صفحة جزء
نحا

نحا : الأزهري : ثبت عن أهل يونان ، فيما يذكر المترجمون العارفون بلسانهم ولغتهم ، أنهم يسمون علم الألفاظ والعناية بالبحث عنه نحوا ، ويقولون كان فلان من النحويين ، ولذلك سمي يوحنا الإسكندراني يحيى النحوي للذي كان حصل له من المعرفة بلغة اليونانيين . والنحو : إعراب الكلام العربي . والنحو : القصد والطريق ، يكون ظرفا ويكون اسما ، نحاه ينحوه وينحاه نحوا وانتحاه ، ونحو العربية منه ، إنما هو انتحاء سمت كلام العرب في تصرفه من إعراب وغيره كالتثنية والجمع والتحقير والتكبير والإضافة والنسب وغير ذلك ، ليلحق من ليس من أهل اللغة العربية بأهلها في الفصاحة فينطق بها وإن لم يكن منهم ، أو إن شذ بعضهم عنها رد به إليها ، وهو في الأصل مصدر شائع أي نحوت نحوا كقولك قصدت قصدا ، ثم خص به انتحاء هذا القبيل من العلم ، كما أن الفقه في الأصل مصدر فقهت الشيء أي عرفته ، ثم خص به علم الشريعة من [ ص: 214 ] التحليل والتحريم ، وكما أن بيت الله - عز وجل - خص به الكعبة ، وإن كانت البيوت كلها لله - عز وجل - ، قال ابن سيده : وله نظائر في قصر ما كان شائعا في جنسه على أحد أنواعه ، وقد استعملته العرب ظرفا ، وأصله المصدر ، وأنشد أبو الحسن :


ترمي الأماعيز بمجمرات بأرجل روح مجنبات     يحدو بها كل فتى هيات
وهن نحو البيت عامدات

والجمع أنحاء ونحو ، قال سيبويه : شبهوها بعتو ; وهذا قليل . وفي بعض كلام العرب : إنكم لتنظرون في نحو كثيرة أي في ضروب من النحو ، شبهها بعتو ، والوجه في مثل هذه الواوات إذا جاءت في جمع الياء كقولهم في جمع ثدي ثدي وعصي وحقي . الجوهري : يقال نحوت نحوك أي قصدت قصدك . التهذيب : وبلغنا أن أبا الأسود الدؤلي وضع وجوه العربية وقال للناس انحوا نحوه فسمي نحوا . ابن السكيت : نحا نحوه إذا قصده ، ونحا الشيء ينحاه وينحوه إذا حرفه ، ومنه سمي النحوي لأنه يحرف الكلام إلى وجوه الإعراب . ابن بزرج : نحوت الشيء أممته أنحوه وأنحاه . ونحيت الشيء ونحوته ، وأنشد :


فلم يبق إلا أن ترى ، في محله     رمادا نحت عنه السيول جنادله

ورجل ناح من قوم نحاة : نحوي ، وكأن هذا إنما هو على النسب كقولك تامر ولابن . الليث : النحو القصد نحو الشيء . وأنحى عليه وانتحى عليه إذا اعتمد عليه . ابن الأعرابي : أنحى ونحى وانتحى أي اعتمد على الشيء . وانتحى له وتنحى له : اعتمد . وتنحى له بمعنى نحا له وانتحى ، وأنشد :


تنحى له عمرو فشك ضلوعه     بمدرنفق الخلجاء ، والنقع ساطع

وفي حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - : أنه رأى رجلا تنحى في سجوده فقال لا تشينن صورتك ، قال شمر : الانتحاء في السجود الاعتماد على الجبهة والأنف حتى يؤثر فيهما ذلك . الأزهري في ترجمة ترح : ابن مناذر الترح الهبوط ، وأنشد :


كأن جرس القتب المضبب     إذا انتحى بالترح المصوب

قال : الانتحاء أن يسقط هكذا ، وقال بيده ، بعضها فوق بعض ، وهو في السجود أن يسقط جبينه إلى الأرض ويشده ولا يعتمد على راحتيه ولكن يعتمد على جبينه ، قال الأزهري : حكى شمر هذا عن عبد الصمد بن حسان عن بعض العرب ، قال شمر : وكنت سألت ابن مناذر عن الانتحاء في السجود فلم يعرفه ، قال : فذكرت له ما سمعت فدعا بدواته فكتبه بيده . وانتحيت لفلان أي عرضت له . وفي حديث حرام بن ملحان : فانتحى له عامر بن الطفيل فقتله أي عرض له وقصد . وفي الحديث : فانتحاه ربيعة أي اعتمده بالكلام وقصده . وفي حديث الخضر - عليه السلام - : وتنحى له أي اعتمد خرق السفينة . وفي حديث عائشة - رضي الله عنها - : فلم أنشب حتى أنحيت عليها . قال ابن الأثير : هكذا جاء في رواية ، والمشهور بالثاء المثلثة والخاء المعجمة والنون . وفي حديث الحسن : قد تنحى في برنسه وقام الليل في حندسه أي تعمد العبادة وتوجه لها وصار في ناحيتها وتجنب الناس وصار في ناحية منهم . وأنحيت على حلقه السكين أي عرضت ، وأنشد ابن بري :

أنحى على ودجي أنثى مرهفة مشحوذة ، وكذاك الإثم يقترف وأنحى عليه ضربا : أقبل . وأنحى له السلاح : ضربه بها أو طعنه أو رماه ، وأنحى له بسهم أو غيره من السلاح . وتنحى ، وانتحى : اعتمد . يقال : انتحى له بسهم ونحا عليه بشفرته ، ونحا له بسهم . ونحا الرجل وانتحى : مال على أحد شقيه أو انحنى في قوسه . وأنحى في سيره أي اعتمد على الجانب الأيسر . قال الأصمعي : الانتحاء في السير الاعتماد على الجانب الأيسر ، ثم صار الاعتماد في كل وجه ، قال رؤبة :


منتحيا من نحوه على وفق

ابن سيده : والانتحاء اعتماد الإبل في سيرها على الجانب الأيسر ، ثم صار الانتحاء الميل والاعتماد في كل وجه ، وأنشد ابن بري لكعب بن زهير :


إذا ما انتحاهن شؤبوبه

أي اعتمدهن . ونحوت بصري إليه أي صرفت . ونحا إليه بصره ينحوه وينحاه . صرفه . وأنحيت إليه بصري : عدلته ، وقول طريف العبسي :

نحاه للحد زبرقان وحرث ، وفي الأرض للأقوام بعدك غول أي صيرا هذا الميت في ناحية القبر . ونحيت بصري إليه : صرفته . التهذيب : شمر انتحى لي ذلك الشيء إذا اعترض له واعتمده ، وأنشد للأخطل :


وأهجرك هجرانا جميلا وينتحي     لنا ، من ليالينا العوارم ، أول

قال ابن الأعرابي : ينتحي لنا يعود لنا ، والعوارم : القباح . ونحى الرجل : صرفه ، قال العجاج :

لقد نحاهم جدنا والناحي ابن سيده : والنحواء الرعدة ، وهي أيضا التمطي ، قال شبيب بن البرصاء :


وهم تأخذ النحواء منه     يعل بصالب أو بالملال

وانتحى في الشيء : جد . وانتحى الفرس في جريه أي جد . والنحي والنحي والنحى : الزق ، وقيل : هو ما كان للسمن خاصة . الأزهري : النحي عند العرب الزق الذي فيه السمن خاصة ، وكذلك قال الأصمعي وغيره : النحي الزق الذي يجعل فيه السمن خاصة ، ومنه قصة ذات النحيين المثل المشهور : أشغل من ذات النحيين ، وهي امرأة من تيم الله بن ثعلبة وكانت تبيع السمن في الجاهلية ، فأتى خوات بن جبير الأنصاري يبتاع منها سمنا فساومها ، فحلت نحيا مملوءا ، فقال : أمسكيه حتى أنظر غيره ، ثم حل آخر وقال لها : أمسكيه ، فلما شغل يديها ساورها حتى قضى ما أراد وهرب فقال في ذلك :

[ ص: 215 ]

وذات عيال ، واثقين بعقلها     خلجت لها جار استها خلجات
وشدت يديها ; إذ أردت خلاطها     بنحيين من سمن ذوي عجرات
فكانت لها الويلات من ترك     سمنها ، ورجعتها صفرا بغير بتات
فشدت على النحيين كفا شحيحة     على سمنها ، والفتك من فعلاتي

قال ابن بري قال علي بن حمزة الصحيح في رواية خوات بن جبير :


فشدت على النحيين كفي شحيحة

تثنية كف ، ثم أسلم خوات وشهد بدرا ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " كيف شرادك ؟ وتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، قد رزق الله خيرا وأعوذ بالله من الحور بعد الكور
! وهجا العديل بن الفرخ بني تيم الله فقال :


تزحزح ، يا ابن تيم الله عنا     فما بكر أبوك ، ولا تميم
لكل قبيلة بدر ونجم     وتيم الله ليس لها نجوم
أناس ربة النحيين منهم     فعدوها إذا عد الصميم

قال ابن بري : قال ابن حمزة الصحيح أنها امرأة من هذيل ، وهي خولة أم بشر بن عائذ ، ويحكى أن أسديا وهذليا افتخرا ورضيا بإنسان يحكم بينهما فقال : يا أخا هذيل كيف تفاخرون العرب وفيكم خلال ثلاث : منكم دليل الحبشة على الكعبة ، ومنكم خولة ذات النحيين ، وسألتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحلل لكم الزنا ؟ قال : ويقوي قول الجوهري إنها من تيم الله ما أنشده في هجائهم :


أناس ربة النحيين منهم

وجمع النحي أنحاء ونحي ونحاء ; عن سيبويه . والنحي أيضا : جرة فخار يجعل فيها اللبن ليمخض . وفي التهذيب : يجعل فيها اللبن الممخوض . الأزهري : العرب لا تعرف النحي غير الزق ، والذي قاله الليث إنه الجرة يمخض فيها اللبن غير صحيح . ونحى اللبن ينحيه وينحاه : مخضه ، وأنشد :


في قعر نحي أستثير حمه

والنحي : ضرب من الرطب ; عن كراع . ونحى الشيء ينحاه نحيا ونحاه فتنحى : أزاله . التهذيب : يقال نحيت فلانا فتنحى ، وفي لغة : نحيته وأنا أنحاه نحيا بمعناه ، وأنشد :


ألا أيهذا الباخع الوجد نفسه     لشيء نحته ، عن يديه ، المقادر

أي باعدته . ونحيته عن موضعه تنحية فتنحى ، وقال الجعدي :

أمر ونحي عن زوره ، كتنحية القتب المجلب ويقال : فلان نحية القوارع إذا كانت الشدائد تنتحيه ، وأنشد :


نحية أحزان جرت من جفونه     نضاضة دمع ، مثل ما دمع الوشل

ويقال : استخذ فلان فلانا أنحية أي انتحى عليه حتى أهلك ما له أو ضره أو جعل به شرا ، وأنشد :


إني إذا ما القوم كانوا أنحيه

أي انتحوا عن عمل يعملونه . الليث : كل من جد في أمر فقد انتحى فيه ، كالفرس ينتحي في عدوه .

والناحية من كل شيء : جانبه . والناحية : واحدة النواحي ، وقول عتي بن مالك :


لقد صبرت حنيفة صبر قوم     كرام ، تحت أظلال النواحي

فإنما يريد نواحي السيوف ، وقيل : أراد النوائح فقلب ، يعني الرايات المتقابلات . ويقال : الجبلان يتناوحان إذا كانا متقابلين . والناحية والناحاة : كل جانب تنحى عن القرار كناصية وناصاة ، وقوله :

ألكني إليها ، وخير الرسو ل أعلمهم بنواحي الخبر إنما يعني أعلمهم بنواحي الكلام . وإبل نحي : متنحية ; عن ابن الأعرابي ، وأنشد :


ظل وظلت عصبا نحيا     مثل النجي استبرز النجيا



والنحي من السهام : العريض النصل الذي إذا أردت أن ترمي به اضطجعته حتى ترسله . والمنحاة : ما بين البئر إلى منتهى السانية ، قال جرير :


لقد ولدت أم الفرزدق فخة     ترى بين فخذيها مناحي أربعا



الأزهري : المنحاة منتهى مذهب السانية ، وربما وضع عنده حجر ليعلم قائد السانية أنه المنتهى فيتيسر منعطفا لأنه إذا جاوزه تقطع الغرب وأداته . الجوهري : والمنحاة طريق السانية ، قال ابن بري : ومنه قول الراجز :


كأن عيني ، وقد بانوني     غربان في منحاة منجنون

وقال ابن الأعرابي : المنحاة مسيل الماء إذا كان ملتويا ، وأنشد :


وفي أيمانهم بيض رقاق     كباقي السيل أصبح في المناحي

وأهل المنحاة : القوم البعداء الذين ليسوا بأقارب . وقوله في الحديث : " يأتيني أنحاء من الملائكة " ، أي ضروب منهم ; واحدهم نحو ، يعني أن الملائكة كانوا يزورونه سوى جبريل - عليه السلام - . وبنو نحو : بطن من الأزد ، وفي الصحاح : قوم من العرب .

التالي السابق


الخدمات العلمية