صفحة جزء
نحل

نحل : النحل : ذباب العسل ، واحدته نحلة . وفي حديث ابن عباس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قتل النحلة والنملة والصرد والهدهد ، وروي عن إبراهيم الحربي أنه قال : إنما نهى عن قتلهن [ ص: 212 ] لأنهن لا يؤذين الناس ، وهي أقل الطيور والدواب ضررا على الناس ، ليس هي مثل ما يتأذى الناس به من الطيور الغراب وغيره ، وقيل له : فالنملة إذا عضت تقتل ؟ قال : النملة لا تعض إنما يعض الذر ، قيل له : إذا عضت الذرة تقتل ؟ قال : إذا آذتك فاقتلها . والنحل : دبر العسل ; الواحدة نحلة . وقال أبو إسحاق الزجاج في قوله - عز وجل - : وأوحى ربك إلى النحل ، جائز أن يكون سمي نحلا لأن الله - عز وجل - نحل الناس العسل الذي يخرج من بطونها . وقال غيره من أهل العربية : النحل يذكر ويؤنث وقد أنثها الله - عز وجل - فقال : أن اتخذي من الجبال بيوتا ، ومن ذكر النحل فلأن لفظه مذكر ، ومن أنثه فلأنه جمع نحلة . وفي حديث ابن عمر : " مثل المؤمن مثل النحلة " ، المشهور في الرواية بالخاء المعجمة ، وهي واحدة النخل ، وروي بالحاء المهملة ; يريد نحلة العسل ، ووجه المشابهة بينهما حذق النحل وفطنته وقلة أذاه وحقارته ومنفعته وقنوعه وسعيه في الليل وتنزهه عن الأقذار وطيب أكله وأنه لا يأكل من كسب غيره ونحوله وطاعته لأميره ، وإن للنحل آفات تقطعه عن عمله منها : الظلمة والغيم والريح والدخان والماء والنار ، وكذلك المؤمن له آفات تفتره عن عمله : ظلمة الغفلة وغيم الشك وريح الفتنة ودخان الحرام وماء السعة ونار الهوى . الجوهري : النحل والنحلة الدبر ، يقع على الذكر والأنثى حتى تقول يعسوب . والنحل : الناحل ، وقال ذو الرمة :


يدعن الجلس نحلا قتالها

ونحل جسمه ونحل ينحل وينحل نحولا ، فهو ناحل : ذهب من مرض أو سفر ، والفتح أفصح ، وقول أبي ذؤيب :


وكنت كعظم العاجمات اكتنفنه     بأطرافها ، حتى استدق نحولها

إنما أراد ناحلها ; فوضع المصدر موضع الاسم ، وقد يكون جمع ناحل كأنه جعل كل طائفة من العظم ناحلا ، ثم جمعه على فعول كشاهد وشهود ، ورجل نحيل من قوم نحلى وناحل ، والأنثى ناحلة ، ونساء نواحل ورجل نحل . وفي حديث أم معبد : لم تعبه نحلة أي دقة وهزال . والنحل الاسم ، قال القتيبي : لم أسمع بالنحل في غير هذا الموضع إلا في العطية . والنحول : الهزال ، وأنحله الهم ، وجمل ناحل : مهزول دقيق . وجمل ناحل : رقيق . والنواحل : السيوف التي رقت ظباها من كثرة الاستعمال . وسيف ناحل : رقيق ، على المثل ، وقول ذي الرمة :


ألم تعلمي ، يا مي ، أنا     وبيننا مهاو يدعن الجلس

نحلا قتالها هو جمع ناحل ، جعل كل جزء منها ناحلا ، قال ابن سيده : وهو عندي اسم للجمع لأن فاعلا ليس مما يكسر على فعل ، قال : ولم أسمع به إلا في هذا البيت . الأزهري : السيف الناحل الذي فيه فلول فيسن مرة بعد أخرى حتى يرق ويذهب أثر فلوله ، وذلك أنه إذا ضرب به فصمم انفل فينحي القين عليه بالمداوس والصقل حتى تذهب فلوله ، ومنه قول الأعشى :


مضاربها ، من طول ما ضربوا بها     ومن عض هام الدارعين ، نواحل

وقمر ناحل إذا دق واستقوس . ونحلة : فرس سبيع بن الخطيم . والنحل ، بالضم : إعطاؤك الإنسان شيئا بلا استعاضة ، وعم به بعضهم جميع أنواع العطاء ، وقيل : هو الشيء المعطى ، وقد أنحله مالا ونحله إياه ، وأبى بعضهم هذه الأخيرة . ونحل المرأة : مهرها ، والاسم النحلة ، تقول : أعطيتها مهرها نحلة ، بالكسر ، إذا لم ترد منها عوضا . في التنزيل العزيز : وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ، وقال أبو إسحاق : قد قيل فيه غير هذا القول ، قال بعضهم : فريضة ، وقال بعضهم : ديانة ، كما تقول فلان ينتحل كذا وكذا أي يدين به ، وقيل نحلة أي دينا وتدينا ، وقيل : أراد هبة ، وقال بعضهم : هي نحلة من الله لهن أن جعل على الرجل الصداق ولم يجعل على المرأة شيئا من الغرم ، فتلك نحلة من الله للنساء . ونحلت الرجل والمرأة إذا وهبت له نحلة ونحلا ، ومثل نحلة ونحل حكمة وحكم . وفي التهذيب : والصداق فرض لأن أهل الجاهلية كانوا لا يعطون النساء من مهورهن شيئا ، فقال الله تعالى : وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ، هبة من الله للنساء فريضة لهن على الأزواج ، كان أهل الجاهلية إذا زوج الرجل ابنته استجعل لنفسه جعلا يسمى الحلوان ، وكانوا يسمون ذلك الشيء الذي يأخذه النافجة ، كانوا يقولون بارك الله لك في النافجة ، فجعل الله الصدقة للنساء فأبطل فعلهم . الجوهري : النحل ، بالضم ، مصدر قولك نحلته من العطية أنحله نحلا ، بالضم . والنحلة ، بالكسر : العطية . والنحلى : العطية ، على فعلى . ونحلت المرأة مهرها عن طيب نفس من غير مطالبة أنحلها ، ويقال من غير أن يأخذ عوضا ، يقال : أعطاها مهرها نحلة ، بالكسر ، وقال أبو عمرو : هي التسمية أن يقول نحلتها كذا وكذا ويحد الصداق ويبينه . وفي الحديث : " ما نحل والد ولدا من نحل أفضل من أدب حسن " ، النحل : العطية والهبة ابتداء من غير عوض ولا استحقاق . وفي حديث أبي هريرة : إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين كان مال الله نحلا ; أراد يصير الفيء عطاء من غير استحقاق على الإيثار والتخصيص . المحكم : وأنحل ولده مالا ونحله خصه بشيء منه ، والنحل والنحلان اسم ذلك الشيء المعطى . والنحلة : الدعوى . وانتحل فلان شعر فلان أو قول فلان إذا ادعاه أنه قائله . وتنحله : ادعاه وهو لغيره . وفي الخبر : أن عروة بن الزبير وعبيد الله بن عتبة بن مسعود دخلا على عمر بن عبد العزيز - وهو يومئذ أمير المدينة - فجرى بينهم الحديث حتى قال عروة في شيء جرى من ذكر عائشة وابن الزبير : سمعت عائشة تقول ما أحببت أحدا حبي عبد الله بن الزبير ; لا أعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أبوي ، فقال له عمر : إنكم لتنتحلون عائشة لابن الزبير انتحال من لا يرى لأحد معه فيها نصيبا ، فاستعاره لها ، وقال ابن هرمة :

ولم أتنحل الأشعار فيها ، ولم تعجزني المدح الجياد ونحله القول ينحله نحلا : نسبه إليه . ونحلته القول أنحله نحلا ، بالفتح : إذا أضفت إليه قولا قال غيره وادعيته عليه . وفلان ينتحل مذهب كذا وقبيلة كذا إذا انتسب إليه . ويقال : نحل الشاعر قصيدة [ ص: 213 ] إذا نسبت إليه وهي من قيل غيره ، وقال الأعشى في الانتحال :


فكيف أنا وانتحالي القوا في     بعد المشيب ، كفى ذاك عارا
! وقيدني الشعر في بيته     كما قيد الأسرات الحمارا

! أراد انتحالي القوافي فدلت كسرة الفاء من القوافي على سقوط الياء فحذفها ، كما قال الله - عز وجل - : وجفان كالجواب ، وتنحله مثله ، قال الفرزدق :


إذا ما قلت قافية شرودا     تنحلها ابن حمراء العجان

وقال أبو العباس أحمد بن يحيى في قولهم انتحل فلان كذا وكذا : معناه قد ألزمه نفسه وجعله كالملك له ، وهي الهبة والعطية يعطاها الإنسان . وفي حديث قتادة بن النعمان : كان بشير بن أبيرق يقول الشعر ويهجو به أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وينحله بعض العرب أي ينسبه إليهم من النحلة وهي النسبة بالباطل . ويقال : ما نحلتك أي ما دينك ؟ الأزهري : الليث يقال نحل فلان فلانا إذا سابه فهو ينحله يسابه ، قال طرفة :


فدع ذا ، وانحل النعمان قولا     كنحت الفأس ، ينجد أو يغور

قال الأزهري : نحل فلان فلانا إذا سابه باطل ، وهو تصحيف لنجل فلان فلانا إذا قطعه بالغيبة . ويروى الحديث : " من نجل الناس نجلوه أي من عاب الناس عابوه ومن سبهم سبوه " ، وهو مثل ما روي عن أبي الدرداء : " إن قارضت الناس قارضوك ، وإن تركتهم لم يتركوك " ، قوله : إن قارضتهم مأخوذ من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " رفع الله الحرج إلا من اقترض عرض امرئ مسلم " ; فذلك الذي حرج ، وقد فسر في موضعه .

التالي السابق


الخدمات العلمية