صفحة جزء
نذر

نذر : النذر : النحب ، وهو ما ينذره الإنسان فيجعله على نفسه نحبا واجبا ، وجمعه نذور ، والشافعي سمى في كتاب جراح العمد ما يجب في الجراحات من الديات نذرا ، قال : ولغة أهل الحجاز كذلك ، وأهل العراق يسمونه الأرش . وقال أبو نهشل : النذر لا يكون إلا في الجراح صغارها وكبارها وهي معاقل تلك الجراح . يقال : لي قبل فلان نذر إذا كان جرحا واحدا له عقل ، وقال أبو سعيد الضرير : إنما قيل له نذر لأنه نذر فيه أي أوجب ، من قولك نذرت على نفسي أي أوجبت . وفي حديث ابن المسيب : أن عمر وعثمان - رضي الله عنهما - قضيا في الملطاة بنصف نذر الموضحة أي بنصف ما يجب فيها من الأرش والقيمة ، وقد نذر على نفسه لله كذا ينذر وينذر نذرا ونذورا . والنذيرة : ما يعطيه . والنذيرة : الابن يجعله أبواه قيما أو خادما للكنيسة أو للمتعبد من ذكر وأنثى ، وجمعه النذائر ، قد نذره . في التنزيل العزيز : إني نذرت لك ما في بطني محررا ; قالته امرأة عمران أم مريم . قال الأخفش : تقول العرب نذر على نفسه نذرا ونذرت مالي فأنا أنذره نذرا ; رواه عن يونس عن العرب . وفي الحديث ذكر النذر مكررا ، تقول : نذرت أنذر وأنذر نذرا إذا أوجبت على نفسك شيئا تبرعا من عبادة أو صدقة أو غير ذلك . قال ابن الأثير : وقد تكرر في أحاديثه ذكر النهي عنه وهو تأكيد لأمره وتحذير عن التهاون به بعد إيجابه ، قال : ولو كان معناه الزجر عنه حتى لا يفعل لكان في ذلك إبطال حكمه وإسقاط لزوم الوفاء به ; إذ كان بالنهي يصير معصية فلا يلزم ، وإنما وجه الحديث أنه قد أعلمهم أن ذلك أمر لا يجر لهم في العاجل نفعا ولا يصرف عنهم ضرا ولا يرد قضاء ، فقال : لا تنذروا على أنكم تدركون بالنذر شيئا لم يقدره الله لكم أو تصرفون به عنكم ما جرى به القضاء عليكم ، فإذا نذرتم ولم تعتقدوا هذا فاخرجوا عنه بالوفاء فإن الذي نذرتموه لازم لكم . ونذر بالشيء وبالعدو ، بكسر الذال ، نذرا : علمه فحذره . وأنذره بالأمر إنذارا ونذرا ; عن كراع ، واللحياني : أعلمه ، والصحيح أن النذر الاسم والإنذار المصدر . وأنذره أيضا : خوفه وحذره . وفي التنزيل العزيز : وأنذرهم يوم الآزفة ، وكذلك حكى الزجاجي : أنذرته إنذارا ونذيرا ، والجيد أن الإنذار المصدر ، والنذير الاسم . وفي التنزيل العزيز : فستعلمون كيف نذير . وقوله تعالى : فكيف كان نذير ; معناه فكيف كان إنذاري . والنذير : اسم الإنذار . وقوله تعالى : كذبت ثمود بالنذر ، قال الزجاج : النذر جمع نذير . وقوله - عز وجل - : عذرا أو نذرا ، قرئت : عذرا أو نذرا ، قال : معناهما المصدر وانتصابهما على المفعول له ، المعنى فالملقيات ذكرا للإعذار أو الإنذار . ويقال : أنذرته إنذارا . والنذر : جمع النذير ، وهو الاسم من الإنذار . والنذيرة : الإنذار . والنذير : الإنذار . والنذير : المنذر ، والجمع نذر ، وكذلك النذيرة ، قال ساعدة بن جؤية :


وإذا تحومي جانب يرعونه وإذا تجيء نذيرة لم يهربوا

وقال أبو حنيفة : النذير صوت القوس لأنه ينذر الرمية ، وأنشد لأوس بن حجر :

[ ص: 230 ]

وصفراء من نبع كأن نذيرها     إذا لم تخفضه عن الوحش ، أفكل

وتناذر القوم : أنذر بعضهم بعضا ، والاسم النذر . الجوهري : تناذر القوم كذا أي خوف بعضهم بعضا ، وقال النابغة الذبياني يصف حية ، وقيل يصف أن النعمان توعده فبات كأنه لديغ يتململ على فراشه :


فبت كأني ساورتني ضئيلة     من الرقش ، في أنيابها السم ناقع
تناذرها الراقون من سوء سمها     تطلقه طورا ، وطورا تراجع

نذيرة الجيش : طليعتهم الذي ينذرهم أمر عدوهم أي يعلمهم ، وأما قول ابن أحمر :


كم دون ليلى من تنوفية لماعة تنذر فيها النذر

فيقال : إنه جمع نذر مثل رهن ورهن . ويقال : إنه جمع نذير بمعنى منذور مثل قتيل وجديد . والإنذار : الإبلاغ ، ولا يكون إلا في التخويف ، والاسم النذر . ومنه قوله تعالى : فكيف كان عذابي ونذر ; أي إنذاري . والنذير : المحذر ، فعيل بمعنى مفعل ، والجمع نذر . وقوله - عز وجل - : وجاءكم النذير ، قال ثعلب : هو الرسول ، وقال أهل التفسير : يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - كما قال - عز وجل - : إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ، وقال بعضهم : النذير هاهنا الشيب ، قال الأزهري : والأول أشبه وأوضح . قال أبو منصور : والنذير يكون بمعنى المنذر وكان الأصل وفعله الثلاثي أميت ، ومثله السميع بمعنى المسمع والبديع بمعنى المبدع . قال ابن عباس : لما أنزل الله تعالى : وأنذر عشيرتك الأقربين ، أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصفا فصعد عليه ثم نادى : يا صباحاه ! فاجتمع إليه الناس بين رجل يجيء ورجل يبعث رسوله ، قال : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا بني عبد المطلب ، يا بني فلان ، لو أخبرتكم أن خيلا ستفتح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم ; صدقتموني ؟ " قالوا : نعم . قال : " فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " ، فقال أبو لهب : تبا لكم سائر القوم ! أما آذنتمونا إلا لهذا ؟ فأنزل الله تعالى : تبت يدا أبي لهب وتب ، ويقال : أنذرت القوم سير العدو إليهم فنذروا أي أعلمتهم ذلك فعلموا وتحرزوا . والتناذر : أن ينذر القوم بعضهم بعضا شرا مخوفا ، قال النابغة :


تناذرها الراقون من شر سمها

يعني حية إذا لدغت قتلت . ومن أمثال العرب : قد أعذر من أنذر أي من أعلمك أنه يعاقبك على المكروه منك فيما يستقبله ثم أتيت المكروه فعاقبك فقد جعل لنفسه عذرا يكف به لائمة الناس عنه . والعرب تقول : عذراك لا نذراك أي أعذر ولا تنذر . والنذير العريان : رجل من خثعم حمل عليه يوم ذي الخلصة عوف بن عامر فقطع يده ويد امرأته ، وحكى ابن بري في أماليه عن أبي القاسم الزجاجي في أماليه عن ابن دريد قال : سألت أبا حاتم عن قولهم أنا النذير العريان ، فقال : سمعت أبا عبيدة يقول : هو الزبير بن عمرو الخثعمي ، وكان ناكحا في بني زبيد ، فأرادت بنو زبيد أن يغيروا على خثعم فخافوا أن ينذر قومه فألقوا عليه براذغ وأهداما واحتفظوا به فصادف غرة فحاضرهم وكان لا يجارى شدا ، فأتى قومه فقال :


أنا المنذر العريان ينبذ ثوبه     إذا الصدق لا ينبذ لك الثوب

كاذب الأزهري : من أمثال العرب في الإنذار : أنا النذير العريان ، قال أبو طالب : إنما قالوا أنا النذير العريان لأن الرجل إذا رأى الغارة قد فجئتهم وأراد إنذار قومه تجرد من ثيابه وأشار بها ليعلم أن قد فجئتهم الغارة ، ثم صار مثلا لكل شيء تخاف مفاجأته ، ومنه قول خفاف يصف فرسا :


ثمل إذا صفر اللجام     كأنه رجل ، يلوح باليدين

، سليب وفي الحديث : كان إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه ، كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم ; المنذر : المعلم الذي يعرف القوم بما يكون قد دهمهم من عدو أو غيره ، وهو المخوف أيضا ، وأصل الإنذار الإعلام . يقال : أنذرته أنذره إنذارا إذا أعلمته ، فأنا منذر ونذير أي معلم ومخوف ومحذر . ونذرت به إذا علمت ، ومنه الحديث : " انذر القوم أي احذر منهم واستعد لهم وكن منهم على علم وحذر " . ومنذر ومناذر : اسمان . وبات بليلة ابن المنذر يعني النعمان ، أي بليلة شديدة ، قال ابن أحمر :


وبات بنو أمي بليل ابن منذر     وأبناء أعمامي عذوبا صواديا

عذوب : وقوف لا ماء لهم ولا طعام . ومناذر ومحمد ابن مناذر ، بفتح الميم : اسم ، وهم المناذرة ; يريد آل المنذر أو جماعة الحي مثل المهالبة والمسامعة ، قال الجوهري : ابن مناذر شاعر ، فمن فتح الميم منه لم يصرفه ، ويقول إنه جمع منذر لأنه محمد بن منذر بن منذر بن منذر ، ومن ضمها صرفه .

التالي السابق


الخدمات العلمية