صفحة جزء
[ أرب ]

أرب : الإربة والإرب : الحاجة . وفيه لغات : إرب وإربة وأرب ومأربة ومأربة . وفي حديث عائشة - رضي الله تعالى عنها - : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أملككم لإربه أي لحاجته ، تعني أنه - صلى الله عليه وسلم - كان أغلبكم لهواه وحاجته أي كان يملك نفسه وهواه . وقال السلمي : الإرب الفرج ههنا . قال : وهو غير معروف . قال ابن الأثير : أكثر المحدثين يروونه بفتح الهمزة والراء يعنون الحاجة ، وبعضهم يرويه بكسر الهمزة وسكون الراء ، وله تأويلان : أحدهما أنه الحاجة ، والثاني أرادت به العضو ، وعنت به من الأعضاء الذكر خاصة . وقوله في حديث المخنث : كانوا يعدونه من غير أولي الإربة ، أي النكاح . والإربة والأرب والمأرب كله كالإرب . وتقول العرب في المثل : مأربة لا حفاوة ، أي إنما بك حاجة لا تحفيا بي . وهي الآراب والإرب . والمأربة والمأربة مثله ، وجمعهما مآرب . قال الله تعالى : ولي فيها مآرب أخرى . وقال تعالى : غير أولي الإربة من الرجال . وأرب إليه يأرب أربا : احتاج . وفي حديث عمر - رضي الله تعالى عنه - أنه نقم على رجل قولا قاله ، فقال له : أربت عن ذي يديك معناه ذهب ما في يديك حتى تحتاج . وقال في التهذيب : أربت من ذي يديك ، وعن ذي يديك . وقال شمر : سمعت ابن الأعرابي يقول : أربت في ذي يديك ، معناه ذهب ما في يديك حتى تحتاج . وقال أبو عبيد في قوله أربت عن ذي يديك : أي سقطت آرابك من اليدين خاصة . وقيل : سقطت من يديك . قال ابن الأثير : وقد جاء في رواية أخرى لهذا الحديث : خررت عن يديك ، وهي عبارة عن الخجل مشهورة ، كأنه أراد أصابك خجل أو ذم . ومعنى خررت سقطت . وقد أرب الرجل ، إذا احتاج إلى الشيء وطلبه ، يأرب أربا . قال ابن مقبل :


وإن فينا صبوحا ، إن أربت به جمعا بهيا ، وآلافا ثمانينا

جمع ألف أي ثمانين ألفا . أربت به أي احتجت إليه وأردته . وأرب الدهر : اشتد . قال أبو داود الإيادي يصف فرسا :


أرب الدهر ، فأعددت له     مشرف الحارك ، محبوك الكتد

، قال ابن بري : والحارك فرع الكاهل ، والكاهل ما بين الكتفين ، والكتد ما بين الكاهل والظهر ، والمحبوك المحكم الخلق من حبكت الثوب إذا أحكمت نسجه . وفي التهذيب : في تفسير هذا البيت : أي أراد ذلك منا وطلبه ; وقولهم أرب الدهر : كأن له أربا يطلبه عندنا فيلح لذلك ، عن ابن الأعرابي : ، وقوله أنشده ثعلب :


ألم تر عصم رءوس الشظى     إذا جاء قانصها تجلب
إليه ، وما ذاك عن إربة     يكون بها قانص يأرب

وضع الباء في موضع إلى . وقوله تعالى : غير أولي الإربة من الرجال ; قال سعيد بن جبير : هو المعتوه . والإرب والإربة والأربة والأرب : الدهاء والبصر بالأمور ، وهو من العقل . أرب أرابة فهو أريب من قوم أرباء . يقال : هو ذو إرب ، وما كان الرجل أريبا ، ولقد أرب أرابة . وأرب بالشيء . درب به وصار فيه ماهرا بصيرا ، فهو أرب . قال أبو عبيد : ومنه الأريب أي ذو دهي وبصر . قال قيس بن الخطيم :


أربت بدفع الحرب لما رأيتها     على الدفع ، لا تزداد غير تقارب

أي كانت له إربة أي حاجة في دفع الحرب . وأرب الرجل يأرب إربا ، [ ص: 82 ] مثال صغر يصغر صغرا ، وأرابة أيضا ، بالفتح ، إذا صار ذا دهي . وقال أبو العيال الهذلي يرثي عبيد بن زهرة ، وفي التهذيب : يمدح رجلا :


يلف طوائف الأعدا     ء ، وهو بلفهم أرب

ابن شميل : أرب في ذلك الأمر أي بلغ فيه جهده وطاقته وفطن له . وقد تأرب في أمره . والأربى بضم الهمزة : الداهية . قال ابن أحمر :


فلما غسى ليلي ، وأيقنت أنها     هي الأربى ، جاءت بأم حبوكرى

والمؤاربة : المداهاة . وفلان يؤارب صاحبه إذا داهاه . وفي الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر الحيات فقال : من خشي خبثهن وشرهن وإربهن ، فليس منا . أصل الإرب ، بكسر الهمزة وسكون الراء : الدهاء والمنكر ; والمعنى من توقى قتلهن خشية شرهن فليس منا أي من سنتنا . قال ابن الأثير : أي من خشي غائلتها وجبن عن قتلها ، للذي قيل في الجاهلية إنها تؤذي قاتلها ، أو تصيبه بخبل ، فقد فارق سنتنا وخالف ما نحن عليه . وفي حديث عمرو بن العاص - رضي الله عنه - ، قال : فأربت بأبي هريرة فلم تضررني إربة أربتها قط ، قبل يومئذ . قال : أربت به أي احتلت عليه ، وهو من الإرب الدهاء والنكر . والإرب : العقل والدين ، عن ثعلب . والأريب : العاقل . ورجل أريب من قوم أرباء . وقد أرب يأرب أحسن الإرب في العقل . وفي الحديث : مؤاربة الأريب جهل وعناء ، أي إن الأريب ، وهو العاقل ، لا يختل عن عقله . وأرب أربا في الحاجة ، وأرب الرجل أربا : أيس . وأرب بالشيء : ضن به وشح . والتأريب : الشح والحرص . وأربت بالشيء أي كلفت به ، وأنشد لابن الرقاع :


وما لامرئ أرب بالحيا     ة ، عنها محيص ولا مصرف

أي كلف . وقال في قول الشاعر :


ولقد أربت على الهموم بجسرة     عيرانة بالردف غير لجون

أي علقتها ولزمتها واستعنت بها على الهموم . والإرب : العضو الموفر الكامل الذي لم ينقص منه شيء ، ويقال لكل عضو إرب . يقال : قطعته إربا إربا أي عضوا عضوا . وعضو مؤرب أي موفر . وفي الحديث : أنه أتي بكتف مؤربة ، فأكلها ، وصلى ، ولم يتوضأ . المؤربة : هي الموفرة التي لم ينقص منها شيء . ، وقد أربته تأريبا إذا وفرته ، مأخوذ من الإرب ، وهو العضو ، والجمع آراب يقال : السجود على سبعة آراب ; وأرآب أيضا . وأرب الرجل إذا سجد على آرابه متمكنا . وفي حديث الصلاة : كان يسجد على سبعة آراب أي أعضاء ، واحدها إرب ، بالكسر والسكون . قال : والمراد بالسبعة الجبهة واليدان والركبتان والقدمان . والآراب : قطع اللحم . وأرب الرجل : قطع إربه . وأرب عضوه أي سقط . وأرب الرجل : تساقطت أعضاؤه . وفي حديث جندب : خرج برجل أراب ، قيل هي القرحة ، وكأنها من آفات الآراب أي الأعضاء ، وقد غلب في اليد . فأما قولهم في الدعاء : ما له أربت يده ، فقيل قطعت يده ، وقيل افتقر فاحتاج إلى ما في أيدي الناس . ويقال : أربت من يديك أي سقطت آرابك من اليدين خاصة . وجاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : دلني على عمل يدخلني الجنة . فقال : أرب ما له ؟ معناه : أنه ذو أرب وخبرة وعلم . أرب الرجل ، بالضم ، فهو أريب ، أي صار ذا فطنة . وفي خبر ابن مسعود - رضي الله عنه - : : أن رجلا اعترض النبي - صلى الله عليه وسلم - ليسأله ، فصاح به الناس ، فقال عليه السلام : دعوا الرجل أرب ما له ؟ قال ابن الأعرابي : احتاج فسأل ما له . وقال القتبي في قوله أرب ما له : أي سقطت أعضاؤه وأصيبت ، قال : وهي كلمة تقولها العرب لا يراد بها إذا قيلت وقوع الأمر كما يقال عقرى حلقى ; وقولهم تربت يداه . قال ابن الأثير : في هذه اللفظة ثلاث روايات : إحداها أرب بوزن علم ، ومعناه الدعاء عليه أي أصيبت آرابه وسقطت ، وهي كلمة لا يراد بها وقوع الأمر كما يقال تربت يداك وقاتلك الله ، وإنما تذكر في معنى التعجب . قال : وفي هذا الدعاء من النبي - صلى الله عليه وسلم - قولان : أحدهما تعجبه من حرص السائل ومزاحمته ، والثاني أنه لما رآه بهذه الحال من الحرص غلبه طبع البشرية ، فدعا عليه . وقد قال في غير هذا الحديث : اللهم إنما أنا بشر فمن دعوت عليه فاجعل دعائي له رحمة . وقيل : معناه احتاج فسأل ، من أرب الرجل يأرب إذا احتاج ، ثم قال ما له أي أي شيء به ، وما يريد . قال : والرواية الثانية أرب ما له ، بوزن جمل أي حاجة له وما زائدة للتقليل ، أي له حاجة يسيرة . وقيل : معناه حاجة جاءت به فحذف ، ثم سأل فقال ما له . قال : والرواية الثالثة أرب بوزن كتف ، والأرب : الحاذق الكامل أي هو أرب ، فحذف المبتدأ ، ثم سأل فقال ما له أي ما شأنه . وروى المغيرة بن عبد الله عن أبيه : أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنى ، فدنا منه فنحي ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : دعوه فأرب ما له . قال : فدنوت . ومعناه : فحاجة ما له ، فدعوه يسأل . قال أبو منصور : وما صلة . قال : ويجوز أن يكون أراد فأرب من الآراب جاء به ، فدعوه . وأرب العضو : قطعه موفرا . يقال : أعطاه عضوا مؤربا أي تاما لم يكسر . وتأريب الشيء : توفيره ، وقيل : كل ما وفر فقد أرب ، وكل موفر مؤرب . والأربية : أصل الفخذ ، تكون فعلية وتكون أفعولة ، وهي مذكورة في بابها . والأربة ، بالضم : العقدة التي لا تنحل حتى تحل حلا . وقال ثعلب : الأربة : العقدة ، ولم يخص بها التي لا تنحل . قال الشاعر :


هل لك يا خدلة في صعب الربه     معترم هامته كالحبحبه

، قال أبو منصور : قولهم الربة العقدة ، وأظن الأصل كان الأربة ، فحذفت الهمزة ، وقيل ربة . وأربها : عقدها وشدها . وتأريبها : إحكامها . يقال : أرب عقدتك . أنشد ثعلب لكناز بن نفيع يقوله لجرير :


غضبت علينا أن علاك ابن غالب     فهلا على جديك في ذاك تغضب
هما حين يسعى المرء مسعاة جده [ ص: 83 ]     أناخا فشداك العقال المؤرب

واستأرب الوتر : اشتد . وقول أبي زبيد :


على قتيل من الأعداء قد أربوا     أني لهم واحد نائي الأناصير

، قال : أربوا : وثقوا أني لهم واحد . وأناصيري ناءون عني ، جمع الأنصار . ويروى : وقد علموا . وكأن أربوا من الأريب ، أي من تأريب العقدة ، أي من الأرب . وقال أبو الهيثم : أي أعجبهم ذاك ، فصار كأنه حاجة لهم في أن أبقى مغتربا نائيا عن أنصاري . والمستأرب : الذي قد أحاط الدين أو غيره من النوائب بآرابه من كل ناحية . ورجل مستأرب - بفتح الراء - أي مديون ، كأن الدين أخذ بآرابه . قال :


وناهزوا البيع من ترعية رهق     مستأرب عضه السلطان ، مديون

وفي نسخة : مستأرب ، بكسر الراء . قال : هكذا أنشده محمد بن أحمد المفجع : أي أخذه الدين من كل ناحية . والمناهزة في البيع : انتهاز الفرصة . وناهزوا البيع أي بادروه . والرهق : الذي به خفة وحدة . وقيل : الرهق : السفه ، وهو بمعنى السفيه . وعضه السلطان أي أرهقه وأعجله وضيق عليه الأمر . والترعية : الذي يجيد رعية الإبل . وفلان ترعية مال أي إزاء مال حسن القيام به . وأورد الجوهري عجز هذا البيت مرفوعا . قال ابن بري : هو مخفوض ، وذكر البيت بكماله . وقول ابن مقبل في الأربة :


لا يفرحون إذا ما فاز فائزهم     ولا يرد عليهم أربة اليسر

، قال أبو عمرو : أراد إحكام الخطر من تأريب العقدة . والتأريب : تمام النصيب . قال أبو عمرو : اليسر ههنا المخاطرة . وأنشد لابن مقبل :


بيض مهاضيم ، ينسيهم معاطفهم     ضرب القداح وتأريب على الخطر

وهذا البيت أورد الجوهري عجزه وأورد ابن بري صدره :


شم مخاميص ينسيهم مراديهم

، وقال : قوله شم ، يريد شم الأنوف ، وذلك مما يمدح به . والمخاميص : يريد به خمص البطون لأن كثرة الأكل وعظم البطن معيب . والمرادي : الأردية ، واحدتها مرداة . وقال أبو عبيد : التأريب : الشح والحرص . قال : والمشهور في الرواية : وتأريب على اليسر ، عوضا من الخطر ، وهو أحد أيسار الجزور ، وهي الأنصباء . والتأرب : التشدد في الشيء ، وتأرب في حاجته : تشدد . وتأربت في حاجتي : تشددت . وتأرب علينا : تأبى وتعسر وتشدد . والتأريب : التحريش والتفطين . قال أبو منصور : هذا تصحيف والصواب التأريث بالثاء . وفي الحديث : قالت قريش لا تعجلوا في الفداء ، لا يأرب عليكم محمد وأصحابه ، أي يتشددون عليكم فيه . يقال : أرب الدهر يأرب إذا اشتد . وتأرب علي إذا تعدى . وكأنه من الأربة العقدة . وفي حديث سعيد بن العاص - رضي الله عنه - قال لابنه عمرو : لا تتأرب على بناتي أي لا تتشدد ولا تتعد . والأربة : أخية الدابة . والأربة : حلقة الأخية توارى في الأرض ، وجمعها أرب . قال الطرماح :


ولا أثر الدوار ولا المآلي     ولكن قد ترى أرب الحصون

والأربة : قلادة الكلب التي يقاد بها ، وكذلك الدابة في لغة طيئ . أبو عبيد : آربت على القوم ، مثال أفعلت ، إذا فزت عليهم وفلجت . وآرب على القوم : فاز عليهم وفلج . قال لبيد :


قضيت لبانات ، وسليت حاجة     ونفس الفتى رهن بقمرة مؤرب

أي نفس الفتى رهن بقمرة غالب يسلبها . وأرب عليه : قوي . قال أوس بن حجر :


ولقد أربت على الهموم بجسرة     عيرانة بالردف غير لجون

اللجون : مثل الحرون . والأربان : لغة في العربان . قال أبو علي : هو فعلان من الإرب . والأربون : لغة في العربون . وإراب : موضع أو جبل معروف . وقيل : هو ماء لبني رياح بن يربوع . ومأرب : موضع ، ومنه ملح مأرب .

التالي السابق


الخدمات العلمية