صفحة جزء
نهي

نهي : النهي : خلاف الأمر . نهاه ينهاه نهيا فانتهى وتناهى : كف ، أنشد سيبويه لزياد بن زيد العذري :


إذا ما انتهى علمي تناهيت عنده أطال فأملى أو تناهى فأقصرا



وقال في المعتل بالألف : نهوته عن الأمر بمعنى نهيته . ونفس نهاة : منتهية عن الشيء . وتناهوا عن الأمر وعن المنكر : نهى بعضهم بعضا . وفي التنزيل العزيز : كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه وقد يجوز أن يكون معناه ينتهون . ونهيته عن كذا فانتهى عنه ، وقول الفرزدق :


فنهاك عنها منكر ونكير

إنما شدده للمبالغة . وفي حديث قيام الليل : هو قربة إلى الله ومنهاة عن الآثام ، أي حالة من شأنها أن تنهى عن الإثم ، أو هي مكان مختص بذلك ، وهي مفعلة من النهي ، والميم زائدة ، وقوله :


سمية ، ودع إن تجهزت غاديا     كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا



فالقول أن يكون ناهيا اسم الفاعل من نهيت كساع من سعيت وشار من شريت ، وقد يجوز مع هذا أن يكون ناهيا مصدرا هنا كالفالج ونحوه مما جاء فيه المصدر على فاعل حتى كأنه قال : كفى الشيب والإسلام للمرء نهيا وردعا أي ذا نهي ، فحذف المضاف وعلقت اللام بما يدل عليه الكلام ، ولا تكون على هذا معلقة بنفس الناهي لأن المصدر لا يتقدم شيء من صلته عليه ، والاسم النهية ، وفلان نهي فلان أي ينهاه . ويقال : إنه لأمور بالمعروف ونهو عن المنكر ، على فعول . قال ابن بري : كان قياسه أن يقال : نهي لأن الواو والياء إذا اجتمعتا وسبق الأول بالسكون قلبت الواو ياء ، قال : ومثل هذا في الشذوذ قولهم في جمع فتى فتو . وفلان ما له ناهية أي نهي . ابن شميل : استنهيت فلانا عن نفسه فأبى أن ينتهي عن مساءتي . واستنهيت فلانا من فلان إذا قلت له انهه عني . ويقال : ما ينهاه عنا ناهية أي ما يكفه عنا كافة . الكلابي : يقول الرجل للرجل إذا وليت ولاية فانه أي كف عن القبيح ، قال : وإنه بمعنى انته ، قاله بكسر الهاء ، وإذا وقف قال فانهه أي كف . قال أبو بكر : مررت برجل كفاك به ، ومررت برجلين كفاك بهما ، ومررت برجال كفاك بهم ، ومررت بامرأة كفاك بها ، وبامرأتين كفاك بهما ، وبنسوة كفاك بهن ، ولا تثن كفاك ولا تجمعه ولا تؤنثه ؛ لأنه فعل للباء . وفلان يركب المناهي أي يأتي ما نهي عنه . والنهية والنهاية : غاية كل شيء وآخره ، وذلك لأن آخره ينهاه عن التمادي فيرتدع ، قال أبو ذؤيب :


رميناهم ، حتى إذا اربث جمعهم     وعاد الرصيع نهية للحمائل



يقول : انهزموا حتى انقلبت سيوفهم فعاد الرصيع على حيث كانت الحمائل ، والرصيع : جمع رصيعة ، وهي سير مضفور ، ويروى الرصوع ، وهذا مثل عند الهزيمة . والنهية : حيث انتهت إليه الرصوع ، وهي سيور تضفر بين حمالة السيف وجفنه . والنهاية : كالغاية حيث ينتهي إليه الشيء ، وهو النهاء ، ممدود . يقال : بلغ نهايته . وانتهى الشيء وتناهى ونهى : بلغ نهايته ، وقول أبي ذؤيب :


ثم انتهى بصري عنهم ، قد بلغوا     بطن المخيم فقالوا الجو أو راحوا


أراد انقطع عنهم ، ولذلك عداه بعن . وحكى اللحياني عن الكسائي : إليك نهى المثل وأنهى وانتهى ونهي وأنهي ونهى ، خفيفة ، قال : ونهى خفيفة قليلة ، قال : وقال أبو جعفر : لم أسمع أحدا يقول بالتخفيف . وقوله في الحديث : قلت : يا رسول الله هل من ساعة أقرب إلى الله ؟ قال : نعم جوف الليل الآخر فصل حتى تصبح ثم أنهه حتى تطلع الشمس ، قال ابن الأثير : قوله أنهه بمعنى انته . وقد أنهى الرجل إذا انتهى فإذا أمرت قلت أنهه ، فتزيد الهاء للسكت كقوله تعالى : فبهداهم اقتده فأجرى الوصل مجرى الوقف . وفي الحديث ذكر سدرة المنتهى أي ينتهى ويبلغ بالوصول إليها ولا تتجاوز ، وهو مفتعل من النهاية الغاية . والنهاية : طرف العران الذي في أنف البعير وذلك لانتهائه . أبو سعيد : النهاية الخشبة التي تحمل عليها الأحمال ، قال : وسألت الأعراب عن الخشبة التي تدعى بالفارسية باهوا ، فقالوا : النهايتان والعاضدتان والحاملتان . والنهي والنهي : الموضع الذي له حاجز ينهى الماء أن يفيض منه ، وقيل : هو الغدير في لغة أهل نجد ؛ قال :


ظلت بنهي البردان تغتسل     تشرب منه نهلات وتعل



وأنشد ابن بري لمعن بن أوس :


تشج بي العوجاء كل تنوفة     كأن لها بوا بنهي تغاوله



والجمع أنه وأنهاء ونهي ونهاء ، قال عدي بن الرقاع :


ويأكلن ما أغنى الولي فلم يلت     كأن بحافات النهاء المزارعا



وفي الحديث : أنه أتى على نهي من ماء ، النهي بالكسر والفتح : الغدير وكل موضع يجتمع فيه الماء . ومنه حديث ابن مسعود : لو مررت على نهي نصفه ماء ونصفه دم لشربت منه وتوضأت . وتناهى الماء إذا وقف في الغدير وسكن ، قال العجاج :

حتى تناهى في صهاريج الصفا خالط من سلمى خياشيم وفا الأزهري : النهي : الغدير حيث يتحير السيل في الغدير فيوسع ، والجمع النهاء ، وبعض العرب يقول نهي ، وبعض يقول تنهية . والنهاء أيضا : أصغر محابس المطر وأصله من ذلك . والتنهاة والتنهية : حيث ينتهي الماء من الوادي ، وهي أحد الأسماء التي جاءت على تفعلة ، وإنما باب التفعلة أن يكون مصدرا ، والجمع التناهي . وتنهية الوادي : حيث ينتهي إليه الماء من حروفه . والإنهاء : الإبلاغ . وأنهيت إليه [ ص: 375 ] الخبر فانتهى وتناهى أي بلغ . وتقول : أنهيت إليه السهم أي أوصلته إليه . وأنهيت إليه الكتاب والرسالة . اللحياني : بلغت منهى فلان ومنهاته ومنهاه ومنهاته . وأنهى الشيء : أبلغه . وناقة نهية : بلغت غاية السمن ، هذا هو الأصل ثم يستعمل لكل سمين من الذكور والإناث إلا أن ذلك إنما هو في الأنعام ، أنشد ابن الأعرابي :


سولاء مسك فارض نهي     من الكباش زمر خصي



وحكي عن أعرابي أنه قال : والله للخبز أحب إلي من جزور نهية في غداة عرية . ونهية الوتد : الفرضة التي في رأسه تنهى الحبل أن ينسلخ . ونهية كل شيء : غايته . والنهى : العقل ، يكون واحدا وجمعا . وفي التنزيل العزيز : إن في ذلك لآيات لأولي النهى والنهية : العقل ، بالضم ، سميت بذلك ؛ لأنها تنهى عن القبيح ، وأنشد ابن بري للخنساء :


فتى كان ذا حلم أصيل ونهية     إذا ما الحبا من طائف الجهل حلت



ومن هنا اختار بعضهم أن يكون النهى جمع نهية ، وقد صرح اللحياني بأن النهى جمع نهية ، فأغنى عن التأويل . وفي الحديث : ليليني منكم أولو الأحلام والنهى ، هي العقول والألباب . وفي حديث أبي وائل : قد علمت أن التقي ذو نهية أي ذو عقل . والنهاية والمنهاة : العقل كالنهية . ورجل منهاة : عاقل حسن الرأي ، عن أبي العميثل . وقد نهو ما شاء فهو نهي ، من قوم أنهياء : كل ذلك من العقل . وفلان ذو نهية أي ذو عقل ينتهي به عن القبائح ويدخل في المحاسن . وقال بعض أهل اللغة : ذو النهية الذي ينتهى إلى رأيه وعقله . ابن سيده : هو نهي من قوم أنهياء ، ونه من قوم نهين ، ونه على الإتباع ، كل ذلك متناهي العقل ، قال ابن جني : هو قياس النحويين في حروف الحلق ، كقولك فخذ في فخذ وصعق في صعق ، قال : وسمي العقل نهية ؛ لأنه ينتهى إلى ما أمر به ولا يعدى أمره . وفي قولهم : ناهيك بفلان معناه كافيك به ، من قولهم قد نهي الرجل من اللحم وأنهى : إذا اكتفى منه وشبع ؛ قال :


يمشون دسما حول قبته     ينهون عن أكل وعن شرب



فمعنى ينهون يشبعون ويكتفون ، وقال آخر :


لو كان ما واحدا هواك لقد     أنهى ولكن هواك مشترك



ورجل نهيك من رجل ، وناهيك من رجل ، ونهاك من رجل أي كافيك من رجل ، كله بمعنى : حسب ، وتأويله أنه بجده وغنائه ينهاك عن تطلب غيره وقال :


هو الشيخ الذي حدثت عنه     نهاك الشيخ مكرمة وفخرا



وهذه امرأة ناهيتك من امرأة ، تذكر وتؤنث وتثنى وتجمع ؛ لأنه اسم فاعل ، وإذا قلت نهيك من رجل كما تقول حسبك من رجل لم تثن ولم تجمع ؛ لأنه مصدر . وتقول في المعرفة : هذا عبد الله ناهيك من رجل فتنصبه على الحال . وجزور نهية على فعيلة أي ضخمة سمينة . ونهاء النهار : ارتفاعه قراب نصف النهار . وهم نهاء مائة ونهاء مائة أي قدر مائة كقولك زهاء مائة . والنهاء : القوارير ، قيل : لا واحد لها من لفظها ، وقيل : واحدته نهاءة ، عن كراع وقيل : هو الزجاج عامة ، حكاه ابن الأعرابي وأنشد :


ترض الحصى أخفافهن     كأنما يكسر قيض بينها ونهاء



قال : ولم يسمع إلا في هذا البيت . وقال بعضهم : النها الزجاج ، يمد ويقصر ، وهذا البيت أنشده الجوهري : ترد الحصى أخفافهن ، قال ابن بري : والذي رواه ابن الأعرابي ترض الحصى ، ورواه النهاء ، بكسر النون قال : ولم أسمع النهاء مكسور الأول إلا في هذا البيت ، قال ابن بري : وروايته نهاء ، بكسر النون ، جمع نهاة الودعة ، قال : ويروى بفتح النون أيضا جمع نهاة ، جمع الجنس ومده لضرورة الشعر . قال : وقال القالي النهاء ، بضم أوله : الزجاج ، وأنشد البيت المتقدم ، قال : وهو لعتي بن مالك وقبله :


ذرعن بنا عرض الفلاة وما     لنا عليهن إلا وخدهن سقاء



والنهاء : حجر أبيض أرخى من الرخام يكون بالبادية ويجاء به من البحر ، واحدته نهاءة . والنهاء : دواء يكون بالبادية يتعالجون به ويشربونه . والنهى : ضرب من الخرز ، واحدته نهاة . والنهاة أيضا : الودعة ، وجمعها نهى ، قال : وبعضهم : يقول النهاء ممدود . ونهاء الماء بالضم : ارتفاعه . ونهاة : فرس لاحق بن جرير . وطلب حاجة حتى أنهى عنها ونهي عنها ، بالكسر ، أي تركها ظفر بها أو لم يظفر . وحوله من الأصوات نهية أي شغل . وذهبت تميم فما تسهى ولا تنهى أي لا تذكر . قال ابن سيده : ونهيا اسم ماء ، عن ابن جني : قال : وقال لي أبو الوفاء الأعرابي نهيا ، وإنما حركها لمكان حرف الحلق ، قال : لأنه أنشدني بيتا من الطويل لا يتزن إلا بنهيا ساكنة الهاء ، أذكر منه : إلى أهل نهيا ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية