صفحة جزء
هدم

هدم : الهدم : نقيض البناء ، هدمه يهدمه هدما وهدمه فانهدم وتهدم وهدموا بيوتهم شدد للكثرة . ابن الأعرابي : الهدم قلع المدر ، يعني البيوت ، وهو فعل مجاوز ، والفعل اللازم منه الانهدام . ويقال : هدمه ودهدمه بمعنى واحد ; قال العجاج :


وما سؤال طلل وأرسم والنؤي بعد عهده المدهدم

يعني الحاجر حول البيت إذا تهدم ، والهدم ، بالتحريك : ما تهدم من نواحي البئر ، فسقط في جوفها ; قال يصف امرأة فاجرة :


تمضي إذا زجرت عن سوأة قدما     كأنها هدم في الجفر منقاض

والأهدمان : أن ينهار عليك بناء أو تقع في بئر أو أهوية . وقوله في الحديث : اللهم إني أعوذ بك من الأهدمين ; قيل في تفسيره : هو أن ينهدم على الرجل بناء ، أو يقع في بئر ، حكاه الهروي في الغريبين ، قال ابن سيده : ولا أدري ما حقيقته ; قال ابن الأثير : هو أن ينهار عليه بناء أو يقع في بئر أو أهوية . والأهدم . أفعل من الهدم : وهو ما تهدم من نواحي البئر فسقط فيها . وفي حديث الشهداء : وصاحب الهدم شهيد ; الهدم ، بالتحريك : البناء المهدوم ، فعل بمعنى مفعول ، وبالسكون الفعل نفسه ; ومنه الحديث : من هدم بنيان ربه فهو ملعون ، أي من قتل النفس المحرمة لأنها بنيان الله وتركيبه . وقالوا : دمنا دمكم ، وهدمنا هدمكم ، أي نحن شيء واحد في النصرة تغضبون لنا ونغضب لكم . وفي الحديث : أن أبا الهيثم بن التيهان قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن بيننا وبين القوم حبالا ونحن قاطعوها ، فنخشى إن الله أعزك وأظهرك أن ترجع إلى قومك ، فتبسم النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال : بل الدم الدم ، والهدم الهدم ، أنا منكم وأنتم مني ; يروى بسكون الدال وفتحها ، فالهدم ، بالتحريك : القبر ، يعني أقبر حيث تقبرون ، وقيل : هو المنزل أي منزلكم منزلي ، كحديثه الآخر : المحيا محياكم ، والممات مماتكم ، أي لا أفارقكم . والهدم ، بالسكون وبالفتح أيضا : هو إهدار دم القتيل ; يقال : دماؤهم بينهم هدم أي مهدرة ، والمعنى إن طلب دمكم فقد طلب دمي ، وإن أهدر دمكم فقد أهدر دمي لاستحكام الألفة بيننا ، وهو قول معروف ، والعرب تقول : دمي دمك وهدمي هدمك ، وذلك عند المعاهدة والنصرة . وروى الأزهري عن ابن الأعرابي قال : العرب تقول دمي دمك وهدمي هدمك ، هكذا رواه بالفتح ، قال : وهذا في النصرة ، والظلم تقول : إن ظلمت فقد ظلمت ; قال : وأنشدني العقيلي :


دما طيبا حبذا أنت من دم !

وكان أبو عبيدة يقول : هو الهدم الهدم واللدم اللدم ، أي حرمتي مع حرمتكم ، وبيتي مع بيتكم ; وأنشد :


ثم الحقي بهدمي ولدمي

أي بأصلي وموضعي . وأصل الهدم ما انهدم . يقال : هدمت هدما ، والمهدوم هدم ، وسمي منزل الرجل هدما لانهدامه ، وقال غيره : يجوز أن يسمى القبر هدما لأنه يحفر ترابه ثم يرد ، ترابه فيه ، فهو هدم ، فكأنه قال : مقبري مقبركم ، أي لا أزال معكم حتى أموت عندكم . وروى الأزهري عن أبي الهيثم أنه قال في الحلف : دمي دمك إن قتلني إنسان طلبت بدمي كما تطلب بدم وليك ، أي ابن عمك وأخيك ، وهدمي هدمك أي من هدم لي عزا وشرفا فقد هدمه منك . وكل من قتل وليي ، فقد قتل وليك ، ومن أراد هدمك فقد قصدني بذلك . قال الأزهري : ومن رواه الدم الدم والهدم الهدم ، فهو على قول الحليف تطلب بدمي وأنا أطلب بدمك . وما هدمت من الدماء هدمت أي ما عفوت عنه وأهدرته فقد عفوت عنه وتركته . ويقال : إنهم إذا احتلفوا قالوا : هدمي هدمك ، ودمي دمك ، وترثني وأرثك ، ثم نسخ الله بآيات المواريث ما كانوا يشترطونه من الميراث في الحلف . والهدم ، بالكسر : الثوب الخلق المرقع ، وقيل : هو الكساء الذي ضوعفت رقاعه ، وخص ابن الأعرابي به الكساء البالي من الصوف دون الثوب ، والجمع أهدام وهدم ; الأخيرة عن أبي حنيفة ، وهي نادرة ; وقال أوس بن حجر :


وذات هدم عار نواشرها     تصمت بالماء تولبا جدعا

قال ابن بري : صوابه : وذات ، بالرفع ، لأنه معطوف على فاعل قبله ; وهو :


ليبكك الشرب والمدامة وال     فتيان طرا وطامع طمعا

وأنشد ابن بري لأبي دواد :

[ ص: 40 ]

هرقت في صفنه ماء ليشربه     في داثر خلق الأعضاد أهدام

وفي حديث عمر : وقفت عليه عجوز عشمة بأهدام ; الأهدام : الأخلاق من الثياب . وهدمت الثوب إذا رقعته . وفي حديث علي : لبسنا أهدام البلى ، وروي عن الصموتي الكلابي وذكر حبة الأرض فقال : تنحل فيأخذ بعضها رقاب بعض ، فتنطلق هدما كالبسط . وشيخ هدم : على التشبيه بالثوب . أبو عبيد : الهدم الشيخ الذي قد انحطم مثل الهم . والعجوز المتهدمة الفانية الهرمة . وتهدم عليه من الغضب إذا اشتد غضبه . وخف هدم ومهدم : مثل الثوب ; قال :


علي خفان مهدمان     مشتبها الأنف مقعمان

أبو سعيد : هدم فلان ثوبه وردمه إذا رقعه ; رواه ابن الفرج عنه . وعجوز متهدمة : هرمة فانية ، وناب متهدمة كذلك . والهدم : ما بقي من نبات عام أول ، وذلك لقدمه . وهدمت الناقة تهدم هدما وهدمة فهي هدمة من إبل هدامى وهدمة ، وتهدمت وأهدمت ، وهي مهدم ، كلاهما ، إذا اشتدت ضبعتها فياسرت الفحل ولم تعاسره . وقال بعضهم : الهدمة الناقة التي تقع من شدة الضبعة ; قال زيد بن تركي الدبيري :


يوشك أن يوجس في الأوجاس     فيها هديم ضبع هواس
إذا دعا العند بالأجراس

قال ابن جني : فيه ثلاث روايات ، إحداها :


فيها هديم ضبع هواس

ويكون الهديم هنا فحلا ، وأضافه إلى الضبع لأنه يهدم إذ ضبعت ، وهواس : من نعت هديم ; الرواية الثانية : هواس ، بالخفض على الجوار ; الرواية الثالثة :


فيها هديم ضبع هواس

وهو الصحيح ; لأن الهوس يكون في النوق ، وعليه يصح استشهاد الجوهري لأنه جعل الهديم الناقة الضبعة ، ويكون ( هواس ) بدلا من ( ضبع ) ، والضبع والهواس واحد . و ( هديم ) في هذه الأوجه فاعل ليوجس في البيت الذي قبله أي يسرع أن يسمع صوت هذا الفحل ناقة ضبعة فتشتد ضبعتها ; وأول الأرجوزة :


مزيد يا ابن النفر الأشواس     الشمس بل زادوا على الشماس

وفلان يتهدم عليك غضبا : مثل بذلك . وتهدم عليه : توعده . ودماؤهم هدم بينهم ، بالتسكين ، وهدم ، بالتحريك : أي هدر ، وذلك إذا لم يودوا قاتله . علي بن حمزة : هدم ، بسكون الدال . وتهادم القوم : تهادروا . والهدام : الدوار يصيب الإنسان في البحر ; وهدم الرجل : أصابه ذلك . والهدم : أن تضربه فتكسر ظهره ; عن ابن الأعرابي . وفي الحديث : من كانت الدنيا هدمه وسدمه أي بغيته وشهوته . قال ابن الأثير : هكذا رواه بعضهم ، والمحفوظ همه وسدمه ، والله أعلم . ورجل هدم : أحمق مخنث . وذو مهدم ومهدم : قيل من أقيال حمير . والمهدوم من اللبن : الرثيئة . وفي التهذيب : المهدومة الرثيئة من اللبن ; قال الشاعر :


شفيت أبا المختار من داء بطنه     بمهدومة تنبي ضلوع الشراسف

قال : المهدومة هي الرثيئة . قال شهاب : إذا حلب الحليب على الحقين جاءت رثيئة مذكرة طيبة ، لا فلق ولا ممذقرة سمهجة لينة . والهدمة : الدفعة من المال . ويقال : هذا شيء مهندم أي مصلح على مقدار ، وهو معرب ، وأصله بالفارسية أندام ، مثل مهندس ، وأصله اندازه . وفي الحديث : كل مما يليك وإياك والهذم ; قال ابن الأثير : هكذا رواه بعضهم بالذال المعجمة ، وهو سرعة الأكل ، والهيدام : الأكول ; قال أبو موسى : أظن الصحيح ، بالدال المهملة ، يريد به الأكل من جوانب القصعة دون وسطها ، وهو من الهدم ما تهدم من نواحي البئر . والهدمة : المطرة الخفيفة . وأرض مهدومة أي ممطورة .

التالي السابق


الخدمات العلمية