صفحة جزء
نشأ

نشأ : أنشأه الله : خلقه . ونشأ ينشأ نشأ ونشوءا ونشاء ونشأة ونشاءة : حيي وأنشأ الله الخلق أي ابتدأ خلقهم . وفي التنزيل العزيز : وأن عليه النشأة الأخرى أي البعثة . وقرأ أبو عمرو : النشاءة ، بالمد . الفراء في قوله تعالى : ثم الله ينشئ النشأة الآخرة القراء مجتمعون على جزم الشين وقصرها إلا الحسن البصري فإنه مدها في كل القرآن ، فقال : النشاءة مثل الرأفة والرآفة والكأبة والكآبة . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو : النشاءة ، ممدود حيث وقعت . وقرأ عاصم ونافع وابن عامر وحمزة والكسائي : النشأة ، بوزن النشعة حيث وقعت . ونشأ ينشأ نشأ ونشوءا ونشاء : ربا وشب . ونشأت في بني فلان نشأ ونشوءا : شببت فيهم . ونشئ وأنشئ بمعنى . وقرئ : أومن ينشأ في الحلية . وقيل : الناشئ فويق المحتلم ، وقيل : هو الحدث الذي جاوز حد الصغر وكذلك الأنثى ناشئ بغير هاء أيضا ، والجمع منهما نشأ مثل طالب وطلب ، وكذلك النشء مثل صاحب وصحب . قال : نصيب في المؤنث :


ولولا أن يقال صبا نصيب لقلت بنفسي النشأ الصغار

وفي الحديث : نشأ يتخذون القرآن مزامير . يروى بفتح الشين جمع ناشئ كخادم وخدم ، يريد : جماعة أحداثا . وقال أبو موسى : المحفوظ بسكون الشين كأنه تسمية بالمصدر . وفي الحديث : ضموا نواشئكم في ثورة العشاء أي صبيانكم وأحداثكم . قال ابن الأثير : كذا رواه بعضهم والمحفوظ فواشيكم بالفاء ، وسيأتي ذكره في المعتل . الليث : النشء أحداث الناس يقال للواحد أيضا هو نشء سوء ، وهؤلاء نشء سوء ، والناشئ الشاب . يقال : فتى ناشئ . قال الليث : ولم أسمع هذا النعت في الجارية . الفراء : العرب تقول هؤلاء نشء صدق ، ورأيت نشء صدق ومررت بنشء صدق ، فإذا طرحوا الهمز قالوا : هؤلاء نشو صدق ورأيت نشا صدق ومررت بنشي صدق . وأجود من ذلك حذف الواو والألف والياء ; لأن قولهم يسل أكثر من يسأل ومسلة أكثر من مسألة . أبو عمرو : النشأ : أحداث الناس غلام ناشئ وجارية ناشئة والجمع نشأ . وقال شمر : نشأ : ارتفع . ابن الأعرابي : الناشئ : الغلام الحسن الشاب . أبو الهيثم : الناشئ : الشاب حين نشأ أي بلغ قامة الرجل . ويقال للشاب والشابة إذا كانوا كذلك : هم النشأ يا هذا والناشئون . وأنشد بيت نصيب :


لقلت بنفسي النشأ الصغار

وقال بعده : فالنشأ قد ارتفعن عن حد الصبا إلى الإدراك أو قربن منه . نشأت تنشأ نشأ وأنشأها الله إنشاء . قال : وناشئ ونشأ : جماعة مثل خادم وخدم . وقال ابن السكيت : النشأ الجواري الصغار في بيت نصيب . وقوله تعالى : أومن ينشأ في الحلية قال الفراء : قرأ أصحاب عبد الله : ينشأ . وقرأ عاصم وأهل الحجاز : ينشأ . قال : ومعناه أن المشركين قالوا : إن الملائكة بنات الله تعالى الله عما افتروا فقال الله - عز وجل - : أخصصتم الرحمن بالبنات وأحدكم إذا ولد له بنت يسود وجهه ، قال : وكأنه قال : أومن لا ينشأ إلا في الحلية ، ولا بيان له عند الخصام يعني البنات تجعلونهن لله وتستأثرون بالبنين . والنشء بسكون الشين : صغار الإبل عن كراع . وأنشأت الناقة وهي منشئ : لقحت هذلية . ونشأ السحاب نشأ ونشوءا : ارتفع وبدا وذلك في أول ما يبدأ . ولهذا السحاب نشء حسن يعني أول ظهوره . الأصمعي : خرج السحاب له نشء حسن وخرج له خروج حسن ، وذلك أول ما ينشأ ، وأنشد :


إذا هم بالإقلاع همت به الصبا     فعاقب نشء بعدها وخروج



وقيل : النشء أن ترى السحاب كالملاء المنشور . والنشء والنشيء : أول ما ينشأ من السحاب ويرتفع وقد أنشأه الله . وفي التنزيل العزيز : وينشئ السحاب الثقال ، وفي الحديث : إذا نشأت بحرية ثم تشاءمت فتلك عين غديقة . وفي الحديث : كان إذا رأى ناشئا في أفق السماء أي سحابا لم يتكامل اجتماعه واصطحابه . ومنه نشأ الصبي ينشأ فهو ناشئ إذا كبر وشب ولم يتكامل وأنشأ السحاب يمطر : بدأ . وأنشأ دارا : بدأ بناءها . وقال ابن جني في تأدية الأمثال على ما وضعت عليه : يؤدى ذلك في كل موضع على صورته التي أنشئ في [ ص: 253 ] مبدئه عليها فاستعمل الإنشاء في العرض الذي هو الكلام . وأنشأ يحكي حديثا : جعل . وأنشأ يفعل كذا ويقول كذا : ابتدأ وأقبل . وفلان ينشئ الأحاديث أي يضعها . قال الليث : أنشأ فلان حديثا أي ابتدأ حديثا ورفعه . ومن أين أنشأت أي خرجت ، عن ابن الأعرابي . وأنشأ فلان : أقبل . وأنشد قول الراجز :


مكان من أنشا على الركائب



أراد أنشأ فلم يستقم له الشعر فأبدل . ابن الأعرابي : أنشأ إذا أنشد شعرا أو خطب خطبة فأحسن فيهما . ابن السكيت عن أبي عمرو : تنشأت إلى حاجتي : نهضت إليها ومشيت . وأنشد :


فلما أن تنشأ قام خرق     من الفتيان مختلق هضوم

قال : وسمعت غير واحد من الأعراب يقول : تنشأ فلان غاديا إذا ذهب لحاجته . وقال الزجاج في قوله تعالى : وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات أي ابتدعها وابتدأ خلقها . وكل من ابتدأ شيئا فهو أنشأه . والجنات : البساتين . معروشات : الكروم . وغير معروشات : النخل والزرع . ونشأ الليل : ارتفع . وفي التنزيل العزيز : إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا قيل : هي أول ساعة وقيل : الناشئة والنشيئة إذا نمت من أول الليل نومة ثم قمت ، ومنه ناشئة الليل . وقيل : ما ينشأ في الليل من الطاعات . والناشئة : أول النهار والليل . أبو عبيدة : ناشئة الليل ساعاته وهي آناء الليل ناشئة بعد ناشئة . وقال الزجاج : ناشئة الليل ساعات الليل كلها ما نشأ منه أي ما حدث فهو ناشئة . قال أبو منصور : ناشئة الليل قيام الليل ، مصدر جاء على فاعلة وهو بمعنى النشء ، مثل العافية بمعنى العفو والعاقبة بمعنى العقب والخاتمة الختم . وقيل : ناشئة الليل أوله وقيل : كله ناشئة متى قمت فقد نشأت . والنشيئة : الرطب من الطريفة ، فإذا يبس فهو طريفة . والنشيئة أيضا : نبت النصي والصليان . قال : والقولان مقتربان . والنشيئة أيضا : التفرة إذا غلظت قليلا وارتفعت وهي رطبة عن أبي حنيفة . وقال مرة : النشيئة والنشأة من كل النبات : ناهضه الذي لم يغلظ بعد . وأنشد لابن مناذر في وصف حمير وحش :


أرنات صفر المناخر والأش     داق يخضدن نشأة اليعضيد

ونشيئة البئر : ترابها المخرج منها ، ونشيئة الحوض : ما وراء النصائب من التراب . وقيل : هو الحجر الذي يجعل في أسفل الحوض . وقيل : هي أعضاد الحوض ، والنصائب : ما نصب حوله . وقيل : هو أول ما يعمل من الحوض يقال : هو بادي النشيئة إذا جف عنه الماء وظهرت أرضه . قال ذو الرمة :


هرقناه في بادي النشيئة داثر     قديم بعهد الماء بقع نصائبه

يقول : هرقنا الماء في حوض بادي النشيئة . والنصائب : حجارة الحوض واحدتها نصيبة . وقوله : بقع نصائبه : جمع بقعاء ، وجمعها بذلك لوقوع النظر عليها . وفي الحديث : أنه دخل على خديجة خطبها ودخل عليها مستنشئة من مولدات قريش . قال الأزهري : هي اسم تلك الكاهنة . وقال غيره : المستنشئة : الكاهنة سميت بذلك ; لأنها كانت تستنشئ الأخبار أي تبحث عنها وتطلبها من قولك رجل نشيان للخبر . ومستنشئة يهمز ولا يهمز . والذئب يستنشيء الريح بالهمز . قال : وإنما هو من نشيت الريح غير مهموز أي شممتها . والاستنشاء يهمز ولا يهمز وقيل هو من الإنشاء : الابتداء . وفي خطبة المحكم : ومما يهمز مما ليس أصله الهمز من جهة الاشتقاق قولهم : الذئب يستنشئ الريح وإنما هو من النشوة والكاهنة تستحدث الأمور وتجدد الأخبار . ويقال : من أين نشيت هذا الخبر بالكسر من غير همز أي من أين علمته . قال ابن الأثير وقال الأزهري : مستنشئة اسم علم لتلك الكاهنة التي دخلت عليها ولا ينون للتعريف والتأنيث . وأما قول صخر الغي :


تدلى عليه من بشام وأيكة     نشاة فروع مرثعن الذوائب

يجوز أن يكون نشأة فعلة من نشأ ثم يخفف على حد ما حكاه صاحب الكتاب من قولهم الكماة والمراة ، ويجوز أن يكون نشاة فعلة فتكون نشاة من أنشأت كطاعة من أطعت إلا أن الهمزة على هذا أبدلت ولم تخفف . ويجوز أن يكون من نشا ينشو نشأ ينشأ وقد حكاه قطرب فتكون فعلة من هذا اللفظ ، ومن زائدة على مذهب الأخفش أي تدلى عليه بشام وأيكة . قال : وقياس قول سيبويه أن يكون الفاعل مضمرا يدل عليه شاهد في اللفظ ، التعليل لابن جني . ابن الأعرابي : النشيء ريح الخمر . قال الزجاج في قوله تعالى : وله الجواري المنشآت وقرئ المنشئات قال : ومعنى المنشآت : السفن المرفوعة الشرع . قال : والمنشئات : الرافعات الشرع . وقال الفراء : من قرأ المنشئات فهن اللاتي يقبلن ويدبرن ، ويقال المنشئات : المبتدئات في الجري . قال : والمنشآت أقبل بهن وأدبر . قال الشماخ :


عليها الدجى مستنشآت كأنها     هوادج مشدود عليها الجزاجز



يعني الزبى المرفوعات . والمنشآت في البحر كالأعلام . قال : هي السفن التي رفع قلعها وإذا لم يرفع قلعها فليست بمنشآت ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية