صفحة جزء
نزف

نزف : نزفت ماء البئر نزفا إذا نزحته كله ، ونزفت هي ، يتعدى ولا يتعدى ، ونزفت أيضا على ما لم يسم فاعله . ابن سيده : نزف البئر ينزفها نزفا وأنزفها بمعنى واحد ; كلاهما : نزحها . وأنزفت هي : نزحت وذهب ماؤها ، قال لبيد :


أربت عليه كل وطفاء جونة هتوف ، متى ينزف لها الماء تسكب

قال : وأما ابن جني فقال : نزفت البئر وأنزفت هي فإنه جاء مخالفا للعادة ، وذلك أنك تجد فيها فعل متعديا ، وأفعل غير متعد ، وقد ذكر علة ذلك في شنق البعير وجفل الظليم . وأنزف القوم : نفد شرابهم . الجوهري : أنزف القوم إذا انقطع شرابهم ، وقرئ : ولا هم عنها ينزفون ، بكسر الزاي . وأنزف القوم إذا ذهب ماء بئرهم وانقطع . وبئر نزيف ونزوف : قليلة الماء منزوفة . ونزفت البئر أي استقيت ماءها كله . وفي الحديث : " زمزم لا تنزف ولا تذم " ، أي لا يفنى ماؤها على كثرة الاستقاء . أبو عبيدة : نزفت عبرته ، بالكسر ، وأنزفها صاحبها ، قال العجاج :

وصرح ابن معمر لمن ذمر ، وأنزف العبرة من لاقى العبر ذمره : زجره أي قال له جد في الأمر ، وقال أيضا :

وقد أراني بالديار منزفا ، أزمان لا أحسب شيئا منزفا والنزفة ، بالضم : القليل من الماء والخمر مثل الغرفة ، والجمع نزف ، قال ذو الرمة :


يقطع موضون الحديث ابتسامها     تقطع ماء المزن في نزف الخمر

وقال العجاج :


فشن في الإبريق منها نزفا

والمنزفة : ما ينزف به الماء ، وقيل : هي دلية تشد في رأس عود طويل ، وينصب عود ويعرض ذلك العود الذي في طرفه الدلو على العود المنصوب ويستقى به الماء . ونزفه الحجام ينزفه وينزفه : أخرج دمه كله . ونزف دمه نزفا ، فهو منزوف ونزيف : هريق . ونزف فلان دمه ينزفه نزفا ، إذا استخرجه بحجامة أو فصد ، ونزفه الدم ينزفه نزفا ، قال : وهذا هو من المقلوب الذي يعرف معناه ، والاسم من ذلك كله النزف . ويقال : نزفه الدم إذا خرج منه كثيرا حتى يضعف . والنزف : الضعف الحادث عن ذلك ; فأما قول قيس بن الخطيم :


تغترق الطرف ، وهي لاهية     كأنما شف وجهها نزف

فإن ابن الأعرابي قال : يعني من الضعف والانبهار ، ولم يزد على ذلك ، قال غيره : النزف هنا الجرح الذي ينزف عنه دم الإنسان ، وقال أبو منصور : أراد أنها رقيقة المحاسن حتى كأن دمها منزوف . وقال اللحياني : أدركه النزف فصرعه من نزف الدم . ونزفه الدم والفرق : زال عقله ; عن اللحياني . قال : وإن شئت قلت أنزفه . ونزفت المرأة تنزيفا إذا رأت دما على حملها ، وذلك يزيد الولد ضعفا وحملها طولا . ونزف الرجل دما إذا رعف فخرج دمه كله . وفي المثل : فلان أجبن من المنزوف ضرطا وأجبن من المنزوف خضفا ، وذلك أن رجلا فزع فضرط حتى مات ، وقال اللحياني : هو رجل كان يدعي الشجاعة ، فلما رأى الخيل جعل يفعل حتى مات هكذا ، قال : يفعل يعني يضرط ، قال ابن بري : هو رجل كان إذا نبه لشرب الصبوح قال : هلا نبهتني لخيل قد أغارت ؟ فقيل له يوما على جهة الاختبار : هذه نواصي الخيل ! فما زال يقول الخيل الخيل ويضرط حتى مات ، وقيل : المنزوف هنا دابة بين الكلب والذئب تكون بالبادية إذا صيح بها لم تزل تضرط حتى تموت . والنزيف والمنزوف : السكران المنزوف العقل ، وقد نزف . وفي التنزيل العزيز : لا يصدعون عنها ولا ينزفون ، أي لا يسكرون ، وأنشد الجوهري للأبيرد :


لعمري لئن أنزفتم أو صحوتم     لبئس الندامى كنتم ، آل أبجرا
! شربتم ومدرتم ، وكان أبوكم كذاكم     إذا ما يشرب الكاس مدرا

! قال ابن بري : هو أبجر بن جابر العجلي وكان نصرانيا . قال : وقوم يجعلون المنزف مثل المنزوف الذي قد نزف دمه . وقال اللحياني : نزف الرجل ، فهو منزوف ونزيف ، أي سكر فذهب عقله . الأزهري : وأما قول الله تعالى في صفة الخمر التي في الجنة : لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ، قيل أي لا يجدون عنها سكرا ، وقرئت : ينزفون ، قال الفراء وله معنيان : يقال قد أنزف الرجل فنيت خمره ، وأنزف إذا ذهب عقله من السكر ; فهذان وجهان في قراءة من قرأ [ ص: 236 ] ينزفون ، ومن قرأ ينزفون فمعناه لا تذهب عقولهم أي لا يسكرون ، قال الشاعر في أنزف :


لعمري لئن أنزفتم أو صحوتم

قال أبو منصور : ويقال للرجل الذي عطش حتى يبست عروقه وجف لسانه نزيف ومنزوف ، قال الشاعر :


شرب النزيف ببرد ماء الحشرج

أبو عمرو : النزيف السكران ، والسكران نزيف إذا نزف عقله . والنزيف : المحموم ، قال أبو العباس : الحشرج النقرة من الجبل يجتمع فيها الماء فيصفو . ونزف عبرته وأنزفها : أفناها . وأنزف الشيء ; عن اللحياني ، قال :

أيام لا أحسب شيئا منزفا وأنزف القوم : لم يبق لهم شيء . وأنزف الرجل : انقطع كلامه أو ذهب عقله أو ذهبت حجته في خصومة أو غيرها ، وقال بعضهم : إذا كان فاعلا ، فهو منزف وإذا كان مفعولا ، فهو منزوف ، كأنه على حذف الزائد أو كأنه وضع فيه النزف . الجوهري : ونزف الرجل في الخصومة إذا انقطعت حجته . الليث : قالت بنت الجلندى ملك عمان حين ألبست السلحفاة حليها ودخلت البحر فصاحت وهي تقول : نزاف نزاف ، ولم يبق في البحر غير قذاف ; أرادت انزفن الماء ولم يبق غير غرفة .

التالي السابق


الخدمات العلمية