صفحة جزء
نجا

نجا : النجاء : الخلاص من الشيء ، نجا ينجو نجوا ونجاء ; ممدود ، ونجاة ; مقصور ، ونجى واستنجى كنجا ، قال الراعي :


فإلا تنلني من يزيد كرامة أنج وأصبح من قرى الشام خاليا

وقال أبو زبيد الطائي :


    أم الليث فاستنجوا ، وأين نجاؤكم
؟ فهذا ، ورب الراقصات ، المزعفر

ونجوت من كذا ، والصدق منجاة ، وأنجيت غيري ونجيته ، وقرئ بهما قوله تعالى : فاليوم ننجيك ببدنك ، المعنى ننجيك لا بفعل بل نهلكك ، فأضمر قوله لا بفعل ، قال ابن بري : قوله لا بفعل يريد أنه إذا نجا الإنسان ببدنه على الماء بلا فعل فإنه هالك ، لأنه لم يفعل طفوه على الماء ، وإنما يطفو على الماء حيا بفعله إذا كان حاذقا بالعوم ، ونجاه الله وأنجاه . وفي التنزيل العزيز : وكذلك ننجي المؤمنين ، وأما قراءة من قرأ : وكذلك نجي المؤمنين ، فليس على إقامة المصدر موضع الفاعل ونصب المفعول الصريح ، لأنه على حذف أحد نوني ننجي ، كما حذف ما بعد حرف المضارعة في قول الله - عز وجل - : تذكرون ; أي تتذكرون ، ويشهد بذلك أيضا سكون لام نجي ، ولو كان ماضيا لانفتحت اللام إلا في الضرورة ، وعليه قول المثقب :


لمن ظعن تطالع من صبيب ؟     فما خرجت من الوادي لحين

أي تتطالع ; فحذف الثانية على ما مضى ، ونجوت به ونجوته ، وقول الهذلي :


نجا عامر والنفس منه بشدقه     ولم ينج إلا جفن سيف ومئزرا

أراد : إلا بجفن سيف ، فحذف وأوصل . أبو العباس في قوله تعالى : إنا منجوك وأهلك ; أي نخلصك من العذاب وأهلك . واستنجى منه حاجته : تخلصها ; عن ابن الأعرابي . وانتجى متاعه : تخلصه وسلبه ; عن ثعلب . ومعنى نجوت الشيء في اللغة : خلصته وألقيته . والنجوة والنجاة : ما ارتفع من الأرض فلم يعله السيل فظننته نجاءك ، والجمع نجاء . وقوله تعالى : فاليوم ننجيك ببدنك ; أي نجعلك فوق نجوة من الأرض فنظهرك أو نلقيك عليها لتعرف ، لأنه قال ببدنك ولم يقل بروحك ، قال الزجاج : معناه نلقيك عريانا لتكون لمن خلفك عبرة . أبو زيد : والنجوة المكان المرتفع الذي تظن أنه نجاؤك . ابن شميل : يقال للوادي نجوة وللجبل نجوة ; فأما نجوة الوادي فسنداه جميعا مستقيما ومستلقيا ، كل سند نجوة ، وكذلك هو من الأكمة ، وكل سند مشرف لا يعلوه السيل فهو نجوة لأنه لا يكون فيه سيل أبدا ، ونجوة الجبل منبت البقل . والنجاة : هي النجوة من الأرض لا يعلوها السيل ، قال الشاعر :


فأصون عرضي أن ينال بنجوة     إن البري من الهناة سعيد

وقال زهير بن أبي سلمى :

ألم تريا النعمان كان بنجوة ، من الشر ، لو أن امرأ كان ناجيا ؟ ويقال : نجى فلان أرضه تنجية إذا كبسها مخافة الغرق . ابن الأعرابي : أنجى عرق ، وأنجى إذا شلح ، يقال للص مشلح لأنه يعري الإنسان من ثيابه . وأنجى : كشف الجل عن ظهر فرسه . أبو حنيفة : المنجى الموضع الذي لا يبلغه السيل . والنجاء : السرعة في السير ، وقد نجا نجاء ; ممدود ، وهو ينجو في السرعة نجاء ، وهو ناج : سريع . ونجوت نجاء أي أسرعت وسبقت . وقالوا : النجاء النجاء والنجا النجا ، فمدوا وقصروا ، قال الشاعر :


إذا أخذت النهب فالنجا النجا

وقالوا : النجاك فأدخلوا الكاف للتخصيص بالخطاب ، ولا موضع لها من الإعراب لأن الألف واللام معاقبة للإضافة ، فثبت أنها ككاف ذلك وأريتك زيدا أبو من هو . وفي الحديث : وأنا النذير العريان فالنجاء النجاء أي انجو بأنفسكم ، وهو مصدر منصوب بفعل مضمر أي انجوا النجاء . والنجاء : السرعة . وفي الحديث : إنما يأخذ الذئب القاصية والشاذة الناجية أي السريعة ، قال ابن الأثير : هكذا روي عن الحربي بالجيم . وفي الحديث : أتوك على قلص نواج أي مسرعات . وناقة ناجية ونجاة : سريعة ، وقيل : تقطع الأرض بسيرها ، ولا يوصف بذلك البعير . الجوهري : الناجية والنجاة الناقة السريعة تنجو بمن ركبها ، وقال البعير ناج ، وقال :


أي قلوص راكب تراها     ناجية وناجيا أباها

وقول الأعشى :

[ ص: 205 ]

تقطع الأمعز المكوكب وخدا     بنواج سريعة الإيغال

أي بقوائم سراع . واستنجى أي أسرع . وفي الحديث : إذا سافرتم في الجدب فاستنجوا ، معناه أسرعوا السير وانجوا . ويقال للقوم إذا انهزموا : قد استنجوا ، ومنه قول لقمان بن عاد : أولنا إذا نجونا وآخرنا إذا استنجينا أي هو حاميتنا إذا انهزمنا يدفع عنا . والنجو : السحاب الذي قد هراق ماءه ثم مضى ، وقيل : هو السحاب أول ما ينشأ ، والجمع نجاء ونجو ، قال جميل :


أليس من الشقاء وجيب قلبي     وإيضاعي الهموم مع النجو
فأحزن أن تكون على صديق     وأفرح أن تكون على عدو

يقول : نحن ننتجع الغيث ، فإذا كانت على صديق حزنت لأني لا أصيب ثم بثينة ، دعا لها بالسقيا . وأنجت السحابة : ولت . وحكي عن أبي عبيد : أين أنجتك السماء أي أين أمطرتك . وأنجيناها بمكان كذا وكذا أي أمطرناها . ونجو السبع : جعره . والنجو : ما يخرج من البطن من ريح وغائط ، وقد نجا الإنسان والكلب نجوا . والاستنجاء : الاغتسال بالماء من النجو والتمسح بالحجارة منه ، وقال كراع : هو قطع الأذى بأيهما كان . واستنجيت بالماء والحجارة أي تطهرت بها . الكسائي : جلست على الغائط فما أنجيت . الزجاج : يقال ما أنجى فلان شيئا ، وما نجا منذ أيام أي لم يأت الغائط . والاستنجاء : التنظف بمدر أو ماء . واستنجى أي مسح موضع النجو أو غسله . ويقال : أنجى أي أحدث . وشرب دواء فما أنجاه أي ما أقامه . الأصمعي : أنجى فلان إذا جلس على الغائط يتغوط . ويقال : أنجى الغائط نفسه ينجو ، وفي الصحاح : نجا الغائط نفسه . وقال بعض العرب : أقل الطعام نجوا اللحم . والنجو : العذرة نفسه . واستنجيت النخلة إذا ألقطتها ، وفي الصحاح : إذا لقطت رطبها . وفي حديث ابن سلام : وإني لفي عذق أنجي منه رطبا أي ألتقط ، وفي رواية : أستنجي منه بمعناه ، وأنجيت قضيبا من الشجرة فقطعته ، واستنجيت الشجرة : قطعتها من أصلها . ونجا غصون الشجرة نجوا واستنجاها : قطعها . قال شمر : وأرى الاستنجاء في الوضوء من هذا لقطعه العذرة بالماء ، وأنجيت غيري . واستنجيت الشجر : قطعته من أصوله . وأنجيت قضيبا من الشجر أي قطعت . وشجرة جيدة النجا أي العود . والنجا : العصا ; وكله من القطع . وقال أبو حنيفة : النجا الغصون ، واحدته نجاة . وفلان في أرض نجاة : يستنجي من شجرها العصي والقسي . وأنجني غصنا من هذه الشجرة أي اقطع لي منها غصنا . والنجا : عيدان الهودج . ونجوت الوتر واستنجيته إذا خلصته . واستنجى الجازر وتر المتن : قطعه ، قال عبد الرحمن بن حسان :


فتبازت فتبازخت لها     جلسة الجازر يستنجي الوتر

ويروى : جلسة الأعسر . الجوهري : استنجى الوتر أي مد القوس ، وأنشد بيت عبد الرحمن بن حسان ، قال : وأصله الذي يتخذ أوتار القسي لأنه يخرج ما في المصارين من النجو . وفي حديث بئر بضاعة : تلقى فيها المحايض وما ينجي الناس أي يلقونه من العذرة ، قال ابن الأثير : يقال منه أنجى ينجي إذا ألقى نجوه ، ونجا وأنجى إذا قضى حاجته منه والاستنجاء : استخراج النجو من البطن ، وقيل : هو إزالته عن بدنه بالغسل والمسح ، وقيل : هو من نجوت الشجرة وأنجيتها إذا قطعتها ، كأنه قطع الأذى عن نفسه ، وقيل : هو من النجوة ، وهو ما ارتفع من الأرض كأنه يطلبها ليجلس تحتها . ومنه حديث عمرو بن العاص : قيل له في مرضه كيف تجدك ؟ قال : أجد نجوي أكثر من رزئي أي ما يخرج مني أكثر مما يدخل . والنجا ، مقصور : من قولك نجوت جلد البعير عنه وأنجيته إذا سلخته . ونجا جلد البعير والناقة نجوا ونجا وأنجاه : كشطه عنه . والنجو والنجا : اسم المنجو ، قال يخاطب ضيفين طرقاه :

فقلت : انجوا عنها نجا الجلد ، إنه سيرضيكما منها سنام وغاربه قال الفراء : أضاف النجا إلى الجلد لأن العرب تضيف الشيء إلى نفسه إذا اختلف اللفظان ، كقوله تعالى : حق اليقين ، ولدار الآخرة . والجلد نجا ، مقصور أيضا ، قال ابن بري : ومثله ليزيد بن الحكم :


تفاوض من أطوي طوى الكشح دونه     ومن دون من صافيته أنت منطوي

قال : ويقوي قول الفراء بعد البيت قولهم عرق النسا وحبل الوريد وثابت قطنة وسعيد كرز . وقال علي بن حمزة : يقال نجوت جلد البعير ، ولا يقال سلخته ; وكذلك قال أبو زيد ، قال : ولا يقال سلخته إلا في عنقه خاصة دون سائر جسده ، وقال ابن السكيت في آخر كتابه إصلاح المنطق : جلد جزوره ولا يقال سلخه . الزجاجي : النجا ما سلخ عن الشاة أو البعير ، والنجا أيضا ما ألقي عن الرجل من اللباس . التهذيب : يقال نجوت الجلد إذا ألقيته عن البعير وغيره ، وقيل : أصل هذا كله من النجوة ، وهو ما ارتفع من الأرض ، وقيل : إن الاستنجاء من الحدث مأخوذ من هذا لأنه إذا أراد قضاء الحاجة استتر بنجوة من الأرض ، قال عبيد :


فمن بنجوته كمن بعقوته     والمستكن كمن يمشي بقرواح

ابن الأعرابي : بيني وبين فلان نجاوة من الأرض أي سعة . الفراء : نجوت الدواء شربته ، وقال : إنما كنت أسمع من الدواء ما أنجيته ، ونجوت الجلد وأنجيته . ابن الأعرابي : أنجاني الدواء أقعدني . ونجا فلان ينجو إذا أحدث ذنبا أو غير ذلك . ونجاه نجوا ونجوى : ساره . والنجوى والنجي : السر . والنجو : السر بين اثنين ، يقال : نجوته نجوا أي ساررته ، وكذلك ناجيته ، والاسم النجوى ، وقال :


فبت أنجو بها نفسا تكلفني     ما لا يهم به الجثامة الورع

وفي التنزيل العزيز : وإذ هم نجوى ; فجعلهم هم النجوى ، وإنما النجوى فعلهم ، كما تقول قوم رضا ، وإنما رضا فعلهم . والنجي ، على فعيل : الذي تساره ، والجمع الأنجية . قال الأخفش : وقد يكون النجي جماعة مثل الصديق ، قال الله تعالى : خلصوا نجيا . قال الفراء : وقد يكون النجي والنجوى اسما ومصدرا . وفي حديث الدعاء : " اللهم بمحمد نبيك وبموسى نجيك " ، هو المناجي المخاطب للإنسان والمحدث له ، وقد تناجيا مناجاة وانتجاء . وفي الحديث : " لا [ ص: 206 ] يتناجى اثنان دون الثالث " ، وفي رواية : " لا ينتجي اثنان دون صاحبهما " ; أي لا يتسارران منفردين عنه لأن ذلك يسوءه . وفي حديث علي - كرم الله وجهه - : دعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الطائف فانتجاه ، فقال الناس : لقد طال نجواه ، فقال : " ما انتجيته ولكن الله انتجاه ! " ، أي أمرني أن أناجيه . وفي حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - : قيل له ما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النجوى ; يريد مناجاة الله تعالى للعبد يوم القيامة . وفي حديث الشعبي : إذا عظمت الحلقة فهي بذاء ونجاء أي مناجاة ، يعني يكثر فيها ذلك . والنجوى والنجي : المتسارون . وفي التنزيل العزيز : وإذ هم نجوى ، قال : هذا في معنى المصدر ، وإذ هم ذوو نجوى ، والنجوى اسم للمصدر . وقوله تعالى : ما يكون من نجوى ثلاثة ، يكون على الصفة والإضافة . وناجى الرجل مناجاة ونجاء : ساره . وانتجى القوم وتناجوا : تساروا ، وأنشد ابن بري :


قالت جواري الحي لما جينا     وهن يلعبن وينتجينا
: ما لمطايا القوم قد وجينا

؟ والنجي : المتناجون . وفلان نجي فلان أي يناجيه دون من سواه . وفي التنزيل العزيز : فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا ، أي اعتزلوا متناجين ، والجمع أنجية ، قال :

وما نطقوا بأنجية الخصوم وقال سحيم بن وثيل اليربوعي :


إني إذا ما القوم كانوا أنجيه


واضطرب القوم اضطراب الأرشيه


هناك أوصيني ولا توصي بيه

قال ابن بري : حكى القاضي الجرجاني عن الأصمعي وغيره أنه يصف قوما أتعبهم السير والسفر ، فرقدوا على ركابهم واضطربوا عليها وشد بعضهم على ناقته حذار سقوطه من عليها ، وقيل : إنما ضربه مثلا لنزول الأمر المهم ، وبخط علي بن حمزة : هناك ، بكسر الكاف ، وبخطه أيضا : أوصيني ولا توصي ، بإثبات الياء ، لأنه يخاطب مؤنثا ، وروي عن أبي العباس أنه يرويه :


واختلف القوم اختلاف الأرشيه

قال : وهو الأشهر في الرواية ، وروي أيضا :

والتبس القوم اختلاف الأرشيه ورواه الزجاج : واختلف القول ، وأنشد ابن بري لسحيم أيضا :


قالت نساؤهم ، والقوم أنجية يعدى     عليها ، كما يعدى على النعم

قال أبو إسحاق : نجي لفظ واحد في معنى جميع ، وكذلك قوله تعالى : وإذ هم نجوى ، ويجوز : قوم نجي وقوم أنجية وقوم نجوى . وانتجاه إذا اختصه بمناجاته . ونجوت الرجل أنجوه إذا ناجيته . وفي التنزيل العزيز : لا خير في كثير من نجواهم ، قال أبو إسحاق : معنى النجوى في الكلام ما ينفرد به الجماعة والاثنان ; سرا كان أو ظاهرا ، وقوله أنشده ثعلب :


يخرجن من نجيه للشاطي

فسره فقال : نجيه هنا صوته ، وإنما يصف حاديا سواقا مصوتا . ونجاه : نكهه . ونجوت فلانا إذا استنكهته ، قال :

نجوت مجالدا ، فوجدت منه كريح الكلب مات حديث عهد فقلت له : متى استحدثت هذا ؟ فقال : أصابني في جوف مهدي وروى الفراء أن الكسائي أنشده :


أقول لصاحبي وقد بدا     لي معالم منهما ، وهما نجيا

أراد نجيان فحذف النون ، قال الفراء : أي هما بموضع نجوى ; فنصب نجيا على مذهب الصفة . وأنجت النخلة فأجنت ; حكاه أبو حنيفة . واستنجى الناس في كل وجه : أصابوا الرطب ، وقيل : أكلوا الرطب . قال : وقال غير الأصمعي كل اجتناء استنجاء ، يقال : نجوتك إياه ، وأنشد :


ولقد نجوتك أكمؤا وعساقلا     ولقد نهيتك عن بنات الأوبر

والرواية المعروفة جنيتك ، وهو مذكور في موضعه . والنجواء : التمطي مثل المطواء ، وقال شبيب بن البرصاء :

وهم تأخذ النجواء منه ، يعل بصالب أو بالملال قال ابن بري : صوابه النحواء ، بحاء غير معجمة ، وهي الرعدة ، قال : وكذلك ذكره ابن السكيت عن أبي عمرو بن العلاء وابن ولاد وأبو عمرو الشيباني وغيره ، والملال : حرارة الحمى التي ليست بصالب ، وقال المهلبي : يروى يعك بصالب . وناجية : اسم . وبنو ناجية : قبيلة ; حكاها سيبويه . الجوهري : بنو ناجية ; قوم من العرب ، والنسبة إليهم ناجي ، حذف منه الهاء والياء ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية