صفحة جزء
نسا

نسا : النسوة والنسوة بالكسر والضم ، والنساء والنسوان والنسوان : جمع المرأة من غير لفظه كما يقال خلفة ومخاض وذلك وأولئك والنسون . قال ابن سيده : والنساء جمع نسوة إذا كثرن ، ولذلك قال سيبويه في الإضافة إلى نساء نسوي ، فرده إلى واحده ، وتصغير نسوة نسية ، ويقال : نسيات ، وهو تصغير الجمع . والنسا : عرق من الورك إلى الكعب ، ألفه منقلبة عن واو ، لقولهم نسوان في تثنيته ، وقد ذكرت أيضا منقلبة عن الياء لقولهم نسيان ، أنشد ثعلب :


ذي محزم نهد وطرف شاخص وعصب عن نسويه قالص



الأصمعي : النسا ، بالفتح مقصور بوزن العصا عرق يخرج من الورك فيستبطن الفخذين ثم يمر بالعرقوب حتى يبلغ الحافر ، فإذا سمنت الدابة انفلقت فخذاها بلحمتين عظيمتين وجرى النسا بينهما واستبان وإذا هزلت الدابة اضطربت الفخذان وماجت الربلتان وخفي النسا ، وإنما يقال منشق النسا ، يريد موضع النسا . وفي حديث سعد : رميت سهيل بن عمرو يوم بدر فقطعت نساه . والأفصح أن يقال له النسا ، لا عرق النسا . ابن سيده : والنسا من الورك إلى الكعب ، ولا يقال عرق النسا ، وقد غلط فيه ثعلب فأضافه ، والجمع أنساء ، قال أبو ذؤيب :


متفلق أنساؤها عن قانئ     كالقرط صاو غبره لا يرضع


وإنما قال متفلق أنساؤها ، والنسا لا يتفلق إنما يتفلق موضعه ، أراد يتفلق فخذاها عن موضع النسا لما سمنت تفرجت اللحمة فظهر النسا ، صاو : يابس ، يعني الضرع ، كالقرط شبهه بقرط المرأة ولم يرد أن ثم بقية لبن لا يرضع ، إنما أراد أنه لا غبر هنالك فيهتدى به ، قال ابن بري : وقوله عن قانئ أي عن ضرع أحمر كالقرط ، يعني في صغره ، وقوله : غبره لا يرضع أي ليس لها غبر فيرضع ، قال : ومثله قوله :


على لاحب لا يهتدى لمناره



أي ليس ثم منار فيهتدى به ، ومثله قوله تعالى : لا يسألون الناس إلحافا أي لا سؤال لهم فيكون منه الإلحاف ، وإذا قالوا إنه لشديد النسا فإنما يراد به النسا نفسه . ونسيته أنسيه نسيا فهو منسي : ضربت نساه . ونسي الرجل ينسي نسا إذا اشتكى نساه فهو نس على فعل إذا اشتكى نساه ، وفي المحكم : فهو أنسى ، والأنثى نسآء ، وفي التهذيب نسياء إذا اشتكيا عرق النسا ، قال ابن السكيت : هو عرق النسا ، وقال الأصمعي : لا يقال عرق النسا ، والعرب لا تقول عرق النسا كما لا يقولون عرق الأكحل ، ولا عرق الأبجل ، إنما هو النسا والأكحل والأبجل ، وأنشد بيتين لامرئ القيس ، وحكى الكسائي وغيره : هو عرق النسا ، وحكى أبو العباس في الفصيح : أبو عبيد يقال للذي يشتكي نساه نس ، وقال ابن السكيت : هو النسا لهذا العرق ، قال لبيد :


من نسا الناشط إذا ثورته     أو رئيس الأخدريات الأول



قال ابن بري : جاء في التفسير عن ابن عباس وغيره كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه قالوا : حرم إسرائيل لحوم الإبل ; لأنه كان به عرق النسا ، فإذا ثبت أنه مسموع فلا وجه لإنكار قولهم عرق النسا ، قال : ويكون من باب إضافة المسمى إلى اسمه كحبل الوريد ونحوه ، ومنه قول الكميت :


إليكم ذوي آل النبي تطلعت     نوازع من قلبي ظماء وألبب



أي إليكم يا أصحاب هذا الاسم ، قال : وقد يضاف الشيء إلى نفسه إذا اختلف اللفظان كحبل الوريد وحب الحصيد وثابت قطنة وسعيد كرز ، ومثله : فقلت انجوا عنها نجا الجلد ، والنجا : هو الجلد المسلوخ ، وقول الآخر :


تفاوض من أطوي طوى الكشح دونه



وقال فروة بن مسيك :


لما رأيت ملوك كندة أعرضت     كالرجل خان الرجل عرق نسائها



قال : ومما يقوي قولهم عرق النساء قول هميان : كأنما ييجع عرقا أبيضه والأبيض : هو العرق . والنسيان بكسر النون : ضد الذكر والحفظ ، نسيه نسيا ونسيانا ونسوة ونساوة ونساوة ، الأخيرتان على المعاقبة . وحكى ابن بري عن ابن خالويه في كتاب اللغات قال : نسيت الشيء نسيانا ونسيا ونسيا ونساوة ونسوة ، وأنشد :


فلست بصرام ولا ذي ملالة     ولا نسوة للعهد يا أم جعفر



وتناساه وأنساه إياه . وقوله - عز وجل - : نسوا الله فنسيهم قال ثعلب : لا ينسى الله - عز وجل - إنما معناه تركوا الله فتركهم ، فلما كان النسيان ضربا من الترك وضعه موضعه ، وفي التهذيب : أي تركوا أمر الله [ ص: 251 ] فتركهم من رحمته . وقوله تعالى : فنسيتها وكذلك اليوم تنسى أي تركتها فكذلك تترك في النار . ورجل نسيان بفتح النون : كثير النسيان للشيء . وقوله - عز وجل - : ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي معناه أيضا ترك ; لأن الناسي لا يؤاخذ بنسيانه ، والأول أقيس . والنسيان : الترك . وقوله - عز وجل - : ما ننسخ من آية أو ننسها أي نأمركم بتركها . يقال : أنسيته أي أمرت بتركه . ونسيته : تركته . وقال الفراء : عامة القراء يجعلون قوله : أو ننساها من النسيان ، والنسيان هاهنا على وجهين : أحدهما على الترك نتركها فلا ننسخها كما قال - عز وجل - : نسوا الله فنسيهم يريد تركوه فتركهم ، وقال تعالى : ولا تنسوا الفضل بينكم والوجه الآخر من النسيان الذي ينسى كما قال تعالى : واذكر ربك إذا نسيت وقال الزجاج : قرئ : أو ننسها . وقرئ : ننسها . وقرئ : ننسأها . قال : وقول أهل اللغة في قوله أو ننسها قولان : قال بعضهم : أو ننسها من النسيان ، وقال : دليلنا على ذلك قوله تعالى : سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله فقد أعلم الله أنه يشاء أن ينسى . قال أبو إسحاق : هذا القول عندي غير جائز لأن الله تعالى قد أنبأ النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله : ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا أنه لا يشاء أن يذهب بما أوحى به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : وقوله فلا تنسى أي فلست تترك إلا ما شاء الله أن تترك ، قال : ويجوز أن يكون إلا ما شاء الله مما يلحق بالبشرية ، ثم تذكر بعد ليس أنه على طريق السلب للنبي صلى الله عليه وسلم شيئا أوتيه من الحكمة ، قال : وقيل في قوله أو ننسها قول آخر ، وهو خطأ أيضا : أو نتركها ، وهذا إنما يقال فيه نسيت إذا تركت ، لا يقال أنسيت تركت قال : وإنما معنى أو ننسها أو نتركها أي نأمركم بتركها ، قال أبو منصور : ومما يقوي هذا ما روى ثعلب عن ابن الأعرابي أنه أنشده :


إن علي عقبة أقضيها     لست بناسيها ولا منسيها



قال : بناسيها بتاركها ولا منسيها ولا مؤخرها ، فوافق قول ابن الأعرابي قوله في الناسي إنه التارك لا المنسي ، واختلفا في المنسي قال أبو منصور : وكأن ابن الأعرابي ذهب في قوله ولا منسيها إلى ترك الهمز من أنسأت الدين إذا أخرته على لغة من يخفف الهمز . والنسوة : الترك للعمل . وقوله - عز وجل - : نسوا الله فأنساهم أنفسهم قال : إنما معناه أنساهم أن يعملوا لأنفسهم . وقوله - عز وجل - : وتنسون ما تشركون قال الزجاج : تنسون هاهنا على ضربين : جائز أن يكون تنسون تتركون ، وجائز أن يكون المعنى أنكم في ترككم دعاءهم بمنزلة من قد نسيهم ، وكذلك قوله تعالى : فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا أي نتركهم من الرحمة في عذابهم كما تركوا العمل للقاء يومهم هذا ، وكذلك قوله تعالى : فلما نسوا ما ذكروا به يجوز أن يكون معناه تركوا ويجوز أن يكونوا في تركهم القبول بمنزلة من نسي . الليث : نسي فلان شيئا كان يذكره ، وإنه لنسي كثير النسيان . والنسي : الشيء المنسي الذي لا يذكر . والنسي والنسي ، الأخيرة عن كراع ، وآدم قد أوخذ بنسيانه فهبط من الجنة . وجاء في الحديث : لو وزن حلمهم وحزمهم مذ كان آدم إلى أن تقوم الساعة ما وفى بحلم آدم وحزمه . وقال الله فيه : فنسي ولم نجد له عزما النسي : المنسي . وقوله - عز وجل - حكاية عن مريم : وكنت نسيا منسيا فسره ثعلب فقال : النسي خرق الحيض التي يرمى بها فتنسى ، وقرئ : نسيا ونسيا بالكسر والفتح ، فمن قرأ بالكسر فمعناه حيضة ملقاة ، ومن قرأ نسيا فمعناه شيئا منسيا لا أعرف ، قال دكين الفقيمي :


بالدار وحي كاللقى المطرس     كالنسي ملقى بالجهاد البسبس



والجهاد بالفتح : الأرض الصلبة . والنسي أيضا : ما نسي وما سقط في منازل المرتحلين من رذال أمتعتهم . وفي حديث عائشة رضي الله عنها : وددت أني كنت نسيا منسيا أي شيئا حقيرا مطرحا لا يلتفت إليه . ويقال لخرقة الحائض : نسي ، وجمعه أنساء . تقول العرب إذا ارتحلوا من المنزل : انظروا أنساءكم تريد الأشياء الحقيرة التي ليست عندهم ببال مثل العصا والقدح والشظاظ أي اعتبروها لئلا تنسوها في المنزل ، وقال الأخفش : النسي ما أغفل من شيء حقير ونسي ، وقال الزجاج : النسي في كلام العرب الشيء المطروح لا يؤبه له ، وقال الشنفرى :


كأن لها في الأرض نسيا تقصه     على أمها وإن تخاطبك تبلت



قال ابن بري : بلت بالفتح إذا قطع ، وبلت بالكسر إذا سكن . وقال الفراء : النسي والنسي لغتان فيما تلقيه المرأة من خرق اعتلالها مثل وتر ووتر ، قال : ولو أردت بالنسي مصدر النسيان كان صوابا ، والعرب تقول نسيته نسيانا ونسيا ، ولا تقل نسيانا بالتحريك لأن النسيان إنما هو تثنية نسا العرق . وأنسانيه الله ونسانيه تنسية بمعنى . وتناساه : أرى من نفسه أنه نسيه وقول امرئ القيس : ومثلك بيضاء العوارض طفلة لعوب تناساني إذا قمت سربالي أي تنسيني عن أبي عبيد . والنسي : الكثير النسيان يكون فعيلا وفعولا وفعيل أكثر ; لأنه لو كان فعولا لقيل نسو أيضا . وقال ثعلب : رجل ناس ونسي كقولك حاكم وحكيم وعالم وعليم وشاهد وشهيد وسامع وسميع . وفي التنزيل العزيز : وما كان ربك نسيا أي لا ينسى شيئا . قال الزجاج : وجائز أن يكون معناه والله أعلم ما نسيك ربك يا محمد وإن تأخر عنك الوحي يروى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أبطأ عليه جبريل - عليه السلام - بالوحي فقال وقد أتاه جبريل : ما زرتنا حتى اشتقناك ، فقال : ما نتنزل إلا بأمر ربك . وفي الحديث : لا يقولن أحدكم نسيت آية كيت وكيت بل هو نسي . كره نسبة النسيان إلى النفس لمعنيين : أحدهما أن الله - عز وجل - هو الذي أنساه إياه ; لأنه المقدر للأشياء كلها ، والثاني أن أصل النسيان الترك فكره له أن يقول تركت القرآن أو قصدت إلى نسيانه ، ولأن ذلك لم يكن باختياره . يقال : نساه الله وأنساه . ولو روي نسي بالتخفيف لكان معناه ترك من الخير وحرم ، ورواه أبو عبيد : بئسما لأحدكم أن يقول نسيت آية كيت وكيت ليس هو نسي ولكنه نسي . قال : وهذا اللفظ أبين من الأول واختار فيه أنه بمعنى الترك ومنه الحديث : إنما أنسى لأسن أي [ ص: 252 ] لأذكر لكم ما يلزم الناسي لشيء من عبادته وأفعل ذلك فتقتدوا بي . وفي الحديث : فيتركون في المنسى تحت قدم الرحمن أي ينسون في النار ، وتحت القدم استعارة كأنه قال : ينسيهم الله الخلق لئلا يشفع فيهم أحد قال الشاعر :


أبلت مودتها الليالي بعدنا     ومشى عليها الدهر وهو مقيد

ومنه قوله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح : كل مأثرة من مآثر الجاهلية تحت قدمي إلى يوم القيامة . والنسي : الذي لا يعد في القوم ; لأنه منسي . الجوهري في قوله تعالى : ولا تنسوا الفضل بينكم قال : أجاز بعضهم الهمز فيه . قال المبرد : كل واو مضمومة لك أن تهمزها إلا واحدة فإنهم اختلفوا فيها ، وهي قوله تعالى : ولا تنسوا الفضل بينكم وما أشبهها من واو الجمع ، وأجاز بعضهم الهمز وهو قليل ، والاختيار ترك الهمز ، قال : وأصله تنسيوا ، فسكنت الياء وأسقطت لاجتماع الساكنين ، فلما احتيج إلى تحريك الواو ردت فيها ضمة الياء . وقال ابن بري : عند قول الجوهري فسكنت الياء وأسقطت لاجتماع الساكنين ، قال : صوابه فتحركت الياء وانفتح ما قبلها فانقلبت ألفا ، ثم حذفت لالتقاء الساكنين . ابن الأعرابي : ناساه إذا أبعده جاء به غير مهموز وأصله الهمز . الجوهري : المنساة العصا ، قال الشاعر :


إذا دببت على المنساة من هرم     فقد تباعد عنك اللهو والغزل

قال : وأصله الهمز وقد ذكر ، وروى شمر أن ابن الأعرابي أنشده :


سقوني النسي ثم تكنفوني     عداة الله من كذب وزور

بغير همز وهو كل ما نسى العقل ، قال : وهو من اللبن حليب يصب عليه ماء ، قال شمر : وقال غيره هو النسي ، نصب النون بغير همز ، وأنشد :


لا تشربن يوم ورود حازرا     ولا نسيا فتجئ فاترا

ابن الأعرابي : النسوة الجرعة من اللبن .

التالي السابق


الخدمات العلمية