمة شجرة تنبت ممتدة على وجه الأرض ، وقال شمر : النجمة هاهنا ، بالفتح ، قال : وقد رأيتها في البادية وفسرها غير واحد منهم ، وهي الثيلة ، وهي شجرة خضراء كأنها أول بذر الحب حين يخرج صغارا ، قال : وأما النجمة فهو شيء ينبت في أصول النخلة ، وفي الصحاح : ضرب من النبت ، وأنشد للحارث بن ظالم المري يهجو النعمان :


أخصيي حمار ظل يكدم نجمة     أتؤكل جاراتي وجارك سالم

؟ والنجم هنا : نبت بعينه ; واحده نجمة وهو الثيل . قال أبو عمرو الشيباني : الثيل يقال له النجم ; الواحدة نجمة . وقال أبو حنيفة : الثيل والنجمة والعكرش كله شيء واحد . قال : وإنما قال ذلك لأن الحمار إذا أراد أن يقلع النجمة من الأرض وكدمها ارتدت خصيتاه إلى مؤخره . قال الأزهري : النجمة لها قضبة تفترش الأرض افتراشا . وقال أبو نصر : الثيل الذي ينبت على شطوط الأنهار وجمعه نجم ، ومثل البيت في كون النجم فيه هو الثيل قول زهير :

مكلل بأصول النجم تنسجه ريح خريق ، لضاحي مائه حبك وفي حديث جرير : بين نخلة وضالة ونجمة وأثلة ، النجمة : أخص من النجم وكأنها واحدته كنبتة ونبت . وفي التنزيل العزيز : والنجم إذا هوى ، قال أبو إسحاق : أقسم الله تعالى بالنجم ، وجاء في التفسير أنه الثريا ، وكذلك سمتها العرب . ومنه قول ساجعهم : طلع النجم غديه ، وابتغى الراعي شكية ، وقال :


فباتت تعد النجم في مستحيرة     سريع بأيدي الآكلين جمودها

أراد الثريا . قال : وجاء في التفسير أيضا أن النجم نزول القرآن نجما بعد نجم ، وكان تنزل منه الآية والآيتان ، وقال أهل اللغة : النجم بمعنى النجوم ، والنجوم تجمع الكواكب كلها . ابن سيده : والنجم الكوكب ، وقد خص الثريا فصار لها علما ، وهو من باب الصعق ، وكذلك قال سيبويه في ترجمة هذا الباب : هذا باب يكون فيه الشيء غالبا عليه اسم ، يكون لكل من كان من أمته أو كان في صفته من الأسماء التي تدخلها الألف واللام ، وتكون نكرته الجامعة لما ذكرت من المعاني ثم مثل بالصعق والنجم ، والجمع أنجم وأنجام ، قال الطرماح :

[ ص: 203 ]

وتجتلي غرة مجهولها     بالرأي منه ، قبل أنجامها

ونجوم ونجم ، ومن الشاذ قراءة من قرأ : وعلامات وبالنجم ، وقال الراجز :


إن الفقير بيننا قاض حكم     أن ترد الماء إذا غاب النجم

وقال الأخطل :


كلمع أيدي مثاكيل مسلبة     يندبن ضرس بنات الدهر

والخطب وذهب ابن جني إلى أنه جمع فعلا على فعل ثم ثقل ، وقد يجوز أن يكون حذف الواو تخفيفا ، فقد قرئ : وبالنجم هم يهتدون ، قال : وهي قراءة الحسن ، وهي تحتمل التوجيهين . والنجم : الثريا ، وهو اسم لها علم مثل زيد وعمرو ، فإذا قالوا طلع النجم يريدون الثريا ، وإن أخرجت منه الألف واللام تنكر ، قال ابن بري : ومنه قول المرار :


ويوم من النجم ، مستوقد     يسوق إلى الموت نور الظبا

أراد بالنجم الثريا ، وقال ابن يعفر :


ولدت بحادي النجم يتلو قرينه     وبالقلب قلب العقرب المتوقد

وقال أبو ذؤيب :


فوردن والعيوق مقعد رابئ ال     ضرباء ، خلف النجم ، لا يتتلع

وقال الأخطل :


فهلا زجرت الطير ليلة جئته     بضيقة ، بين النجم والدبران

وقال الراعي :


فباتت تعد النجم في مستحيرة     سريع بأيدي الآكلين جمودها

قوله : تعد النجم ; يريد الثريا لأن فيها ستة أنجم ظاهرة يتخللها نجوم صغار خفية . وفي الحديث : إذا طلع النجم ارتفعت العاهة ، وفي رواية : ما طلع النجم وفي الأرض من العاهة شيء ، وفي رواية : ما طلع النجم قط وفي الأرض عاهة إلا رفعت ; النجم في الأصل : اسم لكل واحد من كواكب السماء ، وهو بالثريا أخص ، فإذا أطلق فإنما يراد به هي ، وهي المرادة في هذا الحديث ، وأراد بطلوعها طلوعها عند الصبح ، وذلك في العشر الأوسط من أيار ، وسقوطها مع الصبح في العشر الأوسط من تشرين الآخر ، والعرب تزعم أن بين طلوعها وغروبها أمراضا ووباء وعاهات في الناس والإبل والثمار ، ومدة مغيبها بحيث لا تبصر في الليل نيف وخمسون ليلة لأنها تخفى بقربها من الشمس قبلها وبعدها ، فإذا بعدت عنها ظهرت في الشرق وقت الصبح ، قال الحربي : إنما أراد بهذا الحديث أرض الحجاز لأن في أيار يقع الحصاد بها وتدرك الثمار ، وحينئذ تباع لأنها قد أمن عليها من العاهة ، قال القتيبي : أحسب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أراد عاهة الثمار خاصة . والمنجم والمتنجم : الذي ينظر في النجوم يحسب مواقيتها وسيرها . قال ابن سيده : فأما قول بعض أهل اللغة : يقوله النجامون ، فأراه مولدا . قال ابن بري : وابن خالويه يقول في كثير من كلامه وقال النجامون ولا يقول المنجمون ، قال : وهذا يدل على أن فعله ثلاثي . وتنجم : رعى النجوم من سهر . ونجوم الأشياء وظائفها . التهذيب : والنجوم وظائف الأشياء ، وكل وظيفة نجم . والنجم : الوقت المضروب ; وبه سمي المنجم . ونجمت المال إذا أديته نجوما ، قال زهير في ديات جعلت نجوما على العاقلة :


ينجمها قوم لقوم غرامة     ولم يهريقوا بينهم ملء محجم

وفي حديث سعد : والله لا أزيدك على أربعة آلاف منجمة ، تنجيم الدين : هو أن يقدر عطاؤه في أوقات معلومة متتابعة مشاهرة أو مساناة ، ومنه تنجيم المكاتب ونجوم الكتابة ، وأصله أن العرب كانت تجعل مطالع منازل القمر ومساقطها مواقيت حلول ديونها وغيرها ، فتقول إذا طلع النجم : حل عليك مالي أي الثريا ، وكذلك باقي المنازل ، فلما جاء الإسلام جعل الله تعالى الأهلة مواقيت لما يحتاجون إليه من معرفة أوقات الحج والصوم ومحل الديون ، وسموها نجوما اعتبارا بالرسم القديم الذي عرفوه واحتذاء حذو ما ألفوه وكتبوا في ذكور حقوقهم على الناس مؤجلة . وقوله - عز وجل - : فلا أقسم بمواقع النجوم ; عنى نجوم القرآن لأن القرآن أنزل إلى سماء الدنيا جملة واحدة ، ثم أنزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - آية آية ، وكان بين أول ما نزل منه وآخره عشرون سنة . ونجم عليه الدية : قطعها عليه نجما نجما ; عن ابن الأعرابي ، وأنشد :


ولا حمالات امرئ منجم

ويقال : جعلت مالي على فلان نجوما منجمة يؤدي كل نجم في شهر كذا ، وقد جعل فلان ماله على فلان نجوما معدودة يؤدي عند انقضاء كل شهر منها نجما ، وقد نجمها عليه تنجيما . ونظر في النجوم : فكر في أمر ينظر كيف يدبره . وقوله - عز وجل - مخبرا عن إبراهيم - عليه السلام - : فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم ، قيل : معناه فيما نجم له من الرأي . وقال أبو العباس أحمد بن يحيى : النجوم جمع نجم ، وهو ما نجم من كلامهم لما سألوه أن يخرج معهم إلى عيدهم ، ونظر هاهنا : تفكر ليدبر حجة فقال : إني سقيم ، أي من كفركم . وقال أبو إسحاق : إنه قال لقومه - وقد رأى نجما - إني سقيم ، أوهمهم أن به طاعونا ، فتولوا عنه مدبرين فرارا من عدوى الطاعون . قال الليث : يقال للإنسان إذ تفكر في أمر لينظر كيف يدبره : نظر في النجوم ، قال : وهكذا جاء عن الحسن في تفسير هذه الآية أي تفكر ما الذي يصرفهم عنه إذا كلفوه الخروج معهم . والمنجم : الكعب والعرقوب وكل ما نتأ . والمنجم أيضا : الذي يدق به الوتد . ويقال : ما نجم لهم منجم مما يطلبون أي مخرج . وليس لهذا الأمر نجم أي أصل ، وليس لهذا الحديث نجم أي ليس له أصل . والمنجم : الطريق الواضح ، قال البعيث :


لها في أقاصي الأرض شأو ومنجم

وقول ابن لجإ :

فصبحت ، والشمس لما تنعم أن تبلغ الجدة فوق المنجم قال : معناه لم ترد أن تبلغ الجدة ، وهي جدة الصبح طريقته الحمراء . [ ص: 204 ] والمنجم : منجم النهار حين ينجم . ونجم الخارجي ، ونجمت ناجمة بموضع كذا أي نبعت . وفلان منجم الباطل والضلالة أي معدنه . والمنجمان والمنجمان : عظمان شاخصان في بواطن الكعبين يقبل أحدهما على الآخر إذا صفت القدمان . ومنجما الرجل : كعباها . والمنجم ، بكسر الميم ، من الميزان : الحديدة المعترضة التي فيها اللسان . وأنجم المطر : أقلع ، وأنجمت عنه الحمى كذلك ، وكذلك أفصم وأفصى . وأنجمت السماء : أقشعت ، وأنجم البرد ، وقال :

أنجمت قرة السماء ، وكانت قد أقامت بكلبة وقطار وضربه فما أنجم عنه حتى قتله أي ما أقلع ، وقيل : كل ما أقلع فقد أنجم . والنجام : موضع ، قال معقل بن خويلد :


نزيعا محلبا من أهل لفت     لحي بين أثلة والنجام

.

التالي السابق


الخدمات العلمية