صفحة جزء
هجن

هجن : الهجنة من الكلام : ما يعيبك . والهجين : العربي ابن الأمة ; لأنه معيب ، وقيل : هو ابن الأمة الراعية ما لم تحصن ، فإذا حصنت فليس الولد بهجين ، والجمع هجن وهجناء وهجنان ومهاجين ومهاجنة ; قال حسان :


مهاجنة إذا نسبوا عبيد عضاريط مغالثة الزناد

أي مؤتشبو الزناد ، وقيل : رخوو الزناد . قال ابن سيده : وإنما قلت في مهاجن ومهاجنة : إنهما جمع هجين مسامحة ، وحقيقته أنه من باب محاسن وملامح ، والأنثى هجينة من نسوة هجن وهجائن وهجان ، وقد هجنا هجنة وهجانة وهجانة وهجونة . أبو العباس أحمد بن يحيى قال : الهجين الذي أبوه خير من أمه ; قال أبو منصور : وهذا هو الصحيح . قال المبرد : قيل لولد العربي من غير العربية هجين لأن الغالب على ألوان العرب الأدمة ، وكانت العرب تسمي العجم الحمراء ، ورقاب المزاود ; لغلبة البياض على ألوانهم ، ويقولون لمن علا لونه البياض أحمر ; ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة : يا حميراء ; لغلبة البياض على لونها - رضي الله عنها - . وقال - صلى الله عليه وسلم - : بعثت إلى الأحمر والأسود ، فأسودهم العرب ، وأحمرهم العجم . وقالت العرب لأولادها من العجميات اللاتي يغلب على ألوانهن البياض : هجن وهجناء ; لغلبة البياض على ألوانهم وإشباههم أمهاتهم . وفرس هجين بين الهجنة إذا لم يكن عتيقا . وبرذونة هجين ، بغير هاء . الأزهري : الهجين من الخيل الذي ولدته برذونة من حصان عربي ، وخيل هجن . والهجان من الإبل : البيض الكرام ; قال عمرو بن كلثوم :


ذراعي عيطل أدماء بكر     هجان اللون لم تقرأ جنينا

قال : ويستوي فيه المذكر والمؤنث والجمع . يقال : بعير هجان وناقة هجان ، وربما قالوا هجائن ; قال ابن أحمر :


كأن على الجمال أوان خفت     هجائن من نعاج أوارعينا

ابن سيده : والهجان من الإبل البيضاء الخالصة اللون ، والعتق من نوق هجن وهجائن وهجان ، فمنهم من يجعله من باب جنب ورضا ، ومنهم من يجعله تكسيرا ، وهو مذهب سيبويه ، وذلك أن الألف في هجان الواحد بمنزلة ألف ناقة كناز ، ومرأة ضناك ، والألف في هجان في الجمع بمنزلة ألف ظراف وشراف ، وذلك لأن العرب كسرت فعالا على فعال ، كما كسرت فعيلا على فعال ، وعذرها في ذلك أن فعيلا أخت فعال ، ألا ترى أن كل واحد منهما ثلاثي الأصل ، وثالثه حرف لين ؟ وقد اعتقبا أيضا على المعنى الواحد نحو كليب وكلاب ، وعبيد وعباد ، فلما كانا كذلك ، وإنما بينهما اختلاف في حرف اللين لا غير ، قال : ومعلوم مع ذلك قرب الياء من الألف ، وأنها إلى الياء أقرب منها إلى الواو ، كسر أحدهما على ما كسر عليه صاحبه ، فقيل ناقة هجان وأينق هجان ، كما قيل ظريف وظراف ، وشريف وشراف ; فأما قوله :


هجان المحيا عوهج الخلق سربلت     من الحسن سربالا عتيق البنائق

فقد تكون النقية ، وقد تكون البيضاء . وأهجن الرجل إذا كثر هجان إبله ، وهي كرامها ; وقال في قول كعب :


حرف أخوها أبوها من مهجنة     وعمها خالها قوداء شمليل

قال : أراد بمهجنة أنها ممنوعة من فحول الناس إلا من فحول بلادها لعتقها وكرمها ، وقيل : حمل عليها في صغرها ، وقيل : أراد بالمهجنة أنها من إبل كرام . يقال : امرأة هجان وناقة هجان أي كريمة . وقال الأزهري : هذه ناقة ضربها أبوها ليس أخوها فجاءت بذكر ، ثم ضربها ثانية فجاءت بذكر آخر ، فالولدان ابناها لأنهما ولدا منها ، وهما أخواها أيضا لأبيها لأنهما ولدا أبيها ، ثم ضرب أحد الأخوين الأم فجاءت الأم بهذه الناقة وهي الحرف ، فأبوها أخوها لأمها ، لأنه ولد من أمها ، والأخ الآخر الذي لم يضرب عمها لأنه أخو أبيها ، وهو خالها لأنه أخو أمها لأبيها ، لأنه من أبيها وأبوه نزا على أمه . وقال ثعلب : أنشدني أبو نصر عن الأصمعي بيت كعب وقال في تفسيره : إنها ناقة كريمة مداخلة النسب لشرفها . قال ثعلب : عرضت هذا القول على ابن الأعرابي ، فخطأ الأصمعي وقال : تداخل النسب يضوي الولد ; قال : وقال المفضل هذا جمل نزا على أمه ، ولها ابن آخر هو أخو هذا الجمل ، فوضعت ناقة فهذه الناقة الثانية هي الموصوفة ، فصار أحدهما أباها لأنه وطئ أمها ، وصار هو أخاها لأن أمها وضعته ، وصار الآخر عمها لأنه أخو أبيها ، وصار هو خالها لأنه أخو أمها ; وقال ثعلب : وهذا هو القول . والهجان : الخيار . وامرأة هجان : كريمة من نسوة هجائن ، وهي الكريمة الحسب ، التي لم تعرق فيها الإماء تعريقا . أبو زيد : رجل هجين بين الهجونة من قوم هجناء وهجن ، وامرأة هجان أي كريمة ، وتكون البيضاء من نسوة هجن بينات الهجانة . ورجل هجان : كريم الحسب نقيه . وبعير هجان : كريم . وقال الأصمعي في قول علي - كرم الله وجهه - : هذا جناي وهجانه فيه إذ كل جان يده إلى فيه ، يعني خياره وخالصه . اليزيدي : هو هجان بين الهجانة ، ورجل هجين بين الهجنة ، والهجنة في الناس والخيل إنما تكون من قبل الأم ، فإذا كان الأب عتيقا والأم ليست كذلك كان الولد هجينا ; قال الراجز :


العبد والهجين والفلنقس     ثلاثة فأيهم تلمس

والإقراف : من قبل الأب ; الأزهري : روى الرواة أن روح بن زنباع كان تزوج هند بنت النعمان بن بشير فقالت وكانت شاعرة :

[ ص: 31 ]

وهل هند إلا مهرة عربية     سليلة أفراس تجللها بغل
فإن نتجت مهرا كريما فبالحرى     وإن يك إقراف فمن قبل الفحل

قال : والإقراف مداناة الهجنة من قبل الأب . قال ابن حمزة : الهجين مأخوذ من الهجنة ، وهي الغلظ ، والهجان الكريم مأخوذ من الهجان ، وهو الأبيض . والهجان : البيض ، وهو أحسن البياض وأعتقه في الإبل والرجال والنساء ، ويقال : خيار كل شيء هجانه . قال : وإنما أخذ ذلك من الإبل . وأصل الهجان البيض ، وكل هجان أبيض . والهجان من كل شيء : الخالص ; وأنشد :


وإذا قيل من هجان قريش     كنت أنت الفتى وأنت الهجان

والعرب تعد البياض من الألوان هجانا وكرما . وفي المثل : جلت الهاجن عن الولد أي صغرت ; يضرب مثلا للصغير يتزين بزينة الكبير . وجلت الهاجن عن الرفد ، وهو القدح الضخم . وقال ابن الأعرابي : جلت العلبة عن الهاجن أي كبرت ; قال : وهي بنت اللبون يحمل عليها فتلقح ، ثم تنتج وهي حقة ، قال : ولا تصلح أن يفعل بها ذلك . ابن شميل : الهاجن القلوص يضرب بها الجمل ، وهي ابنة لبون ، فتلقح وتنتج ، وهي حقة ، ولا تفعل ذلك إلا في سنة مخصبة فتلك الهاجن ، وقد هجنت تهجن هجانا ، وقد أهجنها الجمل إذا ضربها فألقحها ; وأنشد :


ابنوا على ذي صهركم وأحسنوا     ألم تروا صغرى اللقاح تهجن ؟

قاله رجل لأهل امرأته ، واعتلوا عليه بصغرها عن الوطء ; وقال :


هجنت بأكبرهم ولما تقطب

يقال : قطبت الجارية أي خفضت . ابن بزرج : غلمة أهيجنة ، وذلك أن أهلهم أهجنوهم أي زوجوهم صغارا ، يزوج الغلام الصغير الجارية الصغيرة ، فيقال أهجنهم أهلهم ، قال : والهاجن على ميسورها ابنة الحقة ، والهاجن على معسورها ابنة اللبون . وناقة مهجنة : وهي المعتسرة . ويقال للقوم الكرام : إنهم لمن سراة الهجان ; وقال الشماخ :


ومثل سراة قومك لم يجاروا     إلى الربع الهجان ولا الثمين

. الأزهري : وأخبرت عن أبي الهيثم أنه قال : الرواية الصحيحة في هذا البيت :


إلى ربع الرهان ولا الثمين

يقول : لم يجاروا إلى ربع رهانهم ولا ثمنه ، قال : والرهان الغاية التي يستبق إليها ، يقول : مثل سراة قومك لم يجاروا إلى ربع غايتهم التي بلغوها ونالوها من المجد والشرف ولا إلى ثمنها ; وقول الشاعر :


من سراة الهجان صلبها العض     ض ورعي الحمى وطول الحيال

قال : الهجان الخيار من كل شيء . والهجان من الإبل : الناقة الأدماء ، وهي الخالصة اللون والعتق من نوق هجان وهجن . والهجانة : البياض ; ومنه قيل إبل هجان أي بيض ، وهي أكرم الإبل ; وقال لبيد :


كأن هجانها متأبضات     وفي الأقران أصورة الرغام

متأبضات : معقولات بالإباض ، وهو العقال . وفي الحديث في ذكر الدجال : أزهر هجان ; الهجان : الأبيض . ويقال : هجنه أي جعله هجينا . والمهجنة : الناقة أول ما تحمل ; وأنشد ابن بري لأوس :


حرف أخوها أبوها من مهجنة     وعمها خالها وجناء مئشير

وفي حديث الهجرة : مرا بعبد يرعى غنما فاستسقياه من اللبن ، فقال : والله ما لي شاة تحلب غير عناق حملت أول الشتاء فما بها لبن وقد اهتجنت ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ائتنا بها ; اهتجنت أي تبين حملها . والهاجن : التي حملت قبل وقت حملها . والهجنة في الكلام : ما يلزمك منه العيب . تقول : لا تفعل كذا فيكون عليك هجنة . وقالوا : إن للعلم نكدا وآفة وهجنة ; يعنون بالهجنة ههنا الإضاعة ، وقول الأعلم :


ولعمر محبلك الهجين على     رحب المباءة منتن الجرم

عنى بالهجين هنا اللئيم . والهاجن : الزند الذي لا يوري بقدحة واحدة . يقال : هجنت زندة فلان ، وإن لها لهجنة شديدة ; وقال بشر :


لعمرك لو كانت زنادك هجنة     لأوريت إذ خدي لخدك ضارع

وقال آخر :


مهاجنة مغالثة الزناد

وتهجين الأمر : تقبيحه . وأرض هجان : بيضاء لينة الترب مرب ; قال :


بأرض هجان اللون وسمية الثرى     عذاة نأت عنها المئوجة والبحر

ويروى الملوحة . والهاجن : العناق التي تحمل قبل أن تبلغ أوان السفاد ، والجمع الهواجن ; قال : ولم أسمع له فعلا ، وعم بعضهم به إناث نوعي الغنم . وقال ثعلب : الهاجن التي حمل عليها قبل أن تبلغ ، فلم يخص بها شيئا من شيء . والهاجنة والمهتجنة من النخل : التي تحمل صغيرة ; قال شمر : وكذلك الهاجن . ويقال للجارية الصغيرة : هاجن ، وقد اهتجنت الجارية إذا افترعت قبل أوانها . واهتجنت الجارية إذا وطئت وهي صغيرة . والمهتجنة : النخلة أول ما تلقح . ابن سيده : الهاجن والمهتجنة الصبية ; وفي المحكم : المرأة التي تتزوج قبل أن تبلغ ، وكذلك الصغيرة من البهائم ; فأما قول العرب : جلت الهاجن عن الولد ، فعلى التفاؤل .

التالي السابق


الخدمات العلمية