صفحة جزء
نصب

نصب : النصب : الإعياء من العناء ، والفعل نصب الرجل بالكسر نصبا : أعيا وتعب ، وأنصبه هو وأنصبني هذا الأمر . وهم ناصب منصب : ذو نصب ، مثل تامر ولابن . وهو فاعل بمعنى مفعول ; لأنه ينصب فيه ويتعب . وفي الحديث : فاطمة بضعة مني ينصبني ما أنصبها . أي يتعبني ما أتعبها . والنصب : التعب قال النابغة :


كليني لهم يا أميمة ناصب



قال : ناصب بمعنى منصوب ، وقال الأصمعي : ناصب ذي نصب مثل : ليل نائم ذو نوم ينام فيه ، ورجل دارع ذو درع ، ويقال : نصب ناصب مثل موت مائت وشعر شاعر ، وقال سيبويه : هم ناصب هو على النسب . وحكى أبو علي في التذكرة : نصبه الهم فناصب إذا على الفعل . قال الجوهري : ناصب فاعل بمعنى مفعول فيه ; لأنه ينصب فيه ويتعب كقولهم : ليل نائم ، أي ينام فيه ، ويوم عاصف أي تعصف فيه الريح . قال ابن بري : وقد قيل غير هذا القول وهو الصحيح ، وهو أن يكون ناصب بمعنى منصب مثل : مكان باقل بمعنى مبقل ، وعليه قول النابغة وقال أبو طالب :


ألا من لهم آخر الليل منصب



قال : فناصب على هذا ، ومنصب بمعنى . قال : وأما قوله ناصب بمعنى منصوب أي مفعول فيه ، فليس بشيء . وفي التنزيل العزيز : فإذا فرغت فانصب قال قتادة : فإذا فرغت من صلاتك فانصب في الدعاء ، قال الأزهري : هو من نصب ينصب نصبا إذا تعب ، وقيل : إذا فرغت من الفريضة فانصب في النافلة . ويقال : نصب الرجل فهو ناصب ونصب ، ونصب لهم الهم ، وأنصبه الهم ، وعيش ناصب : فيه كد وجهد ، وبه فسر الأصمعي قول أبي ذؤيب :


وغبرت بعدهم بعيش ناصب     وإخال أني لاحق مستتبع



قال ابن سيده : فأما قول الأموي : إن معنى ناصب تركني متنصبا ، فليس بشيء ، وعيش ذو منصبة كذلك . ونصب الرجل : جد وروي بيت ذي الرمة :


إذا ما ركبها نصبوا



ونصبوا . وقال أبو عمرو في قوله ناصب : نصب نحوي أي جد . قال الليث : النصب نصب الداء ، يقال : أصابه نصب من الداء . والنصب والنصب والنصب : الداء والبلاء والشر . وفي التنزيل العزيز : مسني الشيطان بنصب وعذاب والنصب : المريض الوجع ، وقد نصبه المرض وأنصبه . والنصب : وضع الشيء ورفعه ، نصبه ينصبه نصبا ونصبه فانتصب ، قال :


فبات منتصبا وما تكردسا



أراد : منتصبا فلما رأى نصبا من منتصب كفخذ خففه تخفيف فخذ ، فقال : منتصبا . وتنصب كانتصب . والنصيبة والنصب : كل ما نصب فجعل علما . وقيل : النصب جمع نصيبة ، كسفينة وسفن وصحيفة وصحف . الليث : النصب جماعة النصيبة وهي علامة تنصب للقوم . والنصب والنصب : العلم المنصوب . وفي التنزيل العزيز : كأنهم إلى نصب يوفضون قرئ بهما جميعا وقيل : النصب الغاية ، والأول أصح . قال أبو إسحاق : من قرأ إلى نصب فمعناه إلى علم منصوب يستبقون إليه ، ومن قرأ إلى نصب فمعناه إلى أصنام كقوله : وما ذبح على النصب ، ونحو ذلك قال الفراء قال : والنصب واحد وهو مصدر وجمعه الأنصاب . والينصوب : علم ينصب في الفلاة . والنصب والنصب : كل ما عبد من دون الله تعالى ، والجمع أنصاب . وقال الزجاج : النصب جمع واحدها نصاب . قال : وجائز أن يكون واحدا وجمعه أنصاب . الجوهري : النصب ما نصب فعبد من دون الله تعالى ، وكذلك النصب بالضم وقد يحرك مثل عسر قال الأعشى يمدح سيدنا رسول الله :


وذا النصب المنصوب لا تنسكنه     لعافية والله ربك فاعبدا



أراد : فاعبدن فوقف بالألف كما تقول : رأيت زيدا وقوله : وذا النصب بمعنى إياك وذا النصب وهو للتقريب ، كما قال لبيد :


ولقد سئمت من الحياة وطولها     وسؤال هذا الناس كيف لبيد



ويروى عجز بيت الأعشى :


ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا



التهذيب : قال الفراء : كأن النصب الآلهة التي كانت تعبد من أحجار . قال الأزهري : وقد جعل الأعشى النصب واحدا حيث يقول :


وذا النصب المنصوب لا تنسكنه



والنصب واحد وهو مصدر وجمعه الأنصاب ، قال ذو الرمة :


طوتها بنا الصهب المهاري فأصبحت     تناصيب أمثال الرماح بها غبرا



والتناصيب : الأعلام وهي الأناصيب ، حجارة تنصب على رؤوس القور يستدل بها ، وقول الشاعر :


وحبت له أذن يراقب سمعها     بصر كناصبة الشجاع المرصد



يريد : كعينه التي ينصبها للنظر . ابن سيده : والأنصاب حجارة كانت حول الكعبة تنصب فيهل عليها ويذبح لغير الله تعالى . وأنصاب الحرم : حدوده . والنصبة : السارية . والنصائب : حجارة تنصب حول الحوض ، ويسد ما بينها من الخصاص بالمدرة المعجونة واحدتها نصيبة ، وكله من ذلك . وقوله تعالى : والأنصاب والأزلام وقوله : وما ذبح على النصب الأنصاب : الأوثان . وفي حديث زيد بن حارثة قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مردفي إلى نصب من الأنصاب ، فذبحنا له شاة وجعلناها في سفرتنا فلقينا زيد بن عمرو فقدمنا له السفرة ، فقال : لا آكل مما ذبح لغير الله . وفي رواية : [ ص: 267 ] أن زيد بن عمرو مر برسول الله فدعاه إلى الطعام فقال زيد : إنا لا نأكل مما ذبح على النصب . قال ابن الأثير قال الحربي : قوله ذبحنا له شاة له له وجهان

: أحدهما أن يكون زيد فعله من غير أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا رضاه ، إلا أنه كان معه فنسب إليه ، ولأن زيدا لم يكن معه من العصمة ما كان مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم . والثاني : أن يكون ذبحها لزاده في خروجه فاتفق ذلك عند صنم كانوا يذبحون عنده ، لا أنه ذبحها للصنم ، هذا إذا جعل النصب الصنم ، فأما إذا جعل الحجر الذي يذبح عنده فلا كلام فيه ، فظن زيد بن عمرو أن ذلك اللحم مما كانت قريش تذبحه لأنصابها فامتنع لذلك ، وكان زيد يخالف قريشا في كثير من أمورها ، ولم يكن الأمر كما ظن زيد . القتيبي : النصب صنم أو حجر وكانت الجاهلية تنصبه تذبح عنده فيحمر للدم ، ومنه حديث أبي ذر في إسلامه قال : فخررت مغشيا علي ، ثم ارتفعت كأني نصب أحمر . يريد أنهم ضربوه حتى أدموه فصار كالنصب المحمر بدم الذبائح . أبو عبيد : النصائب ما نصب حول الحوض من الأحجار ، قال ذو الرمة :


هرقناه في بادي النشيئة داثر     قديم بعهد الماء بقع نصائبه



والهاء في هرقناه تعود على سجل ، تقدم ذكره . الجوهري : والنصيب الحوض . وقال الليث : النصب رفعك شيئا تنصبه قائما منتصبا ، والكلمة المنصوبة يرفع صوتها إلى الغار الأعلى ، وكل شيء انتصب بشيء فقد نصبه . الجوهري : النصب مصدر نصبت الشيء إذا أقمته . وصفيح منصب أي نصب بعضه على بعض . ونصبت الخيل آذانها : شدد للكثرة أو للمبالغة . والمنصب من الخيل : الذي يغلب على خلقه كله نصب عظامه حتى ينتصب منه ما يحتاج إلى عطفه . ونصب السير ينصبه نصبا : رفعه . وقيل : النصب أن يسير القوم يومهم وهو سير لين ، وقد نصبوا نصبا . الأصمعي : النصب أن يسير القوم يومهم ومنه قول الشاعر :


كأن راكبها يهوي بمنخرق     من الجنوب إذا ما ركبها نصبوا

69

قال بعضهم : معناه جدوا السير . وقال النضر : النصب أول السير ثم الدبيب ثم العنق ثم التزيد ثم العسج ثم الرتك ثم الوخد ثم الهملجة . ابن سيده : وكل شيء رفع واستقبل به شيء فقد نصب . ونصب هو وتنصب فلان وانتصب إذا قام رافعا رأسه . وفي حديث الصلاة : لا ينصب رأسه ولا يقنعه أي لا يرفعه ، قال ابن الأثير : كذا في سنن أبي داود والمشهور : لا يصبي ويصوب ، وهما مذكوران في مواضعهما . وفي حديث ابن عمر : من أقذر الذنوب رجل ظلم امرأة صداقها . قيل لليث : أنصب ابن عمر الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه سلم قال : وما علمه لولا أنه سمعه منه أي أسنده إليه ورفعه . والنصب : إقامة الشيء ورفعه ، وقوله :


أزل إن قيد وإن قام نصب



هو من ذلك أي إن قام رأيته مشرف الرأس والعنق . قال ثعلب : لا يكون النصب إلا بالقيام . وقال مرة : هو نصب عيني هذا في الشيء القائم الذي لا يخفى علي وإن كان ملقى يعني بالقائم في هذه الأخيرة : الشيء الظاهر . القتيبي : جعلته نصب عيني بالضم ولا تقل نصب عيني . ونصب له الحرب نصبا : وضعها . وناصبه الشر والحرب والعداوة مناصبة : أظهره له ونصبه ، وكله من الانتصاب . والنصيب : الشرك المنصوب . ونصبت للقطا شركا . ويقال : نصب فلان لفلان نصبا إذا قصد له وعاداه وتجرد له . وتيس أنصب : منتصب القرنين وعنز نصباء : بينة النصب إذا انتصب قرناها وتنصبت الأتن حول الحمار . وناقة نصباء : مرتفعة الصدر . وأذن نصباء : وهي التي تنتصب وتدنو من الأخرى . وتنصب الغبار : ارتفع . وثرى منصب : جعد . ونصبت القدر نصبا . والمنصب : شيء من حديد ينصب عليه القدر ، ابن الأعرابي : المنصب ما ينصب عليه القدر إذا كان من حديد . قال أبو الحسن الأخفش : النصب في القوافي أن تسلم القافية من الفساد وتكون تامة البناء ، فإذا جاء ذلك في الشعر المجزوء لم يسم نصبا وإن كانت قافيته قد تمت ، قال : سمعنا ذلك من العرب قال : وليس هذا مما سمى الخليل إنما تؤخذ الأسماء عن العرب . انتهى كلام الأخفش كما حكاه ابن سيده . قال ابن سيده قال ابن جني : لما كان معنى النصب من الانتصاب وهو المثول والإشراف والتطاول لم يوقع على ما كان من الشعر مجزوءا لأن جزأه علة وعيب لحقه ، وذلك ضد الفخر والتطاول . والنصيب : الحظ من كل شيء . وقوله - عز وجل - : أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب النصيب هنا : ما أخبر الله من جزائهم نحو قوله تعالى : فأنذرتكم نارا تلظى ونحو قوله تعالى : يسلكه عذابا صعدا ونحو قوله تعالى : إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ونحو قوله تعالى : إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل فهذه أنصبتهم من الكتاب على قدر ذنوبهم في كفرهم ، والجمع أنصباء وأنصبة . النصب : لغة في النصيب . وأنصبه : جعل له نصيبا . وهم يتناصبونه أي يقتسمونه . والمنصب والنصاب : الأصل والمرجع . والنصاب : جزأة السكين والجمع نصب . وأنصبها : جعل لها نصابا وهو عجز السكين . ونصاب السكين : مقبضه . وأنصبت السكين : جعلت له مقبضا . ونصاب كل شيء : أصله . والمنصب : الأصل ، وكذلك النصاب يقال : فلان يرجع إلى نصاب صدق ومنصب صدق ، وأصله منبته ومحتده . وهلك نصاب مال فلان أي ما استطرفه . والنصاب من المال : القدر الذي تجب فيه الزكاة إذا بلغه نحو مائتي درهم وخمس من الإبل . ونصاب الشمس : مغيبها ومرجعها الذي ترجع إليه ، وثغر منصب : مستوي النبتة كأنه نصب فسوي . والنصب : ضرب من أغاني الأعراب . وقد نصب الراكب نصبا إذا غنى النصب . ابن سيده : ونصب العرب ضرب من أغانيها . وفي حديث نائل مولى عثمان : فقلنا لرباح بن المغترف : لو نصبت لنا نصب العرب أي لو تغنيت ، وفي الصحاح : لو غنيت لنا غناء العرب ، وهو غناء لهم يشبه الحداء إلا أنه أرق منه ، وقال أبو عمرو : النصب حداء يشبه الغناء . قال شمر : غناء النصب هو غناء الركبان وهو [ ص: 268 ] العقيرة يقال : رفع عقيرته إذا غنى النصب ، وفي الصحاح : غناء النصب ضرب من الألحان وفي حديث السائب بن يزيد : كان رباح بن المغترف يحسن غناء النصب وهو ضرب من أغاني العرب شبيه الحداء . وقيل : هو الذي أحكم من النشيد وأقيم لحنه ووزنه ، وفي الحديث : كلهم كان ينصب ، أي يغني النصب . ونصب الحادي : حدا ضربا من الحداء . والنواصب : قوم يتدينون ببغضة علي - عليه السلام - . وينصوب : موضع . ونصيب : الشاعر مصغر . ونصيب ونصيب : اسمان . ونصاب : اسم فرس . والنصب في الإعراب : كالفتح في البناء وهو من مواضعات النحويين تقول منه : نصبت الحرف فانتصب . وغبار منتصب أي مرتفع . ونصيبين : اسم بلد ، وفيه للعرب مذهبان : منهم من يجعله اسما واحدا ويلزمه الإعراب كما يلزم الأسماء المفردة التي لا تنصرف ، فيقول : هذه نصيبين ومررت بنصيبين ورأيت نصيبين ، والنسبة نصيبي ، ومنهم من يجريه مجرى الجمع فيقول هذه نصيبون ومررت بنصيبين ورأيت نصيبين . قال : وكذلك القول في يبرين وفلسطين وسيلحين وياسمين وقنسرين والنسبة إليه على هذا : نصيبيني ويبريني ، وكذلك أخواتها . قال ابن بري رحمه الله : ذكر الجوهري أنه يقال : هذه نصيبين ونصيبون والنسبة إلى قولك نصيبين نصيبي وإلى قولك نصيبون نصيبيني ، قال : والصواب عكس هذا لأن نصيبين اسم مفرد معرب بالحركات فإذا نسبت إليه أبقيته على حاله فقلت : هذا رجل نصيبيني ومن قال نصيبون فهو معرب إعراب جموع السلامة فيكون في الرفع بالواو وفي النصب والجر بالياء فإذا نسبت إليه قلت : هذا رجل نصيبي فتحذف الواو والنون ، قال : وكذلك كل ما جمعته جمع السلامة ترده في النسب إلى الواحد ، فتقول في زيدون اسم رجل أو بلد : زيدي ولا تقل زيدوني فتجمع في الاسم الإعرابين وهما الواو والضمة .

التالي السابق


الخدمات العلمية