صفحة جزء
نزل

نزل : النزول : الحلول ، وقد نزلهم ونزل عليهم ونزل بهم ينزل نزولا ومنزلا ومنزلا ، بالكسر شاذ ، أنشد ثعلب :


أإن ذكرتك الدار منزلها

جمل أراد : أإن ذكرتك نزول جمل إياها ; الرفع في قوله منزلها صحيح ، وأنث النزول حين أضافه إلى مؤنث ، قال ابن بري : تقديره أإن ذكرتك الدار نزولها جمل ، فجمل فاعل بالنزول ، والنزول مفعول ثان بذكرتك . وتنزله وأنزله ونزله بمعنى ، قال سيبويه : وكان أبو عمرو يفرق بين نزلت وأنزلت ولم يذكر وجه الفرق ، قال أبو الحسن : لا فرق عندي بين نزلت وأنزلت إلا صيغة التكثير في نزلت في قراءة ابن مسعود : وأنزل الملائكة تنزيلا ، أنزل : كنزل ، وقول ابن جني : المضاف والمضاف إليه عندهم وفي كثير من تنزيلاتهم كالاسم الواحد ; إنما جمع تنزيلا هنا لأنه أراد للمضاف والمضاف إليه تنزيلات في وجوه كثيرة منزلة الاسم الواحد ، فكنى بالتنزيلات عن الوجوه المختلفة ; ألا ترى أن المصدر لا وجه له إلا تشعب الأنواع وكثرتها ؟ مع أن ابن جني تسمح بهذا تسمح تحضر وتحذق ، فأما على مذهب العرب فلا وجه له إلا ما قلنا . والنزل : المنزل ; عن الزجاج ، وبذلك فسر قوله تعالى : وجعلنا جهنم للكافرين نزلا ، وقال في قوله - عز وجل - : جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نزلا من عند الله ، قال : نزلا مصدر مؤكد لقوله خالدين فيها لأن خلودهم فيها إنزالهم فيها . وقال الجوهري : جنات الفردوس نزلا ، قال الأخفش : هو من نزول الناس بعضهم على بعض . يقال : ما وجدنا عندكم نزلا . والمنزل ، بفتح الميم والزاي : النزول وهو الحلال ، تقول : نزلت نزولا ومنزلا ، وأنشد أيضا :


أإن ذكرتك الدار منزلها جمل     بكيت ، فدمع العين منحدر سجل

؟ نصب المنزل لأنه مصدر . وأنزله غيره واستنزله بمعنى ، ونزله تنزيلا ، والتنزيل أيضا : الترتيب . والتنزل : النزول في مهلة . وفي الحديث : " إن الله - تعالى وتقدس - ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا " ، النزول والصعود والحركة والسكون من صفات الأجسام ، والله - عز وجل - يتعالى عن ذلك ويتقدس ، والمراد به نزول الرحمة والألطاف الإلهية وقربها من العباد ، وتخصيصها بالليل وبالثلث الأخير منه لأنه وقت التهجد وغفلة الناس عمن يتعرض لنفحات رحمة الله ، وعند ذلك تكون النية خالصة والرغبة إلى الله - عز وجل - وافرة ، وذلك مظنة القبول والإجابة . وفي حديث الجهاد : لا تنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك ، أي إذا طلب العدو منك الأمان والذمام على حكم الله فلا تعطهم ، وأعطهم على حكمك ، فإنك ربما تخطئ في حكم الله تعالى أو لا تفي به فتأثم . يقال : نزلت عن الأمر إذا تركته كأنك كنت مستعليا عليه مستوليا . ومكان نزل : ينزل فيه كثيرا ; عن اللحياني . ونزل من علو إلى سفل : انحدر . والنزال في الحرب : أن يتنازل الفريقان ، وفي المحكم : أن ينزل الفريقان عن إبلهما إلى خيلهما فيتضاربوا ، وقد تنازلوا . ونزال نزال أي انزل ، وكذا الاثنان والجمع والمؤنث بلفظ واحد ، واحتاج الشماخ إليه فثقله فقال :


لقد علمت خيل بموقان     أنني أنا الفارس الحامي

، إذا قيل : نزال الجوهري : ونزال مثل قطام بمعنى انزل ، وهو معدول عن المنازلة ، ولهذا أنثه الشاعر بقوله :


ولنعم حشو الدرع أنت     إذا دعيت نزال ، ولج في الذعر

قال ابن بري : ومثله لزيد الخيل :


وقد علمت سلامة أن سيفي     كريه ، كلما دعيت نزال

وقال حريبة الفقعسي :


عرضنا نزال ، فلم ينزلوا     وكانت نزال عليهم أطم

قال : وقول الجوهري نزال معدول من المنازلة ، يدل على أن نزال بمعنى المنازلة لا بمعنى النزول إلى الأرض ، قال : ويقوي ذلك قول الشاعر أيضا :


ولقد شهدت الخيل ، يوم طرادها     بسليم أوظفة القوائم هيكل

فدعوا : نزال ! فكنت أول نازل ، وعلام أركبه إذا لم أنزل ؟ وصف فرسه بحسن الطراد فقال : وعلام أركبه إذا لم أنازل الأبطال عليه ؟ وكذلك قول الآخر :

فلم أذخر الدهماء عند الإغارة ، إذا أنا لم أنزل إذا الخيل جالت ؟ فهذا بمعنى المنازلة في الحرب والطراد لا غير ، قال : ويدلك على أن نزال في قوله : فدعوا نزال بمعنى المنازلة دون النزول إلى الأرض قوله :

وعلام أركبه إذا لم أنزل ؟ أي ولم أركبه إذا لم أقاتل عليه أي في حين عدم قتالي عليه ، وإذا جعلت نزال بمعنى النزول إلى الأرض صار المعنى : وعلام أركبه حين لم أنزل إلى الأرض ، قال : ومعلوم أنه حين لم ينزل هو راكب فكأنه قال : وعلام أركبه في حين أنا راكب ، قال ومما يقوي ذلك قول زهير :


ولنعم حشو الدرع أنت ، إذا دعيت نزال

، ولج في الذعر ألا ترى أنه لم يمدحه بنزوله إلى الأرض خاصة بل في كل حال ؟ ولا تمدح الملوك بمثل هذا ، ومع هذا فإنه في صفة الفرس من الصفات الجليلة وليس نزوله إلى الأرض مما تمدح به الفرس ، وأيضا فليس النزول إلى الأرض هو العلة في الركوب . وفي الحديث : نازلت ربي في كذا أي راجعته وسألته مرة بعد مرة ، وهو مفاعلة من النزول عن الأمر ، أو من النزال في الحرب . والنزيل : الضيف ، وقال :


نزيل القوم أعظمهم حقوقا     وحق الله في حق النزيل

سيبويه : ورجل نزيل نازل . وأنزال القوم : أرزاقهم . والنزل والنزل : ما هيئ للضيف إذا نزل عليه . ويقال : إن فلانا لحسن النزل والنزل أي الضيافة ، وقال ابن السكيت في قوله :

[ ص: 238 ] فجاءت بيتن للنزالة أرشما قال : أراد لضيافة الناس ، يقول : هو يخف لذلك ، وقال الزجاج في قوله : أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم ، يقول : أذلك خير في باب الأنزال التي يتقوت بها وتمكن معها الإقامة أم نزل أهل النار ، قال : ومعنى أقمت لهم نزلهم أي أقمت لهم غذاءهم وما يصلح معه أن ينزلوا عليه . الجوهري : والنزل ما يهيأ للنزيل ، والجمع الأنزال . وفي الحديث : " اللهم إني أسألك نزل الشهداء " ، النزل في الأصل : قرى الضيف وتضم زايه ; يريد ما للشهداء عند الله من الأجر والثواب ، ومنه حديث الدعاء للميت : " وأكرم نزله " . والمنزل : الإنزال ، تقول : أنزلني منزلا مباركا . ونزل القوم : أنزلهم المنازل . ونزل فلان عيره : قدر لها المنازل . وقوم نزل : نازلون . والمنزل والمنزلة : موضع النزول . قال ابن سيده : وحكى اللحياني منزلنا بموضع كذا ، قال : أراه يعني موضع نزولنا ، قال : ولست منه على ثقة ، وقوله :

درس المنا بمتالع فأبان إنما أراد المنازل فحذف ، وكذلك قول الأخطل :


أمست مناها بأرض ما يبلغها     بصاحب الهم ، إلا الجسرة الأجد

أراد : أمست منازلها فحذف ، قال : ويجوز أن يكون أراد بمناها قصدها ; فإذا كان كذلك فلا حذف . الجوهري : والمنزل المنهل ، والدار والمنزلة مثله ، قال ذو الرمة :


أمنزلتي مي ، سلام عليكما !     هل الأزمن اللائي مضين رواجع

؟ والمنزلة : الرتبة ، لا تجمع . واستنزل فلان أي حط عن مرتبته . والمنزل : الدرجة . قال سيبويه : وقالوا هو مني منزلة الشغاف أي هو بتلك المنزلة ، ولكنه حذف كما قالوا دخلت البيت وذهبت الشام لأنه بمنزلة المكان وإن لم يكن مكانا ، يعني بمنزلة الشغاف ، وهذا من الظروف المختصة التي أجريت مجرى غير المختصة . وفي حديث ميراث الجد : أن أبا بكر أنزله أبا أي جعل الجد في منزلة الأب وأعطاه نصيبه من الميراث . والنزالة : ما ينزل الفحل من الماء ، وخص الجوهري فقال : النزالة ، بالضم ، ماء الرجل . وقد أنزل الرجل ماءه إذا جامع ، والمرأة تستنزل ذلك . والنزلة : المرة الواحدة من النزول . والنازلة : الشديدة تنزل بالقوم ، وجمعها النوازل . المحكم : والنازلة الشدة من شدائد الدهر تنزل بالناس ، نسأل الله العافية . التهذيب : يقال تنزلت الرحمة . المحكم : نزلت عليهم الرحمة نزل عليهم العذاب ، كلاهما على المثل . نزل به الأمر : حل ، وقوله أنشده ثعلب :


أعزز علي بأن تكون عليلا !     أو أن يكون بك السقام نزيلا

! جعله كالتنزيل من الناس أي وأن يكون بك السقام نازلا . ونزل القوم : أتوا منى ، قال ابن أحمر :


وافيت لما أتاني أنها نزلت     إن المنازل مما تجمع العجبا

أي أتت منى ، وقال عامر بن الطفيل :


أنازلة أسماء أم غير نازله ؟     أبيني لنا ، يا أسم ، ما أنت فاعله

والنزل : الريع والفضل ، وكذلك النزل . المحكم : النزل والنزل ، بالتحريك ، ريع ما يزرع أي زكاؤه وبركته ، والجمع أنزال ، وقد نزل نزلا . وطعام نزل : ذو نزل ، ونزيل : مبارك ; الأخيرة عن ابن الأعرابي . وطعام قليل النزل والنزل ، بالتحريك ، أي قليل الريع ، وكثير النزل والنزل ، بالتحريك . وأرض نزلة : زاكية الزرع والكلإ . وثوب نزيل : كامل . ورجل ذو نزل : كثير الفضل والعطاء والبركة ، قال لبيد :


ولن تعدموا في الحرب ليثا مجربا     وذا نزل ، عند الرزية ، باذلا

والنزلة : كالزكام ، يقال : به نزلة ، وقد نزل . وقوله - عز وجل - : ولقد رآه نزلة أخرى ، قالوا : مرة أخرى . والنزل : المكان الصلب السريع السيل . وأرض نزلة : تسيل من أدنى مطر . ومكان نزل : سريع السيل . أبو حنيفة : واد نزل يسيله القليل الهين من الماء . والنزل : المطر . ومكان نزل : صلب شديد . وقال أبو عمرو : مكان نزل واسع بعيد ، وأنشد :

وإن هدى منها انتقال النقل ، في متن ضحاك الثنايا نزل وقال ابن الأعرابي : مكان نزل إذا كان مجالا مرتا ، وقيل : النزل من الأودية الضيق منها . الجوهري : أرض نزلة ومكان نزل بين النزالة إذا كانت تسيل من أدنى مطر لصلابتها ، وقد نزل ، بالكسر . وحظ نزل أي مجتمع . ووجدت القوم على نزلاتهم أي منازلهم . وتركت القوم على نزلاتهم ونزلاتهم أي على استقامة أحوالهم مثل سكناتهم ; زاد ابن سيده : لا يكون إلا في حسن الحال . ومنازل بن فرعان : من شعرائهم ، وكان منازل عق أباه فقال فيه :


جزت رحم ، بيني وبين منازل     جزاء كما يستخبر الكلب طالبه

فعق منازلا ابنه خليج فقال فيه :


تظلمني مالي خليج ، وعقني     على حين كانت كالحني عظامي

.

التالي السابق


الخدمات العلمية